د.محمد حاج بكري - تركيا / سورية
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4325
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ان الوضع السياسي لأي دولة يتباين بين حالتين اثنين فإما ان تكون دولة قوية لها وجودها وحضورها ومركزها وثقل كبير تتمتع به بين ما يماثلها من الدول فتكون صاحبة قرار ونفوذ على المستوى الدولي والاقليمي واما تكون دولة ضعيفة وتابعة تتفيئ بظل غيرها وتحتمي به باعتباره اكثر منها قوة ونفوذا الا ان هذا التصنيف قابل للتغيير والتبديل لان الزمان والظروف تختلف من فترة الى اخرى فقد يصبح القوي ضعيفا والضعيف قويا وهذه ارادة الله في حياتنا فإن الباطل كان زهوقا وان النصر دوما للحق والصلاح قد يطول عمر الباطل لكن الحق دائما صاحب الكلمة النهائية لذلك على كل ذو عقل وبصيرة ان يتدبر بتفكير صائب ويتعظ وخاصة ما يجول في عالمنا هذا من تقلبات في الاحوال لنستفيد منها كدروس وعبر وان لاينخدع من ينساق وراء المظاهر التي ربما تكون نتيجة ظرف معين او لمدة زمنية او عبارة عن بالون هواء سرعان ما يتلاشى عند اول حادث اصطدام
ان الذي دفعني لكتابة هذه المقدمة هو الاطلاع على تصرفات وتصريحات وممارسات اعضاء الائتلاف الوطني للثورة السورية والهالة الكاذبة التي يحيطون انفسهم بها فمن خلال متابعة نشرات الاخبار والمحطات الفضائية التي يملأون شاشاتها وجولاتهم المكوكية التي تأخذهم الى العواصم الاوروبية من باريس الى واشنطن الى لندن يكاد المرء ان يفقد ادراكه وفهمه لوهلة فيظن صدق الانباء والاحاديث التي يتداولون بها ويقتنع ولو جزئيا ان لهؤلاء وزن او شأنا سياسيا يحسب له الف حساب او يؤخذ بعين الاعتبار عندما تصنع الدول الكبرى مواقفها واتجاهاتها السياسية والحقيقة التي لا يخطأها كل من ابتعد عن القشور والاطار الاعلامي المزركش وجيش المصفقين المدفوع ثمنه مقدما لهؤلاء الاعضاء والطبقات السياسية المحيطة بهم انهم لا يملكون من امرهم شيئ فلا بيدهم اعلان حرب او عقد اتفاق او حتى اتخاذ قرار صائب في بلادهم او حتى الهاء الشعب بمشاريع لا تسمن ولا تغني من جوع علاوة على فضائيتهم في فراغ لا جاذبية له في عواصم هذه الدول سواء كانت تافهة او ذات قيمة وهذا الانحدار الغريب من نوعه يعود لسبب عدم انتماء معظمهم لهذا الشعب وليسوا اصحاب قضية او ثورة انما عبارة عن مجموعة كبيرة تقاذفتها جنسياتهم الاوروبية المتعددة والمتنوعة وابتلى بها الشعب السوري وكلاء حقيقيون لمعظم دول العالم وهذه هي الحقيقة وليست فهما شاذا للواقع بل هي الوصف الواقعي للواقع السياسي لهؤلاء الاعضاء لكن من دورة الزمان ان فقد معظم الناس المقاييس والادوات اللازمة لتشخيص الواقع بل ان البعض منهم اصبح يرى الاستكانة والانبطاح للعدو قوة وسياسة ويرى في التخاذل تكتيكا ومرحلية ويرى في التبعية شريكا ومخلصا ويرى التعامل معه وتلقف مشاريعه مسايرة للتغيرات الدولية او التقاء مصالح وقائمة المبررات هذه تستعصي عن الحصر وهي في ازدياد واضطراد
لكن العاقل والمبصر لا يمكن ان يخطئ الحق والحقيقة فمهما قيل في السير في مشاريع هؤلاء الاعضاء لا يمكن ان يصف المرء هذا السلوك سوى بالتبعية ومهما قيل عن الانبطاح و الاستجداء لهذه القوى فلا يمكن ان يوصف هذا الفعل سوى بالعبودية ومهما قيل عن السماح لمصادرة قرارات الثورة السورية فلا يمكن ان يوصف هذا الفعل سوى بفقدان السيادة والقرار ومهما قيل عن حكومة انشأتها المصالح وانشأت اجهزتها ودربت عناصرها وانفقت عليها الملايين فلا يمكن ان توصف هذه الحكومة سوى بأنها صنيعة ومهما قيل عن الخضوع لشروط البنك والصندوق الدوليين التي يعد لها لمستقبل سوريا الاقتصادي فلا يمكن وصف هذا الفعل سوى بيع البلاد في سوق النخاسة بجعلها رهينة هؤلاء الجزارين ومهما قيل عن اتخاذ عواصم العالم قبلة لهم فلا يمكن ان يوصف هذا الفعل سوى بفقدان الارادة والسيادة ومهما قيل عن التفريط في الثورة وتمليك الغير قرارها فلا يمكن ان يوصف هذا الفعل سوى بالخيانة ومهما قيل عن من تحاور واستقبال من شارك في قتل شعبنا ويعيش مع هذا النظام فلا يمكن ان يوصف هذا الفعل سوى بالانهزامية وغير ذلك الكثير فما الذي الجأ هذا الائتلاف والطبقات السياسية المحيطة به الى اللجوء الى هذه التبريرات والشعارات الكاذبة هل هو الخوف من الاعتراف انهم يعيشون مرحلة الهزيمة ؟ ام هو الخوف من متطلبات الخروج من هذه المرحلة ؟ ام الخوف من الشعب الذي سيحاسب على كل كبيرة وصغيرة ؟ ام هو الاستعلاء السياسي الذي اوهم هؤلاء بان تبعيتهم وانخراطهم في المخططات الغير سورية عمل سياسي حقيقي ؟ فظنوا انهم بحق قادة وسياسيون وزعماء سيزكرهم التاريخ
ان ممن يعد اشد خطورة من الظروف السيئة التي نعيشها في هذا الزمان هو فقداننا لمقاييس الحق والباطل والامانة والخيانة والصدق والكذب فاذا فقدت الامة هذه المقاييس كان من السهل خداعها وتضليلها والتلاعب بقضاياها
كما انه من الطبيعي على بلد عريق كسوريا تاريخه ممتد لقرون من الزمن ان يمر بمراحل ضعف وكبوات وخاصة في الظروف الحالية بل انه من مميزات هذه الثورة انها حافظت على صبغتها ولم تندثر ولم تفقد مبدأها برغم كل الظروف والعوامل التي احاطت بها وليس غريب على ثورة هذه حالها ان تتعلم من كبواتها ومايحل بها لتعقد العزم وتأخذ زمام امرها من جديد فتعود كما كانت سورية بامتياز ولكن المعيب في هذه الثورة ان تبقى ساكتة حتى اليوم على حكام يدعون الاستقلالية في اتخاذ القرار وهم كاذبون ويدعون الحرص على مصالح الشعب وهم به يتربصون ويزعمون السيادة والسلطان وهم عبيد واجراء يجادلون في الحق من بعد ما تبين لهم يستكبرون على كل داعي للتغيير وخلاص الوطن وهم من كرس في الوطن التبعية والذل فهل آن الاوان ان نعجل في دورة الزمان من جديد
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: