البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لأوهام الانتصار على داعش آلاف الآباء

كاتب المقال هيفاء زنكنة - لندن    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3028


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


حين نرى مدينة الرمادي التي أصبحت كتلة من الخرائب ببيوتها، ومبانيها الحكومية، وجوامعها، ومدارسها، وننظر بدقة لنميزها مما تبقى من المدن السورية، ومن قبلها مدينة الفلوجة، نرى مناظر الخراب الشامل في اليوم التالي « للقيامة»، كما تقدمها استديوهات هوليوود، في أفلام تحتل المرتبة الأولى، في شباك التذاكر، أمريكيا وعالميا، ويسارع الناس لمشاهدتها لأنها تمثل عالما غرائبيا، يسليهم ولا يمسهم. فالخراب الشامل، كخلفية لصعود البطل الامريكي القاهر، المنتقم، ثيمة هوليوودية مفضلة، تقع أحداثها في البلدان التي احتلتها أمريكا وحلفاؤها عسكريا، كما في فييتنام والعراق، الى ان أستلتها وقلدتها بتقنيتها العالية، الدولة الاسلامية. فهل هي آلة تصنيع وانتاج الموت تتحدى المخيلة، لتعيد انتاج الاحداث المرعبة، بأشكال وتنويعات تلائم مكانا وزمانا محددا، أم انها الاحداث الترويعية، مثل وجبات ماكدونالد السريعة، تقذف على الشعوب قذفا فلا يستطيعون مجاراتها؟ ما الذي يبقى من مدن تتعرض، يوميا، لقصف احدث الطائرات الامريكية، تحت راية التحالف الدولي الستيني، والذي قيل تبجحا انها بلغت 650 غارة على الرمادي وحدها، منها 150 غارة اثناء الهجوم الأخير، يضاف اليها البراميل المتفجرة لحكام يستقتلون لمحاكاة « الشيطان الأكبر» بدعوى محاربته؟

ما الذي يبقى من الانسان وهو يتلقى جرعات السموم جسدا وبيئة ومجتمعا؟ وكيف نتعامل مع الحياة والأمل بالمستقبل والموت الأسود، يفترس أهلنا ويغدر بالاحياء، وأن رفعوا رايات السلام البيضاء؟ هل يساعدنا اعادة تعريف المفاهيم كالوطنية، الخيانة، العمالة، الارهاب، والانتصار العسكري، على فهم ما يحيط بنا من جنون عبثي؟

كيف نصف اعلان الانتصار على مدينة بدأت سياسة مسحها وسكانها عن الوجود، منذ الغزو الأنكلو أمريكي في 2003، وليس كما يشاع ويرسخ كحقيقة الآن، منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية قبل سبعة أشهر على المدينة، وزعماء العالم المسؤولون، بشكل مباشر وغير مباشر، عن ولادة التنظيم، يصفقون ويهللون، ويتبادلون التهاني لتحريرهم المدينة منه؟ الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء البريطاني والكندي ووزراء الدفاع والأركان، في جميع انحاء العالم، عبروا عن فرحهم بالانتصار، والذي هو بالحقيقة نزيف دم عراقي مهما كان اسم الجهة المقاتلة. يقولون إنه انتصار للتحالف الدولي بقيادة أمريكا. حيدر العبادي، رئيس الوزراء، يقول إنه انتصار الجيش. ميليشيا الحشد الشعبي تدعي انه لولاها لما تم الانتصار. رئيس الوزراء الفرنسي وصفه بأنه الانتصار الأكبر.

في الرمادي، بين الخرائب، صار للنصر آلاف الآباء. لم يتحدث زعماء العالم عن محو 80 بالمئة من الرمادي، ومن قبلها 70 بالمئة من الفلوجة بيد قوات الاحتلال الامريكي والبريطاني، وليس تنظيم الدولة الاسلامية. عن معاملة الأهالي كرهائن سواء من قبل قوات الاحتلال أو الدولة الاسلامية أو النظام العراقي الذي بزها في ارهابه وترويعه وتهجيره المدنيين. المدن « المحررة» سابقا مثالا يحتذى.

يقول يان كوبيش، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، واصفا المناطق المحررة: « هناك في المناطق التي تم تحريرها من سيطرة داعش تقارير تفيد بحصول اعتقالات عشوائية، وعمليات قتل، وتدمير ممتلكات، وتقارير متزايدة، أيضاً، عن جهود لتغيير التركيبة السكانية لتلك المناطق على نحو قسري».

أين يمضي الهاربون ونازحو المدن – الخرائب « المحررة» اذن؟

يشير تقرير أصدره، مركز جنيف للعدالة، بعنوان « العراق: معارك الانبار، سياسة الأرض المحروقة والابادة الجماعيّة « الى معاناة النازحين الكارثية : « لقدّ عانى المدنيون في مدن الانبار اسوأ معاناة وتمثل جزءاً منها في عدم السماح حتى للفارين منهم الدخول الى بغداد في رحلة البحث عن مكان آمن. ومارست السلطات سياسة طائفية واضحة اكدنا في اكثر من مناسبة انها سياسة تطهير طائفي ممنهجة وموجهة تحديداً ضد سكّان مناطق بعينها تهدف الى تشريدهم قسرياً وحرمانهم من العودة الى مناطق سكناهم بعد مذابح جماعية ترتكبها ضد من لا يتمكن من الهروب».

هذا هو أحد جوانب « انتصار» النظام الذي يصفق له العالم الغربي بازدواجية معايير تزداد اسفافا، يوما بعد يوم. وهو الجانب الذي تؤكد كل التقارير الحقوقية، والانسانية، العراقية والدولية، على وجوب ايجاد حل جذري له. يقول يان كوبيش : « لا يمكن هزيمة داعش بالوسائل العسكرية، فقط، دون معالجة الأسباب الجذرية للعنف والفكر الذي يستند إليه التنظيم… فالفوارق، والحرمان والظلم وعدم المساواة تخلق إستياءً مشروعاً، ولا يمكن معالجة هذه الشواغل وغيرها إلا من خلال مشاركة متساوية، وتشمل الجميع في العمليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية، إستناداً على مبدأ الحقوق المتساوية والمساءلة والعدالة للجميع «. ويشير مركز العدالة الى انه كان بامكان السلطات العراقية ان تسلك طريق الحل السلمي للاوضاع قبل اللجوء الى الحل العسكري « فقد تظاهر الملايين من ابناء المناطق المهمشة، سلميا، منذ كانون الأول/ديسمبر 2012، مطالبين بحقوقهم المشروعة الا انهم جوبهوا بالرفض واتهم كل من شارك في التظاهرات، بانه ارهابي».

ويرى المركز ان الأمم المتحدّة تتحمل واجباً اخلاقياً وقانونياً بضرورة تشكيل لجنة تحقيق، دولية، مستقلة للتحقيق في الجرائم وتقديم المسؤولين عنها للعدالة، والعمل الفوري والجادّ لإيقاف مسلسل الدمار في البلد والذي يتحمل الاحتلال الامريكي المسؤولية الأولى عن كل ما جرى ويجري فيه منذ عام 2003.

ان سبب اقتباسي لهذه التقارير هو اعتقادي بان الحلول السلمية لما يجري في العراق غير مستحيلة ومطروحة بشكل واضح اذا ما توفرت النية الوطنية عراقيا واحترام القانون دوليا. واذا ما أريد للعراق ان يبقى بلدا موحدا، يتمتع فيه الجميع بالعدالة وحقوق المواطنة بعيدا عن الانتقام والاحباط والتطرف. عدا ذلك، سيبقى الحديث عن المصالحة والقضاء على الارهاب مجرد هراء.

-------
هيفاء زنكنة
كاتبة من العراق
-----
مقال ينشر بالتوازي في مواقع: القدس العربي، البصرة نت، الكادر
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، إيران، الارهاب، داعش، الشيعة، السنة، التدخل الايراني، التدخل الامريكي، الدولة الإسلامية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- جابر قميحة، سامر أبو رمان ، رافد العزاوي، الهادي المثلوثي، محمد الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، إسراء أبو رمان، د. أحمد محمد سليمان، فوزي مسعود ، حاتم الصولي، د. أحمد بشير، فتحـي قاره بيبـان، د.محمد فتحي عبد العال، رمضان حينوني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. طارق عبد الحليم، عمر غازي، محمود طرشوبي، حميدة الطيلوش، يحيي البوليني، سلام الشماع، الهيثم زعفان، صالح النعامي ، منجي باكير، د - الضاوي خوالدية، حسن الطرابلسي، رافع القارصي، طلال قسومي، عزيز العرباوي، محرر "بوابتي"، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، عبد الرزاق قيراط ، د - محمد بنيعيش، صلاح الحريري، عواطف منصور، محمد يحي، سلوى المغربي، حسن عثمان، مصطفى منيغ، يزيد بن الحسين، فتحي الزغل، ماهر عدنان قنديل، تونسي، مراد قميزة، أحمد النعيمي، كريم السليتي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الله زيدان، أحمد الحباسي، عبد الله الفقير، نادية سعد، صلاح المختار، العادل السمعلي، رشيد السيد أحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد ملحم، كريم فارق، جاسم الرصيف، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فهمي شراب، محمد شمام ، د- محمود علي عريقات، أحمد بوادي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - المنجي الكعبي، د - محمد بن موسى الشريف ، د - صالح المازقي، الناصر الرقيق، أ.د. مصطفى رجب، د. صلاح عودة الله ، محمد أحمد عزوز، أشرف إبراهيم حجاج، علي الكاش، سفيان عبد الكافي، رضا الدبّابي، صفاء العراقي، محمد العيادي، صباح الموسوي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، عراق المطيري، د- محمد رحال، وائل بنجدو، عمار غيلوفي، خالد الجاف ، أبو سمية، د - مصطفى فهمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، إيمى الأشقر، مجدى داود، صفاء العربي، محمد الياسين، سيد السباعي، حسني إبراهيم عبد العظيم، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الغني مزوز، د- هاني ابوالفتوح، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، ياسين أحمد، مصطفي زهران، علي عبد العال، محمود سلطان، د - شاكر الحوكي ، سعود السبعاني، المولدي الفرجاني، محمود فاروق سيد شعبان، فتحي العابد، د - عادل رضا،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة