البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إسرائيل تضرب بلا تحفظ… ويحتفظ زعماؤنا بحق الرد

كاتب المقال د. مثنى عبدالله - باريس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3065


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أعترف بأنني عييت وأنا أبحث في معنى الاحتفاظ بحق الرد. لم أجده في كتب السياسة ولا في كتب الفلسفة. منذ أن ولد جيلي والأجيال اللاحقة ونحن نسمع بهذا السراب الذي وضعنا كل آمالنا فيه بلا جدوى.

في عقود القوة النسبية والصحوة الشعبية وبقية ضمير لدى الحكام، كنا نسمع بالاحتفاظ بحق الرد في السطر الأخير من كل البيانات التي تنعى لنا منشأة عسكرية أو اقتصادية أو علمية دمرتها إسرائيل على حين غرة، وفي عصور الفورة والثراء المالي سمعنا به أيضا، وها نحن اليوم في عصر الدولة الشيعية والسنية والكردية والعلوية والخامنئية والأردوغانية نسمع به كذلك. وكأنه قدر علينا أن تبقى صيغة البيان بالاحتفاظ بحق الرد على إسرائيل، تطرق مسامعنا. انتظرنا أجيالا وأجيالا كي نعرف متى ينفلت الغضب الساطع ونمارس حقنا في الدفاع عن وجودنا، لكن من دون جدوى، وكأن الاحتفاظ بحق الرد هو استثمار يحرص الحاكمون على الاحتفاظ به مدى الحياة، بينما هو في الواقع رصيد ذل وعار يقضي على أجيالنا بالتناوب جيلا بعد جيل. وعندما يُسأل أصحاب القرار لم لا يوجد رد، يقولون لا نريد أن ننجر إلى معركة يريدها العدو، دعونا نختار الوقت والمكان المناسبين الذي نرد فيه على العدوان الصهيوني، لكن أفعال زعاماتنا تكذّب هذا القول جملة وتفصيلا. لقد احتلت فلسطين وكانوا يقولون يجب أن تعود من النهر إلى البحر، وأن الكيان الصهيوني كيان سرطاني غريب في قلب المنطقة، لكن السنين التي تلت أثبتت أنهم يركضون لاهثين خلف الصهاينة، حتى أننا قدمنا لهم مبادرة السلام العربية، وتنازلنا فيها عن نصف فلسطين، وضمنّا لهم الأمن والأمان والتطبيع وحسن الجوار، وأثبتنا لهم أننا مُتحضرون ونعرف كيف نتنازل حتى عن حقوقنا في الوقت المناسب. لقد فعل الحكام ذلك لأنه الشرط الوحيد الذي يعطي لهم المقبولية لدى الأمريكان والغرب، ويضمن لهم البقاء على كراسي السلطة. ولو نظرنا إلى الخريطة العربية لوجدنا أننا تنازلنا عن عربستان إلى إيران، والإسكندرونة إلى تركيا، وسبته ومليلية إلى إسبانيا، ومازلنا إلى الآن على استعداد تام للتخلي عن أراض عربية أخرى، كلما تطلب الامر الحفاظ على كراسي أصحاب السمو والفخامة، وسنبقى نسمع السطر الأخير من البيان الشهير بالاحتفاظ بحق الرد. ألم يتخلوا عن العراق إلى الامريكان وأقسموا لبوش ألا يحلقوا ذقونهم إلا بعد أن يكتمل الغزو ويصبح الاحتلال أمرا واقعا؟ وها قد باع الأمريكان العراق إلى إيران وباتت حدودهم على حدود السعودية والكويت والأردن وسوريا. لا أجد أي تفسير لهذا الادب الجم الذي يتساقط علينا ونحن نتعامل مع الاعداء آكلي حقوقنا وثرواتنا ومنتهكي أعراضنا، بينما الرد بين بعضنا بعضا يأتي سريعا بلا الاحتفاظ بحق الرد، فنظهر كل بطولاتنا الإعلامية والسياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، فندمر هذا القطر العربي أو ذاك على رؤوس أبنائه، الذين نرتبط معهم بروابط الدم والدين والتاريخ والمصير. حصل هذا مع العراق حين اختلف الزعماء العرب في ما بينهم فصبوا جام غضبهم على شعبه، وفتحوا خزائن أموالهم إلى الاعداء كي يغرفوا منها لتمويل الهجوم على هذا البلد، وها هي إسرائيل قبل أيام قليلة تضرب مرة أخرى في قلب دمشق، فنرى ملامح الارتياح تعلو نبرتها في الإعلام الرسمي لعدد من أقطارنا العربية, وكأن سوريا ليست بلدا عربيا، ولا شعبها ينتمي إلى العروبة بصلة، ولا كرامتها كوطن من كرامة وشرف الأمة. إنهم ينظرون إلى الاسماء والمنظمات والشخصيات التي يختلفون معها، فيفرحون باستهدافهم من قبل إسرائيل، لكن ينسون أن كرامة قطر عربي هي التي تنتهك. إنهم يتعاملون مع الجزئيات على حساب الكل. أيهما أهم من منطوق الأمن القومي العربي، خسارة الحاكم لكرسيه أم خسارة قطر عربي؟ ما الذي جناه العرب من تغير النظام السياسي في العراق؟ ألم يذهب العراق هدية إلى إيران التي باتت تهددهم من أرضه؟ الغريب أن حكامنا حين يكرهون بعضهم بعضا، يكرهوننا نحن الشعب أيضا، بل يكرهون حتى أرض وسماء ومياه وهواء ذلك القطر الذي اختلفوا مع الحاكم فيه. أتذكر حين كنا ندخل إلى قطر عربي مجاور بجواز السفر العراقي، كان أمن الحدود يحشروننا في غرفة صغيرة ويبدأون في استنطاقنا الواحد تلو الآخر حتى نثبت براءتنا، وغالبا كانوا يسمحون لبعض افراد العائلة بالدخول، ويرجعون البعض الآخر منهم إلى الحدود العراقية من دون سبب، فقط من أجل الإذلال. وعندما كانت طائرتهم تقلنا من مطار بغداد وتحط في مطارهم، كانت تقف في ركن بعيد من أرض المطار دون جميع المسافرين من الجنسيات الأخرى، وكأن بنا داء خطيرا يخشون انتقاله منا إلى الاخرين.

إن كل هذه المؤشرات تقول بأن هنالك خللا بنيويا عميقا في إدراك المصالح العربية، لذلك نجد التناقض موجودا حتى بين الأقطار التي يجمعها مجلس إقليمي واحد ونسيج اجتماعي متشابه، وأن كل حكامنا يفهمون ما يجب فعله بشكل مجزأ وليس موحدا. تذكروا بأن علاقات استراتيجية بنيت وروابط وحدوية أنشئت بين هذا القطر أو ذاك، لأنها ذهبت إلى الجحيم على حين غرة في بضع اسابيع أو أشهر، وانتقلت كل تلك الحميمية في العلاقات إلى عداء وشر مستطير. أنظروا إلى أن البعض منهم يرتبطون بعلاقات استراتيجية مع إيران، والبعض الآخر يرفضها، وأخرين يريدون بل يرتبطون بعلاقات مع إسرائيل وينسقون معها سرا وعلنا، والبعض الآخر يرفض ذلك.

بعضهم يتخذ الغرب مُخلصّا بينما آخرون وجهتهم موسكو، حتى التعامل مع الملف السوري يتخذ أشكالا مختلفة، فالبعض لازال يعتبر الرئيس السوري، رغم الكارثة التي فعلها في هذا القطر على أنه مفتاح الحل، والبعض الآخر مازال يصر على رحيله. هذه الاشكالية في العلاقات والتوجهات العربية العربية هي التي يستثمر فيها الغرب وأمريكا وإسرائيل، وهي الطريق الامثل لهم لتحقيق مصالحهم على حسابنا، ونبقى رهينة لهيمنتهم مشتتين مشرذمين نواصل خدمة الغرب والشرق على حساب أمننا ومصالحنا، فالجميع لازالوا حتى اليوم لا يستطيعون تحديد هل هم هدف لتأثير خارجي أم أنهم دول قادرة على تحقيق مصيرها، كل منها على حدة أو جماعة على مستوى المنطقةـ كما لازالوا لا يستطيعون أن يكونوا فضاء موحدا من النواحي الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
هذا الواقع هو الذي يبقي الأمة تعيش خارج السياق الطبيعي الذي يسير فيه العالم، فتبقى تسجل الانتهاكات التي يفعلها الآخرون بها، بينما تبقى عاجزة تماما عن الرد حتى بنطاق أضعف الإيمان.

------
د. مثنى عبدالله
باحث سياسي عراقي
-----
مقال ينشر بالتوازي في مواقع: القدس العربي، البصرة نت، الكادر
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، إسرائيل، النظام السوري، الإعتداء الإسرائيلي، حزب الله، مقتل القنطار،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-12-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أبو سمية، عبد الله زيدان، ياسين أحمد، سفيان عبد الكافي، د - مصطفى فهمي، محمد الياسين، أحمد ملحم، صفاء العربي، د - المنجي الكعبي، مراد قميزة، حسن عثمان، علي الكاش، فوزي مسعود ، أحمد بوادي، د. أحمد بشير، رشيد السيد أحمد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سليمان أحمد أبو ستة، محمد العيادي، فتحي الزغل، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمار غيلوفي، د - عادل رضا، سامر أبو رمان ، محمود طرشوبي، عمر غازي، فتحي العابد، فتحـي قاره بيبـان، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، رضا الدبّابي، د. أحمد محمد سليمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، تونسي، سيد السباعي، عبد الرزاق قيراط ، سلام الشماع، ضحى عبد الرحمن، محمد أحمد عزوز، أحمد الحباسي، محمد علي العقربي، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، فهمي شراب، صلاح المختار، محرر "بوابتي"، د. عبد الآله المالكي، يزيد بن الحسين، عبد الغني مزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رافد العزاوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم السليتي، المولدي الفرجاني، عواطف منصور، صالح النعامي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد النعيمي، رمضان حينوني، د - شاكر الحوكي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. صلاح عودة الله ، نادية سعد، مصطفي زهران، سعود السبعاني، د- محمد رحال، أ.د. مصطفى رجب، محمود سلطان، إيمى الأشقر، د- هاني ابوالفتوح، طارق خفاجي، عزيز العرباوي، بيلسان قيصر، صلاح الحريري، د - الضاوي خوالدية، د. مصطفى يوسف اللداوي، صباح الموسوي ، د - صالح المازقي، محمود فاروق سيد شعبان، د.محمد فتحي عبد العال، خالد الجاف ، محمد عمر غرس الله، عراق المطيري، د- جابر قميحة، طلال قسومي، محمد اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، حميدة الطيلوش، ماهر عدنان قنديل، عبد العزيز كحيل، خبَّاب بن مروان الحمد، أنس الشابي، كريم فارق، د - محمد بن موسى الشريف ، صفاء العراقي، سلوى المغربي، المولدي اليوسفي، عبد الله الفقير، د - محمد بنيعيش، حسن الطرابلسي، علي عبد العال، محمد يحي، حسني إبراهيم عبد العظيم، إياد محمود حسين ، الناصر الرقيق، يحيي البوليني، سامح لطف الله، منجي باكير، د- محمود علي عريقات، وائل بنجدو، محمد الطرابلسي، د. خالد الطراولي ، الهادي المثلوثي، د. طارق عبد الحليم، مجدى داود، العادل السمعلي، محمد شمام ، جاسم الرصيف، مصطفى منيغ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة