خيارات استنقاذ ثورتنا بعد عجز النهضة عن تحمل مسؤولية مواجهة الانقلابيين
فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7962
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد كتبت عديد المرات أن النهضة ورموزها لن تستطيع تحمل مسؤولية حماية الثورة بل إن مواقفها أقرب للتواطؤ المقصود مع الأعداء منه للمواجهة، والآن وقد أثبتت الأحداث صدق هذا القول والثورة المضادة تطوقنا من كل جنب وتكتسح المساحات وقيادة النهضة المستأمنة تواصل تراخيها وتواطئها، على أبناء الثورة أن يدرسوا الحلول البديلة لمواصلة ثورتهم والبحث لها عن مصادر قوة وقيادة بديلة
أولا فان عجز رموز النهضة هو لاعتبار موضوعي وذاتي، أما موضوعيا فان النهضة تستقي أدبياتها من منهج الإخوان الذي ينبني على فهم غريب في إدارة الصراع مع الخصوم يتمحور حول فلسفة تكثير الألم والهزيمة وخلاصته أن الهدف عندها خلال الصراع ليس النصر وإنما أن تبرز وتراكم لعب دور الضحية وتمعن التمتع بتلك الوضعية المنكسرة، وهي لن تمر لأي فعل وان كان دفاعا، ولذلك فان الإخوان طوال ما يقرب من قرن لم يراوحوا مكانهم ولم يكونوا إلا مجرد ضحايا، حتى بعد الثورة المصرية الأخيرة ورغم أن الشعب فوضهم ولما انقلب عليهم الجيش فانهم لم يفعلوا شيئا غير التباهي بان خصمهم قتل منهم المئات، بل إنهم عوض المواجهة الفاعلة ألجئوا أنفسهم للتعذيب الذاتي بان جمعوا بعضهم تحت لهيب الشمس في حر الصيف المتزامن مع شعر رمضان، انتظارا لنصر سماوي سيبعثه الله في شهر رمضان كذلك الذي وقع بمعركة بدر، هكذا تدير فلسفة الإخوان المعارك وهكذا تدير النهضة المعارك مع الثورة المضادة، وواضح أن مثل هذه المواقف عبثية يستغرب كيف للعقل ان يقبلها فضلا على ان ينخرط فيها الأتباع إلا ن يكونوا سذجا من شاكلة أتباع الأخوان والنهضة.
أما الاعتبار الثاني لتفسير عجز جماعة النهضة في مواجهة الثورة المضادة فهو اعتبار ذاتي ويتمثل في أن عموم من يتبوأ المسؤولية من جماعة النهضة كانوا قد تعرضوا لعمليات تنكيل بمعتقلات بن علي عملت على تدمير شخصياتهم ونفسياتهم، والمتوقع بل الواقع فعلا كما نرى من عمليات التدمير المنهجي تلك أن يخرج المعتقل منها منكسر الشخصية لا يقدر أن يتصرف كانسان سوي، بل انه يصبح كمن يرى كل شيء مقبولا وطبيعيا لان من اعتدي على شرفه واغتصبت زوجته واقنع نفسه ان ذلك امر طبيعي فلا يتوقع منه ان يعتبر أعمال الثورة المضادة امرأ يستحق التحرك، وهذا مايفسر حسب رأيي تخاذل جماعة النهضة وتهوينهم من كل شيء، وهم لن يتحركوا ولن يعتبروا أي شيء يستحق التحرك لأنهم انما ينظرون من منظارهم الذاتي ومن زاوية ما حل بهم شخصيا، ولذلك فهم لن يتحركوا ولن يعرفوا للتحرك معنى.
الآن ما هو البديل لاستنقاذ ثورتنا، هناك ثلاث احتمالات:
إما ان يتحرك رموز النهضة الشرفاء ممن لم يتعرضوا لعمليات تدمير نفسي منهجي في سجون بن علي، ويتبوؤوا مسؤولية الحركة، إما من خلال إقناع رموزها المتخاذلين بالتنحي أو بالانقلاب عليهم.
- الاحتمال الثاني في صورة عم وجود هذا الاختيار وهو الأرجح لترسخ التفكير الصنمي لدى جل أبناء النهضة الذي يجعل من المستبعد منهم التفكير بطريقة موضوعية توصلهم لما ذكرت، فالحل الثاني إذن هو انه على أبناء الثورة البحث عن قيادة للثورة من خارج النهضة تكون صارمة ولها وضوح منهجي وفكري وفعلي، واقترح شخصيا ومبدئيا عبد الرؤوف العيادي وقد تكون هناك أسماء أخرى.
- إذا فشل هذا الاختيار لسبب أو لآخر وتمادت الثورة المضادة وتكالبت علينا الأطراف الخارجية كفرنسا وبلدان الخليج مع بقايا بن علي واليسار داخليا واستهدفوا هويتنا من دين ولغة، فانه يجب علينا الدخول في مرحلة أخرى وهي الشدة مع هؤلاء، واقترح أن يتم ذلك من خلال تفويض أمر إدارة المعركة مع الثورة المضادة لفصيل مبدئي لايساوم ويكن كرها عقديا للغرب ولأتباعه داخليا، واقترح في هذا الباب تفويض أمر المواجهة لأبي عياض وقد تكون هناك مقترحات أخرى.
هذا ما عنّ لي من خواطر هذا المساء من بعد أن أظلمت الدنيا في وجهي بعد ما آل إليه حالنا: تنامي قوة الثورة المضادة حد قتل جنودنا عقابا لهم على رفضهم الانقلاب، وبالمقابل تواصل تراخي قيادة النهضة في إدارة المواجهة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: