فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5836
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لو نظرنا لتسميات الفرق الإسلامية لوجدنا أكثرها ضعفا تلك التي تتسمى بكنية "أهل السنة والجماعة"، فالشيعة تسمية موضوعية ارتضاها أصحابها لأنفسهم من حيث أنهم أشياع لعلي بن ابي طالب، وهي تسمية يطلقها أيضا خصومهم عليهم وهي قبل ذلك وبعده صفة صحيحة نسبيا.
"الخوارج" تسمية تحقيرية دعائية سياسية أطلقها الشيعة على طائفة لمعارضتهم علي، وأطلقها أيضا جماعة مروجي الواقع (الله ينصر من أصبح) على من تصدى للحكام سواء بني أمية أو بني العباس، علما أن فقهاء السلطان في ذلك الوقت كانوا من وزن ثقيل يحملون صفات الصحابة والتابعين، ارتضوا عطايا الحكام على نصرة الإسلام ومبادئه، ومن أهم وظائفهم المجازين عنها شرعنة الواقع ومحاربة خصوم السلطة، ومن إنجازاتهم نحتهم لمصطلح الخوارج وإلصاقه بمعارضي الحكام الظلمة تحقيرا وتصديا لهم
وبذلك يكون مصطلح الخوارج أول دعاية سياسية في العصر الإسلامي، ويكون مرتزقة الدين الذين نحتوه أول فقهاء سلطان بقطع النظر عما يقال عن علمهم وصحبتهم للنبي صلوات الله عليه أو تابعيتهم له.
والشيعة هاجموا معارضي علي هؤلاء ممن سموا بالخوارج، لأن من ضمن مبادئهم رفضهم فكرة تسلط فئة ووصايتها على المسلمين مثلما يدعو لذلك الشيعة والسنة وان اختلفوا في التفاصيل، فالشيعة يقولون بولاية أهل البيت ووصاية الأئمة المعصومين المزعومين، وبالطبع ستنحصر السلطة بيد فرع من قريش، والسنة وبالدقة فقهاء السلطان العاملون تحت إمرة الحكام يزعمون أن الخليفة يجب أن يكون قريشيا، وافتعلوا لذلك احاديثا نسبوها للنبي صلى الله عليه وسلم استنبتوها تدعيما للسلطة ضد المعارضين.
ولو اطلعتم على كتب الفقه ستجدون هذا الشرط لحد الآن، وعلى ما اعتقد فإن حتى أدبيات "حزب التحرير" تبقي على شرط الانتماء القريشي للخليفة، بل إن كبير تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق يزعم أنصاره انه قريشي ويضيفون ذلك للقبه فيقولون عنه عمر البغدادي القريشي.
ولم يستطع أي احد من المسلمين الفكاك من أسر خزعبلات الأحاديث الغير منطقية المنتجة في مخابر بني أمية وبني العباس.
وبهذا المعنى فان الخوارج هؤلاء وبرفضهم مبدأ أبدية تحكم فئة عرقية في المسلمين كانوا هم من فهم حقيقة الإسلام انه دين لاصنمية فيه، لايعطي للانتماء العرقي والقبلي أي شرف، وان المقياس فيه هو الأعمال وحدها.
هذه حقيقة تاريخية تحسب لصالح من يسمون تحقيرا خوارج، ولكنها لم تصل للناس إلا قليلا لان التاريخ والمتحكمين فيه كلهم ضدهم، فأشاعوا مايسيئهم دون سواه.
أما الجماعة التي تقول عن نفسها أنها "أهل السنة والجماعة"، فهذه قد جمعت في اسمها كل السوءات مما تفوقت به على الشيعة والخوارج مجتمعين.
فالقول عن نفسك انك حصريا أهل السنة والجماعة، هو ضمنيا إخراج غيرك من المسلمين من ذلك التصنيف، ولما كان هؤلاء يعتقدون انهم هم على الطريق الصحيح فذلك اليا يعني نفيا كاملا لباقي المسلمين.
هذا لا ينطبق على الشيعة والخوارج على الأقل في مستوي التسمية، لان تسمية الفرقتين الأخريين لم تتم ذاتيا ثم ليس فيها نفيا للغير
ثانيا، تسمية "أهل السنة والجماعة" مصادرة على المطلوب، لان موضوع التنازع هو مدى الالتزام بالإسلام، والقول لوحدك انك أنت الصحيح، مصادرة على المطلوب أي تحكم مسبق في نتيجة النزاع، وكل ماهو مصادرة فاسد منطقيا، ولذلك فان جماعة أهل السنة والجماعة هؤلاء فرقة مبينة على أساس لامعنى له منطقيا.
ثم إن هؤلاء ارتضوا لأنفسهم اسما نحتوه من انتمائهم للسنة، وكان الأولى أن يقولوا بإسم يعكس افتخارهم بانتمائهم للقرآن لأفضليته على السنة، ولكنهم إنما فعلوا ذلك لان السنة المزعومة كلام حق أريد به باطل، حيث كانت الأداة التي أمكنهم الدخول منها للتزيّد على الإسلام لشرعنة الانحرافات السياسية باسم الإسلام عن طريق العبث بالأحاديث وهو مالا يمكن فعله مع القرآن.
ثم كان أن استنبتوا أصلا آخر قالوا بأنه إجماع الأمة، ولذلك سموا أنفسهم بأهل السنة والجماعة، وهذه أيضا تسمىة فضفاضة لا معنى لها، وهي من الكلام الفاسد منطقيا.
لان الجماعة إما أن المقصود منها جماعة كل المسلمين، ولكن هذا لا يصح لوجود فرق أخرى تناوئهم، فهم إذن ليسوا جماعة المسلمين، فالتسمية خاطئة.
ولو افترضنا أن كل المسلمين كانوا في فترة ما متفقين، فان القول برأي الجماعة مصادرة على المطلوب في الزمن، إذ الإجماع إجماع في الزمن وليس إجماع أبدي خارج الزمن لأن مواضيع الإجماع خاضعة للزمن، ومادام الزمن متغير، فذلك يعني استحالة الاجماع لاستحالة توجد كل الناس ولاستحالة تحد موضوعاتهم، فثبت فساد القول بالإجماع
وعليه فقد ثبت أن مفهوم الجماعة مفهوم خاطئ أنتجته مخابر الدعاية لدى حكام بني أمية ثم بني العباس لتمرير عمليات الانقلاب على الإسلام منذ بواكيره، وهي العمليات التي تولى كبرها مرتزقة دين لازالوا يصورون على غير حقيقتهم لحد الآن.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: