شاهدت على قناة روتانا الفضائية إعلاناً عن الإرهاب. الإعلان – باختصار – يُظهر مجموعة من الإرهابيين المُدججين بالسلاح الذين يقومون بالانقضاض على حي من الأحياء السكنية؛ فيعيثون فيه فساداً ورعباً وتخويفاً. ثم يأتي المشهد الآخر، عبارة عن رجلٍ وقور في ثياب بيضاء، يقدم عليهم، ناظراً إليهم كالصقر. ويبدأ جموع الناس – من كافة الأطياف والفرق – يلتفون حوله، سائرين سوياً، في حشدٍ كبير، تجاه الإرهابيين. فتكون النتيجة أن يتراجع الإرهابيون إلى الوراء؛ وتنفلت الأسلحة من أيديهم.
كل ذلك كان مقبولاً إلى حدٍ ما؛ فنحن بالطبع ضد الإرهاب وترويع الأبرياء؛ ونحن بالطبع ضد القتل دون سبب؛ ولكننا لسنا ضد الكفاح الوطني الشريف الذي يحرر الوطن من المحتل. وتقبلي للإعلان كان نابعاً من هذا المنطلق. المهم أنني فوجئت بعد ذلك، أنه تم قطع الإعلان ليأتي إعلان آخر، يتحدث عن أحدث أغاني "المطربة اللبنانية المشهورة"، وكيفية تحميلها على الموبايلات...إلى آخره. طبعاً "المطربة" كانت في "أبهى" ملابسها "العطرة" التي لا تخفى على أحد؛ وطبعاً كانت تغني بكلماتها التي تدغدغ قلوب الشباب والشابات، لينصرفوا عن كل ما يمكن أن يكون نافعاً ومفيداً لهم ولدينهم ولأوطانهم. والعجيب أنه بعد انتهاء إعلان "تلك المطربة" رجعت القناة لتُكمل إعلان الإرهاب مرةً أخرى، ليظهر على الشاشة المقولة الإعلامية الشهيرة:"الإرهاب لا دين له".
والحقيقة أن مشاهدتي للإعلانين، وهما منغمسان في بعضهما البعض، أثار لدي الكثير من التساؤلات التي أرغب أن أشاركها مع جمهور القراء، وهي: لماذا تتم محاربة الإرهاب ولا يتم محاربة الإباحية المتمثلة في المغنيات الكاسيات العاريات؟ هل يصير الإرهاب هو وحده الحرام المُستنكر بينما تصير الإباحية هي الحلال المُستساغ؟ هل ستكون محاربة الإرهاب بالإباحية؟ ألم يأتي على بال تلك القناة – وغيرها من القنوات التي لا تتورع عن الترويج لتلك الأغاني – أن الإباحية المفرطة كانت سبباً أساسياً في إنتاج الإرهاب؟ وأن الإفراط من ناحية يؤدي دائماً إلى التشدد من الناحية الأخرى؟ لماذا تعج القنوات الفضائية والأرضية عن الإعلانات المناهضة للإرهاب، ولا تعج في الوقت ذاته بالإعلانات المناهضة للإباحية؟ هل الرسالة – التي أرسلتها قناة روتانا للمشاهد – هي محاربة الإرهاب للتوجه بعد ذلك إلى الإباحية؟ هل صرنا أمام بديلين – إما الإرهاب إما الإباحية – لا ثالث لهما؟
إذا كان الإرهاب مدمراً للدين والنفس والعقل والمال، فإن الإباحية لا تقل تدميراً. كلاهما يعتدي على حرمة جسد الإنسان؛ فالإرهاب ينهي الجسد إلى أشلاء ودماء؛ والإباحية تنهي على الجسد الإنساني، فتقضي على روحه، وتهبط به إلى الحيوانية، بل أقل من ذلك. كلاهما مُدمر وُمحطم للإنسان المُستخلف في الأرض؛ كلاهما ينال من كرامة الإنسان التي أودعها الله فيه بيده. كلاهما مُضيع لحياة الإنسان التي هي مزرعة لآخرته. كلاهما هلاك مُحقق؛ ومن ثم، ليس من العدل أو الإنصاف مكافحة الأول دون الآخر.
18-01-2008
almesryoon.com
Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 785
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
19-05-2008 / 17:08:46 علاء
البيئة
ان البيئة هي الحيز الذي يعيش فيه الانسان و الكائنات الحية حيث يتاثر او يؤثر عليها لذالك وجب الحفاظ عليها من الاخطار كتلوث بانواعه مائي ارضي هوائي
19-05-2008 / 17:08:46 علاء