التدخل الروسي والمواجهة العربية الإيرانية المرتقبة
ايمن الهلالي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2970
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد أن قررت روسيا الإنسحاب من سوريا يطرح المحللون السؤال التالي والذي سبق وأن تناوله الكثير ما هي أهداف الروس من تدخلهم في سوريا ؟ ويتبعه سؤال آخر هل حققت روسيا أهدافها من التدخل ؟ ومن ثم ما هي النتائج التي جنتها دول المنطقة نتيجة هذا التدخل ؟ وبإستعراض بعض المواقف يتضح لنا تباين مواقف دول المنطقة بين التأييد والرفض لهذا التدخل ، فكان التأييد من جهة النظام السوري والعراق وإيران واضحاً حتى أن هذه الدول سعت إلى تأسيس تحالف بينها ، وأن إعلامها وبالذات العراق أظهر بوتين بأنه المنقذ ، وأطلق عليه كنية ( أبو علي ) ، وهلل له وطبل ، حتى وصل بالبعض أن يعده أحد أحفاد ذلك الرجل المسيحي الذي أتى لنصرة الإمام الحسين عليه السلام فوصل متأخراً ، فأرسل الله كما يبدو حفيده بوتين ليثأر من القتلة في طرح ساذج تدجن به الشعوب الجاهلة المجهلة عن عمد وسبق إصرار لتمرير كل البدع والتفاهات عليها من خلال تخلفها .
في حين وقفت دول أخرى وأهمها دول الخليج بالضد من التدخل الروسي وإعتبرته إنتصاراً للنظام الدكتاتوري ضد مصلحة الشعب . وقد كان المعلن من أهداف بوتين أنه دخل سوريا إستجابة لطلب الرئيس السوري ، وقطعاً سوف يتطور هذا الهدف مع مرور الوقت بمحاربة الإرهاب ، ومن ثم يضاف له قطعاً خشية روسيا من عودة المقاتلين المتشددين ممن جاءوا الى سوريا من دول الإتحاد السوفيتي السابق ، هذه قد تكون أهداف روسيا المعلنة وبالتالي يستطيع الرئيس الروسي بوتين أن يدعي أن أهدافه قد تحققت ومن ثم يشرع بالإنسحاب ، فهو قد حافظ على النظام السوري من السقوط ، وأسلحته المدمرة قد قتلت الكثير من البشر في سوريا وبالتالي إستطاع ان يحمي الأمن القومي الروسي من الإرهاب العالمي .
وبعيداً عن القواعد العسكرية التي إتخذت فيها روسيا موطأ قدم ، وما تتأمله من مصالح إقتصادية في المنطقة ، أو إقتطاع حصتها من الكعكة السورية ، أو الهالة والظهور العالمي كقطب مواجه ذا قرارات قوية وسريعة ، فإنه يمكن أن نتحدث عن أهداف أخرى لم تظهر إعلامياً بقدر ما أظهرتها الوقائع والأحداث التي تجري على أرض الواقع . ومن ملاحظة التدخل الروسي خلال هذه الستة أشهر تقريباً نرى أن النظام السوري هو أحد المستفيدين من العملية بأن حافظ على كرسي الحكم لحد هذه الساعة ، وكذلك فإن العراق يعد مستفيداً آخر حيث وجد دولة أخرى تدعم الأفكار والدعاية الطائفية له في مواجهة دول الخليج وخصوصاً السعودية ، أما من جهة إيران فقد وجدت صوتاً عالياً يمثل إحدى الدول الكبرى يقف معها لكي لا تظهر أنها الوحيدة في الساحة من تدعم النظام السوري ، بالاضافة إلى تخفيف العبء عنها لكي تتفرغ لتصفية الساحات الأخرى لتعيد تنظيم قواها بعد فترة إستنزاف طويلة بالتزامن مع إنهاء الملف النووي ورفع الحصار .
وفي المقابل فإن هذا التدخل عرقل وصول المعارضة السورية لأهدافها في إسقاط النظام ، وكذلك أعطى القوة لداعش والنصرة على حساب المعارضة المعتدلة ، إضافة إلى أنه بدأ يسحب الدول الخليجية إلى التدخل العسكري بصورة مباشرة لأجل مواجهة طرفين داعش والنصرة من جهة والنظام السوري من جهة أخرى ، وهذا سوف يشكل ثقلاً كبيراً على هذه الدول وإستنزافاً لقدراتها بعد تدخلها السابق في اليمن وانخفاض أسعار النفط ، وفتح هذه الساحات جميعاً يؤدي إلى إطالة فترة الحرب وعدم حسمها وما يستلزم ذلك من خسائر مادية وبشرية ، ويبدو أن المنطقة مقبلة على مواجهة بين طرفين مهمين تدعمهما من خلف الستار أو تتحالف معهما دولاً عديدة وستكون أرض المواجهة هي سوريا والعراق ، والدلائل على ذلك هي البدء بتسوية الملف اليمني ومحاولة الوصول إلى إتفاقات بين السعودية والحوثيين للتوجه إلى ساحات أخرى ، مع ملاحظة ان التصفية لهذه الساحة هي بين السعودية وبين إيران التي توجه الحوثيين ، والدليل الآخر هو قرب التدخل العسكري البري لدول التحالف الإسلامي بقيادة السعودية في سوريا والذي سوف يسهله ويسرع به الإنسحاب الروسي ، واعتقد أن دول التحالف الإسلامي لن تتوانى عن التدخل في العراق إذا ما نجح تدخلها في سوريا وحققت ما تصبو إليه ، وفي المقابل فإن المحور المواجه الرئيسي لهذا التدخل سوف يكون النظام السوري والعراق وإيران ، وأن إيران سوف تتخد من أذرعها المليشياوية التابعة لها وسيلة للمواجهة لزجها بالحرب ، بالإضافة إلى المرجعيات الفارسية التي يمكن إستخدامها في أي وقت ، وكذلك الطابور الخامس التابع لها في داخل هذه الدول ، ويمكن أيضاّ حسب تطور الأحداث أن يكون هناك تدخلاً إيرانياّ مباشراّ بحجة الدفاع عن المقدسات وعن المذهب ومجابهة الإرهاب والطائفية والتكفيريين وداعش إذا ما وجدت إيران أن أمنها القومي يتعرض لخطر يستدعي التدخل العسكري المباشر ، وعلى هذا فهل يمكن القول أن التدخل الروسي كان بإتفاق مع أميركا أو بغض النظر منها عن هذا التدخل لأنه جاء في مصلحتها من حيث أنها سوف تجني ثمار هذا التدخل أولاً بخسارة روسيا لكثير من معداتها العسكرية في المواجهة ، وكذلك لإظهار روسيا أنها الداعمة للأنظمة الدكتاتورية ، إضافة إلى تضييق الحصار الإقتصادي عليها من خلال زيادة الإنفاق العسكري تزامناً مع إنخفاض النفط ، وكذلك من فوائده فتح باب الصراع والمنافسة بين روسيا والسعودية لأجل معاقبة السعودية لمحاولتها الخروج من تحت العباءة الأميركية وكما صرح الرئيس الأميركي أوباما بأن السعودية تغرد خارج السرب ، مع الأخذ بنظر الإعتبار أن روسيا ترغب في الإنتقام من السعودية لكونها ساهمت بتخفيض سعر النفط مما زاد الضائقة الإقتصادية على روسيا وكذلك لقيادتها الحملة ضد النظام السوري الحليف لروسيا ، ويمكن أن نفهم أيضا أن أميركا بإتفاق مع روسيا أو من غير إتفاق تستهدف أن تسحب إيران إلى الدخول في المواجهة مع دول الخليج لضرب أكثر من عصفور في حجر واحد ، فأبرمت الإتفاق النووي مع إيران ورفعت الحصار عنها وحاولت إعطائها دوراً إعلامياً في مواجهة الإرهاب ، ونشير ألى التصريح الذي ورد على لسان الرئيس الأميركي أوباما حيث دعا السعودية إلى التعاون مع إيران ، وهي محاولة لتقوية إيران وتسليمها دور الشرطي في المنطقة حتى لو كان ذلك لفترة محدودة لحين إكمال لعبة المواجهة بين الطرفين الخليجي والإيراني ، والنتيجة هي تفتيت دول المنطقة وضياع ثرواتها وموت أبناءها ، وبهذا يتحقق الأسلوب والهدف الصهيوني القذر الذي صرح به اليهودي" موشيه يعالون " وزير الدفاع الإسرائيلي الذي قال : ( ليس من المتعة أو السياسة ، أن تقتل عدوك بيدك ، فعندما يقتل عدوك نفسه بيده أو بيد أخيه فإن المتعة أكبر ) ، وإذا كان السبب في كل ذلك هو العنجهية الإيرانية وعقليتها التوسعية الهادفة إلى إستعادة بناء إمبراطورية الفرس القديمة ، فقطعاً أن التهاون في مواجهة هذا التوسع الإيراني أدى بالمنطقة إلى ما وصلت إليه ، مع الأخذ بنظر الإعتبار المخططات الخارجية والمؤامرات والإستهداف لهذه المنطقة . والسؤال المطروح الذي عبر عنه المرجع العراقي العربي السيد الصرخي هل تستطيع دول الخليج مواجهة إيران التي يقف خلفها الدب الروسي والأهداف الأميركية الخبيثة والشعوب المخدرة بطائفية مقيتة قائلاً ( ثانيًا ــ هنا يقال : هل يمكن تدارك ما فات ؟!! وهل يمكن تصحيح المسار ؟!! وهل تقدر وتتحمّل الدول الدخول في المواجهة والدفاع عن وجودها الآن وبأثمان مضاعفة عما كانت عليه فيما لو إختارت المواجهة سابقًاً وقبل الإتفاق النووي؟!! فالدول الآن في وضع خطير لا تُحسَد عليه !!! فبعد الإتفاق النووي إكتسبت إيران قوةً وزخماً وانفلاتاً تجاه تلك الدول !! وصار نظر إيران شاخصاً إليها ومركَّزاً عليها !! فهل ستختار الدول المواجهة ؟!! وهل هي قادرة عليها والصمود فيها إلى الآخِر ؟!! ثالثًا ــ إنّ الوقائع والأحداث والفرص تتغيّر بتغير الظروف وموازين القوى المرتبطة والمؤثرة فيها ، وفوات الفرصة غصّة ،
ونذكر هنا: 1 ـ بعد التدخّل الروسي في سوريا إختلفت التوازنات كثيراً ، وإمتدّ تأثير التدخّل إلى العراق !!! ) ونلاحظ أن التدخل الروسي كان وبالاً على المنطقة وشعوبها ولم يكن أبداً في مصلحة الدول العربية ولا في مصلحة الشعوب المظلومة ، وأنه كان من أجل تأجيج الصراع أكثر فأكثر في المنطقة ، رغم أن الظاهر والمعلن هو من أجل الإسراع في تسوية الصراع سياسياً ، وأن المنطقة مقبلة على أحداث ومفاجآت ، وأنها ستلتهب وستعيش أياماً صعبة على الشعوب والدول وستزداد الخسائر وهذا ما سنترقبه في الأحداث المقبلة ونتمنى أن تتغير الأحداث و أن تدخل متغيرات جديدة أخرى تبعد شبح الموت والتدمير عن شعوب المنطقة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: