البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية

كاتب المقال د. إبراهيم علوش   
 المشاهدات: 5382



من يتابع نشاطات التمويل الأجنبي للأبحاث والمنظمات غير الحكومية المحلية، فيربط الأجزاء المختلفة لهذه النشاطات في هيكل بنيوي واحد سيكتشف أن القضايا التي تطرحها هذه المنظمات تتسم بما يلي:

1. أنها تطرح في الكثير من الأحيان قضايا محقة في جزئياتها مثل الطفل والبيئة والمرأة وما إلى هنالك.

2. أنها تفصل هذه القضايا عن النضال العام الوطني والقومي لتحقيق التغيير السياسي الجذري في المجتمع، فبدلاً من طرح القضايا الجزئية ضمن سياق مشروع وطني، كما تفعل حركات التغيير الكبرى في المجتمعات، تعمل منظمات التمويل الأجنبي في الواقع على تفكيك الحركة الوطنية في البرنامج والممارسة، وتستوعب المناضلين السابقين في مكاتب وموازنات وبرامج خارج العمل الوطني أو الثوري.

3.أنها تطرح قضايا مهمة بالتأكيد، ولكنها ليست القضايا الأهم في مجتمع يعاني الاحتلال والتجزئة أولاً، ومن ذلك مثلاً طرح قضية جزئية مثل جرائم الشرف في الضفة وغزة في الوقت الذي يتمحور فيه التناقض هناك مع الاحتلال، وفي الوقت الذي يسجن عدد كبير من النساء الفلسطينيات في سجون الاحتلال الصهيوني.

4. أن طريقة طرح هذه القضايا تمثل امتدادا ميكانيكياً لنمط من الوعي نشأ في ظروف تختلف عن ظروف بلادنا، فالذين يمولون المنظمات غير الحكومية في الغرب، على افتراض إخلاصهم، تحكمهم منظومة قيم ومفاهيم تنطلق عضوياً من شروط التطور في المجتمعات الغربية والوعي الفردي السائد هناك، وبالتالي تعمل منظمات التمويل الأجنبي موضوعياً على إعادة إنتاج النموذج الثقافي والاجتماعي الغربي عربياً.

5. إن الأبحاث والمنظمات التي تتبنى هذه القضايا تهيئ في علاقاتها المالية والتنظيمية لتجاوز واختراق سيادة الدولة الوطنية على أراضيها، الأمر الذي يتماشى في المحصلة مع برنامج الشركات متعدية الحدود، وبرنامج البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في تهديم سيادة الدولة الوطنية، أي أن منظمات التمويل الأجنبي تصبح هنا متمماً موضوعياً لمشروع العولمة، وتوجهها لتفكيك الدولة وتحويل مهماتها الاجتماعية إلى جهات أخرى.

6. أن المرجعيات القانونية التي تحتكم إليها أو تسعى إلى تكريسها هي مرجعيات خارجية، وأن القضايا التي تعمل من أجلها تربطها بوعي إنساني ما فوق قومي، إنساني الظاهر، ولكنه يؤدي من خلال التركيز على حقوق الأقليات إلى تفكيك الدول، ومن خلال التركيز على حقوق الأفراد إلى تمزيق المجتمعات والقضايا الكبرى، ومن خلال تعميم الوعي المتغرب والمعولم إلى تهديم الثقافة العربية-الإسلامية، ومن خلال التركيز على القضايا التفصيلية إلى تفكيك الحركة الوطنية نفسها.


مهما يكن من أمر لا يجوز أن يقع المناضل أو المثقف الوطني، في مواجهة الاختراق الذي تقوم به جماعات التمويل الأجنبي، في فخ محاربة النقاط الأقوى في جدارهم، وهي القضايا التفصيلية التي يتبنونها. فلا يجوز أن نقول مثلاً: نحن ضد البيئة أو حقوق الإنسان أو نشر الديمقراطية، بل يجب أن نكشف زيف هذه الدعوات وارتباطها بالمخطط الشامل ضد الأمة العربية والعالم الثالث، أي بمشروع "الشرق أوسطية".

من جهة أخرى، يجب أن لا يتردد المثقف والمناضل الوطني في كشف الأهداف التطبيعية وأهداف إثارة النعرات الطائفية والأقلوية التي يهدف إلى تحقيقها نشاط المنظمات غير الحكومية بالتمويل الأجنبي.

ومن ذلك مثلاً نموذج الدكتور سعد الدين ابراهيم، رئيس مركز ابن خلدون في مصر، الذي كان يجّسد نموذج ما ستصير عليه مراكز الأبحاث والمنظمات غير الحكومية العاملة في خدمة المخططات الصهيونية والاستعمارية : تمويل أجنبي سخي، علاقات قوية مع السفارة الصهيونية في القاهرة، وعمل دؤوب لبلورة نزعات التفتيت الطائفية بذريعة الدفاع عن حقوق الأقليات.

ومن ذلك أيضاً تسرب وثيقة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية سي أي إيه تحمل تصنيف سري جداً حول خطة عمل محددة لتمويل هيئات المجتمع المدني في يوغوسلافيا السابقة (قبل تفكيكها) للتعجيل بإسقاط نظامها ونشر القيم الأمريكية تحت عنوان: "دولة صربية ديموقراطية". وكانت الوثيقة التي تحمل ختم مؤسسة البلقان/ المخابرات المركزية الأمريكية قد صدرت أولاً بتاريخ 16 ديسمبر/ كانون أول 1998، مما يجعلها جزءاً من الحملة المعلنة والمستترة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في منطقة البلقان، وكان ذلك قبيل انقضاض حلف الناتو على يوغوسلافيا عام 1999.

وتقدم تلك الوثيقة نموذجاً كلاسيكياً لاستخدام التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في عملية التفكيك والاختراق في كل مكان على مستوى لا يدركه من يتناول مسألة التمويل الأجنبي من منظور وجود أو عدم وجود شروط للتمويل في هذه الحالة الجزئية أو تلك الحالة المنفردة.

فالقضية ليست ما إذا كانت هناك شروط محددة من المانحين لتمويل هذه الحضانة للأطفال مثلاً، أو ذلك البرنامج لزيارة الصحفيين لأمريكا أو تلك المنظمة غير الحكومية المعنية بالبيئة أو المرأة أو الحريات، بل غالباً ما لا تكون هناك شروط محددة تمكن الإشارة إليها بالسبابة. وإذا كان الشيطان يكمن عادة في التفاصيل، كما يقال، فإن شيطان التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية يكمن في الصورة الكبيرة، وفي النتائج بعيدة المدى على المستوى الاجتماعي-السياسي لقطر أو إقليم بأكمله، فمن يقترب كثيراً لا يراها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

التمويل الأجنبي، المنظمات المدنية، منظمات المجتمع المدني، التدخل الأجنبي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-07-2011   www.freearabvoice.org

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- محمود علي عريقات، رمضان حينوني، محمد أحمد عزوز، أشرف إبراهيم حجاج، د - المنجي الكعبي، د. أحمد بشير، محمد الطرابلسي، سامح لطف الله، علي الكاش، عراق المطيري، فهمي شراب، ضحى عبد الرحمن، جاسم الرصيف، حسن عثمان، د - شاكر الحوكي ، ماهر عدنان قنديل، صالح النعامي ، أبو سمية، محمود سلطان، محمد شمام ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. أحمد محمد سليمان، الناصر الرقيق، إسراء أبو رمان، د - عادل رضا، العادل السمعلي، نادية سعد، سفيان عبد الكافي، رافد العزاوي، صلاح المختار، فتحـي قاره بيبـان، صلاح الحريري، كريم السليتي، خبَّاب بن مروان الحمد، صفاء العراقي، د. عادل محمد عايش الأسطل، علي عبد العال، ياسين أحمد، محمد يحي، حاتم الصولي، د- هاني ابوالفتوح، سيد السباعي، رضا الدبّابي، يزيد بن الحسين، منجي باكير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- جابر قميحة، يحيي البوليني، حميدة الطيلوش، عبد الرزاق قيراط ، فتحي الزغل، عواطف منصور، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، مراد قميزة، د - مصطفى فهمي، أحمد النعيمي، محمد الياسين، أ.د. مصطفى رجب، محمد عمر غرس الله، المولدي الفرجاني، إياد محمود حسين ، رحاب اسعد بيوض التميمي، فوزي مسعود ، حسن الطرابلسي، كريم فارق، مصطفى منيغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحي العابد، إيمى الأشقر، أحمد ملحم، أحمد الحباسي، د. عبد الآله المالكي، عبد الله زيدان، د.محمد فتحي عبد العال، سلوى المغربي، عمار غيلوفي، خالد الجاف ، محرر "بوابتي"، صفاء العربي، محمود فاروق سيد شعبان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - صالح المازقي، مجدى داود، د - الضاوي خوالدية، عزيز العرباوي، محمد العيادي، مصطفي زهران، الهيثم زعفان، د- محمد رحال، تونسي، أحمد بوادي، عبد الغني مزوز، سليمان أحمد أبو ستة، رشيد السيد أحمد، محمود طرشوبي، د. خالد الطراولي ، محمد اسعد بيوض التميمي، رافع القارصي، الهادي المثلوثي، طلال قسومي، عبد الله الفقير، سامر أبو رمان ، د - محمد بن موسى الشريف ، سعود السبعاني، عمر غازي، د. طارق عبد الحليم، د. صلاح عودة الله ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلام الشماع، أنس الشابي، وائل بنجدو،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة