رشيد السيد احمد
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7783
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أقولها لأنني سوري .. و لأنني أحب بلدي، و قبل ذلك أحب وطني العربي الكبير الذي تحتضن سوريا معظم مقاوماته.. و أقولها لأن سوريّا كانت، و ما زالت، و ستبقى في بؤرة الحدث، كما سيبقى صدرها مشرعا في ساحة المؤامرات.. و لأنّ سوريا فعلا تختلف عن مصر، و تونس ..نعم هي قد لا تختلف عنهم بآمالهم، و آلامهم، و طموحاتهم، و التركيبة السياسيّة، و الفساد .... و لكنّها تختلف لأنّ سوريا كحالة بشريّة فريدة ..تشبه العراق، و لبنان في الكثير، و تشبه مصر في شيء، و تشبه ليبيا في شيء، و اليمن في شيء، و فيها شيء من التركيبة الخليجيّة .. و في سوريّا ديانات .. نعم ديانات، و فيها مذاهب، و فيها أثنيّات، و إيديولوجيات، و قبائل، و عشائر ..و في سوريّا أيضا فلسطينيون، و أرمن و كرد مهاجرون، و تركمانيون، وشركسيون، شيشانيون، و داغستانيون، و غجر، و قبل هذا، و ذاك هذه التركيبة هي قوام شعب حرّ، و شهم كريم، و مضياف .. و حسّاس، و حضاري، و الأهم من ذلك أنّه شعب نبيل ذكي .. يدرك الأبعاد، و لا تدركه الأبعاد .. و هنا أتذكر الدكتور محمد المنسي قنديل .. و قد كنت معه في تحقيق صحفي لمجلّة العربي الكويتيّة .. عندما صعقه رجل تسعيني أمّي يعيش في أقصى شمال سوريّا، و هو يحدّثه عن مجلّة العربي، و عن بعض كتّابها ..و رؤساء تحريرها المصريّين ..و حتّى لا ننسى درس درعا ..فيجب أن نخاطب هذا الشعب بما لا يستفزّه، و يستفزّ ذكائه ..و هذه للإعلام العبري الناطق بالعربيّة الذي يصنع الحدث، و لا ينقله .. و التي تهددنا بانقسام المجتمع السوري و تدخّل النظام الدولي ..و هذه أيضا للجامعة العربيّة التي يقودها سكرتير فاسد (بأجندة خليجيّة ) ..
و في سوريا لدينا عبقريات فذّة خلقها الله، ثمّ كسر قالبها..و على مدى عشر سنوات كان عليك أن تسبّح بحمد ناجي العطري الذي لم يخلق مثله في البلاد، و الدردري الذي جاب الصخر بالواد، و محمد الحسين ذي الأوتاد .. و في سوريّا وزراء فاسدون مفسدون، و مدراء عامّون لا يقلّون فسادا، وفي سوريّا محافظون، و رؤساء بلديات يدّعون صداقة الرئيس ليمارسوا سلطتهم، و كأنهّم رؤساء في محافظاتهم ( يطلقون إشاعات أنّ لديهم ضوء اخضر منه، و يساهم الطقم الفاسد الذي من حولهم في الترويج لمثل هذه الأكاذيب )، و هم يعملون لمصالحهم، و لاحتكارات الفساد أكثر مما يعملون للمحافظة على اسم الرئيس، و في سوريا قيادة قوميّة ؟، و قيادة قطريّة ؟، و أحزاب جبهة وطنية ؟، و بضع فروع أمنيّة ؟، و مجلس شعب ؟؟؟، و محاكم عسكريّة ؟، و محاكم مدنيّة ؟؟، و جهازي رقابة ؟، و شبكتي خليوي ؟ و مفتي جمهوريّة ؟؟، و حتى لا ننسى درس درعا فعند أوّل استحقاق كان الرئيس لوحده في عين العاصفة ..يجبّر، و يقرّر، و يجيّر ..
و في سوريّا لدينا إعلام، له وزارة، و تلفزيون له قنوات فضائية، و إذاعة، و جرائد، و وكالة أنباء .. و لكن كلّها حضر عليها الكركدّن ..يقودها متورمون، و موظفون لا علاقة لهم بإعلام، و لا من يعلمون ..ذات الوجوه، و ذات نظام العرض منذ أن خلقها النظام .. أظهرت الأحداث قزامتها، و بعدها عن نبض الشارع الذي تُوجّه له .. فلا مراسل في منطقة الحدث ، و لا صورة، و لا كاميرا تنقل الصورة المضادة .. التي تتحدث عنها، و تتبنّاها ...إعلام مطبّل محَوقل ..بائس، يائس مُيَئس يكفيه عارا عزوف المواطنين عنه، و الالتفات إلى غيره من قنوات الإعلام، و إن اشترى احد جريدته فمن اجل الكلمات المتقاطعة، و زوايا لبعض المحررين .. فَجَعنا، و تركنا لمختلف أنواع الإعلام يلعب بنا .. فلا نعرف من نصدّق، و من نكذّب، نبحث عن قشّة حقيقة في هذا التسونامي الإعلامي المتدفق علينا من كلّ حدب، و صوب ..و حتّى لا ننسى درس درعا، فليخرج هذا الإعلام لتصوير المظاهرات التي بالمئات، و ليُسحب فتيل التصوير على الخليوي الذي يُمنتج ثمّ تقوم عليه التحليلات، و تبنى عليه بعض الأكاذيب ..
و في سوريّا لدينا هيثم منّاع ( و هذا تشاركنا به فرنسا، و قناة الجزيرة )، و ناشطون سياسيون ( لا تضحك عزيزي القاريء )، و ناشطون حقوقيون ( أيضا لا تضحك )، و ناشطو حقوق إنسان، و هم ابعد شيء عن الإنسان .. ركبوا موجة الدماء التي اهريقت في درعا، و معظمهم لا يعرف درعا..لا يتحدثون إلاّ عن معتقلي الرأي، و المساجين السياسيين،.. و حول الأمن، و العسف الأمني يدندنون ..لكنهم بعيدون عن الطبقات المسحوقة، و الفقراء، و الأميين، و بائعو البسطات .. غير معتقدين أنّ هؤلاء هم الباروميتر الذي يقيس نبض الشارع و لأنّهم من البرج العاجي يتكلمون .. فإنّ تحريضهم للجماهير جاء مبتورا، و هشّا .. و كانوا في معظم استعراضاتهم على القنوات الفضائيّة مقلدّون لناشطي مصر، و لكنهم مقلدون فاشلون .. يصبّون الزيت على النار، و ينقلون الأكاذيب، و الإشاعات، و يحرضّون، و يصرخون ،و كي لا ننسى درس درعا، فإنّه عند أوّل استحقاق كانوا لا يحركّون قشّة في قلب مواطن سوري ..و الذين تحركوا يوم الجمعة على جانبي الوطن لا علاقة لهما بناشطين .. أو محرضين ..
و في سوريا لدينا معارضة داخليّة .. تبدأ من ربيع دمشق، و إعلان دمشق، و لا تنتهي بربيع 14 محافظة، و قرية نائية، و إعلانها..( هي بدأت بصالونات ) .. برنامجها الوحيد كشف عورات النظام التي يعرفها الكبير، و الصغير ..بعض رؤوسها اختلف مع النظام على تقاسم الحصص الماليّة .. تصرخ في صحراء النظام، فيجيب عليها امن النظام عسفا، و سجنا .. فلا برنامج واضح، و لا أقل من جمعيّة .. جُبلت على كره النظام، و ابتعدت عن قواعد الشعب الذي يرزخ تحت الفقر، و البحث عن لقمة العيش، و الأميّة، و البعيد عن الثقافة السياسيّة .. تنفخ في قربته المقطوعة، و تسبح كيفما شاء لها القدر .. تفاجأ الشعب برؤوس لهذه المعارضة بالخارج لم تطاولها عصا النظام ، و على خلفيّة الأحداث الدرعاويّة .... تحلّل، و تنظّر على قنوات الكرة الأرضيّة، و تستجلب لنا الويل، و للنظام الثبور .. و حتّى لا ننسى درس درعا .. فإن الشعب ليس كلّه انتليجسيا صالونات، و جانبي الوطن لا علاقة لهما بمعارضة، و معارضين
و لسوريّا، و هذه ( فآلية الأثافي ) .. معارضة خارجيّة قوامها فاسدو النظام الهاربون، و عملاء المخابرات الغربيّة، و طريدو النظام الذين لم يطئوا أرض سوريّة منذ أربعين عاما .. توحدّوا علينا عندما كانت سوريّا تحت الضغط الأمريكي محاصرة، و محاربة ، و تفرقوا علينا عندما خرجت سوريا أقوى من قبل .. يعتقدون أنّ الشعب غبيّ فيوغلون بالتحليل السياسي ، و يزبدون، و يرعدون على النظام باسمنا .. و هؤلاء باستثناء القليل .. لا يهمّهم الشعب السوري بقدر ما يهمّهم الكرسي الذي يحاربون نظامه، و لو جاؤوا على ظهر دبابة، و من رفعت الأسد، و عبد الحليم خدّام إلى البيانوني .. غرف عمليات .. و تمويل مخربّين، و دعم معادين، و لأنّهم لم يفقهوا درس مصر، و تونس، و أنّ الشعب لا يخرج من اجل الظلم وحده، بل من اجل الكرامة التي باعها هؤلاء للصهاينة، و أنّ فلسطين التي تواطأ على حصارها حسني مبارك، و القيادات الفلسطينيّة التي تواطأ على اغتيالها زين العابدين بن علي، و ليبيا التي تواطأ على العاملين الفلسطينيين فيها معمّر القذافي، هي المقياس الذي يثبت الحكّام، أو ينزعهم، و حتّى لا ننسى درس درعا علينا ألاّ نكذب صورة السلاح، و المال في الجامع العمري ( أنا أكذب الإعلام الرسمي لكنني أصدّق بثينة شعبان )..
و في سوريا لدينا محافظة أسمها درعا ..نحبّها، و نعترف لها بالحقّ في أن تثور على الظلم، و الجور .. ونعترف لها بالحقّ في أن تفخر بشهدائها، و طالما أنّها ( سلميّة .. سلميّة ) فليس لها الحقّ بأن تحرق مبنى المحكمة ( قناة العربيّة تنبأت بذلك قبل ساعة ) ..و ليس لها الحقّ في مهاجمة مراكز الأمن، أو إطلاق النار على سيارة الإسعاف التي خرجت لتسعف رجال الأمن ( كيف أصيب رجال الأمن بالأعيرة.الناريّة ؟؟ ) . و لي الحق أن اسأل لماذا تمّ التصوير بالخليوي فجر الأربعاء، و مصابيح الشارع مضاءة ..و هم يتحدثون عن الكهرباء ؟؟ و لي الحقّ أن اسأل : من أين جاءت شرائح الخليوي الأردنيّة ؟؟ و لي الحقّ أن اسأل : لماذا شتم ( الأطفال ) على جدران مدرستهم النظام ؟؟، و لماذا هذا الفزع الأمني منهم ؟؟، و لماذا لم يتمّ عزل من يسمى بـ " المندسين ؟؟؟ " من الذين تحدث عنهم أبناء درعا في الإعلام الرسمي ..و حتّى لا ننسى درس درعا، فلي الحقّ قبل هذا، و ذاك أن أسأل : لماذا تمّ إحراق صور السيد حسن نصر الله بالتزامن مع حديث الفتنة لمأمون الحمصي (و هذا كلب رفعت الأسد ) .. عن تدخّل عناصر من حزب الله على خطّ الأحداث في درعا ..
و لسوريا على عكس البلدان رئيس يختلف الشعب فيه ، و هذه فضيلة تميّز هذا الشعب البسيط في حبّه الغيور على شبابه و من هؤلاء الشباب رئيسه الذي جرّب هذا الشعب على مدى عمر حكمه .. و قد جعله هذا النظام رئيسا يغرّد خارج السرب .. تواطأت على مسيرة قيادته، إرث الفساد الذي لم يشارك في صنعه، و أجندات الحرس القديم، و أحلام المنشقين، و خبرة جاءت على عجل .. و مؤامرات الصهاينة، و الحصار الغربي الذي طوّقه فيما بعد عام 2003 المشؤوم ..
و لأنني أحبّ سوريا .. ( و أنا دفعت لموقفي ضد الفساد 20 عاما من عمري ) .. و لكي نستفيد من درس درعا، و حتّى لا يذهب مع الريح .. فأنا أقول لك : أيّها الرئيس.. لا شكّ أن هناك بعضا من المؤامرة الخارجيّة فرضتها مواقف سوريا .. و لكنّك تعرف كره شعبك لإسرائيل، و أمريكا ..، و أنت تعرف أن هذا الشعب يتحرك بقوة دفعه الذاتيّة دون أي أيدي، أو تحريض ..فجرّب محبّة هذا الشعب الشهم الحرّ، و الكريم ، و أنا أقولها لك : شعبك هو الضامن لك .. و هو الذي يحميك، اجعله مستشارك، و اخرج اليوم مع هذا الشعب لتسقط هذا النظام ..الذي مازال يعمل ضدكما منذ 11 عام ..
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: