السيد إبراهيم أحمد - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4494
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بينت أحداث الإساءات المتكررة والمتواصلة لشخص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مدى تناقضات الغرب وبلادته، وكراهيته للإسلام التي عبر عنها الرئيس الفرنسي نيكولاى ساركوزي بالقول إن : المبالغة في الكاريكاتير مطلوبة أكثر من المبالغة في الرقابة، وهو الذي منع تداول كتاب يتحدث عن حياته البائسة، كما مارس ضغوطاً لنزع ملصقات من محطات الميترو تتناوله شخصياً.
وواقع الأمر أن الرجل هنا يستخدم حقه كمواطن فرنسى فى الأساس لأن القانون الفرنسي يمنع التعرض للحياة الشخصية للأفراد، ولكن عندما يتعلق الأمر بالإسلام، يحول ذلك إلى (حرية التعبير) دون تفريق بين الحرية والعدوان.
وتأسيساً على مبدأ احترام الحرية الشخصية تراجعت النمسا عن عرض صور لقادة غربيين تناولهم رسامون بالنقد و التجريح، حيث استجابت اللجنة النمساوية المشرفة على أعمال الفنانين الأوروبيين، لطلب الحكومة النمسا، والداعي لإزالة جميع الملصقات التي وصفتها باللاأخلاقية، والتي تم توزيعها على الأماكن المخصصة للإعلانات في الشوارع الرئيسية والساحات العامة، وتضم صوراً فاضحة لبوش و ساركوزى، وقد شمل هذا الإجراء إزالة ثلاث لوحات مثيرة للجدل، وأثارت ما وصف في بعض وسائل الإعلام بحملة من الاستياء والاستنكار في مختلف الأوساط السياسية والحزبية والرأي العام،ليس في النمسا فحسب،بل وفي غالبية عواصم دول الاتحاد الأوروبي، من بينها لوحة تصور ثلاث نساء يحملون أقنعة تمثل ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية والرئيس الأميركي جورج بوش والرئيس الفرنسي، وهم في أوضاع جنسية مشبوهة ولم توصف تلك اللوحات بأنها تعبيرعن الحرية، وحقوق الإنسان، وعدم تقيد الفن بأي قيود أخلاقية بل أعتُبِرَذلك إسفافاً وانحطاطاً للفن،واختفى مضمون وجوهر حرية التعبير، ذلك المعنى والمفهوم المراوغ.
ولقد أثاررسم كاريكاتوري جاء على غلاف مجلة (نيويوركر) الأمريكية ضجة كبيرة في الولايات المتحدة، بعدما صوّر الرئيس الأمريكى باراك أوباما في زيّ إسلامي، بينما ظهرت زوجته على شكل إرهابية تحمل رشاشاً.
أما فى أسبانيا فقد أدانت المحكمة العليا كلاً من الرسامين جييرمو توريس ومانيل فونتدفي بتهمة (إهانة ولي العهد)، وأمرت بتغريمهما مبلغ 3000 يورو (4500 دولار) بعد أن نشرا رسوماً كارتونية بصحيفة (الجيفيزالساخرة)، ومصادرة جميع نسخ تلك الصحيفة، بدعوى أن القانون الجنائي الإسباني يحظر أي إهانات موجهة للعائلة المالكة في إسبانيا، كما أكدت المحكمة أنها اتخذت تلك الخطوة بعد تلقيها شكوى من مكتب المدعي العام للدولة وصف فيها تلك الرسوم بأنها : تشهيرية تستوجب العقاب.
كما تم سحب دمية من الأسواق تسخر من بابا الفاتيكان وتقول :الأب والابن و الرايخ الثالث، وفيما له اتصال بالبابا فقد اضطرت هيئة رسمية في أمريكا لسحب فيلم فيديو قصير كان يروج لتخفيف حدة الإزدحام المروري أثناء زيارة بابا الفاتيكان للعاصمة الأمريكية بعد اعتراضات من الكنيسة الكاثوليكية لوجود لقطات في الفيلم لدمية تمثل البابا اعتبرت مسيئة لكونه (شخصية مقدسة)!!
الغريب فى الغرب الحر العادل أنهم يثبتون القداسة لمن لاقداسة لهم من البشرلمجرد أنهم وضعوهم فوق كرسى دينى، ثم بكل حماقة وجهالة ينزعون القداسة ممن قدسه الله عز وجل بأن اصطفاه واختاره وجعله سيداً للبشر صلى الله عليه وسلم، بل أن بابا الفاتيكان المقدس لم يحترم مقدسات أهل دين آخرحين تطاول على المسلمين فى دينهم وربهم ورسولهم، فى محاضرته الشهيرة بألمانيا.
لقد أوهمونا أن حرية التعبير مقدسة مطلقة، ودوخونا فى الانتقال بين المربعين، مربع حرية التعبير و مربع الحرية الشخصية، والفرق بينهما واضح ؛ فرسم أى شخصية بشكل ساخر مهما كان منصبه أو مكانته هى حرية تعبير، وتصوير الإنسان على أى وضع دون إذن منه بنشر هو اعتداء على حرية شخصية.
يؤيد هذا منع القضاء الفرنسي مجلة “كلوزر” من بيع أو إعادة نشر صور دوقة كامبريدج التى التقطت لهابمنطقة بروفانس في جنوب فرنسا و تظهر فيها عارية الصدر، بدعوى انتهاك الحياة الخاصة لها.
يبارزوننا بنتهاك الحرية الشخصية حين يمس السخرية والتهكم بعض رؤسائهم وشخص البابا بينما يجمدوننا فى المربع الأول ( حرية التعبير) حين يمس الأمر شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعظم عند المسلمين من كل شخص عندهم مهما بلغ شأنه.
وتأتى شهادة الفيلسوف الفرنسي الشهير( ريجيس دوبريه) لتؤكد كل ما ذهبنا إليه والتى أدلى بها للمجلة الفرنسية الأسبوعية ’’ لونوفيل أوبسرفاتور’’ بأن حرية التعبير ليست مطلقة في أوروبا، فالمادة الحادية عشرة من شرعة حقوق الإنسان لعام 1789 ( عام الثورة الفرنسية ) تنص على أن: لكل مواطن الحق في التعبير عن آرائه بحرية، على ألا تتجاوز الحدود التي نص عليها القانون،ويضيف دوبريه بأن كافة المجتمعات دون استثناء لديها مقدساتها التي تحرم المس بها، وإذا كانت أوروبا رفعت القدسية عن الدين، إلا أنها صبغتها على أشياء أخرى مثل المحرقة اليهودية والطفولة والمساواة بين البشر، وهي تعتبر كل من ينتهكها بمثابة من يدنس المقدسات.
ولا يتبقى إلا النداء الأخير: أيها الغرب أفق.. فالإسلام الذى تحاربه ليس بعيداً عنك، فهو من زمن بعيد تدرسونه فى جامعاتكم، وأصبح الآن يشكل تجمعات كبيرة كجزر واسعة فى أراضيكم، بل أن جزءاً من شعوبكم صار مسلماً ويصير، فلا داعى لهذه السخافات التى سحبت من رصيد انبهارنا بكم الكثير، وتزرع العداوة والبغضاء، يامن تصدعون رؤوسنا بدعاوى المحبة والسلام، ومن أسف كنتم مصدر إرهابنا، فمن منا الإرهابى، والمراوغ.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: