المجلس التأسيسي بين الأمس و اليوم
من أجل استقلال طال انتظاره و حتى لا يعيد التاريخ نفسه
عادل النهيدي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8781
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
القطرة التي أفاضت الكأس ! صرخة محمد البوعزيزي رحمه الله و غفر له ذنبه كانت مؤلمة و مدوية في قلوب أهله و ذويه و قلوب كل التونسيين و كل العرب و المسلمين بل كل إنسان يعي معنى الكرامة و الحرية ...
قطرة أفاضت كأس الشعور بالظلم و القمع و الرعب و الذل و كل عبارات و معاني الإحساس بالقهر و قلة الحيلة تحت وطأة سياط دكتاتور و جلاد واحد تعددت أقنعته و أسلحته و مكائده عبر عقود من الزمن.
زمن استعمار دام أكثر من سبعة عقود و مقاومة شعب أرغم على قبول استقلال زائف هجين مسقط يخفي في طياته بذور استعمار جديد أخطر مليء بحقد و خيانة و غدر لا مثيل له عانت من ويلاته تونس ما يزيد عن نصف قرن .
الحصيلة إذا قرن و نيف من ظلام الظلم تتخلله ومضات خافتة من نور الحرية...هذه هي تونس زمن بطش الاستعمار و دكتاتورية الاستقلال .
ثم أطلت ثورة الياسمين كما يفضل العديد وصفها على غرابة و اعتباطية التسمية و التي لم تكن رغم كل المسميات عفوية أو تلقائية مثلما يصر العديد على نعتها هكذا حتى يخيّل للضمير الجمعي أنها محض صدفة تمثلت في رد فعل شخصي ثم فئوي محلي سرعان ما تطور إلى انتفاضة و انتهى إلى ثورة عفوية ...هكذا في معزل عن كل سياق تاريخي أو مرجعية إجتماعية أو سياسية ...
إن الثورة في تونس قديمة متجددة تجدد القمع و الظلم المرسل على شعب مستضعف مورست عليه كل صنوف التهميش و الإقصاء شعب قاوم وتمسك رغم كل ما ذكر بمقومات الحياة و البقاء، لعل أهمها الهوية و الكرامة و الحرية، لكن للأسف الشديد أصابه الوهن لشدة وطئ الخيانة و المكائد السياسية في ظل سياسة تفقير و حرمان و تجويع ممنهج يضعف الإرادة أمام صدمة الجريمة و الإغتيال السياسي و التصفية الجسديـــــة، وأمام ألم سماع صراخ طفل جائع و شاب سلب مستقبله بوحشية حينا و أحيانا بمكر انكشف وجه مدبره القبيح في العشرية الأخيرة في غياهب السجون و المحلات الأمنية كما اكتملت صورته البشعة في أحداث الحوض المنجمي أخيرا ...
لكل هذا كان البوعزيزي القطرة التي أفاضت الكأس ...
لكن إذا استثنينا القوى الاستعمارية التقليدية هل يمكن لبورقيبة المناضل الذي انقلب قيصرا و بن علي المتسلق الذي انقلب دكتاتورا أن يصوغ برنامجا و مخططا مريعا في غاية من الدهاء و على قدر من الحرفية و النضج السياسي و الإستشراف الإستراتيجي في تناغم تام مع المصالح الاستعمارية بحيث يسوس و يسود و يحكم السيطرة على شعب تمتد جذوره التاريخية عبر قرون و عمقه الجغرافي إلى قارتين كل ذلك لعقود تزيد عن نصف القرن ؟
الجواب قطعا لا و هو أمر بديهي بالنسبة لبن علي الذي لا يختلف اثنان على محدودية تكوينه العلمي و قصور إدراكه السياسي و تكوينه العسكري غير الأكاديمي ... لقد كان خادما مطيعا لكل سيد قوي يخشى أن يعزله أو يسلط عليه عقابا أو يفتعل له إنقلابا...
أما بالنسبة للزعيم بورقيبة فالأمر مختلف نسبيا باعتبار المستوى الأكاديمي المتميز و التكوين السياسي المتطور الذي مكنه من استثماره جيدا في بلورة تجربة ثرية في مقاومة الاستعمار و في السلطة و الحكم المطلق لكن هذه التجربة لم تتمكن من إعادة إنتاج ذاتها في شكل تيار فكري و سياسي أصيل يؤسس لمشروع مجتمعي متكامل يعيش في تناغم تام أو حتى منقوص مع الدولة الحديثة حسب النعت الذي يحبذه الزعيم بورقيبة مما حدا بالبعض بوصفها بالأزمة البورقيبية، مما يحيلنا مباشرة إلى استنتاج مباشر مفاده أن أجندة القوى الاستعمارية و على رأسها فرنسا عبر الحزب الاشتراكي، و في مرحلة متقدمة أمريكا كانت جاهزة و مسطرة مسبقا و ما كان لبورقيبة إلا أن أحسن تقديمها و توظيفها عبر خطاب سياسي مزدوج حينا أو من خلال خلق الفضاء المناسب قصد فرضها قسرا في ظل الجريمة السياسية التي برع فيها ...
إلا أن هذا المشروع الاستعماري الجديد مثله مثل القديم لاقى صدا كبيرا من قوى و حركات التحرر و الأحزاب السياسية و المنظمات و الشخصيات الوطنية و المؤسسة الدينية صاحبة الشرعية التاريخية ممثلة في جامعة الزيتونة الذي تفنن الزعيم المناضل بورقيبة في استئصال دورها في المجتمع ممثلا في الدين كرافد من روافد الحياة الفكرية و الثقافية و السياسية و أبدع خليفته في محاربة منابعها و إطفاء حتى بقايا إشعاعها ...
كما أنه و إثر اغتيال الزعيم الوطني النقابي فرحات حشاد في 05 ديسمبر 1952 و اغتيال الزعيم الوطني السياسي صالح بن يوسف في 02 جوان 1961 تمت صياغة تاريخ وطني مفكك مليء بالمؤامرات و الاغتيالات و التصفيات، و حالة التناقض و التشتت و التهميش التي كان عليها الشعب التونسي كل هذا ولد نمطا سياسيا و ثقافيا و اقتصاديا و فكريا يحافظ على المصالح الاستعمارية في الفترة ما بعد الاستعمارية عبر استمالة النخب الوطنية و شحنها ماديا و ثقافيا و فكريا بعد تصفية النخب الوطنية الحقيقية أو إقصائها أو تهجيرها .
ولقد تواصل هذا الخط السياسي للأسف في الفترة الثانية لما بعد الاستقلال، فترة الجنرال بن علي بعد أن نجح كسلفه في خداع المجتمع المدني و القوى السياسية الممانعة التي خرجت منهكة من حصار و قمع بورقيبة و معاونيه على رأسهم بن علي نفسه المكلف بالإنقلاب، و تمت خديعة القوى الوطنية للمرة الثانية و بتواطؤ من نفس النخب تقريبا و بنفس الأساليب تحت رعاية المستعمر القديم و الجديد .
لقد رمم الدكتاتور بن علي قلعة سلفه و لمع صورتها طويلا عبر تجييش وسائل الإعلام الخارجي و دعم صوت التجمع حتى بالخارج ...
لكن هيهات فقد انفجرت ثورة الياسمين التي تميزت بسرعة انطلاقتها و بنسق إنجازاتها الخرافي، فقد استطاعت أن تطيح برأس النظام في أقل من شهر بعد انطلاقتها، و أن تسقط حكومة الوحدة الوطنية المزعومة بعد أقل من عشرة أيام من تنصيبها، و توصلت إلى فرض حرية التعبير و الصحافة و الاعتراف بحق تكوين الأحزاب و الجمعيات و الإقرار بالعفو التشريعي العام و تمكنت من إجبار الحكومة المؤقتة على تشكيل لجان وطنية متخصصة في الإصلاح و تقصي الفساد كل هذه المكاسب تحققت في أقل من ثلاثة أسابيع بداية من إسقاط الطاغية بن علي، طبعا هذا ليس برنامج الثورة أو نهاية طريقها بل هي بداية تشكل أهداف الثورة أقل ما يقال فيها أنها تمت في سرعة الضوء في الزمن الإفتراضي للثورات .
لكن هل ستحافظ القوى السياسية على ما أودعه لديها الشعب بعد تقديم الشهداء من جديد من أجل استرجاع الحرية و الكرامة ؟ أم سيتكرر ما جرى بالأمس و ما قبله ؟؟؟
الحقيقة أن إرهاصات تكرار ما حصل بالأمس تتبين جلية بل إن خطرها محدق لا محالة لكن هذه المرة تقاطعت قوى عديدة و تولدت إرادات جديدة غذت الصراع و جعلت التنازع أكثر شدة و تعقيدا لكن الأمر الجلي في كل ذلك هو النهايات التي تتوحد كلها في هدف واحد هو استيعاب و ابتلاع الثورة الوليدة و إعادة تشكيلها في مسخ جديد يخدم مستعمرا جديدا مخيفا لم تتبين ملامحه بعد رغم أن عبيده و الراعين لمصالحه لم يغيروا خطابهم السقيم الذي ينم عن حقد غريب على هذا الشعب !
إن صراع الإرادات و تقاطعها في مواجهة العبودية العالمية الجديدة من جهة و نضال ثورة الكرامة و الحرية من أجل استقلال حقيقي يمر حتما عبر تبني نظام سياسي جديد يؤسس لجمهورية ثانية إن سلمنا جدلا أن ما خاطه بورقيبة و زينه بن علي بمعية سدنتهما يرقى إلى وصفه بالعهد الجمهوري . هذا النظام السياسي الجديد الذي يقطع مع سابقه يجب أن يعبر عن روح الثورة التي أحرجت و فاجأت الجميع بما فيهم المستعمر التقليدي و الحارس الامين للدكتاتوريات التي أسسها و المستعمر الجديد الذي لم تترك الثورة له الفرصة لإحكام القبضة على شريان الحرية رهان الكرامة ...
إن الضمان الوحيد لتحقيق هذا الرهان هو كما هو معلوم انتخاب المجلس الوطني الـتأسيسي الذي سيكلف بإعداد دستور يعبر عن خيارات الشعب صاحب الشرعية التاريخية و ذلك باختيار النظام السياسي الكفيل بتحقيقها سواء عبر النظام الرئاسي أو النظام البرلماني أو نظام مزدوج بين هذا و ذاك و لعل المهم في هذه المرحلة هو تبني نظام يضع حدا لاستبداد السلط و يفعل الرقابة و يدعم المساءلة و يعزز المسؤولية بين البرلمان و الحكومة عبر تمثيل و اقتراع حقيقي ... يضمن كرامة الفرد و يكرس الحياة الديمقراطية في ظل الوفاق و التعددية ... فهل سيسمح النظام العالمي الجديد و التوازنات الرأسمالية الوجه الجديد للإستعمار و اللوبيات القديمة و الجديدة هل سيسمح هؤلاء للثورة التونسية أن تعيد رسم الخارطة الجيوسياسية و الإقتصادية في المنطقة العربية باعتبارها رائدة الثورات الحديثة و ذلك بتكريس مبدإ تقرير المصير هكذا بكل بساطة ؟؟؟
قطعا هذا مستحيل فلا مجال لترك أي كان تحت أي مسمى حتى باسم الديمقراطية أن يهدد المصالح الإقتصادية المعلنة أو المبطنة فيتكرر كابوس غزة أو يتعزز المثال التركي. لكن هل يعني أن الديمقراطية خيار إستراتيجي خاطئ ؟ طبعا لا فالديمقراطية على خطورتها باعتبارها استفزاز للأنظمة الإستعمارية إذا مورست دون ضوابطها و بعيدا عن إشرافها تبقى الخيار الوحيد إلا أنه خيار صعب و الطريق إليه محفوف بمخاطر الإنزلاق المفتعل خصوصا إذا ما غُيّبت إرادة التوافق بين القوى السياسية و الإجتماعية الفاعلة و ساد التناحر و المزايدات المسقطة في تقاطع تام مع أهداف الثورة .
يقول العلامة ابن خلدون : أن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار و في باطنه نظر و تحقيق .
هذه المقولة هي لسان حال كل الثورات التونسية التي اندلعت من أجل الاستقلال و الحرية بالأمس و من أجل الاستقلال و الكرامة اليوم ... بالأمس القريب كما اليوم دبرت المؤامرات و الاغتيالات و التصفيات و الإقصاءات السياسية و الحزبية و حتى الثقافية قبل انطلاق انتخابات المجلس القومي التأسيسي .
تطلب إعداد دستور جوان 1959 ، ثلاث سنوات و3 أشهر توزعت بين إصدار أمر لإنشاء مجلس تأسيسي وبين الحملات الانتخابية للمترشحين لعضوية المجلس إضافة إلى تنظيم انتخابات المجلس وشروعه في إعداد وثيقة الدستور التي تطلبت "33 جلسة عقدت بين 1956 و1959 .
و قد أرجع بعض الدارسين أسباب تعطل إصدار الدستور إلى أن الرئيس بورقيبة لمّح في عدّة مناسبات أن هناك قضايا وطنية ذات أولوية وأنه لا داعي للتسرع في إصدار الدستور قبل أن تحسم هذه القضايا التي منها بروز الخلاف اليوسفي وتداعياته التي أدت إلى قيام فتنة داخلية فكان أن بعد عدة محاكمات منفصلة سنة 1956 أصدرت محكمة القضاء العليا يوم 24 جانفي 1957 أكبر محاكمة شملت الزعيم صالح بن يوسف و عددا من أنصاره كان بورقيبة يعتبر أن التعددية السياسية هي مولدة للصراعات و المزايدات و الديماغوجيات و التخريب خاصة و أن الظروف التي عرفتها تونس منخ 1933 لا تسمح بظهور قائمات أخرى هذا الموقف أجج الخلاف على الساحة السياسية، كذلك الأزمة التي عاشتها تونس بمناسبة خلافها مع مصر و بالأحرى خلاف بورقيبة و التقاطع الفكري مع عبد الناصر فقد طفت في تلك الفترة أزمة ثانية بدأت بالاعتداءات المتكررة من القوات الفرنسية على تونس بدعوى ملاحقة المجاهدين الجزائريين الذين كثيرا ما تحصنوا بالأراضي التونسية في المنطقة الحدودية .
وقد تكون هناك أسباب أخرى عطلت بدورها المجلس القومي التأسيسي من إنهاء مداولاته حول الدستور وهو أن بورقيبة كان يريد قبل التقنين إقامة نظام رئاسي قوي ذي طابع شخصي ولكن زعماء الحركة الوطنية لم يكونوا في البداية خاضعين لبورقيبة وكان البعض منهم تخامره فكرة إقامة الملكية الدستورية تعتمد النظام البرلماني وكان بورقيبة على دراية تامة بذلك فأراد أن يهيء الأسباب المناسبة لتمرير خيار الجمهورية والشكل الرئاسي للدولة بعد فرض حالة التصحر الحزبي و السياسي، وإلى جانب هذه الأسباب سادت حوارات حادة تعلقت بعدد كبير من فصول مشروع الدستور سواء التي تخصّ الهوية و دين الدولة أو مشاركة المرأة في الحياة السياسية أو الجمع بين الجنسية التونسية وجنسيات أخرى أو إعتبار الحق في العمل حق دستوري أو قضية الشغور في منصب الرئاسة أو الاستفتاء أو حصانة النائب واستقلاليته .
هذا باقتضاب كبير ما اتسم به المشهد السياسي قبل و أثناء الإعداد لانتخاب المجلس التأسيسي الذي تميز بالاحتقان و التصعيد نتيجة ابتلاع حزب الجبهة القومية المتكون من الحزب الحر الدستوري الجديد و الإتحاد التونسي للشغل و الإتحاد القومي للصناعة و التجارة و الإتحاد القومي للمزارعين و بعض المستقلين القريبين من بورقيبة للعملية الانتخابية بالتعاون مع حليفه الحزب الشيوعي بغية إقصاء كل بصيص للتعددية في مداولات إعداد مشروع الدستور بالمجلس التأسيسي كل ذلك لضمان الوفاء بالتعهدات للمستعمر الذي هيئ لبورقيبة كل الظروف للظفر بالمجلس التأسيسي بما فيها التغطية و الترويج الإعلامي في مقابل إستقلال زائف و سلطة وهمية .
و قد كانت الحركة اليوسفية مع الدعم المتواصل لها من قبل جامع الزيتونة و حركات التحرر الوطنية تمثل خطرا على المشروع الفرنسي البورقيبي بتونس الفتية المنشودة لذا استوجب استبعادها بإسقاطها في فخ الوقوف في ركن المعارضة و الدفع بها إلى اللجوء إلى خيار العنف و تكثيف المقاومة المسلحة في وقت يفترض فيه توحيد الصفوف فكان خطا الحركة اليوسفية القاتل الذي خطط له المستعمر و نفذه بورقيبة بكل حرفية و دم بارد للفوز و التفرد بالسلطة .
و مــــا أشبه الأمس باليوم ... فيتكرر المشهد بنفس الوسائل في حلة جديدة تلعب فيها وسائل الإعلام الخاصة و العمومية دورا محوريا بين تبعية كارثية لتعثر الحكومة الانتقالية أو محاولات غوغائية و عبثية في محاولة إظهار الحياد أمام التفاعلات السياسية مع الثورة أقل ما يقال فيها أنها صبيانية أو مراهقة إعلامية تفضح خلفيات سياسوية مجانية لا تستقر على نسق معين تدل على إفلاس القطاع الإعلامي في تونس طيلة سنين الوهم التي عاشها تحت جلباب القيصر و الجنرال فيثار مثلا صراع مفتعل حول رفض اعتماد الهوية العربية الإسلامية للمجتمع و الدولة و إطلاق البحث الأركيولوجي عن الهوية المنقذة من الهوية العربية الإسلامية و الفصل بين الدين و السياسة و حتمية التطبيع مع الكيان الصهيوني باعتماد خصوصية مفهوم الأمة التونسية الغريب و خصوصية النزاع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني ...
كذلك افتعال أو التسبب في الخلافات الجهوية و القبلية و غيرها من المواضيع الهامشية في محاولة لإفراغ الثورة من أهدافها و إعادة إنتاج واقع هجين بعيد كل البعد عن طبيعة المجتمع هو عبارة عن مسخ جديد ينتظر التبلور في رحم هيئة بن عاشور و مشتقاتها حسب موازين قوى أخرى (غير الثورة طبعا ) .
بعد سقوط مؤامرة العهد الجمهوري تتكشف اليوم مؤامرة جديدة على الثورة هدفها الإلتفاف على مطالب الشعب و الحيلولة دون قيام حكم ديمقراطي حقيقي إنها مؤامرة دبرت بليل:
فجأة و بدون تمهيد بدأت عملية شحن إعلامي ضخمة لتسويق فكرة المبادرة من اجل الجمهورية أو اصطلح عليه بالتآلف الديمقراطي الذي ضم في فترة اولى 19 حزبا أغلبها من بقايا التجمع المنحل ثم قفز العدد إلى 32 و أخيرا إلى 43 مما لا يجعل مجالا للشك في وجود مساع مبيتة في دوائر القرار النافذة و المحركة للأمور .
فجأة أيضا يخرج بيان يوم الثلاثاء نشر يوم 06/07/2011 يدعو فيه المنسق العام للمبادرة إلى إجراء استفتاء على الدستور بدل انتخابات المجلس التأسيسي و إلى صياغة نماذج لتنقيحات على دستور 1959 لعرضها على الشعب كما يدعو إلى استبقاء مهام الباجي قائد السبسي و فؤاد المبزع طيلة الفترة الإنتقالية و إلى الحد من سلطات المجلس التاسيسي هذا لو قام هذا المجلس أصلا .؟؟؟
لقد أبدى العديد من الأطراف المتنفذة فى دوائر القرار خوفا و تحفظا شديدين من المجلس التأسيسي و ذلك من خلال البيان الذي يدعو إلى تأسيس مجلس وطني للأحزاب يكون بديلا عن الهيئة العليا لثورة بن عاشور و بناتها مما لا يدع مجالا للشك حول خوف جهات تونسية و أجنبية من قيام مجلس تأسيسي حقيقي ذي سلطة فعلية قد تتعارض مع مصالح و نفوذ أطراف عديدة كانت تتمتع بمزايا لا حصر لها أثناء فترة المخلوع أولا و ثانيا مجلس تأسيسي حقيقي يصوغ دستورا جديدا يقطع مع التأسيس لقمع الحريات و يجهز على أسطول القوانين التي شرعت لخدمة دولة البوليس و حماية مظاهر الفساد ... و تأصيل مبدإ الحصانة الدستورية للمخلوع و عائلته خلال و بعد الفترة الرئاسية التي تتهرب هيئة عياض بن عاشور و مشتقاتها من التعرض إليها .لأنها أعدت من طرف مهندس قوانين البلاط خادم الفرنكفونية السيد رافع بن عاشور في ورشات صناعة المؤامرات الدستورية من قبل جمعيات القانون الدستوري التونسية و الأروبية و الأمريكية التي تعتبر أن الترسانة القانونية التي يشرف عليها السيد رافع بن عاشور و أساتذة القانون الدستوري في تونـس و التي لا تقل أهيمية عن صيانة الأسطول السادس الأمريكي بالسواحل التونسية .
إن هذه الفئة تسعى إلى فرض سيطرتها على مجرى الأحداث في عملية الإنتقال الديمقراطي نحو مسار معين واضح لا غبار عليه و هو تأمين مراكز الضغط بصفة قانونية لصالح لوبيات مرتبطة بصفة غير مباشرة و أحيانا بصفة عضوية بالنظام الرأسمالي و الإستعمار الجديد و لعل أكبر فضيحة التعيينات النوعية للوزراء في الحكومة الإنتقالية و هيئة آل بن عاشور و بناتها و العهود و المبادرات و استطلاعات الرأي و الدعاوي للإستفتاء لصالح مشاريع مراسيم و قوانين استباقية للضغط على المجلس التأسيسي تقييده أو حتى إلغاء دوره كليا حين تقبل الدعوة للإستفتاء على دستور خارج المجلس التأسيسي و قبل انتخابه ....
كلها محاولات شبيهة لتلك التي حدثت قبل و بعد انتخاب المجلس القومي التأسيسي في مرحلة ما بعد الإستعمار و التي كانت من نتائجها سنوات من القمع و الحكــم الفـــردي و الدكتاتورية .
ما العمل إذا ؟؟؟؟
بالتصدي لكل هذه الممارسات المفضوحة و المستترة و وادها و دفعها إلى غير رجعة بحركة بسيطة جدا : الإقبال على إنتخاب أعضاء المجلس التأسيسي و الدعوة إليه مع الإنتباه و اليقظة لما يجري من إعادة إنتاج لحزب التجمع و الجمعيات الموالية له أو المعادية للثورة أيضا
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: