اقتصاديات التدين في الوطن العربي.. الدين يتحول إلى “بيزنس”
إسلام فرحات - مصر المشاهدات: 4314
فجرت ندوة ” اقتصاديات التدين في الوطن العربي” الني نظمها مركز دال للأبحاث والإعلام بالاشتراك مع منظمة مؤمنون بلا حدود العديد من القضايا الحيوية التي أثارت جدلا ومن أهمها ميزانية الأزهر وأوقافه والصناديق الخاصة به، وحجم الأموال الحقيقية بها، وكذلك الأوقاف وما تتعرض له من سرقات وسوء توظيف لبعض أموالها وكذلك العوائد الاقتصادية للحج والعمرة والموالد الشعبية وخاصة البدوي والشاذلي.
ففي دراسة بعنوان ” اقتصاديات المؤسسة الدينية الرسمية .. الأزهر نموذجا ” أكد الباحث أن أوقاف الازهر بدأت منذ أيام الحاكم بأمر الله الفاطمي وتزايدت حتي وصلت الي 600 ألف فدان أوقاف خاصة بالمساجد في مصر وكان أكثرها تابعا للأزهر عندما قام محمد علي بمسح الأرض الزراعية وكانت مساحتها مليوني فدان الا ان ثورة 1952 ضيعت كثير من أوقاف الأزهر حتي إن الإصلاح الزراعي وحده استولي علي 200 الف فدان من أوقاف الأزهر، في حين ضمت وزارة الأوقاف كثيرا من هذه الأوقاف الخاصة بالأزهر وعندما قام الأخير برفع دعوي قضائية استرجع 35% فقط من أوقافه.
وفجر الباحث جدلا كبيرا حينما أعلن وجود عدد كبير من الصناديق الخاصة بالأزهر يصل عددها الي أربعة آلاف صندوق ميزانيتها تصل الي مليار وثلاثمائة مليون جنيه حيث رأي البعض أن هذا الرقم مبالغ فيه الا أن الباحث اصر علي رايه مستشهدا بتصريحات للدكتور سمير رضوان وزير المالية في حكومة الدكتور عصام شرف.
الموالد والاقتصاد
وفي دراسة عن اقتصاديات مولد السيد البدوي قام بها الدكتور سامح اسماعيل اكد خلالها أن نشأة المولد ارتبط بها العديد من المصالح الاقتصادية لأهل طنطا بوجه عام وتجارها والمحيطين بالضريح، في حين استفاد خليفة البدوي بحصة كبيرة من أموال النذور فضلا عن الهيبة الاجتماعية والاقتصادية!
وفي السياق ذاته قدمت الباحثة بالجامعة الأمريكية آلاء عطية دراسة عن الاستفادة الاقتصادية للدولة من مولد أبو الحسن الشاذلي الذي تحولت منطقته الي ما يسمي ” الحج الأصغر ” ، حيث تم اختيار الوقوف علي جبل حميثرة يوم عرفة والذبح في نهاية اليوم، مستندين في ذلك إلى أن الشيخ توفي وهو في طريقه لأداء فريضة الحج..
ولفتت الباحثة إلى أن مثل هذه الطقوس يرتبط بها الكثير من الانشطة الاقتصادية التي تعتبر لدى البعض مصدر ثراء، مؤكدة أن الساحات الصوفية وما يطلق عليه ” النفحة ” وشراء الهدايا تعد أنشطة اقتصادية يستفيد منها الكثيرون.
الحج والعمرة
وفي دراسة بعنوان “اقتصاديّات الحجّ والعمرة قديما وحديثا” أكدت الدكتورة فوزية الغالي من جامعة الزيتونة بتونس أن بعض الاحصائيات أكدت بلوغ حجم النشاط الاقتصادي أثناء مواسم الحج والعمرة والدخل السعودي منها قرابة 35 مليار دولار سنويا، مؤكدة انه دخل ينافس البترول ويتزايد باستمرار علي عكس البترول الذي يتعرض لانتكاسات وتقلبات..
وأوضحت أن الحج مع العمرة يسهما في تطوير النشاط الاقتصادي بالبلدان التي يصدر عنها الحجيج والمعتمرون بصفة غير مباشرة من خلال المؤسسات التي توفر لهم خدمات عامة يحتاجون إليها لتأمين سفرهم إلى البقاع المقدّسة كوكالات السفر والبنوك وشركات الطيران وحتى المتاجر التي توفر ملابس الإحرام.
شفرة آمنة
من جانبه فقد اهتم حسن محمد مصطفى،الباحث في الحركات الإسلامية، في بحثه عن “الأوعية الاقتصادية الجديدة ودورها في اقتصاديات الحركات الإرهابية” بوثيقة أحد الجهاديين التي حملت عنوان ” بت كون والصدقة الجارية” والتي تحدث فيها الجهادي عنها باعتبارها وسيلة مشفرة آمنة لتداول العملة بعيدًا عن أعين الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى أنه بعد أحداث تفجيرات باريس، أعلنت مجموعة من قراصنة الإنترنت، عثورها على حساب أحد الدواعش، موجود به مبالغ كبيرة من هذه العملة وهذه العملات في البداية تم اختراعها، لمواجهة سيطرة الدول والمؤسسات الرأسمالية الكبرى على الأفراد والمجتمعات لكن المستفيد الأكبر منها الآن هي الحركات الإرهابية.
اقتصاديات الكنيسة
وفي دراسته المعنونة بـ “اقتصاديات الكنيسة المصرية، دير مار جرجس نموذجا” استعرض الباحث المصري صامويل خيري النظرة المسيحية للاقتصاد المستوحاة من الإنجيل المقدس، بالإضافة إلى الكتابات المسيحية الأولى التي وصلت إلينا من القرن الأول الميلادي.
واستخدمت الدراسة المنهج التاريخي المقارن في قياس مدى اتساق الجوانب المالية والاقتصادية التي تظلل في الوقت الحاضر كثيرا من الممارسات الشعائرية مثل :العماد والخطوبة و الزواج وصلاة الجنائز مع المفاهيم الدينية المسيحية التي كانت سائدة قبل أن يتم الاستيعاب التاريخي للمسيحية من جانب الإمبراطورية الرومانية عبر دراسة ميدانية أجراها على مولد مار جرجس بالرزيقات.
وتناول الباحث الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي أدت أيضاً إلى اضمحلال الحركة الديرية الأصيلة التي قامت كنوع من أنواع الاعتراض على فساد المجتمع والمؤسسة الدينية أيضاً، وتخليها عن الرسالة الأصيلة للسيد المسيح.
وقام الباحث بمقارنة بين طبيعة وأوجه النشاط الاقتصادي في الحركة الديرية الأولى ” الأصلية ” وتلك الموجودة في دير مارجرجس الرزيقات الذي أخذه الباحث كدراسة حالة عن النشاط الاقتصادي الموجود في الأديرة حالياً. كما تعرض للجوانب التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتستر بشكل خفي وراء كثير من الممارسات الشعائرية في دير مارجرجس الرزيقات بالأقصر وذلك أثناء موسم مارجرجس بالرزيقات، والذي يعد أكبر موسم ” مولد مسيحي ” في الجمهورية، وثاني أكبر مولد على مستوى الجمهورية بعد مولد السيد البدوي.
سلفية المغرب
وفي دراسته بعنوان “الشباب السلفي في مواجهة البطالة من خلال الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة بالمغرب”، تحدث الباحث المغربي محمد أو طاهر عن الشباب السلفي بالمغرب وعلاقته بما يسمى “الاقتصاد غير المهيكل” أو “غير المرخص له”، من أجل تبيان أشكال التداخل بين الديني والدنيوي في بعده الاقتصادي.
وعرض الباحث لما أسماه أوجه العقلانية الكامنة وراء الممارسات الاقتصادية للشباب السلفي، وكيف أن التزامهم السلفي يسمح بتحقيق التزامات أخرى، ومن بينها الالتزام الاقتصادي، أي العمل على التفكير في أنشطة وممارسات اقتصادية قصد مواجهة مشكلة البطالة بلغة أخرى، والتأكيد على البعد العقلاني بل والبراغماتي للممارسات السلفية اليومية من خلال مثال الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة.
النشاط الخيري
من جهته عرض الباحث أحمد زغلول شلاطة، لدور الجمعيات الإسلامية في مصر خاصة جمعيتي أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية، وطبيعتهما وحرصهما على العمل داخل إطار الدولة دون التصادم معها والتي تقدم دعمها في شكلين عيني ونقدي، ومواردها محصورة في اشتراكات الأفراد بالإضافة إلى موارد الزكاة التي هي خارج الحصر والمراقبة في بعض الأحيان..
وقد أكد الباحث أن هذه الجمعيات تفتقد للرؤية التنموية ويقتصر دورها على الشكل الاستهلاكي، مشيرا إلى أن حالة السيولة السياسية للإسلاميين بعد ثورة 25 يناير، دفعت هذه الجمعيات للخروج والعمل السياسي والتعبير عن نفسها، مدللا بأن جمعية أنصار السنة المحمدية مثلا أثبتت أحقيتها في تمثيل السلفية بمصر.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: