الفضاء و فاعلية الزمان فيه عبر قراءة تشكيلية من خلال تجربة "أوبلكا"
نسرين غربي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 10005
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تعد مسألة الإنتاج التشكيلي المعاصر من المسائل التشكيلية التي شدت اهتمام الفنانين لصياغة رؤية فنية تنفرد بخصوصياتها و تتميز عن الأخر، و ذلك نظرا لارتباط بمفاهيم الزمن و التحول الذي يرافقه حيث أنها تساهم في بروز التطورات عبر العصور، المر الذي ساهم في خلق رؤية إبداعية تتجلى من خلال بناء أسسها الفنية و التشكيلية التي تأسست على رؤية تشكيلية تزاوج بين الواقع و الخيال الذي يقدم رؤية بصرية تكشف عن تموقعها في منظومة الفن المعاصر و لعل هذا ما يتجلى خاصة في تجربة الفنان رومان أوبلكا الذي اعتبرت أعماله ذات رؤية إبداعية ، باعتبار أن الإبداع الفني يصبح متحررا و حاملا لرسالة يتفاعل فيها العمل مع المتلقي عبر الأساليب و التقنيات الموظفة خاصة و أن الفنان جعل من التركيبة التشكيلية تتشكل بالأسود و الأبيض كرؤية إستطيقية معبرة عن مراوحة بين الحاضر و الماضي و كاشفة بذلك عن خزائن الذكريات التي يغزل من خلالها الفنان قصصا تشكيلية لا تنتهي و كون عبرها خارطة للرحيل في هذا الوجود الذي يحيره ، لذلك مثلت أعماله إبداعات تخترق الأمكنة و تغوص في عوالم لا تنتهي .
فالفنان يراوح بين الأبيض و الأسود في محاولة لتوليد الضياء بين الضدين بإعتبار أنهما يشكلان الحالة المثلى للوجود المعبر عن حياة الإنسان الرحالة طوال حياته و ذلك عبر تركيبات إبداعية تتجلى في تماهيات الخطو ط الزمنية التي تكشف عن تحول الإنسان من خلال تجليات الصورة الإنسانية التي تكشف عن التجليات التعبيرية و لعل هذا ما يتأكد خاصة في هذا العمل المصاحب
حيث يعتبر الزمن هو الفضاء الهيكل الحافظ للعمل الفني بكونه حاملا للتواصل البصري بين الجمهور و الإبداع التشكيلي خصوصا و أنه يكشف عن العلاقة بين الفضاء التشكيلي من ناحية وبين الجمهور و النظم التشكيلية من ناحية أخرى, لذلك لم تبقى علاقة الفنان بالزمن و الوقت في ذات الحين ، و لعل هذا ما نشاهده في إطار العمل المصاحب الذي تغير فيه شكل الفنان على امتداد السنين و كأنه بذلك يكشف عن التغيرات التي شمل بموجبها تجاوز الفضاء الكلاسيكي للعمل و أصبح ممتدا و منفتحا على الفضاء الخارجي مما ساهم في خلق جدلية تعرفنا على ماهية الزمن و فاعليته عبر الفضاء مثلما تناولته المعاجم الفنية حيث كشف إتيان في قوله "ترجمة الفضاء امتداد بإمكان مجموعة من النقاط أن توجد فيه في آن واحد, و يمثل الإطار الذي توجد فيه الأجسام المادية و الظواهر الفيزيائية. و لا تأخذ الإستيطيقة بعين الاعتبار الفضاء الإقليدي الثلاثي الأبعاد و لكن ليس لهذه المفاهيم إشغالات إستيتقية, لأنها لا تمثل مفاهيم الإدراك الحسي سواء كان واقعيا أو خياليا (1)
فتجاوز حدود القاعات و استبدال اللوحة بإطار الوجود يتيح للفنان المشاركة في العمل بقيامه بتجربة حقيقية و مباشرة مع العالم خاصة و أن " العمل الفني الجديد يجب ان يمتلك ميزة الدياليكتية المتقدمه باستمرار, جدارن المتاحف جدران ميتة هذه الجدران تحتضن اعمالا ميتة ,المتحف يحمل القيمه المنتهية يعتمد على المحدد ويخاف المجهول.. « (2)
بناءا على هذا المفهوم يمكننا القول بأن الفنان توجها إلى تغيير الفضاء في أعماله التشكيلية ليمثل رؤية فنية تعبر عن نسق تشكيلي يذهب به نحو الإنتاج الحرفي الذي يحمل خصوصية إستيتيقية و تشكيلية ترتكز على تشكيل فني يمزج فيه الفنان بين فاعلية الزمن و الوقت في ذات الحين، حيث أن العمل الفني يصبح حاملا لعوامل مختلفة تستحضر التشكيل و الزمن بما هو ربط بين الماضي و الحاضر و يستند بذلك إلى القدرة الذاتية التي يتميز بها الفنان لكونه يحمل أبعاد بصرية متنوعة تقتبس من الماضي و تشكله في إشارة تشكيلية تستدعينا إلى تأمل المطلق الذي يراوح بين الظاهر و الباطن المعبر عن جمالية فنية تحتكم للمكان و تحلل رموزه عبر خصوصية الفضاء من جهة و قراءة إنشائية العمل الفني من جهة أخرى و لعل هذا ما يتأكد خاصة في هذا العمل المصاحب
حيث ينغمس بذلك الفنان مع الشكل عبر تجسيد الحرف ضمن رؤية تكشف عن قيمة الرقم و فاعليته عبر الحياة حيث أنها تحمل خصوصية تشكلية تعبر عن أفكار تغوص في الخصوصيات الفنية للفضاء ضمن رؤى يحملها الأثر الفني, و لذلك مثلت إشكالية الزمن من أهم المسائل التي يحث فيها الفنيون و النقاد خصوصا و انها تعبر عن ايقاع فني يكشف عن ابرز أشكال التعبير المتجاوزة للواقع و المدركة لجدليته في سياقات تنفتح على متطلباته الفنية الحاملة لخصوصيتها التي يريد الفنان تطويعها بإدخال فاعلية الحياة في فضاء العرض بأساليب تتناسب للتشكيل عن الخروج من سطح اللوحة عبر الصفة الملمسية وصولا إلى تأثيث عمل فني يتخطي فكرة اللوحة المعلقة على الجدار ليتحول العمل الفني إلى حضور حقيقي يستولي على أبعاد جديدة للمكان والزمان، وهذا ما يعبر عن المكانة القيمية التي يحظى بها الزمان خاصة و أن "العمل الفني لا يتطلب مكان, المكان أيضا هو عمل فني". (3)
الذي يكشف عن مدى تأثيرها بالضوء و اللون و امتدادها على كامل الفضاء ، فهنا عبر هذه المجموعة من الأعمال نتبين فيها قدرة الزمن على استخراج الهيكل الحقيقي للبحث عبر استحضار فاعليته في الذات الإنسانية .
-------
المراجع
Michael Heizer ; Michael Lailach : Land Art , Uta Grosenick – 2007-
http://arabichistoryofart.blogspot.com/.
-Etienne Souriau vocabulaire d’esthétique quadrige, puf, PARIS, 2004
-------
الإحالات
1- ) -Etienne Souriau vocabulaire d’esthétique quadrige, puf, PARIS, 2004 p685.
« étendue ou des points peuvent exister simultanément , et constituant le cadre ou se situent les corps matériels et les phénomènes physiques . l’esthétique ne considère que l’espace euclidien tridimensionnel ;on peut concevoir d’autre( espace non –euclidiens, espaces à quelques autre nombre dimensions) mais ces concepts sont sans usages esthétiques , car ils ne sont pas celui de la perception (soit réelle ‘ soit imaginée)
2- http://arabichistoryofart.blogspot.com
3- « L’œuvre d’art n’est pas posé dans un lieu, le lieu même est l’œuvre d’art » Michael Heizer ; Michael Lailach : Land Art , Uta Grosenick – 2007 page 56
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: