سنية تومية - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4206
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في وقت كان فيه الصيد مرتبطا بقضايا المواطنين الاقتصادية يجتهد ويغالب الصعاب لمساعدة البلاد على تسريع وتيرة العمل التنموي إلى درجة أنه قرر فيه إحالة بعض صلاحيات الوزراء للولاة وتسريع قضاء شؤون المواطن من جهته من ناحية و التخفيف من البيروقراطية من ناحية ثانية ومما يساهم كذلك في تخفيف الضغط الإداري على المصالح المركزية من ناحية ثالثة في وقت تحتاج فيه بلادنا إلى توجيه كل الطاقات لخدمة الدولة والدفاع عنها وإرساء الأمن ومحاربة الإرهاب و الفساد جاءت مبادرة رئيس الجمهورية لاقتراح حكومة وحدة وطنية تضم اتحادي الشغل والأعراف وأحزاب الائتلاف وبعض المعارضة ويعتبر خطاب الباجي أهم تصريح قدمه منذ توليه رئاسة الجمهورية في ديسمبر2014 .
ولئن أعجبتني المبادرة ولأنها حتما ستحرك الوضع السياسي في البلاد الذي دخل منذ فترة فيما يشبه حالة الجمود وكان لا بد من مبادرات لحلحلة الاحتقان وتحريك الوضع وخلق محاور للحياة السياسية تملأ الفراغ الذي طبع الساحة السياسية في الفترة السابقة
ولأنها اختبارات غير مباشرة للذين امتهنوا المكوث على الربوة والذين احترفوا الانتقاد والصراخ والعويل والذين ولا يعجبهم العجب ونحن قد فارقنا جمادى ورجب وبذلك يكون رئيس الدولة قد وضع الجميع أمام المحك .كل تلك الأطراف ستكون في أشد الحرج أمام الرأي العام إن هي رفضت هذه المشاورة دون تبرير قوي ومقنع وبالتالي سيكون أهم و أول حلقة من حلقات المسلسل الرمضاني ‘حكومة الوحدة الوطنية’.
إلا أنها قد تربك أداء الحكومة التي أخذت فيها بعض الثمار تينع وحان وقت قطافها بخصوص أدائها تتجلى لكل مشخص للوضع موضوعي وصادق للعمل الحكومي الذي بدا في تحقيق الأهداف المأمولة منه.
نرى أغلب التفاعلات التي يبسطها البعض من الإعلاميين وأشباه المحللين إلى درجة اختزالها في تبادل المواقع بدل المناقشة في تقديم لأطروحات والبرامج البديلة سقيمة.
بدا موقف الاتحاد حاسما و مسؤولا عبر تصريح القيادي سامي الطاهري الذي قال حرفيا ‘الاتحاد غير معني بالدخول في أي حكومة’ وهذا ما عزز فيما بعد من قبل أمينه العام الذي قال ندعم المقترح بغض النظر عن مشاركة الاتحاد من عدمها.
وهذه رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي تدعي أن ما يهم منظمتها برنامج حكومة الوحدة الوطنية وليس أسماء أعضائها دون أن تقدم للرأي العام ولو حتى ملامح عامة عن البرامج التي يرتئيها اتحادها فكان تصريحها ضبابيا وصالحا لكل زمان ومكان من نوعية الخطابات الجاهزة دون أن نرى موقفا واضحا هل سيدخل في الحكومة أو لا و هل سيدعمها بالمستقلين أم لا أما الرابطة فلم أسمعها إلى حين كتابة هذه الأسطر قد نبست ببنت شفة وكأنها تقول ‘هاني معاكم ولا تنسوني’.والأمر سيان بالنسبة لعمادة المحامين .
واستدراك الباجي قائلا إنه لا يمانع في انضمام بعض أحزاب المعارضة إذا رغبت في ذلك وكل 'من رغب وضع اليد في اليد معنا' لإنقاذ البلاد أراه ممجوجا وكأنه يمن عليهم.
وبخصوص التصريح الذي أدلى به ‘الباجي’ والمتعلق بأنه لا يعتقد أنّ الأحزاب التي عارضت الحوار الوطني ترغب في الانضمام إلى هذه الحكومة أقول إنه تعمد إقصاءها وإخراجها حتى من الحوار حول تشكيلة الحكومة القادمة مع إنه ليس مخولا له الحديث باسمها أو حتى التخمين في معتقداتها .
الأحزاب التي رفضت الحوار الوطني ليست متكلسة ومتحجرة وبإمكان القائد الحق جلبها إلى دائرة الحوار وهي تحترم نفسها وحجمها في الانتخابات التي منحها إياه الشعب فمثل الأحزاب المناضلة والتي لها باع وذراع في العمل السياسي مثلا كالحزب الجمهوري رفض الانضمام إلى حكومات الترويكا رغم عرضها عليه عديد المرات وحزب رئيس الجمهورية السابق رفض مؤسسه أصلا أن يجلس معه كمدعو في حفلة واحدة هي مؤتمر النهضة فكيف سيقبل معه الانضمام إلى الحكومة القادمة.
لذلك كان تصريح رئيس الجمهورية هنا لغوا وثرثرة زائدة فليس كل ما يعلم في السياسة يقال وبذلك تنتفي صفة رئيس الجمهورية التي يفترض فيه أن يكون جامعا لكل التونسيين وقادراً على إلهاب حماسة الأحزاب المعارضة للعمل و التفاني من أجل الوطن لا محللاً سياسياً عميقاً دبلوماسياً في تعامله فقط كما كان عليه أن يبث روح الثقة فيمن حوله وواسع الأفق و منفتحاً على الأفكار الجديدة ومتمتعا ببدرجة عالية من القبول الجماهيري فما بالنا بالقبول الحزبي.
ولئن تمتع ببعد الأفق والقدرة على اتخاذ القرار في المواقف الصعبة التي تمر بها اليوم البلاد إلا أنه كان عليه أن يكون على قدر عال من الدبلوماسية السياسية.
يجب أن تكون لدية القدرة على الإقناع والتأثير في الآخرين والقدرة على القيادة من خلال استخدام الأساليب المختلفة التي تتفق مع الاختلافات الفكرية والثقافية لأحزاب المعارضة وللمنظمتين المرغوب في التأثير فيهم حتى يدخلوا الحكومة القادمة.
وحري برئيس الجمهورية أن يتوفر لديه العلم والقدرة على الاستعانة بمن هم أهل الخبرة من المستقلين ذوي الكفاءة للنهوض بالحالة الاجتماعية للبلاد ولقد كان المنصف المرزوقي رئيسا للجمهورية لمدة ثلاث سنوات فلم نراه محتفيا به مستعينا به رغم زلات هذا الأخير.
ويجب أن يكون رئيس الدولة لديه المرونة والرغبة في التغيير وفق التغيرات التي تحدث في مجتمعه وأن يضع متطلبات الشعب وطموحاته في أولويات العمل الداخلي وأن يكون على اتصال دائم بالشعب حتى لا تتسع الفجوة بين الشعب والمرؤوس كما كان في الأنظمة السابقة والتي أدت إلى انهيارها وتفككها لا أن يكتفي بزيارات خاطفة لسوق ‘باب الفلة’ و.....و...و....
الأيام وحدها ستثبت من كان حقا من الرباعي جديرا بجائزة نوبل والمواقف هي من تصنع المنظمات ولكن لا ألوم هذين المنظمتين بقدر ما ألوم أشباه الإعلاميين الذين لم يتوجهوا إليهما بالسؤال.
ولئن اتفق الجميع على الأدواء التي تمر بها البلاد في تشخيص أجمعت عليه كل الأطراف إلا أن الأدوية التي اقترح الباجي ضخها في جسم الحكومة يجب أن تضخ وإلا لن يكون للخطاب معنى وسيكون بين الواقع والخطاب مسافات لان الخطاب حقيق بان ينزل غلى الواقع للتطبيق.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: