الدفاع عن النقاب والحجاب لا يجب أن يعتمد على مبدأ الحرية في اللباس
فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6307
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يقوم بقايا فرنسا في موجة متجددة، بحملة على مظاهر التدين ممثلة هذه المرة في تتبع وزارة الداخلية للابسات النقاب.
ولئن تخفت الحملة هذه المرة تحت مزاعم أمنية، فإننا حينما ننظر إليها في إطار مسار متواصل منذ زمن سيئ الذكر مرورا ببن علي وحربهما على الحجاب، نعرف أن الأمر لا يخرج عن كونه إحدى محطات صراع بقايا فرنسا المتحكمين في مفاصل الدولة مع أنصار الهوية.
لكن ما يهم في هذه المسألة وما أريد تناوله، هو صيغة دفاع أنصار الهوية حينما يحاججون عن الحجاب والنقاب، إذ يقولون انه لا يجب منع الحجاب أو النقاب لأنه يدخل في باب حرية اللباس التي تبيحها القوانين الدولية وحقوق الإنسان الكونية.
هذا دفاع المنكسرين يؤدي لامحالة لتكريس الواقع، وتبريره وتأبيد طرح بقايا فرنسا. كيف ولماذا؟
أولا: القول بان الحجاب يدخل في باب حرية اللباس إقرار ضمني بحرية التعري مادمت تتبنى الخلفية الفكرية والعقدية التي تقول بحرية اللباس على إطلاقه، فيصبح دفاعك عن الحجاب والنقاب مؤد للإقرار بالفساد بل والترويج له.
إقرارك ودعوتك الضمنية للعري تتناقض مع دعوتك للحجاب والنقاب، فكلامك إما أن يكون من خلفية شرعية إسلامية، فهو ساعتها لا يجوز، إذ أنت تصبح داعيا للباطل عوض النهي عنه، وإما انه كلام لا يقصد به ذلك، فهو إذن كلام فاسد يناقض أوله آخره.
ثانيا: الاعتماد على مضمون دفاع يعتمد على خلفية فكرية لا تصدر من تلك التي أنتجت الحجاب والنقاب، أي اعتمادك على مفاهيم قيم الحقوق الكونية الغربية للدفاع عن الحجاب والنقاب، عوض الاعتماد على المنطلقات الاسلامية في الدفاع، إما أن يكون مقصودا أي عن وعي أو غير مقصود.
إن كان مقصودا، فهو يعكس إما إحساسا بعجز المنظومة الإسلامية في تبرير لبس الحجاب أو النقاب، فهو إذن دفاع مسكون بالهزيمة ابتداء، لا يمكن اعتماده في صراع ثقافي وعقدي بدرجة أولى، أو أن يكون مقصودا ولكن ينبع من غرض الإقناع بما يفهمه الخصم بتقريب التبريرات من خلال ما يعتمده هو أي المفاهيم الغربية لحقوق الإنسان، ولكن في هذه الحالة فإن الأمر ينتهي لإقرار بغلبة المنظومة الفكرية للخصم مادمت تستعملها كأداة تبرير ومحاججة، لأنه لا يفهم ماهو المرجح لعدم استعمال منظومتك أنت الإسلامية للتبرير، ولماذا لايكون هو من يتقرب للفهم.
وإن كان غير مقصود، فهو يعكس عجز مستعمل هذه التبريرات عن فهم طبيعة الصراع مع بقايا فرنسا أنه صراع عقدي بدرجة أولى يجب أن يخاض بعدم التسليم بهزيمة منظومة الإسلام في المجال الفكري والعقدي أمام المفاهيم الغربية، والمحاجج هو إذن قاصر فكريا عن استيعاب الصراع وطبيعته ويجب ان يبعد عن إدارة الصراع وبدرجة اولى تستبعد مفاهيمه ومنها الدفاع عن الحجاب و النقاب من خلال القول انه يدخل في باب الحقوق الشخصية.
وثبت إذن أن الدفاع عن الحجاب والنقاب يجب أن يعتمد على التبريرات الإسلامية فقط، ولا يجب أن ينظر لأي مبرر آخر، بل يجب بالتوازي إبطال مفهوم حرية اللباس على إطلاقها، بالتبيين أن مفهوم حرية اللباس مفهوم ذو صحة نسبية يجب أن لا يجاوز المجال الشخصي الضيق، وان جاوزه للمجال العام فإنه يجب صده وإيقافه واعتباره تعديا وخرقا للقوانين العامة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: