البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

معاناة المرأة في المجتمعات الغربية

كاتب المقال إياد جبر   
 المشاهدات: 3249



بالرغم من تفاخر الغرب بما أنجزته قوانينه وتشريعاته في ملف حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، وتسخير ماكينته الإعلامية واستغلال ساسته لكافة المحافل والمناسبات الدولية للحديث عن الحريات التي مُنحت للمرأة التي فشل غيرهم في بلوغها حسب ما يُشاع في إعلامهم ويؤكده مُنظروهم ومثقفوهم في كتاباتهم، إلا أنه ما زال عاجزاً عن تحديد أبسط المعايير التي تنظم حياة المرأة وتصون كرامتها؛ فالتشريعات المتعلقة بالمرأة تختلف من بلد أوروبي لآخر دون أي مرجعية دينية أو أخلاقية.

فالغرب الحائر في تحديد سن بلوغ الفتيات، واختلاف تشريعات بلدانه حول هذه المسألة، لا يمكن لمنظومة قيمه أن تنصفها حتى في أبسط حقوقها؛ فما يُشاع عن إعلائه من قيمة المرأة ومشاركتها في الحياة العامة تدحضه بكل بساطة لغة الأرقام التي تُقدمها الدراسات الغربية من حين لآخر عن أوضاع المرأة الغربية، فتؤكد على إن المرأة التي طالما سعت إلى الحصول على حقوقها ودافعت عنها لبلوغ منزلة الرجل، تحولت إلى سلعة للبيع وماكينة للربح!

ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد إن أبرز ما يقذف بالمرأة الغربية خارج المؤسسة الأسرية هو افتقادها لأبسط مفردات الأمن الاجتماعي، كونَها بعد سن النضج تفتقد للكافل أو المسؤول، وهو ما يدفعها إلى السعي للانخراط في قفص الزوجية، وغالباً ما تفشل أمام الرجل الغربي الذي يحظى بكثير من الخيارات على عكس المرأة التي تتحول إلى سلعة تباع وتُشترى من أجل إشباع رغبات الرجال.

فإذا كان الزواج يُشكل أساساً لتكوين الأسرة، فالوضع في ألمانيا – مثلاً - مختلف لأن حالات الانفصال التي تحدث بين الأبوين لا تسجل غالباً تحت بند الطلاق؛ فالرجل والمرأة يجتمعان لسنوات طويلة وينجبان الأطفال دون أن يقدمان على خطوة الزواج، وهو ما يكفله القانون الذي جعل الشعب الألماني يستخدم مصطلحات جديدة بين الأزواج مع مرور الوقت، فالنساء تستبدل كلمة زوجي بـ "رَجُلي" وكذلك الحال بالنسبة للرجال اللذين يفضلون استخدام مصطلحات ومسميات أخرى غير "الزوجة".

ولأن تلك التشريعات تترك الحرية للمرأة والرجل في مسألة الزواج الرسمي من عدمها، يصبح من الطبيعي أن تتصاعد حالات الانفصال لتزيد عن 11 حالة طلاق من بين كل 1000 أسرة، كما أن متوسط فشل الزواج حسب أحدث الدراسات الألمانية يحدث بعد سن الأربعين. ويرجع ذلك إلى أن القانون الألماني يُعطي المرأة المتزوجة نصف ما حققه زوجها من استثمارات وممتلكات، وهو ما تعتبره بعض الدراسات الألمانية عاملاً مشجعاً للمرأة من أجل الانفصال عن زوجها.

وحينما يتعلق الأمر بإنجاب الأطفال فسنلاحظ ذلك العزوف المستمر لدى المرأة الغربية، فأكثر النسوة إنجاباً في تلك المجتمعات لا تنجب أكثر من طفلين في أحسن الظروف؛ لأن الاعتقاد السائد هو أن الزواج يحد من حرية الفرد في الحياة، وهو ما يشكل دافعاً للرجال والنساء ليطلقوا العنان لمشاعرهم في اختيار الشريك متى راق لهم الأمر، وربما يمثل هذا أحد أهم الأسباب التي حولت المرأة إلى سلعة، لأن دورها في المجتمع تغير ولم تعد العامل الأساسي في تشكيل الأسرة، كما أن نقص معدلات الخصوبة في الدول الأوروبية، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على أهمية دور المرأة في بناء المجتمعات، ولأنها باتت تلعب دور النصف المضطهد في المجتمع الغربي، كانت النتائج تبدو كارثية على مستقبل الأمن القومي للعالم الغربي.

إن منظومة القيم الغربية التي أساءت للمرأة تذهب إلى أبعد من ذلك حين تُعامل المرأة الفاقدة لحقوقها معاملة غير إنسانية، سواء في حياتها الزوجية أو أثناء عملها أو حتى في الشارع، وهذا ما عبرت عنه تلك الحشود التي شهدتها العاصمة الإسبانية مدريد في 8 نوفمبر عام 2015، حين دعت 450 منظمة بينها قرابة 380 منظمة معنية بالمرأة، ونقابات العمال وأحزاب سياسية ذات توجهات يسارية، إلى تظاهرات جابت شوارع مدريد، حيث رفع الآلاف لافتات كتبوا عليها عبارة "الحركة النسائية ضد عنف الذكور".
وقد اعتبر ممثلو منظمات الدفاع عن حقوق المرأة في إسبانيا، أن العنف ضد الأنثى تحول إلى "مشكلة دولة"، مطالبين القوى السياسية والمدنية في البلاد بالتضامن للتصدي لإرهاب الذكور على حد تعبيرهم، حيث سجلت حوادث قتل النساء في البلاد نحو 48 امرأة جراء تعرضهن للعنف المنزلي عام 2015، كما أكدت الإحصاءات الرسمية أيضاً على مصرع 584 امرأة إسبانية خلال الثماني سنوات الأخيرة جراء تعرضهن للعُنف.

إن العنف ضد النساء في إسبانيا لا يُشكل استثناءً لأن الأمر مماثل في مختلف الدول الأوروبية وبمستويات مختلفة، فبيانات وزارة الشؤون الاجتماعية الفرنسية سجلت في 25 نوفمبر 2015 مقتل 134 امرأة على يد أزواجهن خلال عام 2014، وذلك خلال مناسبة إحياء اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة، ووفقاً للدراسة التي قدمتها الوزارة الفرنسية المذكورة، تعرضت 164 ألف امرأة للعنف الجسدي، و 33 ألف امرأة للعنف الجنسي، و 26 ألفاً لهذين النوعين من الاعتداء. وأن 7 من كل 10 نساء يتعرضن للاعتداء بشكل متكرر، في حين أن واحدة من النساء المُعتدى عليهن من بين كل أربع حالات تتقدم بالشكوى للشرطة.

يبدو أن القوانين الغربية التي أساءت للمرأة تحت ذرائع مختلفة وحجج زائفة كانت كفيلة بجعل مؤسساتها المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة، تدور في حلقة مفرغة، لأنها لا تبحث عن الأسباب التي تدفع إلى العنف ضدها بقدر ما تسعى إلى تحويلها إلى سلعة رخيصة، وهو ما تؤكده بيانات ونتائج الدراسات الذي قدمها الاتحاد الأوروبي عام 2014؛ فالدراسة الاستقصائية التي أُجريت على نحو 1500 امرأة من كل دولة عضو في الاتحاد، أظهرت أن 13 مليون امرأة في دول الاتحاد الأوروبي تعرضن للعنف الجسدي خلال 12 شهراً، ونحو 3.7 ملايين امرأة تعرضت للعنف الجنسي، كما أكدت الدراسة على أن 33 % من النساء اللواتي شملهن الاستبيان تعرضن للعُنف الجنسي منذ بلوغهن سن الخمسة عشر من العمر.

إن هذه الأرقام الكبيرة والمزعجة لدى المؤسسات الغربية المعنية والتي لا يتم تسليط الضوء عليها في الميديا، لأنها تبين مدى الاضطهاد والمهانة التي تتعرض لها المرأة الغربية، لها ما يؤكدها أو ويبرر حدوثها، لأن العنصرية الغربية ضد المرأة تتجلى في أبشع صورها حين يأتي الحديث عن قضايا أخرى لاسيما الأجور أو الرواتب؛ فالنظرة الدونية التي ربما كانت عاملاً مهماً في تعرضها للعنف، هي النظرة نفسها التي جعلت أجرها أقل من الرجل في الأعمال المختلفة؛ فقد بينت دراسة أجرتها صحيفة "فايننشال تايمز" في سبتمبر 2013، أن النساء الأوروبيات في العشرينيات من العمر تقل أجورهن عن أقرانهن من الرجال، بما في ذلك النساء اللواتي يحملن شهادات الدراسات العليا، حيث تؤكد تلك الدراسة على أن أجور النساء تقل عن أقرانهن من الرجال بنسبة 22%.

إن هذه الدراسة التي نشرتها الصحيفة المذكورة ليست الأولى التي تظهر ذلك التمييز الواضح بين أجور النساء وقرنائهن من الرجال، لأن دراسة المعهد الوطني الفرنسي للإحصاءات الاقتصادية أجرت مسحاً على الرواتب في فرنسا عام 2012، لتؤكد هي الأخرى على اتساع الهوة بين رواتب الرجال والنساء؛ حيث أشارت الدراسة إلى أن راتب المرأة أقل من راتب الرجل في فرنسا بنسبة 28%.

قصارى القول إن تحويل المرأة الغربية إلى سلعة عبر شروع كل بلد غربي في تفصيل تشريعات مختلفة تخصها، تعكس زيف منظومة القيم التي حقرت من قيمتها، فأضحت تواجه مصيراً مجهولاً في قضاياها الحياتية؛ فالخلاف على سن بلوغ الفتيات والقوانين المعقدة في حالات الزواج والطلاق وقوانين العمل وبعض القضايا التي تظهر من حين لآخر كقوانين الإجهاض وغيرها، كلها تؤكد على الحط من حرية وكرامة المرأة الغربية.

--------
وقع تعديل العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الغرب، المرأة، حرية المرأة، إضطهاد المرأة، معاناة المرأة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-04-2016   المصدر: موقع مجلة البيان

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - عادل رضا، د- محمود علي عريقات، إيمى الأشقر، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، فوزي مسعود ، رافد العزاوي، فتحي الزغل، د. طارق عبد الحليم، د. خالد الطراولي ، العادل السمعلي، د- جابر قميحة، ماهر عدنان قنديل، رافع القارصي، المولدي الفرجاني، محمد شمام ، محمد يحي، أحمد بوادي، فهمي شراب، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسن الطرابلسي، رضا الدبّابي، خالد الجاف ، صفاء العراقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد عمر غرس الله، حميدة الطيلوش، عمر غازي، د - محمد بنيعيش، سفيان عبد الكافي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - مصطفى فهمي، محمود فاروق سيد شعبان، سامح لطف الله، عزيز العرباوي، مجدى داود، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. أحمد محمد سليمان، د.محمد فتحي عبد العال، د. عبد الآله المالكي، عبد الله زيدان، جاسم الرصيف، صباح الموسوي ، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله الفقير، طلال قسومي، سيد السباعي، أحمد النعيمي، أشرف إبراهيم حجاج، أبو سمية، ضحى عبد الرحمن، عبد الغني مزوز، إياد محمود حسين ، وائل بنجدو، أحمد ملحم، د - شاكر الحوكي ، نادية سعد، كريم السليتي، مراد قميزة، يحيي البوليني، يزيد بن الحسين، محمد الياسين، صلاح الحريري، إسراء أبو رمان، د- هاني ابوالفتوح، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، ياسين أحمد، رشيد السيد أحمد، سعود السبعاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، كريم فارق، صفاء العربي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، تونسي، منجي باكير، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بن موسى الشريف ، صالح النعامي ، مصطفي زهران، محمود طرشوبي، محمد الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، صلاح المختار، محمد أحمد عزوز، علي الكاش، محمود سلطان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عواطف منصور، د - الضاوي خوالدية، د. صلاح عودة الله ، علي عبد العال، محرر "بوابتي"، سامر أبو رمان ، أنس الشابي، عمار غيلوفي، رمضان حينوني، مصطفى منيغ، محمد اسعد بيوض التميمي، د. أحمد بشير، فتحي العابد، سلوى المغربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، سليمان أحمد أبو ستة، د - المنجي الكعبي، الناصر الرقيق، د- محمد رحال، الهيثم زعفان، عراق المطيري، أحمد الحباسي، حسن عثمان، الهادي المثلوثي، سلام الشماع، خبَّاب بن مروان الحمد،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة