البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

عيد الشهداء نموذج لتشويه تاريخ تونس

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9013


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يتحرك بقايا فرنسا باحتقار تجاه التونسيين يماثل ماتقوم به فرنسا تجاهنا، إذ تنظر الأخيرة بتعالي للعرب المسلمين بل وتعتبر أوروبا مركز العالم، وكذلك فعل بورقيبة وزمرته المتحكمون في تونس منذ عقود، مع التونسيين.

أختزل بورقيبة والمتحلقون حوله، تونس في العاصمة وبالتحديد من يسمون بالبلدية، أما باقي تونس فهم بزعمهم خلقوا لكي يخدموهم ويوفروا لهم المواد الأولية.

هذا الموقف تم تنزيله واقعا من خلال اعتبار لهجة العاصمة اللهجة الرسمية في أدوات التثقيف والإعلام، حيث كان ولازال يتم تصوير المتكلم بلهجة العاصمة رمزا للتحضر، بالمقابل يتم تصوير المتكلم بلهجات المناطق الداخلية كرمز للتخلف، الأول يقدمه الاعلام كفرد سوي صاحب منصب حاكم، والثاني ساذج محكوم.

مواصلة لمنهج التعالي الذي يحمله بقايا فرنسا نحو التونسيين، تم تحريف تاريخ التصدي لفرنسا، فتم إخفاء عمليات المقاومة المسلحة التي اندلعت منذ دخول فرنسا لتونس من الحدود الغربية، مرورا بمقاومة أرياف الساحل وصفاقس، ثم قبائل الجنوب، ثم اخفاء كل ذلك.

ولكن تنامي أعمال المقاومة المسلحة من أبناء الجنوب والوسط الغربي لفرنسا خاصة في الخمسينات، بلغ درجة أرغمت فرنسا على الهزائم بجهة قفصة وبوزيد والقصرين وسليانة، ولم يعد ممكنا اخفاء مقاومة المناطق الداخلية و دورهم المحوري في تركيع فرنسا، كل ذلك ألجأ بورقيبة وجماعته للقيام بمناورة للتقليل من تلك المجهودات المقاومة، فكان أن قام الإعلام ووسائل التثقيف التي يتحكمون فيها بتشويه تلك الاعمال البطولية، فاطلقوا على الصناديد لقب الفلاقة، اي قطاع الطرق، كعملية مقصودة تهدف للتقليل من إنجازاتهم وتسفيه وتمييع صورة المجاهدين لدى التونسيين، لكي يتم تبرير الالتفاف على منجزات المقاومة المسلحة.

حين خرحت فرنسا وتم استحداث المناسبات الوطنية، وقع سن مناسبة تسمى عيد الشهداء، وهو يؤرخ لخروج بعض سكان العاصمة حرضهم مقربون من بورقيبة، لكن علي بلهوان او المنجي سليم لم تكن تحريضاتهم وتحركاتهم تجاوز سقف المطالبة ببرلمان تونسي، اي ان أقصى هدف لهم لم يكن خروج فرنسا، كانت تحركاتهم تنشد ما يشبه الحكم الذاتي التابع لفرنسا، كما أن الذين سقطوا قتلى في أحداث 9 أفريل بالعاصمة لم يكونوا ينوون التصدي لفرنسا ولا محاربتها ولكن موتهم اقرب مايكون للتغرير بهم من طرف جماعة بورقيبة، واستعمالهم لتحقيق مطالب سياسية قاصرة.

إذن فتتويج تحرك عفوي ذي سقف منخفض كذروة مقاومة التونسيين لفرنسا وتوسيمه بعيد للشهداء، تقليل من أعمال المقاومة التي تعد بالعشرات إن لم تكن بالمئات التي خاضها أبائنا بمختلف مناطق تونس طيلة عقود، ثم هو عمل تحريفي مضلل يهدف للتقليل من إنجازات المناطق الداخلية، واحتكار الشهادة والمقاومة لسكان العاصمة وبالتحديد للمقربين من بورقيبة، أي أننا إزاء مواصلة تعالي واحتكار الريادة من طرف بقايا فرنسا، ولما كانت هذه المعاني فاسدة وخاطئة، فإن القبول بهذا العيد بشكله الحالي مساهمة منا في قبول تحريف التاريخ وتسلط زمرة بورقيبة علينا.

إذا كان يصح التأريخ والاحتفاء بالشهداء في تاريخ مقاومة التونسيين لفرنسا طيلة عقود احتلالها لنا، فإن تاريخ تونس يعج بعشرات العمليات البطولية، كلها أكثر جدارة تمثيلية من أحداث 9 أفريل، وذلك لاعتبارات ثلاثة:

أولا، من حيث عدد الشهداء، فإن تاريخ تونس توجد به عشرات المواجهات مع فرنسا قام بها ابناء تونس انطلاقا من جبال ورغة في القرن التاسع عشر إبان دخول فرنسا لتونس، وصولا لمواجهات الصناديد بالجبال في الخمسينات، وكلها ملاحم سقطت فيها اعداد من الشهداء اكبر من تلك التي كانت بحادثة 9 افريل.

ثانيا، من حيث سقف المطالب، فإن أحاث 9 افريل لاترتقي لأن تكون جديرة بتمثيل مواجهات التونسيين مع فرنسا، فالذين يخرجون بمطلب البقاء تحت فرنسا هم مجرد إمعات يقبلون بالاحتلال في النهاية، تاج الشهادة يجب أن يعطى لمن كانوا يرفضون أساسا الوجود الفرنسي كله، وليس الذين يطالبون بالبقاء تحت الحكم الفرنسي.

ثالثا، فإن الذين خرجوا لمواجهة فرنسا عن قصد هم الجديرون بحمل لقب شهداء، وهم عموم من حمل السلاح وخرج للجبال، وليس من مات عرضا عن غير قصد، حيث جماعة 9 أفريل خرجوا في مظاهرات للمطالبة ببرلمان تحت الحكم الفرنسي، ولكن السلطات الفرنسية فاجئتهم بإطلاق النار.

لكل هذه الإعتبارات ، فإن عيد الشهداء لا يجب ان تمثله احداث 9 أفريل، بل يجب ان يعاد النظر فيه، ويخرج من التصور التحريفي الحالي الذي يعكس موقف عنصرية بقايا فرنسا وتعاليهم على بقية التونسيين.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، بقايا فرنسا، عيد الشهداء،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-04-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  حول حكاية رصّ الصفوف: هل أن السيسي وسليم عمامو وهيئة بن عاشور كانوا يرصون الصفوف
  إصلاح النفس لا يكفي
  "العقل" التنفيذي مقابل العقل المفكر
  على الشباب أن يؤسس لفعل سياسي جديد بمعزل عن التنظيمات الحالية
  خطر قنوات "MBC" والإستفاقة المتأخرة
  اجعلوا أحزانكم على "أبي إبراهيم"، مولّدة للطاقة
  مصطلح "نخب الاستقلال"، ليس بأجدر ولا أفضل من مصطلح "منتسبي فرنسا"
  الواقع يغيّره صاحب القوة وليس صاحب الحق والمبدأ : أخلاق القوة (*) هي التي تغير الواقع
  المسلّمات التي تنتج طمأنينة زائفة: لا يمكن تغيير واقعنا مع الإبقاء على الأصنام وزوايا النظر النمطية
  نماذج للخلط في تناولاتنا: فرنسا، غض البصر، تعدد الزوجات ...
  التونسي لايفعل ولايغيّر، ليس لأنه عاجز وإنما لأنه لايعرف ماذا يفعل
  ثقافة الدجاج والتّدجين
  هل حان الوقت لأن تحلّ التنظيمات الإسلامية نفسها
  الفعل السياسي الحالي لاقيمة له، لأنه لن يتجاوز سقفا حدده مدير السجن الذي يحكمنا منذ عقود
  يجب أن تكون قادرا على تجاهل الحدث، وذلك شرط حرية الموقف
  التونسيون وهواية العبث: نموذج دعوات المشاركة والمقاطعة في الإنتخابات
  يا جماعة يهديكم الله، حكاية سب أم المؤمنين وعراك الصحابة، هذا تاريخ وليس عقيدة
  علينا أن نحزن لوجود هؤلاء بيننا
  لماذا تفشل دعوات المقاطعة للسلع الغربية أو دعوات التصدي للإنقلاب: الدعوة المباشرة للفعل تضعف احتمال نجاحه
  لماذا لا يفرح البعض منا لأفعال المقاومة اللبنانية ولا يحزنون لخسائرها
  المدوّنون الإسلاميون و وَضْعيّة الكلب
  على هامش تفجيرات لبنان: الجهل والمعرفة بالأحداث هل هي ذات قيمة
  هل لدى التونسي مشكلة في قدرات ........
  الحركات الإسلامية وحتمية السجن أو الأدوار الوظيفية: تونس، الجزائر، المغرب، الأردن ...
  البودكاستات العربية ذات مظهر جذاب، لكنها عقيمة المحتوى وتكرس واقعا فاسدا
  المنصّات الإعلامية الجديدة، هل تخرج من المواضيع العقيمة: الإلحاد، دخول الغربيين الإسلام...
  لماذا تبحثون في حياة السّلف الأوائل، وهؤلاء القدوات بيننا
  مالذي يجمع بين مشاهدة الألعاب القتالية والرقص والجنس
  ضعف قدرات التجريد لدى "النخب"، هو الوجه الآخر لمشاكلنا
  "نخب" الجمود الذهني، وفلسفة ذلك ماوجدنا عليه آباءنا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أنس الشابي، د - شاكر الحوكي ، سلام الشماع، د. عادل محمد عايش الأسطل، إياد محمود حسين ، فوزي مسعود ، طارق خفاجي، مراد قميزة، أشرف إبراهيم حجاج، د. عبد الآله المالكي، محمد العيادي، المولدي الفرجاني، الناصر الرقيق، محمد يحي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد عمر غرس الله، عبد الله الفقير، أبو سمية، وائل بنجدو، محمد الطرابلسي، د- محمد رحال، أ.د. مصطفى رجب، فتحـي قاره بيبـان، حسن الطرابلسي، خبَّاب بن مروان الحمد، عمر غازي، عبد الغني مزوز، محمود فاروق سيد شعبان، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد ملحم، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، د - الضاوي خوالدية، عبد العزيز كحيل، أحمد بن عبد المحسن العساف ، خالد الجاف ، د- هاني ابوالفتوح، سعود السبعاني، محمد علي العقربي، كريم السليتي، صلاح المختار، أحمد النعيمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صباح الموسوي ، سفيان عبد الكافي، د- جابر قميحة، حميدة الطيلوش، فتحي الزغل، أحمد الحباسي، سامح لطف الله، د. مصطفى يوسف اللداوي، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، فتحي العابد، العادل السمعلي، محمود سلطان، صالح النعامي ، مصطفي زهران، صفاء العراقي، كريم فارق، طلال قسومي، يحيي البوليني، د- محمود علي عريقات، محمد الياسين، ماهر عدنان قنديل، رمضان حينوني، رافع القارصي، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفى منيغ، ياسين أحمد، محمد أحمد عزوز، إسراء أبو رمان، د - صالح المازقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، منجي باكير، المولدي اليوسفي، عزيز العرباوي، سلوى المغربي، د - عادل رضا، يزيد بن الحسين، مجدى داود، نادية سعد، رضا الدبّابي، عمار غيلوفي، إيمى الأشقر، د. أحمد محمد سليمان، جاسم الرصيف، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حاتم الصولي، د - محمد بنيعيش، فهمي شراب، علي الكاش، الهيثم زعفان، صلاح الحريري، بيلسان قيصر، د. أحمد بشير، د - مصطفى فهمي، عواطف منصور، عبد الله زيدان، ضحى عبد الرحمن، د. صلاح عودة الله ، سيد السباعي، علي عبد العال، محمد شمام ، د - المنجي الكعبي، د. خالد الطراولي ، رافد العزاوي، د - محمد بن موسى الشريف ، رحاب اسعد بيوض التميمي، عراق المطيري، محرر "بوابتي"، محمود طرشوبي، تونسي، صفاء العربي، عبد الرزاق قيراط ، الهادي المثلوثي، سامر أبو رمان ، د. طارق عبد الحليم، أحمد بوادي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة