خواطر حول الانقلاب العسكرى فى مصر 1
وليد العجمى - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
المشاهدات: 3925
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
منذ أول كتاب كنت قراته للدكتور مصطفى محمود وأنا فى الصف الأول الإعدادى , وهو كتاب :"وبدأ العد التنازلى" , وأنا لا أستبعد نظرية المؤامرة من حساباتى إطلاقا عندما أفكر فى أى أمر أو أى شأن , حيث قد تكلم فيه الدكتور مصطفى محمود طويلا عن كتاب :"أحجار على رقعة الشطرنج" لمؤلفه القائد السابق للاسطول الكندى حسبما أتذكر , والذى قد أثبت فيه أن الكثير من الأحداث التاريخية الكبرى فى العالم , لم تكن مصادفات وإنما مؤامرات دبرها الماسون حول العالم , وما كانت تلك الشخصيات التاريخية البارزة إلا مجرد : أحجار على رقعة الشطرنج .
عندما أنظر بنظرة أكثر عمقا إلى الزلزال السياسى الذى حدث فى مصر منذ يومين والذى اختلفت النخب على تسميته هل هو انقلاب أم لا , وذلك شأن كل شيئ فى حياتنا السياسية , كل يفسر الأمور بما يصادف هواه , عندما أنظر إلى ذلك الانقلاب الذى أصر على تسميته بالانقلاب مادمت صريحا مع نفسى ومع الناس , لا أستبعد نظرية المؤامرة , بل على العكس , أجد رائحة المؤامرة فائحة تزكم الأنوف , ولنستعرض معا بعض مظاهرها :
منذ شهور قام الفريق السيسى بدعوة العديد من الإعلاميين والفنانين لحضور تفتيش حرب فى الفرقة التاسعة بدهشور , وهو أمر بدا غريبا للغاية وقتها على الرغم من مروره مرور الكرام على العامة , فإنه من الغريب أن يُدعى مدنيون لحضور تفتيش حرب , ولا أعلم شيئا كهذا فى التاريخ المنظور للتدريب العسكرى فى القوات المسلحة , ولا أعلم أن المدنيين يدخلون إلى داخل القواعد العسكرية إلا فقط وحصريا لحضور احتفالات تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية , أو لأخذ دورات فى فروع التعليم ببعض الوحدات العسكرية التى تنشئ فروعا للتعليم بها , أو زوارا للجنود المجندين بتلك القواعد , أما أن يتم دعوة مدنيين لحضور تفتيش حرب فهذا هو الشيئ الغريب وغير المعهود . هذه واحدة .
أما الثانية , فإن الحاضرين خلوا تماما من أية شخصية محسوبة على التيار الإسلامى , وإنما كان كل الحاضرين تقريبا من المناوئين للتيار الإسلامى على كثرة عددهم , حتى أن أحدهم -الفنان عادل إمام- طالب الفريق السيسى صراحة بعمل انقلاب ! وهو ما أدى بالفريق السيسى لأن يقول : حلوا مشاكلكم عبر صناديق الانتخابات , لكن يبدو أن هناك أمر ما كان يتم إخفاؤه فى الصدور .
وأما الثالثة : فإن الدعوة لحضور تفتيش الحرب لم تكن فى إحدى الفرق التى على الجبهة , والتى عقيدتها القتالية ومهامها المحفوظة تتمحور حول قتال العدو الأول وهو إسرائيل , وهذا هو الذى كان يتماشى مع ما قاله الإعلاميون الذين حضروا اللقاء , وقالوا أنه تم بهدف الاطمئنان على حالة القوات المسلحة! فكان المنطقى الاطمئنان على القوات التى على الجبهة وليست التى يمكن استدعاؤها لعمل انقلاب عسكرى !
بصفتى من قوة الاحتياط بالقوات المسلحة , أى اننى أحد أفرادها وأحد لبنات ذلك البنيان , فإننى يؤسفنى كثيرا ما حدث , فإن الفريق السيسى يعرف جيدا خطورة وجود عداوة بين القوات المسلحة وبين قطاع عريض جدا من الجبهة الداخلية , وهو الأمر الذى كان فى غنى عنه , فلو لم يقم بعمل الانقلاب لما لامته القوى المعارضة , ولظل بمؤسسته العسكرية - الصحيح أنها مؤسستنا نحن الشعب المصرى- بعيدا عن الخصومات مع أية جهة أو أى اتجاه , والمشكلة الأكبر أن هذا القطاع هو التيار الإسلامى الذى لا غنى عن خدماته إذا ما قامت حرب مع الشرق أو مع الجنوب , حيث من خلال علمى بآليات عمل رجال الشئون المعنوية قبيل الحروب وأثنائها , أنهم ينتشرون بين القوات لدعوتهم للجهاد فى سبيل الله , ويتكلمون بنفس هذه اللغة مع الجبهة الداخلية أيضا , والتى إذا اهتزت معنوياتها , انتقل ذلك إلى القوات المحاربة .
من الناحية العسكرية البحتة هناك مؤامرة ولا شك , يعلم الله سبحانه مدى اتساع نطاقها ومن هم أفرادها المتورطين فيها , لكننى علمت أنه فور حدوث الانقلاب انطلقت الأفراح والليالى الملاح فى إسرائيل!
كم أشعر بالأسى وأنا أقارن بين ما نحن فيه وبين تصرف أحد القادة العظام ليس للقوات المسلحة المصرية فحسب , وإنما فى تاريخ العسكرية العالمية فى كل العصور , وهو الفريق / سعدالدين الشاذلى , والذى عندما ناوله الفريق فوزى ورقة من تحت المنضدة مكتوب فيها أمر بعمل انقلاب عسكرى على الرئيس السادات رحمه الله , رفض ذلك رفضا قاطعا , لأنه يعلم أن أثمن ما تفخر به العسكرية المصرية وهو الشرف العسكرى الذى يقسمون به أحيانا , لا يسمح بهذا الأمر .
وكم أشعر بالخوف من المستقبل بعد هذا الحدث الجلل , إذ باستقراء التاريخ , نعلم أن سلاح الجيش -أى جيش- له اتجاه واحد فقط , فإن تم توجيهه لأبناء الداخل , عجز هذا السلاح عن محاربة أو حتى ردع العدو فى الخارج , وها هو الجيش السورى الذى اعتاد توجيه سلاحه للداخل , لم يفلح حتى هذه اللحظة ولا يتوقع له أن يفلح فى أن يستعيد الجولان , وما لنا نذهب بعيد؟ ففى الحقبة الناصرية لنا درس وأى درس ؟
7-07-2013
|