د -غالب الفريجات
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6686 dr_fraijat@yahoo.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مع انعقاد دول مؤتمر عدم الانحياز مؤتمرها، وقد تجاوز عدد اعضاؤها المائة عضو، في ظل هيمنة القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية، وخاصة ان الدول المجتمعة جميعها وبدون استثناء ما عادت قادرة على تمثيل حركة عدم الانحياز، لانها اما دول مرتبطة جذريا في الامبراطورية الاميركية، او مضبوعة وخائفة امام هيمنة الادارة الاميركية، ولا تقوى على مواجهتها، والوقوف في مواجهة تعليماتها، والتي وصلت لجميع اعضاء المؤتمر، بشكل مباشر للبعض وبشكل غير مباشر للبعض الآخر.
دول عدم الانحياز حتى في ذروة مجدها لم تستطع تحقيق شعار عدم الانحياز، لانها في معظمها كانت على علاقة ود وصداقة مع المعسكر الاشتراكي، ممثلا بالاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية، وفي حالة عداء مع الغرب اوروبيا واميركيا، نظرا للارث الاستعماري الذي يتسم به، والى بشاعة الرأسمالية، وتطلعاتها في السعي للسيطرة على الشعوب، ونهب خيراتها وثرواتها.
ان ازدياد حجم الاعضاء في منظمة عدم الانحياز لا يعكس مدى اهميتها، ولا الدور الذي تلعبه، وانما الى الحرية التي باتت بعد سقوط احد القطبين، بالاضافة الى التحرر من كثير من الالتزامات، التي تترتب على الدول في حالة وجود صراع بين قطبين، كما كان في عهد الثنائية القطبية.
ان بدايات تشكيل منظمة عدم الانحياز، قد اتسمت بقياداتها العالمية التاريخية، التي وقفت بحزم في وجه الاستعمار، وانحازت الى المعسكر الاشتراكي بصورة او بأخرى، وذلك ان هناك فرقا شاسعا بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي، وكان في نية القادة التاريخيين لحركة عدم الانحياز ان يكون هناك معسكر ثالث، يستطيع ان يحفظ حالة التوازن والغلواء في العداء بين المعسكرين، ويحفظ حق دول وشعوب دول العالم الثالث من محاولات الهيمنة والاحتواء.
ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي وهيمنة الولايات المتحدة، تغيرت لغة الخطاب لدى دول منظمة عدم الانحياز، فاصبحت بيانات المنظمة تخلو من ادانة لواشنطن، رغم عدوانها على اعضاء لهم مكانتهم في دول منظمة عدم الانحياز كالعراق مثلا، الى جانب افغانستان، كما ان الكيان الصهيوني لا يتمتع بالادانات المعهودة في بدايات تكوين المنظمة، على الرغم انه يقوم باحتلال ارضي ثلاث دول من دول عدم الانحياز.
انه ليس في صالح الامة العربية انهيار الاتحاد السوفييتي، وقد كان العرب يأملون في التعدد القطبي، حتى يتخلصوا من هيمنة القطب الواحد، او حتى استقطاب القطبين، ولم يكن من مصلحة العرب ان يكونوا مع هذا القطب او ذاك، الا بالقدر الذي يخدم قضاياهم الوطنية والقومية، وفي المقدمة منها اليوم فلسطين والعراق، وكان امل العرب ان يتطور القطب الرأسمالي نحو الاشتراكية والتنازل عن الاستعمار، ويتطور المعسكر الاشتراكي نحو الحرية في داخل الاتحاد السوفييتي، ونحو الاعتراف بحقوق الانسان والقوميات، ولن يتم هذا التطور بشقيه الا اذا امتنعت الحرب.
لقد سقطت حركة عدم الانحياز مع سقوط الاتحاد السوفييتي، وهيمنة الامبراطورية الاميركية، وشنها الحروب على دول العالم، وتهديد الامن العالمي، وتدمير دول العالم وشعوبها من اجل عودة الاستعمار الجديد، وكان لاحتلال افغانستان وغزو العراق واحتلاله ضربة كبرى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي لحركة عدم الانحياز، وقد أصبحت الحركة عاجزة عن القيام بمهمات مبادئ الحركة، واصبح الكثير من اعضائها تحت الهيمنة المباشرة للادارة الاميركية، الى جانب ان البعض الآخر من الدول لا يجرؤ على المواجهة مع اميركا، فان حركة عدم الانحياز قد فقدت مبرر وجودها، ولم تعد قادرة على تمثيل المبادئ التي وضعها الزعماء التاريخيون للحركة.
ان الحياد الايجابي هو اللغة الصحيحة للعرب والذي يتطلب التخلص من الاستعمار، والحرية في الداخل وممارسة حقوقنا القومية، والعمل على اشاعة الامن والسلم الداخلي، الذي لايسمح لأي فريق ان يجد ذريعته في الانحياز لهذا المعسكر او ذاك، ولايعني الحياد الايجابي مهادنة من يحتل الارض، وينادي بالديمقراطية والحرية، من اجل ان يحقق اهدافه العدوانية الامبريالية الاستعمارية، لانه لابديل عن الانفكاك عن الاستعمار والعمل من اجل التحرير والتحرر، ومن هنا يجب ان يكون في طليعة اهداف العرب العمل على وحدتهم وتحرير ارضهم واشاعة الحرية والديمقراطية بين صفوفهم.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: