البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الثقافة السننية وصناعة المستقبل

كاتب المقال أ.د. عمار جيدل - الجزائر   
 المشاهدات: 5808



عرّفنا القرآن الكريم سنن الصعود، ليسلكها العقلاء في صناعة الحاضر والتفكير الجيّد في صناعة المستقبل، كما عرّفنا في الوقت نفسه سنن النكوص والتخلّف والتقهقر تنبيها للبشر قاطبة على ضرورة تلافيها، فهل تقتصر وظيفة السنن الإلهية؟ أم أنها تتجاوز ما ألمحنا إليه؟

كثيرًا ما كنتُ أمثّل في المؤتمرات الدولية في الخارج على فقد الثقافة السننية، بقصة الرجل الذي سئل في امتحان عن عاصمة العراق، فكانت إجابته عمّان، وعندما استفسر بعد الخروج من الامتحان، ذُكر له بأن عاصمة العراق هي بغداد، فتوجّه إلى الله داعيًا بقوله: "اللهم اجعل عمّان عاصمة العراق". فهل يمكن أن تتحوّل عمّان عاصمة للعراق؟ وهو بدوره لا يختلف عن رجل يسكن الطابق الثالث في عمارة، وصعد مصعد عمارته بقصد زيارة صديقه في الطابق السابع، ولما صعد، ضغط على زر الطابق الأول، فأدرك خطأه بعد الضغط على الزر مباشرة، ثم بدأ بالدعاء قائلاً: اللهم اجعل هذا المصعد يصعد عوض أن ينزل. فهل يمكن أن يتحقق له مقصوده بهذا الدعاء مهما كان مخلصًا؟

والمثالان السابقان لا يختلفان عن قصص كثيرة لها دلالة عميقة على فقد الثقافة السننية، تتضمن في مجملها تحصيل النتائج من غير مقدمات صحيحة فضلاً عن فقد المنهج الصحيح في النظر للمسائل. ومجموع المشاهد المستلة من واقعنا المعيش، تؤكد فقد الثقافة السننية، وتتمحور في مجملها حول فكرة مركزية مفادها روم تحصيل نهضة سياسية بغير ساسة أكفاء نزهاء، أو تمني نهضة علمية بغير علماء شرفاء نزهاء، أو الرغبة في إصلاح الوضع بجميع مكوّناته بفاسدين فكرًا ومنهجًا وخُلقًا...
الأمثلة السابقة عيّنات دالة بنفسها على فقد التفكير السنني، وحياتنا اليومية -العلمية والسياسية والتعليمية والتربوية والدينية والفلاحية والرياضية- طافحة بالتصرفات الدالة على فقد الثقافة السننية. لهذا تُعد الكتابة عن الثقافة السننية ضرورة ملحّة في اللحظة الراهنة، وذلك لما تقتضيه أسئلة الواقع وسُبل التفكير في الإجابة عنها. فقد بدت الغالبية العظمى من النخب المثقفة فاقدة للنظر المنهجي لمسائلنا، مما أثر على سيرها التحليلي وفهم المجتمع على ما هو عليه في شعاب الحياة. وقد كان لهذا النظر السقيم أثر وخيم على موقف غالبية مكونات المجتمع من المسائل نفسها، وهو موقف موضوعي تمليه الصلة السننية بين القيادات الفكرية والدينية وسائر مكوّنات المجتمع، ذلك أن لتلك النخب دورًا كبيرًا في توضيح سبل التفكير في المشاكل ومسالك حلّها، فضلاً عن كونه دُربة نوعية على التفكير المنهجي في مسائلنا.

إذا كان توضيح النخب غامضًا أو مُبهمًا أو ملبّسًا، فما ننتظر من متلقي تلك التوجيهات أو التحليلات أو الحلول المقترحة؟ معلوم أن نباهة التلميذ في الغالب الأعم -الاستثناء يؤكّد القاعدة العامة ولا يبطلها- من نباهة أستاذه، لا يتصور وفق التفكير الموضوعي أن ننتظر حلاًّ من هذا النوع من النخب، أو هذا النمط من المتلقين؛ فكيف ننتظر حلاًّ لمشاكلنا من عامة الناس؟
قد يرى بعض القرّاء أن المقال يبعث على اليأس، والواقع أننا رُمنا تجاوز ثقافة اليأس أو التيئيس من الحل، ولكن بطريقة سننية تتجلى في السير المنهجي والموضوعي، فما السبيل إلى بعث هذه المسالك في المجتمع؟

الطريق للخلوص إلى هذا المقصد التأسيس لثقافة سننية، تتجاوز العبثية والفوضوية والارتجال، وتتطلّب مؤهلات معرفية وأخلاقية رئيسة لا يتصوَّر الخلوص إلى المطلوب بإهمالها.
الثقافة في سياق هذا المقال (الثقافة السننية) سمات معرفية وأخلاقية يعرّف بها المجتمع من قِبَل نخب متحقّقة بها (الثقافة السننية) في عقولها وقلوبها، وتترجمها مواقف إيجابية في شعاب الحياة، ثم تسعى سعيًا مستمرًّا إلى تحويلها إلى صبغة يتحلى بها المجتمع بمختلف طبقاته وفي مختلف مجالات الحياة التربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والرياضية...
صبغ المجتمع بهذه السمات لا ينال بالخُطب التي تردد هنا أو هناك، كما أنه ليس قرارًا إداريًّا تُلزم به السلطة المجتمع، وفي الوقت نفسه لا ينشئه الارتجال أو التمنيات الفارغة أو التمويه أو التهريج المهرجاني... وكل محاولة لبعث هذه الثقافة بمثل هذه الوسائل أو ما كان في حكمها، ليس إلا رغبة صريحة في نيل الحقائق بطريق الأوهام، وهل في البشر الأسوياء من يطمح في نيل الحقائق بالأوهام.

الثقافة السننية إن تحوّلت إلى صبغة عامة للمجتمع، تحوّلت به عن مسالك انتظار النتائج بدون مقدّمات أو انتظار حصاد من غير زرع أو بناء، من غير بذل أو نجاح، من غير تأهّل لنيل أسبابه... كما تكسب الثقافة السننية المجتمع فعالية التجدد الذاتي بالتجديد المستمر لكفاءاته الفكرية، فيذهب الرديء وفق سنن النكوص ويحلّ محلّه الجيد وفق سنن الصعود، والخلوص إلى المقصود صناعة مضبوطة وفق خطة واضحة ليس فيها للارتجال حضور، وليس فيها للرداءة والسفالة والصفاقة أن تفكّر في المشاركة فضلاً عن المشاركة بالفعل، وهو بصيغة صريحة الصناعة خطة إرادية يضعها المجتمع من خلال قواه الحية، تلك القوى المعبّرة عن آماله وآلامه، ويفرض نجاح الخطة أن يتصدّر تنفيذها العارفون بها، المتحققون بمعانيها، المصطبغون بها، تفكيرًا وتدبيرًا وموقفًا في شعاب الحياة. وفضلاً عن ذلك هم بحاجة إلى صبر ووقت وتعاون الجميع، وفحص مستمر للمكاسب بغرض تحسين الأداء.

القرآن مؤسس للسنن البشرية


الحديث عن الثقافة السننية، حديث عن القوانين التي تحكم سير الإنسان والكون بشقيه المادي والمعنوي. وثبات القوانين دعوة إلى اكتشافها ثم الإفادة منها في مختلف مجالات الحياة، وهو عين ما يرمي القرآن الكريم إلى تربية المجتمع عليه. لهذا يعدّ القرآن الكريم والسنّة المطهّرة من أهمّ مصادر التعريف بسنن الله في الخلق، وهو منهج وظيفي يخلص إلى بيان المراد من تلك السنن، من خلال التأكيد على خلودها وثباتها في رحلة البشر في الكون، وهي تستوعب عوالم الإنسان والعوامل المحيطة بها، خدمة وتسخيرًا. من هنا كان القرآن الكريم مصدرًا مهمًّا في فهم تاريخ البشر وأفكارهم وتصرفاتهم الفردية والاجتماعية، فكان ما جاد به القرآن الكريم بمثابة درس مستمر دائم الحضور في الظواهر التاريخية البشرية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
وقد أيّد استقراء التاريخ البشري تلك السنن، وجاء الفكر البشري القويم مؤيّدًا لها، وشاهدًا إضافيًّا على صدقها وصحتها المتأتية من كونها وحيًا يوحى، قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾(النجم:3-4)، من هنا كان النص القرآني مؤسسا للسنن يعضّده الواقع البشري.

عرّفنا القرآن الكريم سنن الصعود، ليسلكها العقلاء في صناعة الحاضر والتفكير الجيّد في صناعة المستقبل، كما عرّفنا في الوقت نفسه سنن النكوص والتخلّف والتقهقر تنبيها للبشر قاطبة على ضرورة تلافيها، فهل تقتصر وظيفة السنن الإلهية على ما سبقت الإشارة إليه؟ أم إنها تتجاوز ما ألمحنا إليه؟

وظائف السنن الإلهية


الخلوص إلى الاستفادة من السنن في وظيفتها الحضارية، بصناعة حضارة متعبّدة لله بالفعل وهي المقصد النهائي للسنن، يسترعي التوقف عند الوظائف المرحلية والجزئية للسنن في حياة البشر قاطبة، لأنها تُعد من المعابر الضرورية إلى المقصد النهائي (صناعة الحضارة المتعبّدة).

نؤكد من البداية أن دراسة السنن ليست من قبيل المعارف التي تحشى بها الرؤوس ويُتباهى بها في المجالس، لأنها إن قُصِرَت عليها، لم تكن غير نوع عبث "متديّن" منظّم، مضيّع للأوقات وصارف للطاقات في غير أبوابها.
الخلوص إلى الاستفادة من السنن في وظيفتها الحضارية، بصناعة حضارة متعبّدة لله بالفعل -وهي المقصد النهائي للسنن- يسترعي التوقف عند الوظائف المرحلية والجزئية للسنن في حياة البشر قاطبة، لأنها تُعد من المعابر الضرورية إلى المقصد النهائي (صناعة الحضارة المتعبّدة)، وإذا كانت الحضارة التي أرادها ديننا لا تقوم إلا على مجموعة من الوظائف الفرعية للسنن من نحو الوظائف؛ الإيمانية والنفسية والمنهجية والمعرفية والاجتماعية ...إلخ، تفرض الوظيفة الحضارية التوقف عند مجموع المحطات المشار إليها أعلاه.

يربينا القرآن الكريم على أن السنن قوانين ثابتة، ولثباتها تسترعي الاكتشاف، والسعيُ إلى اكتشافها جُهد معرفي بامتياز، ثم السعي إلى فهم السنن فضلاً عن تجسيدها بالنسج على منوالها في قوانين الصعود، والميل عنها في قوانين النكوص، صناعة معرفية تتجاوز ثقافة السبهْلَلَة -على البركة بمعناه السلبي- الذي يتجلى في إهمال قوانين سير المَرْكَبات الحضارية، ولا يختلف إهمال قوانين سير الحضارات نشأة واكتمالا وديمومة ونتائج عن إهمال قوانين سير المركبات العادية (السيارات)، وإذا كان الإهمال الثاني سببًا في ضحايا الطرقات وتضييع الطاقات المادية والمعنوية، فإن لإهمال الأول نتائج وخيمة على حاضر الأمة ومستقبلها، بل يُعَد إهمال الثقافة السننية في شعاب الحياة، أشنع وأفظع من أثر حوادث السير العادي على الأرواح والممتلكات.

مصطلح السُّنن


من منطلق ما سبق بيانه، سنعرض المراد في المصطلح المركزي في المقال "السنن". السنن جمع سنّة، وهي الطريقة والسيرة، حسنة كانت أو سيئة، وترد أيضًا بمعنى العادة، والتي تتضمّن أن يفعل الذي نُسِبت إليه السُنة في الثاني ما فعله في الأول، ولثباتها المشار إليه في التعريف أمر الله تعالى بأخذ العِبرة من السنن السابقة، ذلك أنّ السنة تعني وقائع سنّها الله في الأمم أو الكون، جارية على طريقة واحدة، هي عادة الله في الخلق؛ فهي تمثّل قانونه الذي يسير وفقه الكون، بصرف النظر عن الحُسن والقُبح المترتب عليها أو عدمه. فتشمل سنن الله بيان سنن صعود الحضارات ونكوصها، سواء تعلّق الأمر بالأوضاع العادية (السنن الجارية في العادة) أو الأوضاع غير العادية (خارقة للعادة) مثل (المعجزات)؛ فالأولى تمثّل القانون العام الذي يسير عليه الكون وفق تقدير مُنَظّمه، والثانية تمثّل سنّة الله في تأييد أنبيائه، وهي بهذه السمة عادة سائرة جار بها العمل وفق قانون الله في خلقه. عبّر القرآن الكريم عن تلك الحقيقة بأساليب مختلفة تدلّ بمجموعها على عادة الله الجارية في الخلق.

تنسب سنن إلى الله عز وجل مباشرة الخالقِ المدبّر، يشهد لهذا الاستعمال تعبير القرآن الكريم عنها بسنّة الله، من نحو قوله تعالى: ﴿سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً﴾(الأحزاب:62)، والمعنى كما ذكر الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: "لن تجد لسنن الله مع الذين خلوا من قبل ولا مع الحاضرين ولا مع الآتين تبديلا"، وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلاً﴾(فاطر:43)، وقوله تعالى: ﴿سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ﴾(غافر:85).
نسبة السنّة إلى الأنبياء، رغم كونها قانون الله في الخلق، يشهد لهذا الاستعمال قوله تعالى: ﴿سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ﴾(الإسراء:77)، ولا شك أنها تذكير بقانون الله في الخلق لمن يعرفها، وتعليم لمن جهلها.
نسبة السنّة إلى المباشرين لها، وإن كانت السنن نفسها من خلق الله تعالى، منها قوله تعالى: ﴿فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾(الأنفال:38)، وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾(الحجر:13).. وأقوال المفسّرين تقتبس من القرآن معانيها الجلية. وفي هذا المقام يذكر العلامة جمال الدين القاسمي في تفسير قوله تعالى في سورة الأحزاب الآية (62) بـ﴿سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً﴾(الأحزاب:62)فيقول: "أي لأنه لا يُبَدلها، أو لا يَقدر أحدٌ أن يُبدلها".
وتدل مجموع استعمالات مصطلح "السنن" على حقيقة واحدة، يجمعها الانضباط المعرفي والمنهجي، المفضي إلى تاسيس حقيقة المعرفة الثابتة بالسنن في القرآن الكريم، تفيد المتلقي في هيكلة فكره وتفكيره، كما تفيده في التحضير المنهجي لاستثمار تلك الحقائق في شعاب الحياة، وخاصة في ظل معرفة مستفادة من الوحي يؤيدها التاريخ البشري.

وما دام القرآن الكريم هو كتاب الله المقروء، والكون هو كتاب الله المنظور، فلا تناقض بينهما. فكان الثاني بشواهده الواقعية المعاينة المتكررة، شاهدًا إضافيًّا على صحة ما جاء به التنزيل، وكان النظر في سنن الله المبثوثة فيه (الكون كتاب الله المنظور) وفق أمر الله تعالى الوارد في التنزيل مؤكدًا لصحة السنن المبثوثة في الكتاب المسطور (الوحي). من هذا المنطلق كانت السنن المبثوثة في التنزيل قواعدَ عامة يحتكم إليها في تحليل الحاضر والتخطيط للمستقبل، وقد وضع القرآن الكريم خطة موضوعية ميسّرة لجميع الخلق، تأسيسًا للسنن في عقول وقلوب الخلق، فهمًا للماضي وتأسيسا للمستقبل. يشهد لهذا أن الله أمر بالسَير في الأرض، مع أن مطالعة الكتب قد تفيد شيئًا من هذه المعاني. والسَير أهم وأوضح في الدلالة على المراد من مطالعة الكتب على ما فيها من أهمية، ذلك أن السير يفيد البشر على تفاوت مستويات تحصيلهم، فتفيد المشاهدة مَن لم يقرأ علمًا أو تاريخًا، وتقوّي علم مَن قرأ التاريخ أو قُص عليه، بينما مطالعة الكتب لا تفيد إلا طبقة مخصوصة، والواقع المعاين شاهد على صحة تلك المعاني، وبمقدور كل الناس استيعاب ما يفيدهم في تقرير ثبات السنن.

مثلا، هل في البشر الأسوياء مَن شهد في تاريخ البشرية أن الظلم بكلّ تجلياته "المعرفية، السياسية، التربوية، الثقافية، الحضارية، الاجتماعية، الاقتصادية".. طويل العُمر مفضٍ إلى تفعيل دور المجتمع المظلوم؟ فالظلم المعرفي واضح النتائج، بيّن الأثر في الحاضر والمستقبل، والظلم السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي واضح النتائج أيضًا، ذلك أن الظلم لا يتجزأ، فحيثما وُجد الظلم وُجدت نتائجه ضرورة، هذا قانون الله في الخلق ولن تجد له تبديلا، والتعمية عن نتائجه فتلوينها أو تلوين المقدمات (الظلم) بخلع صفة العدل عليها، لن يمنع ظهور نتائجه الوخيمة على الحاضر والمستقبل العاجل والآجل (الآخرة)، المتمثلة أساسًا في الكراهية والرغبة الجامحة في زوال ملك الظالم، هذا إن لم يفض طول عمره إلى اليأس الذي هو أخطر الأمراض المعنوية، ذلك أنه يدفع اليائس إلى الإهمال وفقد الحمية الدينية والوطنية، بل وفَقد الروح المعنوية. أليس في كل ما سبق عند التحقق به، صناعة معرفية واضحة جلية يستفاد منها في فهم الحاضر وصناعة المستقبل، من خلال الاعتبار بدروس الماضي القريب والبعيد، فالثقافة السننية صناعة معرفية.

ولكن فاعلية السير، ترجع في العُمق إلى الأساس الإيماني للأمر بالسير: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ﴾(النمل:69)؛ وينفع الأساس الإيماني في الانضباط في السير في الكون، كما يفيد ضبط السير بالمقصد منه، ومراعاة مقصد السير -أثناء السير نفسه- يفيد صاحبه تجربة ودُربَة على الفهم فيما عاينه، فلاحظ أن فاعلية السير ترجع إلى الأساس الإيماني للسير بغرض اكتشاف سنن الله في الخلق، والعمل على منوالها بعثًا للخير ودرءًا للشر.

أ.د. عمار جيدل


كلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر / الجزائر


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

السنن الإلاهية، دراسات إسلامية، الفكر الإسلامي، التفكير الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-06-2011   موقع حراء التركي http://www.hiramagazine.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إسراء أبو رمان، جاسم الرصيف، عبد الرزاق قيراط ، د - محمد بنيعيش، رشيد السيد أحمد، طلال قسومي، عبد الغني مزوز، محمود سلطان، سعود السبعاني، صباح الموسوي ، حسن عثمان، أحمد الحباسي، محمد شمام ، ياسين أحمد، سامح لطف الله، مجدى داود، د- محمود علي عريقات، سامر أبو رمان ، سلوى المغربي، رافع القارصي، د - مصطفى فهمي، حسن الطرابلسي، أنس الشابي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود طرشوبي، محمد الياسين، فتحي العابد، الهادي المثلوثي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، علي الكاش، سلام الشماع، العادل السمعلي، سيد السباعي، أحمد ملحم، د- هاني ابوالفتوح، د - شاكر الحوكي ، د. طارق عبد الحليم، محمد أحمد عزوز، كريم فارق، د- محمد رحال، فتحـي قاره بيبـان، محمد العيادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، المولدي اليوسفي، أحمد بوادي، أحمد النعيمي، مصطفى منيغ، رضا الدبّابي، فوزي مسعود ، مراد قميزة، أشرف إبراهيم حجاج، إياد محمود حسين ، الهيثم زعفان، منجي باكير، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الله الفقير، د - صالح المازقي، عمار غيلوفي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. خالد الطراولي ، عواطف منصور، صفاء العربي، سليمان أحمد أبو ستة، د. أحمد محمد سليمان، يزيد بن الحسين، د- جابر قميحة، د.محمد فتحي عبد العال، رمضان حينوني، ماهر عدنان قنديل، عبد العزيز كحيل، صلاح المختار، طارق خفاجي، ضحى عبد الرحمن، عراق المطيري، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود فاروق سيد شعبان، حاتم الصولي، د - المنجي الكعبي، د - الضاوي خوالدية، خالد الجاف ، محمد الطرابلسي، المولدي الفرجاني، د. صلاح عودة الله ، بيلسان قيصر، د. أحمد بشير، أبو سمية، علي عبد العال، فهمي شراب، صفاء العراقي، نادية سعد، وائل بنجدو، عزيز العرباوي، سفيان عبد الكافي، يحيي البوليني، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رحاب اسعد بيوض التميمي، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، د - عادل رضا، حميدة الطيلوش، الناصر الرقيق، صالح النعامي ، محمد يحي، كريم السليتي، تونسي، عمر غازي، د. عبد الآله المالكي، محمد علي العقربي، رافد العزاوي، أ.د. مصطفى رجب، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صلاح الحريري، فتحي الزغل، إيمى الأشقر، مصطفي زهران، محمد اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة