البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"أرامل بن علي" في دور كلاب المزابل

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 10050


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لعل اكبر كارثة تركها بن علي للتونسيين هم جنده الذين مثلوا إبان تسلطه أدوات التدجين والتحكم الذهني، أولئك الذين كانوا متواجدين ولازالوا بوسائل التثقيف الجماعي كالتعليم والإعلام والثقافة.
هؤلاء الذين أصبحوا الآن يعيشون حالة فقدان توازن و رُهاب نفسي بعد غياب ولي نعمتهم فيما يمكن تشبيهه بحالة الأرملة، مثلوا عينات للطبقات المتعفنة الفاسدة التي لا تقتات إلا من الفساد والإفساد، هؤلاء كانوا يرون مناصرة الطغاة انتصارا لمصالحهم، وكذلك مضوا في هذه المواقف الانتهازية عبر تاريخ تونس، فعموم هذه الطبقات المترفة الفاسدة كانت بجانب المستعمر الفرنسي تسنده ضمنا ومباشرة حد التماهي معه والتشبع بثقافته وتبني لغته بل وحمل لوائها والترويج لها من دون اللغة العربية، كذلك كانوا ولازالوا، وهذه الطبقات الانتهازية وقفت مع سيئ الذكر ودعمت مشروعه التغريبي الإلحاقي بفرنسا، ثم فعلت نفس الشيء مع بن علي حينما تحالفوا معه ضد التونسيين.

ولما وقعت الثورة فإن أرامل بن علي هؤلاء ناصبوها العداء إشفاقا من أن تفتكّ منهم امتيازاتهم التي توارثوها منذ الاستعمار، وخوفا من أن يقع اقتلاع أسس النموذج المجتمعي الذي بنوه بالتوازي مع المجتمع التونسي وهو النموذج المجتمعي التغريبي الفرنسي حيث عششوا فيه كالطفيليات واحتموا به كلما أرادوا إطلاق حملاتهم ضد التونسيين وثقافتهم ودينهم.

ثم إن أرامل بن علي أخذوا على حين غرة إبان أحداث الثورة، مما جعل عمليات تصديهم لأحداثها تتخذ أحيانا كثيرة شكل السلوك الفوضوي الضارب على غير هدى، ولكنه لكثرته وتواتره يحدث لا محالة اضطرابا وتشويشا لدى التونسيين.
ولعل تيقن تلك الطفيليات أن تيار الثورة ماض في اقتلاعهم وفسخ نموذجهم المجتمعي ولو بعد حين، هو الذي جعلهم ييئسون من إمكانية النجاح في مساعيهم، مما ألجأهم لمجرد أفعال تؤشر على أنهم موجودون، فكان أن أصبحت تصرفاتهم عبارة عن سعي متواصل في مناسبات يقع من خلالها تأبيد حالة الفوضى وإشاعة مشاعر الإحباط من مآلات الثورة.
وهم لاتصال نقمتهم على الثورة وعلى رجالها وعلى التونسيين عموما، وخوفا على مصيرهم ومصالحهم، فإنهم يسرفون في استغلال كل حادث لاستدعائه إعلاميا حيث مركز القوة لديهم من دون أبناء الثورة، وجعله دليل إدانة ضد حكومة الثورة، وهم لذلك استغلوا الفياضات وزعموا أن الأضرار التي أحدثتها إنما هي بسبب تهاون السلط، وهم قد انتهزوا فرصة نزول الثلوج وحملوا حكومة الثورة أسباب الماسي الاجتماعية التي تركتها تلك الكوارث الطبيعية.

وحينما كفت الطبيعة عن معاضدة مساعيهم، حركوا عصابات الفاسدين ممن يماثلونهم موضوعيا ويلتقون معهم من جماعات اتحاد الشغل وبقايا التجمع وشراذم اليسار الفوضوي الانتهازي، فكان أن أحالوا الجهات لمسارح متميزة للفوضى، فقطعوا الطرقات وأحرقوا المقرات الأمنية والإدارية واطردوا المسؤولين.

على أن اتصال كيدهم ومكرهم لم يكد ينجز الشيء الكثير، إلا أن يكون نشوة كاذبة بالنصر يتقاسمها أرامل بن علي مع بقية الطفيليات في العالم الافتراضي أو حيث يتجمعون في البؤر المنتشرة بإحيائهم المترفة، وأما الواقع فانه ما انفك يسفه أمانيهم ويزيد من توترهم، توتر المجهد دوما الفاشل أبدا.

ولسبب ما فإن سعي هؤلاء المتواصل بين الأحداث لاستغلالها من دون جدوى بغرض تعطيل مسار الثورة، يذكرني بسعي الكلاب المشردة بين المزابل بغرض البحث من دون جدوى عن بقايا لحم في تلك الأكوام العفنة.

وأما آخر ما أسعف القدر به أرامل بن علي فهو حادثة غرق عشرات التونسيين في عرض البحر، فكان أن تحرك هؤلاء زاعمين التعاطف مع الغرقى وذويهم، ومحملين - على عادتهم - حكومة الثورة السبب في ذلك.
على أن هؤلاء لم يوضحوا لنا لماذا لم يتحركوا زمن حكومة "السبسي" حيث ابتلع البحر عددا أكبر من التونسيين، كما أن هؤلاء يحاولون إخفاء حقيقة أنهم هم أساسا سبب التفقير الذي لحق بالتونسيين ومنهم أولئك المهاجرين الغرقى، أوليس أعداء الثورة هؤلاء هم الذين طالما سرقوا أموال التونسيين، أوليس أعداء الثورة هؤلاء هم الذين طالما استغلوا العمال في مصانعهم، أوليس أعداء الثورة هؤلاء هم الذين لازالوا يستغلون التونسيين بطرق عفا عنها الزمن، حيث يستجلبون البنات الصغيرات من مناطق الشمال الغربي لاستغلالهن كعبيد بقصورهم في الأحياء المترفة ثم يأتون بعد ذلك للحديث عن حقوق المرأة، أوليس أعداء الثورة هؤلاء هم الذين يؤثثون العلب الليلية والنزل الفخمة ويعيش أبنائهم عيشة الترف والمجون، في حين لا يجد التونسي البسيط ما يسد رمقه.
أم إن الإعلام الذي بيدهم وشدة ضجيجه هو الذي يخفي حقيقة أعداء الثورة هؤلاء ويسمح لهم أن يبرزوا كأصحاب رأي، ويصورهم كحماة لانجازات الحداثة بتونس بزعمهم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، اليسار المتطرف، التجمعيون، حركة النهضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-09-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  حول حكاية رصّ الصفوف: هل أن السيسي وسليم عمامو وهيئة بن عاشور كانوا يرصون الصفوف
  إصلاح النفس لا يكفي
  "العقل" التنفيذي مقابل العقل المفكر
  على الشباب أن يؤسس لفعل سياسي جديد بمعزل عن التنظيمات الحالية
  خطر قنوات "MBC" والإستفاقة المتأخرة
  اجعلوا أحزانكم على "أبي إبراهيم"، مولّدة للطاقة
  مصطلح "نخب الاستقلال"، ليس بأجدر ولا أفضل من مصطلح "منتسبي فرنسا"
  الواقع يغيّره صاحب القوة وليس صاحب الحق والمبدأ : أخلاق القوة (*) هي التي تغير الواقع
  المسلّمات التي تنتج طمأنينة زائفة: لا يمكن تغيير واقعنا مع الإبقاء على الأصنام وزوايا النظر النمطية
  نماذج للخلط في تناولاتنا: فرنسا، غض البصر، تعدد الزوجات ...
  التونسي لايفعل ولايغيّر، ليس لأنه عاجز وإنما لأنه لايعرف ماذا يفعل
  ثقافة الدجاج والتّدجين
  هل حان الوقت لأن تحلّ التنظيمات الإسلامية نفسها
  الفعل السياسي الحالي لاقيمة له، لأنه لن يتجاوز سقفا حدده مدير السجن الذي يحكمنا منذ عقود
  يجب أن تكون قادرا على تجاهل الحدث، وذلك شرط حرية الموقف
  التونسيون وهواية العبث: نموذج دعوات المشاركة والمقاطعة في الإنتخابات
  يا جماعة يهديكم الله، حكاية سب أم المؤمنين وعراك الصحابة، هذا تاريخ وليس عقيدة
  علينا أن نحزن لوجود هؤلاء بيننا
  لماذا تفشل دعوات المقاطعة للسلع الغربية أو دعوات التصدي للإنقلاب: الدعوة المباشرة للفعل تضعف احتمال نجاحه
  لماذا لا يفرح البعض منا لأفعال المقاومة اللبنانية ولا يحزنون لخسائرها
  المدوّنون الإسلاميون و وَضْعيّة الكلب
  على هامش تفجيرات لبنان: الجهل والمعرفة بالأحداث هل هي ذات قيمة
  هل لدى التونسي مشكلة في قدرات ........
  الحركات الإسلامية وحتمية السجن أو الأدوار الوظيفية: تونس، الجزائر، المغرب، الأردن ...
  البودكاستات العربية ذات مظهر جذاب، لكنها عقيمة المحتوى وتكرس واقعا فاسدا
  المنصّات الإعلامية الجديدة، هل تخرج من المواضيع العقيمة: الإلحاد، دخول الغربيين الإسلام...
  لماذا تبحثون في حياة السّلف الأوائل، وهؤلاء القدوات بيننا
  مالذي يجمع بين مشاهدة الألعاب القتالية والرقص والجنس
  ضعف قدرات التجريد لدى "النخب"، هو الوجه الآخر لمشاكلنا
  "نخب" الجمود الذهني، وفلسفة ذلك ماوجدنا عليه آباءنا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رشيد السيد أحمد، د- جابر قميحة، جاسم الرصيف، فوزي مسعود ، أ.د. مصطفى رجب، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، ماهر عدنان قنديل، محمود طرشوبي، المولدي اليوسفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، محمد الياسين، محرر "بوابتي"، حاتم الصولي، حسن الطرابلسي، مصطفي زهران، د- هاني ابوالفتوح، محمد عمر غرس الله، يزيد بن الحسين، د - محمد بنيعيش، رمضان حينوني، ياسين أحمد، ضحى عبد الرحمن، د - الضاوي خوالدية، عواطف منصور، محمود فاروق سيد شعبان، صباح الموسوي ، إيمى الأشقر، د. عادل محمد عايش الأسطل، عراق المطيري، صفاء العراقي، صالح النعامي ، فتحي العابد، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد محمد سليمان، عبد الغني مزوز، محمود سلطان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رافد العزاوي، مراد قميزة، رضا الدبّابي، حميدة الطيلوش، كريم فارق، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. طارق عبد الحليم، د. صلاح عودة الله ، د. عبد الآله المالكي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - صالح المازقي، سعود السبعاني، محمد علي العقربي، كريم السليتي، سليمان أحمد أبو ستة، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، منجي باكير، أحمد بوادي، صلاح المختار، عمار غيلوفي، د - شاكر الحوكي ، سامر أبو رمان ، إياد محمود حسين ، أحمد الحباسي، محمد العيادي، طارق خفاجي، صفاء العربي، نادية سعد، عزيز العرباوي، عبد الله الفقير، د - مصطفى فهمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، العادل السمعلي، محمد شمام ، علي عبد العال، الهيثم زعفان، الناصر الرقيق، سلوى المغربي، صلاح الحريري، تونسي، حسن عثمان، مصطفى منيغ، د.محمد فتحي عبد العال، سفيان عبد الكافي، أبو سمية، د. ضرغام عبد الله الدباغ، المولدي الفرجاني، فتحي الزغل، فهمي شراب، عمر غازي، سلام الشماع، سيد السباعي، أنس الشابي، عبد الله زيدان، محمد يحي، د- محمد رحال، مجدى داود، علي الكاش، طلال قسومي، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، أحمد ملحم، إسراء أبو رمان، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الرزاق قيراط ، محمد الطرابلسي، سامح لطف الله، محمد أحمد عزوز، د. خالد الطراولي ، أحمد النعيمي، الهادي المثلوثي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد اسعد بيوض التميمي، د. أحمد بشير، خالد الجاف ، عبد العزيز كحيل، بيلسان قيصر، د - عادل رضا، فتحـي قاره بيبـان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة