النخب العلمانية لدينا مزيفة وفاسدة وتتاجر على الأمة
منى محروس المشاهدات: 11226
قالت الدكتورة هدى عبد الظاهر، الأستاذة بجامعة الأزهر: إن قادة الأمة الحقيقيين الشعبيين عليهم أن يقوموا بدورهم على خير وجه، وأن يبتغوا بعملهم وجه الله ولا ينظرون إلى الدنيا أو محاباة المسئولين ومجاملتهم؛ لأن هذا المسلك يضيع رسالتهم وإخلاصهم لدينهم ولأمتهم، ويضاعف من مشكلات الأمة ومن حالة الضعف التي نعيشها.
وعرَّفت الدكتورة هدى هؤلاء القادة الحقيقيين؛ بأنهم القادة الدينيون والفكريون والثقافيون الذين لم تخترهم الأنظمة والحكومات، وإنما التفت حولهم الأمة لثقتها فيهم، فهم حظوا بهذا التوثيق والقبول نتيجة لسابق سيرتهم الحسنة، ومواقفهم وصدقهم، وحسن تعبيرهم عن الدين وعن الناس ومشكلاتهم وقضاياهم.
وترى الدكتورة هدى عبد الظاهر، أن أمتنا تدور في حلقات دائرية مفرغة، ولا تتقدم إلى الأمام وإنما تدور حول نفسها، وفي أحيان كثيرة تتراجع للخلف، ولهذا أسبابه التي لا يجهلها الناس، فالأمة مفروض عليها حصار من أعدائها الذين اتفقوا ألا يتركوا لها الفرصة للإفلات من هذا الواقع السيئ، وهذا أمر معروف تاريخيًّا منذ الحروب الصليبية، وإذا كانت هذه المؤامرة الدولية حقيقة واقعة فإن التعاطي معها كان سيئًا.
فقطاع كبير من قادتنا السياسيين والفكريين استسلموا للمؤامرة، ورأوا أننا لا ولن نستطيع أن نفعل شيئًا، وأن الأفضل هو القناعة بما يسمح لنا به الغرب، ثم السير في فلكه وعدم الصدام معه، والتنسيق معه سياسيًّا وعسكريًّا وعلى كل الأصعدة.
وقطاع ثانٍ قالوا: إنه ليست هناك مؤامرة، وإنما نحن أمة تفتقد الموارد والإمكانات والذكاء، وتفتقد أسس التطور والتقدم؛ وبالتالي فإن علينا أن نقنع بما أوتينا، ولا نعلق مشكلاتنا على شماعات الغرب.
وهناك قطاع ثالث؛ رأى أنه لا حل لهذه المعضلة إلا بالصدام مع الغرب، والدخول معه في مواجهة عسكرية، وفي تنفيذ التفجيرات داخل بلاده للرد على المظالم التي يرتكبها في حقنا.
وترى الدكتورة هدى أن ردود الفعل الثلاثة السابقة كلها كانت خاطئة، فالمؤامرة موجودة لاشك في ذلك، لكن لا ينبغي الاستسلام لها بأي حال من الأحوال، وعلينا أن نركز على دورنا نحن في مشكلاتنا، لا أن نركز على دور الآخرين في هذه المشكلات.
فجهدنا الداخلي في الارتقاء بالتعليم والمناهج، وفي التدريب وتوطين التكنولوجيا، وتحقيق العدالة بين الناس، وكذلك المشاركة السياسية ومنع الاستبداد، والاهتمام بالبحث العلمي والتصدي للفساد ... إلخ، كل هذه أمور تتعلق بنا نحن وبإرادتنا الذاتية وبقرارنا، ولو أبلينا فيها بلاء حسنًا فسوف يتغير حالنا لا محالة.
لكن المشكلة هنا هي في حالة الهزيمة النفسية للنخب السياسية الحاكمة تجاه الغرب، وفقدان هذه النخب لإرادة الاستقلال والتنمية الذاتية، والتصدي لمحاولات الغرب لإلحاقنا به وبمحاولاته لنهب ثرواتنا والسيطرة على قراراتنا ومقدراتنا.
وتضيف الدكتورة هدى عبد الظاهر: إن من يقول أنه لا توجد مؤامرة غربية، وأن الأمر يتعلق بنقص أو فقداننا للموارد والإمكانات والذكاء وأسس التطور؛ فهذا قمة السلبية والهزيمة والإحباط يصل إلى مستوى الكارثة، فكل أمة لديها إمكانات وذكاء وكفاءات.
وفي نفس الوقت لها أعداء يحاولون منع تقدمها، وقد رأينا ذلك في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، فكانت هناك تحديات كثيرة والأعداء من كل جانب، ولكن تحقق الفعل الحضاري وساد المسلمون العالم.
وبعد الحرب العالمية الثانية تستحق تجربتا ألمانيا واليابان التأمل والدراسة، فقد كان هناك "فيتو" غربي عليهما، ومع ذلك حدث التحدي داخل الدولتين، وحدث التصميم؛ فكانت معجزة التنمية التي حققتها الدولتان.
وهكذا؛ فإننا ورغم مشكلاتنا الكثيرة، لو امتلكنا إرادة التغيير والتطور والاستقلال وصممنا عليها وأعدنا ترتيب بيوتنا من الداخل؛ فسوف نصل.
وتعترض الدكتورة هدى على خيار الاصطدام غير العاقل بالغرب عبر عمليات التفجير، وتقول: إن الأمور واضحة، فإذا احتل الغرب بلادنا كما في أفغانستان والعراق وفلسطين؛ فقد وجب علينا الجهاد، وهو أمر تقره الأديان والأعراف والمواثيق الدولية.
وعلينا أن ندير أمورنا مع الغرب بعقلانية وذكاء، فنرفض سيطرته الاقتصادية والسياسية والعسكرية والفكرية والثقافية، ونتمسك بخصوصيتنا وذاتيتنا، وفي نفس الوقت نحاول التعاون معه فيما يعود علينا بالفائدة، أما التعامل العشوائي العنيف فكله أضرار وليست فيه فوائد.
وتلفت الدكتورة هدى عبد الظاهر إلى أنه إذا كانت أنظمتنا السياسية قد استسلمت للغرب وانهزمت نفسيًّا وفكريًّا وسياسيًّا أمامه، وتعاونت معه ونفذت أوامره حتى تستمر في الحكم، فإن قادة الأمة الحقيقيين وغير الرسميين عليهم أن يكونوا أكثر شجاعة في مواجهة هذه الأنظمة؛ لأنهم إذا لم يتصدوا لها بقوة وثبات وأمانة لكي ينتزعوا حقوق عامة الأمة، فلن يستطيع غيرهم القيام بهذه المسئولية، خاصة وأن النخب العلمانية أثبتت أنها نخب مزيفة وفاسدة، وتتاجر على الأمة وتسعى لمصالحها الخاصة.
-----------
وقع تغيير طفيف في العنوان الاصلي للمقال
مشرف موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: