أنغام سمير محمد - فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3628
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لاحقاً للعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة؛ نشطت حملات المقاطعة للمنتج الإسرائيلي. تلك الحملات التي بدأت منذ وقت ليس بالقريب، داعية لمقاطعة المنتج الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، حيث شمل المشهد العديد من الحملات الموجهة للتجار تارة وللشعب تارة أخرى، كما وَجهت بعض الحملات المَطالب للحكومة بسن وفرض القوانين التي تمنع التاجر الفلسطيني من استيراد المنتج الإسرائيلي. وعند الحديث حول المنتج الإسرائيلي نحن نتكلم عنه بجميع أشكال السلع والخدمات، مقاطعة موجهة بشكل مباشر، مقاطعة تامة. هذه المقاطعة التي تعتبر من أهم أنواع النضال وأرقى أشكال الجهاد، التي لا يستطيع أي فرد كان أن يتحجج بعدم امتلاكه القدرة المادية كانت أم المعنوية للخوض بها، هذا الشكل من أشكال الكفاح الذي لا يحتاج سوى مزيج من الكرامة والوطنية والانتماء والوازع الداخلي القوي الذي يُقنع صاحبه بأهمية دوره وفعاليته في النضال الشعبي.
خلال العديد من السنوات ولاحقا للتقلبات السياسية في الساحة الفلسطينية الناتجة عن ممارسات العدو المتعددة من انتهاك لحقوق الإنسان الفلسطيني وسفك دمه وانتزاع حريته لاحظنا التذبذب في هذا النوع من الكفاح الشعبي حيث كانت تشتد تلك الحملات تارة محققة بعضاً من النجاح، لتتهافت تدريجياً معلنةً اقترابها من الانطفاء تارة أخرى، حتى يهب أصحاب المبادئ والقيم السامية بإعادة إحيائها من جديد، لتظهر كل مرة بقوة أكبر من سابقتها، حتى اشتدت هذه الحملات في وقتنا الحالي كنتاج للعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وما تبعه من أعداد رهيبة من الشهداء والجرحى والمعتقلين خلال فترة وجيزة عاشها الشعب الفلسطيني في القطاع وكأنها أعوام من القتل والدمار.
في هذا السياق جاء الإعداد لهذه الورقة لتوضيح دور المقاطعة الشاملة والمستديمة للمنتج الإسرائيلي كأحد أوجه النضال الشعبي التي يجب العمل على تعزيزها تأطيراً لمبدأ الوحدة الوطنية الذي يرفض من خلاله الشعب الفلسطيني أن يكونوا شركاءً للعدو في سفك الدماء وزهق الأرواح وتدمير المباني والمنشات.
من أين تبدأ عملية المقاطعة ؟
تعتبر المقاطعة عملية من السهل الممتنع تحقيقها إن لم تتضافر الجهود وتتحد القوى لإنجاحها. جميعنا على يقين بأن إسرائيل لم تحتل أرضنا فحسب، بل احتلت فكرنا وثقافتنا، حتى قيم الانتماء ومبادئ الوطنية باتت في خطر إن صح لي التعبير.
حول حملات المقاطعة يدعي البعض بأن المواطن لا دخل له بمثل هذه الحملات وأن التاجر هو المحور الرئيسي لإنجاح هذه العملية، حجتهم في ذلك بأن المستهلك يطلب ما تراه عينه في الأسواق والمتاجر فإن لم تتوافر السلعة لما أقبل على شرائها وبحث عن البديل المناسب لها، حجة قد تبدوا منطقية لأصحاب النفوس الضعيفة الذين لا يملكون القدرة على ضبط أنفسهم أمام شهواتهم وملذات الحياة. يرد عليهم فريق آخر بأن المواطن هو المحرك الرئيسي لحملات المقاطعة كأحد أشكال المقاومة الشعبية، حيث أن ذاك المنتج سيتعرض للتلف إذا قام المواطن الفلسطيني بعدم الالتفات له وتركه ملاذا للغبار على رفوف المتاجر وعربات الأسواق، ليكون ذاك درس للتاجر لألا يعيد استيراد منتج إسرائيلي الهوية. قد تبدوا هذه الحجة أكثر منطقية، ولكن؛ يشدد البعض على دور الحكومة في فرض وسن القوانين الضابطة لعملية الاستيراد.
من هنا تظهر التناقضات في الشارع الفلسطيني حول هذه القضية. ويبدوا لنا واضحاً جلياً أهمية الإجابة عن السؤال البرَاق، من أين نبدأ ؟
من ناحية علمية الطلب يخلق العرض، فزيادة الطلب يؤدي إلى زيادة العرض الناتج عن زيادة الاستيراد. إذا؛ هل يحق لنا أن نضع المواطن الفلسطيني على المحك واختبار انتمائه لأرضه وشعبه وقضيته وتحميله مسؤولية أي عقبة تعترض طريق المقاطعة؟ أم نوجه أصابع الاتهام للتجار متهميهم بالتطبيع مع إسرائيل؟ أم أن الحكومة في تخاذلها متواطئة مع العدو الصهيوني؟
تبدوا العملية من وجهة واقعية بأنها تكاملية تشاركية بين جميع الأطراف المذكورة على كل القيام بدوره بمصداقية يغمرها الشعور بالمسؤولية تجاه الأرض والوطن، تجاه الشهداء والجرحى، تجاه الأسرى والمعتقلين. كل من مكانه عليه القيام بدوره لنجاح العملية والنيل من الكيان الصهيوني.
معوقات المقاطعة
في هذا الصدد لا بد من التنويه على بعض المعوقات التي تواجه برامج المقاطعة والقائمين عليها، حيث أشار الموقع الرسمي ‘مقاطعة إسرائيل لتحقيق العدالة’ مؤخرا عن تعرض ناشطين ضد التطبيع في رام الله للمحاكمة من قبل القضاء الفلسطيني.
كما يعتبر تفضيل بعض المواطنين الفلسطينيين للمنتج الإسرائيلي بوصفهم السلع الإسرائيلية بأنها ‘أزكا’ على حد تعبيرهم من أهم وأبرز المعوقات التي قد تؤدي إلى إحباط عملية المقاطعة، وبالتالي تظهر أهمية العزف على الجانب النفسي للمواطن الفلسطيني لتبديل قناعته بأخرى جديدة تدفعه لترك المنتج الإسرائيلي واجبا وطنيا لابد من الامتثال له إكراما لشهداء فلسطين وجرحاها الذين أصابتهم رصاصات إسرائيلية ممولة بجزء كبير بأموال عربية فلسطينية.
على الرغم من الجودة العالية للعديد من المنتجات الفلسطينية قد يتعرض المنتج الفلسطيني للإهمال بسبب سياسات إدارية وتسويقية غير فعاله تضعف من القدرة التنافسية للمنتج وتضع المواطن الفلسطيني في خانة يأس من قدرته على استخدام المنتج الوطني كبديل مثالي.
الوقوف على هذه المعوقات ليس من شأنه إحباط برامج المقاطعة بل جاء في نظرة تأملية لتحديد الأثر السلبي لهذه المعوقات في كبح عجلة المقاطعة وتأخير تحقيق أهدافها السامية، الرامية لدفع الاقتصاد الإسرائيلي إلى حفه الهاوية والإطاحة به محاولة في وضع بعض المقترحات لتلافي أثرها السلبي وعلاجها قدر المستطاع.
• كيف تتم المقاطعة ؟
للتأكيد على أهمية المشاركة الجماهيرية في عملية المقاطعة وتوضيحاً لدور المفكرين والمثقفين والأدباء في دعم العملية، والتشديد على ممارسات الحكومة الرامية لدعم برامج المقاطعة، نستعرض معا بعض أشكال المقاطعة:
1- يقوم المواطن الفلسطيني بدوره في مقاطعة المنتج الإسرائيلي والعمل على دعوة من حوله للمقاطعة وتشجيعهم على ذلك بشتى الطرق المتاحة له.
2- يقوم التاجر الفلسطيني بدوره في وقف التعامل التجاري مع المصانع الإسرائيلية.
3- يعمل أصحاب المحال التجارية وبائعي الجملة والتجزئة على إفراغ محالهم التجارية من المنتج الإسرائيلي واستبداله بمنتج عربي الهوية.
4- تقوم الحكومة بدورها بسن القوانين المانعة للتبادل التجاري مع الاحتلال وأعوانه.
5- يلعب الإعلان المرئي والمكتوب بجميع أشكاله بنشر التوعية بأهمية المقاطعة ومدى تأثيرها سلباَ على الاقتصاد الإسرائيلي وإيجاباَ على القضية الفلسطينية.
كما يقتضي التنويه إلا أن مقاطعة الاحتلال لا تقتصر على المنتج الإسرائيلي المنشأ فحسب، بل يجب الانتباه لعدم شراء المنتجات الأخرى المستوردة من خلال أحدا شركات الاستيراد الإسرائيلية. فالهدف بتدمير الاقتصاد الإسرائيلي يمتد إلى أكثر من مقاطعة المنتج الإسرائيلي الهوية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: