البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تعرية الديمقراطية الأوروبية

كاتب المقال شهيد بولسين   
 المشاهدات: 2567



تشهد هذه الأيام التحول السريع ليانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني السابق في حكومة سيريزا، إلى أخطر رجل في أوروبا! والسبب هو لا شيء آخر إلا أنه يريد أن يحول الاتحاد الأوروبي إلى الديمقراطية، ولأنه فضح حاجتهم اليائسة للتحول إلى الديمقراطية.

لقد قدم فاروفاكيس استقالته من مجلس وزراء سيريزا (تحت الضغط)، عندما رفض قبول خطة تقشف الترويكا، كما رفض قبول شريحة ضخمة أخرى من قروض صندوق النقد الدولي الجديدة؛ كان من شأنها أن تستعبد الاقتصاد اليوناني تحت عبء عدم القدرة على الوفاء بدين غير مسبوق في الضخامة.

ولكن لمدة خمسة أشهر كاملة، تمكن هذا الاقتصادي اليساري الجذري من اختطاف نظرة من داخل هيكل السلطة في أوروبا، ليعرف طريقة صناعة القرارات. واليوم نجده يشارك شعوب أوروبا بكل قوة، وبلاغة، فيما رآه وعرفه، وما قاله حتى الآن يعتبر شيئا مروعا بجميع المقاييس!

عندما بدأ فاروفاكيس ممارسة مهام منصبه لأول مرة، حضر اجتماعا لمجموعة اليورو، التي تضم وزراء مالية جميع دول الاتحاد الأوروبي التي تستخدم اليورو. والترويكا كما نعرف هي التي ترأس مجموعة اليورو، وهي تتألف من ممثلين عن كل من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وفي هذا الاجتماع خاطب فاروفاكيس الوزراء بشأن خطة التقشف التي طُلِبَت من اليونان، والتي من أجلها انتخب الشعب اليوناني حكومة سيريزا خصيصا لكي تعارضها. وأخبرهم أن الحكومة الجديدة مستعدة لتقديم تنازلات للترويكا، ولكنهم هم أيضا (كوزارة منتخبة) لديهم مسؤولية تجاه ناخبيهم، لكي يتمكنوا من تنفيذ وعودهم للشعب اليوناني، واتخاذ خطوات لتنمية الاقتصاد المحلي. باختصار، كان يخبرهم بأن خطة الترويكا يجب أن يتم تغييرها لتعكس إرادة الشعب اليوناني، وتخدم مصالح إنعاش الاقتصاد. ولكن فولفغانغ شويبله (وزير مالية ألمانيا) قام فورا بمقاطعة فاروفاكيس ليقول له: "غير مسموح للانتخابات أن تقوم بتغيير السياسة الاقتصادية لليونان!"

ومن ثم قدمت الترويكا عرضا لفاروفاكيس، عبارة عن قرض من صندوق النقد الدولي جنبا إلى جنب مع خطة شاملة للتقشف؛ سيكون من شأنها أن ترسم السياسة الاقتصادية لليونان على مدى السنوات العشرين المقبلة. وقد اعترفت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، لفاروفاكيس بأن برنامج التكيف الهيكلي لن ينجح، ومع ذلك كان من الضروري القبول به من أجل "مصداقيته" هو السياسية، ومن أجل حماية ما استثمرته الترويكا من رأس مال سياسي لإثبات فاعلية التقشف. وبشكل أساسي، هذا الكلام يعني أن سلطة صندوق النقد الدولي السياسية لإملاء السياسات الاقتصادية، التي تسبب في إفلاس الدول، لا بد أن تحترم أيا كانت الأسباب.

لماذا؟

هذا هو السؤال المهم! لقد أجاب شويبله هذا السؤال في محادثة خاصة مع فاروفاكيس عندما قال له إنه لن يسمح لأي من الدول المحيطية، مثل اليونان، أن تتحدى سياسة التقشف؛ لأن الهدف مما يفعلونه هو "نقل الترويكا إلى باريس". وبعبارة أخرى، هم يريدون الاستئثار بمركزية واحتكار السيطرة على السياسة الاقتصادية حتى على الاقتصادات الأكثر أهمية في أوروبا، من أجل السيطرة على القارة بأكملها، وأثناء القيام بذلك، سيتم تخريب أية آليات للديمقراطية ستكون ما زالت قائمة.

ومثال بسيط على هذا، فإن فاروفاكيس يعتقد أن مجرد المطالبة بأن يتم بث الاجتماعات المغلقة لمجموعة اليورو على الهواء مباشرة عبر شبكة الإنترنت؛ يعتبر أمرا شديد الثورية والديمقراطية... وها أنتم ترون أمامكم كيف أن عملية صناعة القرارات في الاتحاد الأوروبي أبعد ما تكون عن الديمقراطية، فهي غير قادرة أن تتم بأمان أمام الجماهير!

كل هذا سيأتي بمثابة مفاجأة كبيرة لمعظمنا في العالم الإسلامي؛ لأننا نتصور أن أوروبا هي المركز الكبير للديمقراطية. ولكن فاروفاكيس يهدم كل هذا الوهم الذي نعيشه نحن وشعوب أوروبا، ويفضح حقيقة هذه السلطة الخاصة والطبيعة المعادية للديمقراطية للرأسمالية العالمية اليوم. أنا أنصح الجميع أن يستمعوا بعناية إلى رسالته، لكي يتم تكييف استراتيجياتنا من أجل التحرر، وفقا لهذه المعلومات التي يهديها إلينا هذا الرجل، والتي لا تقدر بثمن.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

أورروبا، اليونان، المركزية الأوروبية، الغرب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-09-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، د. خالد الطراولي ، علي الكاش، محمود طرشوبي، أشرف إبراهيم حجاج، الهادي المثلوثي، عبد الرزاق قيراط ، إسراء أبو رمان، محمد العيادي، د- محمد رحال، د.محمد فتحي عبد العال، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم السليتي، د - المنجي الكعبي، رحاب اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، د - مصطفى فهمي، إيمى الأشقر، مصطفى منيغ، إياد محمود حسين ، أحمد ملحم، الهيثم زعفان، د - شاكر الحوكي ، سفيان عبد الكافي، محمد يحي، صلاح الحريري، يزيد بن الحسين، سامر أبو رمان ، حميدة الطيلوش، جاسم الرصيف، د. طارق عبد الحليم، د- محمود علي عريقات، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بنيعيش، عمار غيلوفي، د - صالح المازقي، عراق المطيري، ماهر عدنان قنديل، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد محمد سليمان، نادية سعد، محمد الطرابلسي، محمد الياسين، مصطفي زهران، أحمد الحباسي، أنس الشابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد أحمد عزوز، ضحى عبد الرحمن، محمد عمر غرس الله، كريم فارق، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، سامح لطف الله، سلوى المغربي، رضا الدبّابي، خبَّاب بن مروان الحمد، يحيي البوليني، فوزي مسعود ، أبو سمية، عمر غازي، محمود سلطان، رشيد السيد أحمد، مجدى داود، د. عبد الآله المالكي، صالح النعامي ، سيد السباعي، فهمي شراب، فتحي الزغل، فتحي العابد، حسن الطرابلسي، عواطف منصور، صفاء العراقي، سليمان أحمد أبو ستة، الناصر الرقيق، د. أحمد بشير، صلاح المختار، د - عادل رضا، علي عبد العال، مراد قميزة، د- هاني ابوالفتوح، د- جابر قميحة، رافع القارصي، المولدي الفرجاني، رافد العزاوي، د. صلاح عودة الله ، طلال قسومي، د. مصطفى يوسف اللداوي، تونسي، صباح الموسوي ، أحمد النعيمي، عبد الغني مزوز، خالد الجاف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسن عثمان، عبد الله زيدان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله الفقير، محرر "بوابتي"، سعود السبعاني، حاتم الصولي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عزيز العرباوي، سلام الشماع، د - محمد بن موسى الشريف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسني إبراهيم عبد العظيم، منجي باكير، د - الضاوي خوالدية، العادل السمعلي، رمضان حينوني، صفاء العربي، وائل بنجدو، محمد شمام ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة