علي بكساوي - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4511 Bexawi1@gmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا أدري كيف أتت تلك الجرأة لكاتب كبير بقيمة وقامة الأستاذ فهمي هويدي حتي رأينا بعضا من كتاباته في الآونة الأخيرة قد انطلقت مثل ما ينطلق من المدفعيات بعيدة المدى صُوّبت فوهاتها حيال حشد من الجماهير دفعهم حبهم وتقديرهم لرئيسهم أن يتجمعوا لاستقبال الرئيس بعد عودته مباشرة من رحلته المباركة التي زار فيها الصين وإيران وساءته الحفاوة التي حظي بها بعد كلمته الغير مسبوقة في المؤتمر المنعقد بطهران أمام ممثلي دول عدم الإنحياز والتي هزت أركان النظام الإيراني والسوري وحلفاءهم في العالم العربي وأطربت بحلاوتها كثيرا من الإسلاميين علي مستوي العالم بل وقد شهد لها واستشهد بها كل من سمعها شرقا وغربا، إلا إيران وسوريا.
لقد بدأ الرجل مقاله بالهجوم علي الرئيس بأن ما قام به ليس فتحا لعكا، ولا كمن فاز بذهبية في سباق دولي، كما عبر عن استيائه من تلك الدعوات التي نادت باستقبال الرئيس، بل اتهمهم بالتطرف والجهل، كما اعتبر هذه الحفاوة موقفا خاصا قام به بعض السلفيين نبع من موقفهم الثابت والمعادي للشيعة، وادعي أن من قام بتحية الرئيس عند منزله إنما هم من بعض جيرانه، واعتبر الكاتب الكبير أن الذين هللوا لعودته لم يختلفوا كثيرًا عن الذين لطموا الخدود وشقوا الجيوب من العلمانيين وأمثالهم يوم فوز الدكتور مرسي في انتخابات الرئاسة وتدشين مرحلة جديدة بدخول رمز إسلامي وعلم من أعلام الإخوان إلى القصر الجمهوري.
وقد بدا الأستاذ فهمي هويدي وكأنما هو من شق الجيوب ولطم الخدود بعد كلمة الدكتور مرسي حين اعتبر الكاتب الكبير أن زيارة الرئيس لإيران إنما أحيطت بملابسات مشبوهة أو ضغوطات عربية وإقليمية ودولية وكأنما يلمح إلى أن ما حدث هو إرضاء لدول مثل السعودية أو دول الخليج أو حتى أمريكا، واعتبر الكاتب أن زيارته لإيران لو نتج عنها – بحسب رأيه - تذويب الجليد بين البلدين الكبيرين لكانت خطوة مهمة في رحلة الألف ميل، وكأنما يشير إلى ضرورة التطبيع بين البلدين، وإنهاء القطيعة التي هي – في اعتبار الكاتب الكبير - صفحة عار يجب أن تطوى.
وأشد ما لفت انتباهي وأود أن أشارك القارئ معي فيه، هو أن الكاتب الكبير ربما لم يود الإلتفات، إما ناسيا أو متناسيا، إلي تلك الشائنة المدوية والتي ذكرتها كل صحف العالم ووسائل الإعلام باختلاف توجهاتها، حين تم – بلا خجل او تردد - تزوير ما ورد في كلمة الرئيس بالترجمة المحرفة تحريفا واضحا، باستبدال إسم سوريا بإسم البحرين كما حذفوا أسماء الخلفاء الراشدين من الخطاب الأصلي الذي تضمنهم جميعا، أبوبكر وعمر وعثمان وعليّ، رضي الله عنهم، كما وقد تعمّد المترجم استخدام مسمى (الصحوة الإسلامية) بدلاً من (الربيع العربي) التي جاءت في الخطاب وغيرها من الكلمات التي تم تحريفها بصورة قبيحة، وهذا الأمر – بحسب رأيي – لا يتم بهذه الجرأة إلا إذا كان ورائه أوامر صدرت من جهات عُليا،
ماذا لو حدث مثل هذا التزوير الفج في مصر لكلمة يلقيها رئيس إيراني في مؤتمر مماثل؟ هل تراه يسكت عنها أو يتناساها؟ لا أظن، وما أحسبه أنه ربما انبرى مهاجما وملقيا دروسا مستفيضة في كيفية التأدب مع الرؤساء وكيف تكون المرؤة والدبلوماسية وحقوق الإنسان وربما امتد الأمر للمطالبة باعتقال الذين من قام بذلك، وقد يطالب بإقالة وزير الإعلام، ولهاجم كل من يسكت عن ذلك، أو يوزع الإتهامات هنا وهناك اتهامات بالكذب علي رئيس دولة تارة وبالنفاق تارة أخرى.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فما زالت ذاكرتي تحضرني حين انبرى الكاتب الكبير فهمي هويدي وتوقع فشل الحكومة إذا ما قام بتشكيلها حزب الحرية والعدالة، بما تكفله لهم الأغلبية البرلمانية، بل وأطلق عليها “مغامرة حكومة الإخوان ” مع أنها ليست في الحقيقة حكومة الإخوان، بل حكومة تمثل الشعب. فضلا عما بدا واضحا وقوفه الداعم لبقاء المجلس العسكري حين عارض حق الإخوان الواضح في تشكيل الحكومة، ولكن قد تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن فقد أتى كل هذا بما هو أفضل حين قام الإخوان بترشيح علم من أعلامهم في انتخابات الرئاسة، وعادت ذاكرتي إلي الوراء، وهذه المرة بمقال للكاتب الكبير تحت عنوان “مصلحة الجماعة أم الوطن ” وذلك حين شارك الإخوان في الإنتخابات البرلمانية في 2010 والتي تم تزويرها بالكامل وكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر النظام والجذوة التي اشعلت نيران ثورة 25 يناير المباركة التي سيسطرها التاريخ بحروف من نور.
لكننا عندما نراجع مواقفه المعلنة لوجدنا أنها تصب في مصلحة تأييد حزب الله وآيات الله في إيران، بل وقد يصل به الأمر إلى أن يتهكم أويهاجم كل موقف من شأنه – وكما أثبتت الأيام – أنه قد يؤدي لتحقيق تقدم ما او قد يصب في مصلحة الإخوان المسلمين.
ومن وجهة نظري فيمكن اعتبار المرحلة الحالية بمثابة انكشاف شخصيات عديدة وتعرية الوجوه وأظنه لن ينتهي، وقد تم ذلك مع صحفيين أمثال مصطفي بكري وإبراهيم عيسى ومجدي الجلاد وغيرهم، وسياسيين أمثال أبو حامد وحمدين صباحي وغيرهم، ممن ظهر زيفهم، فمثلا وجدنا الدكتور العوا يترشح للرئاسة، ولم يسبق أن ظهرت له شعبية معتبرة حتى يتوقع أن يكون رئيسا، فقد ترشح في مواجهة اثنين من الإسلاميين مما يؤكد حرصه لتفتيت الصوت الإسلامي لاغيره، أو بعبارة أنقى نكاية في الإخوان المسلمين ردا على استباعدهم له من أمانة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عندما ظهر لهم تأييده للشيعة في مواجهة العلامة الدكتور القرضاوي.
وأخشى أن يجرني استيائي الشديد بما قرأته في مقال الأستاذ فهمي هويدي الذي سخر فيه من كلمة الدكتور مرسي إلى تصوير تلك السخرية على ضوء (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر)، وتحية إعزاز وتقدير للرئيس الدكتور محمد مرسي علي كلمته الحرة الجريئة أمام مؤتمر دول عدم الانحياز التي أفقدت "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟؟؟ " وأصدقائها في مصر صوابهم وأظهرت ما في قلوبهم.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: