رمضان زكى معتوق - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4051
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يحكى ان احد ملوك الماضى البعيد، انه الملك السعيد ذو الرأى الرشيد فكان اميناً على رعاياه محافظاً على مملكته
وكان ذا جاه وسلطان ونفوذ يحيطه الخدم والحشم، اجتمعت كل سبل السعاده من حوله ومع ذلك كانت سعادته ناقصه لم تكتمل بعد لشعوره الدائم بالوحده فهو يفتقد ولى العهد حيث انه لم ينجب ابناءً بعد.
وهذا السبب كان كافيا ليورق ليله ويذهب سعادته ويؤجل فرحته ويعكر صفو مهجته كلما راح خياله بحنين للابناء وكلما شاهد احد رعاياه يسير بجوار ابنه دون عناء فيا له من شعور بالحنين والحرمان والجفاء، وخاصه انه يمنى النفس دائما بمن يحمل اسمه ويرث ملكه ويوصل نسله فيحقق حلمه وفجاءه ودون سابق انذار فهذا الامر لايحتاج من بشر قرار ولكنه الحليم الغفار يجعل من يشاء عقيمأ ويهب لمن يشاء دون انتظار فله فى شئون خلقه اسرار.
فتأتى المشيئه الالهيه والبشاره القدريه ويصل الى علمه ان جنينا يتحرك بين احشاء زوجته ملكة البلاد، فهو الخبر السعيد والنبأ الفريد فاليوم عيد لانه سينال ما يريد وسيأمد بعمر مديد انتظاراً لأمير جديد، فتعم الافراح وتاتى الليالى الملاح فالحفاوه فى استقبال الرعايا حتى الصباح فلا حزن بعد اليوم فى المملكه او نواح،
فالكل مستجاب الطلب بكل سعة صدر ورحب حيث المنايا والهدايا والعطايا والهبات للصغير والكبير والفقير والوزير. ويقترب المعاد انتظاراً للحدث السار ويستعد الجميع على عقب بالليل او النهار، وفى لحظه اجتماع الملك بالحاشيه تخترق جمعهم جاريه دون خوف منها او رهبه لانها بالبشاره المنتظره أتيه ،فتقول فى عجل مولاى ان الامير الصغير قد وصل وقبل ان تكمل اذا بالملك يهرول ناحيه مرقد الام والطفل ويحمله بين ذراعيه فى شغف وينظر اليه فى لهف،
وقبل ان يطلق العنان لما به من سرور وسعاده غامره فبدى من انطباع وجهه ان شيئاً ما قد لفت نظره فاحتار فى امره لما شاهده، فالكل يولدون بانف وعينين ولسان وشفتين واُذُتنين الا هذا الرضيع كان تنقصه احدى الاُذُنين فله اُذُن واحده، فلم تكتمل فرحته لما سيواجه هذا الصغير من سخريه فى الكبر فكيف يكون حاكما وهو محل استهزاء فانتابته حاله استهجان ففقد صوابه ولم يمتثل لاراده الله وفى لحظة غضب ودون تمهل اتخذ قراراً على عجل واصدر فرماناً مستبداً وأمر المنادى ينادى فى جميع النواحى بأن تقطع اُذُن كل طفل يولد اسوه بابن الملك ومن يخالف يعاقب او يُنفى الى المنفى، فامتثل الجميع للقرار بحرقه ونفذوا الامر على غير رغبه فقطعوا اذان الصغار
ومرت ليال طوال وتبدل الحال واصبح الامير المعاق ملكا لشعب معاق فكل الرعايا مقطوعه اذنهم فعيبوا خلقتهم وغيروا هيأتهم وتعودوا على ملامحهم الجديده حتى اتى من اقصى البلاد اليهم رجلُ غريب ولكنه صحيح الهيئه والخلقه وله اُذُنين فهو يختلف عنهم فعندما شاهدوه بالنبز واللمز والغمز ذموه وبالسخريه وصفوه فاجتمع حوله الصغار مهللين من صحة هيبته وحاصره الكبار منتقدين لجمال شكله وهو مكتمل الخلقه ونسوا تشويه اشكالهم وما توارثوه من اباءهم وكأنهم هم الاصحاء وهو العقيم هكذا نحن الان الصحيح بيننا عقيم لاننا اعتدنا العقم والصلاح هو الفساد لاننا توارثنا الفساد فانقذوا انفسكم قبل ان يتحول الى آفه قد لا نستطيع تغييرها فى المستقبل ....
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: