يوسف عبد الله محمد حمد النيل - السودان
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3522
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الحمد لله خالق الأكوان، مكور الليل على النهار، ومكور النهار على الليل، آية للخلق وإعماراً واعتباراً، مبديء الخلق ثم معيده. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين الذي جاء بالهدي القويم المستقيم، الذي تركنا على المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك، وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين .
أما بعد، فهذه لمحات تنير الطريق وتثير الرفيق. فتجعله يمد العنق مشرئباً ويشحذ الذهن متلبباً مستهماً في إطراق طويل وتأمل أصيل عساه أن يروي بعض غليل. فقد طال ظمأه ورهف في طلب الري سمعه ورق حسه. فأضحى في انتباه تام حتى تكاد تحسبه – من همه – لا ينام. فالنهار في كد وجذب وحركة دءوبة غير محدودة، والليل فيه السراج مضيئة للبحث والتنقيب. فالشغف قد أسهره والتعب قد أنحله.
وهي لمحات خاطفات تدور حول شأن البحث فيه – عندنا – قليل بل – ربما – دخيل. أدخله البحث العلمي وسير الحياة الدراك. بعض الناس يتهيبه، وكثير يتجنبه وقليل منهم من يعشقه. فهم تجاهه متخير ومتحير.
متخير اختاره له ديدناِ فيه ينهج وبه يلهج، داعياً لنشره وغرسه بين أهله وعشيرته وبني جلدته بل والعالم أجمع. فهو- وقد درسه – يعلم أهميته ومستقبليته. وقبل ذلك يعلم أنه فتح من الله الفتاح العليم وهبة ونعمة يجب أن يحمد صاحبها فيعبد ولا يعصى .
ومتحير سماع تباع ولغير المنطق والعقل منصاع. فهو يحكم بما يسمع – من غير خبرة ولا دراية – ظلماً واعتداء في كل مجمع بأن الشأن خطير وفيه كل التدمير ولا فائدة منه ولا تعمير، أن ضره أكبر من نفعه. فهو يلهج بما لا ينهج ويهرف بما لا يعرف. ولئن سئل ما أفتى ولا أغنى ولا أقنى. إنه تابع شافع لا يعرف ما يهمه مما يذمه. فهو منبت لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع، ويحق عليه قول الشاعر :
وعاجز الرأي مضياع لفرصته*** حتى إذا فاته شيء عاتب القدرا
أما المتخير غير المتحير، فهو يسعى لرقي أمته وتأسيس سيادتها تأكيد ريادتها ويرنو بها إلى الأمام في عزة وشموخ نحو السؤدد. شعاره « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون». وهو يمضي في خطىً ثابتة صابراً محتسباً موقناً بأن النصر مع العسر، فما كان لعسر أن يغلب يسرين. فهو يسير ولسان حاله بل لسان مقاله يقول :» بالصبر والعزم والإصرار يتحقق الانتصار». ولا يصده غوغاء كثر ولا قلة مكابرة، صابر مصابر محتسب، فكم من فئة قليلة غلبت-بإذن الله- كثيرة، والله ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم .
والمتحير إمعة مع الناس إن أحسن الناس أحسن، وإن أساءوا – تبعاً لهم – أساء. فهو لا يعرف الطريق – خلا الناس – ولو بعد توهم .أما نقيضه المتخير، فهو مميز ينظر في الأمور بعقل وتدبر ومنها ينتقب – لأمته – ويختار ولا يحتار. وهو مع الناس في إحسانهم ومباين لهم في إساءتهم، ولا يكتفي بذلك، بل يختار ما يفيد وفيه يسعى يطور ويزيد. والله يفعل ما يريد .
ويقدم اختياره لقومه لمحات بينات واضحات جليات مبينات مبينات كي ينير عقولهم ويوسع آفاقهم ويزيل همومهم ويفتح لهم أبواباً كانت – من قبل – موصدة منذ أمد بعيد متراكب عليها الغبار الذي يجب أن يزال، فيزيح عنها الصدأ فيوشيها من بعد أن يجليها، فتصبح جاذبة للأنظار جالبة للأنصار محققة للرقي والازدهار والانتصار.
واللمحات كثيرة متعددة المشارب والمنابع والمصادر. فهي متعددة بتعدد ميادين الحياة، ومتجددة بتجدد فنونها وشئونها .
واللمحات تشمل فيما تشمل لمحات تومض فتضئ الطريق في علم طريف طارف. قد غشي الناس فيه غبش لقلة اهتمامٍ وإهمال إطلاع وغرض يراد وهوى متبع وصد مقصود وباب موصود .
وهذا العلم المشار إليه هو علم النواة وما يختص بها من طاقة ومعالجات وأفكار وقيم تضاهي ولا تضاهى.
ولمحات هذا العلم قد اختير لها أن تكون تحت عنوان : « آفاق نووية» .
- آفاق نووية بعون الله وتوفيقه – ستتوالى في حلقات تترى كل منها – بإذن الله – تأخذ بعنق الأخرى . وسوف تنطلق من الواضح الجلي إلى الواضح المغشي ثم الخفي في أسلوب بسيط يحاول إفهام من ليس له إلمام وتوسيع دائرة إدراك من له اهتمام وإنارة الطريق لكل حب مستهام.
------------- المصدر:
المهندس النووي يوسف عبد الله محمد حمد النيل وفوق كل ذي علم عليم
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: