التصاميم الظلية المصرية: ‘سفر حالم’ نحو منح الصورة للمادة
سامي العافي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3243
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يعتبر تصميم الظل المصري تناص بصريا وايقونا فكريا يستمد أهميته من خصوصياته التشكيلية والرمزية والتعبيرية... التي تظل ماثلة، مستمرة، دائمة... في ما حمله من ترميز وغموض وعوالم مبهمة وإشكاليات غير محدودة، لا تفهم من خارج أنساقه التراثية وأبعادها التقنية والفنية... ونظرياتها الاستيطقية الراغبة في تجاوز النسق التشكيلي المألوف مع محاولة البحث عن حلول جديدة ومعاصرة تسمح بالحضور الكثيف للفعل التأويلي المتسائل عن مبدأ الهوية وخصوصياته الفكرية والتشكيلية.
وأعتقد أن هذا ما يجعلنا ضرورة أمام مجال إيحائي خصب ببنى مركبة ونصوص مفتوحة وقراءات متجاوزة للرسم والحدود، متحركة في مسار دلالي ذو صلة بالواقع وبسياق التجلي وحضارة التقبّل.
وهو ما يوثّق بحقّ علاقة التواصل بين الفنون والحرف ويُسر فكرة المصالحة بين الفن والحياة معتبرا الخصوصية الثقافية والفنيّة... من المبادئ الغير ثابتة ومن المعطيات الغير جاهزة لتفاعلها مع متغيرات الواقع... الضامن لتبادل الأفكار وتدعين الأنشطة الفنية وتجاوز منطق الثنائيات انطلاقا من فكرة تقاطع المادة والفعل.
لذلك ينبغي علينا هنا التأكيد على مسألة تفكيك المرئي والانزياح عن الواقع المحسوس داعين إلى تمثل الحقيقة التصويرية القادرة على تحويل كل معطى واقعي إلى واقع ذهني مدرك يتخرق حدود الكائن ويفلت من فكرة توجيه المادة وإرغامات الموضوع للاحتفاء بعضوية الرؤية واستقلال الذات الناطقة بلغة التشكيل والتصميم وأبعادهم التشكيلية لنية الحصول عن تموضع صحيح يقوّم التقنية ويبدّد ماهية الأثر التشكيلي.
لكن في اعتقادي انه مهما حفا التصميم الظلي المصري بوفرة العلامة وقوّة الترميز والإيحاء المنبثق عن حركة بصرية أو ملاحظة فكرة أو حتى تأمل روحي... مستلهما المتن النظري لقراءة هذا الشكل ‘النموذجي ‘الأيقوني’ بإشاراته المختزلة وأفكاره المختصرة... ومهما حاول تمثيل الواقع ممتطيا نظرية ‘منح الصورة للمادة’ أو ‘إضهار الصورة في المادة’ فإنه يظل منقوصا ما لم يتشرع لقراءات نقدية مؤسسة لمناهج ورؤى جديدة ذات أسس مرجعية تنهل من ينابيع الفكر والواقع والفلسفة والفن والتفكير الجمالي... كما يجسدّها الأدباء والفلاسفة والفنانون...
و’بعبارة أخرى لا يجب أن ننظر إلى فضاء التصميم الظلي المصري بكونه بنية ايقونية متمثلة أو مظهر من مظاهر التعبير فحسب بل على كونه بنى هندسية معقّدة تتباين فيها الأنساق وتتحاور في نظمها الأنماط الممتزجة بمقومات المواد والخامات... وفق مباحث تحليلية نقدية لا يفوتها استدعاء صور بصيغ تعبيرية منبثقة من الحضارة والمجتمع لتشمل أفكاره وتختصر قيمه... دون التغافل دوما على إعادة طرح السؤال عن قضايا الامتزاج الحضاري وأبعادها التشكيلية؟ عن المناهج والرؤى في ظل الحاجة إلى التعصير والتجديد؟ عن فن خيال الظل المصري وكيف أتاح لنا فرصة التأسيس لخصوصية جمالية حديثة في التعبير والتشكيل؟
---------
بقلم سامي العافي
جامعي وباحث اكاديمي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: