د. عمر رفايعه - الأردن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3752
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ستة عشر عاما قضيتها في الإدارة التعليمية، مديراً ومدرباً ومستشاراً وباحثاً، ومقيماً ومراجعاً لجودتها وأكاديمياً أصدح باسمها، وعند المقارنات المرجعية الدولية في مجالات شتى بيننا وبين خلق الله ممن تقدموا أجد ضآلة القيم التي تحرك إدارتنا، مقارنة مع تلك التي تحرك الإدارات العالمية وتضبط حركتها.
من أين يأتينا هذا الصداع؛ في ضمانات الجودة نشاهد تسابقا على علاماتها ونضع تلك العلامات على المنتجات ولو رأيت العمليات أو المدخلات لوليت هارباً من فظيع ما يصنعون.
ولو اطلعت على التقارير الدولية في تتبع تطور التعليم لأصابك هم وغم شديدين على تعليمنا ووجهته.
في محاضرة مسجلة يتحدث فيها الدكتور مصطفى محمود رحمه الله عن انتقاله من الكلام إلى العمل الهادف، ويذكر نصيحته للمطرب محمد عبد الوهاب في التأكيد على العمل مع القول، فيكابر عبد الوهاب، ويظل يردد في أن الكلمة المغناة رسالة يتعبد الله بها، فيرد عليه مصطفى محمود – وهو الذي أنشأ مسجداً باسمه وثلاثة مراكز طبية يعالج فها ذوي الدخل المحدود مع ما تركه من محاضرات وكتب- قال له بماذا تقابل ربك بكلام " بلاش تبوسني في عنيّا، أم الدنيا سيجارة وكاس، طيب وبعدين.. الذي شد انتباهي في المحاورة ذهاب مصطفى رحمه الله للاستشهاد بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً، يصلح لكم أعمالكم"
لم يدر في خلدي هذا الربط العجيب بين القول السديد وإصلاح العمل
وكأنني أقرأها لأول مرة: القول السديد منا، أو بتعبير المقدمات والنتائج، علينا تسديد القول وعلى الله اصلاح العمل، وتساءلت لماذا كثير من أعمالنا على صعيد الإدارة معطلة، التخطيط معطل، فهو قاصر عن إصدار خطط وانتاجها، وإذا رأت الخطط الاستراتيجية النور فلن يكون حظها من التنفيذ إلا كحظ لاقط الحب في يوم عاصف. وإذا تم التنفيذ جاء من يحول بيننا وبين التقويم الشفاف النزيه والمستمر.
مشروعات كبرى نعلن عنها ثم تموت فجأة قبل أن تبلغ الحلم، وخطط وترجمات وتقارير تئط من ثقلها الأرفف والأرشيفات
خضرة في الصحاري نتصورها في مخيلاتنا الإدارية، ونعد الناس بها فلا يراها الناس، وأمجاد ندعيها لا يرى منها العالم المشغول بالتنافسات والمقايسات المرجعية شيئا
أدركت الليلة بعد سماعي لهذه الآية وهذا الربط أنه عندما يغيب القول السديد من مضامين حديثنا الفردي وخطابنا الجمعي، فلا شك أننا لا نرى إلا فساد العمل في مراحله الخمس بدءً بالتخطيط وانتهاءً بالتقويم.
منا من يدعي معرفة أكبر من حجومنا فتسند إليه مهام وواجبات ومشاريع استناداً إلى ما بيناه في سيرنا الذاتية من خبرات ومهارات، وعند تمحيصنا بالتجربة تظهر خيبة أمل الجهات الموظفة فينا. هل من القول السديد التبجح وادعاء المعرفة والمهارة دون أن يكون لها رصيد من واقع حياتنا.
هذا على صعيد نظم الإدارة، أما على صعيد نظم التعليم؛ دلوني على نظام تعليم عربي لا يدعى لنفسه التميز في إعداد الأجيال ومع ذلك تغيب كفايات الأجيال وجداراتهم المعرفية كلها من التصنيفات العالمية المتميزة، وتغيب كلها بلا استثناء من قوائم المبتكرين، حيث نسبة الابتكارات بين خريجي نظمنا التعليمية متدنية.
القول السديد في الإدارة والتعليم عندي: هو القول الصادق الذي تتجلى فيه روعة المعرفة ونضارة الحكمة، وهمة المتحدث وعزمه على التغيير، ثم قدرته على المتابعة وقبوله لتحديات الاستجابة للتغذية الراجعة والتزامه بحقوق المستفيدين من خطابه.
من الذي بدا المأساة في إداراتنا أو تعليمنا حتى غابت قيم الصدق عنهما، وغاب الخطاب السديد. ثم حصدنا ما لم نكن نرجو
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
5-11-2015 / 17:55:27 هيثم نداف
مقال اروع من رائع
ما شاء الله
ابدعت كعادتك
والله هناك صدع بين ما يسمى بالتخطيط والتنفيذ على الواقع
للاسف
لاقول سديد
ولا تقوى
ولا صلاح بالفعل
تيار شد عكسي
وعجز مذيل بكسل
فمن اين لنا صلاح الفعل؟
5-11-2015 / 17:55:27 هيثم نداف