يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بدأت المؤامرة الصهيونية عمليا مع نهاية القرن التاسع عشر، مع انعقاد مؤتمر بال ( 1897)، الذي اقر باستهداف فلسطين لتكون وطنا قوميا لليهود، تحت دعاوي وهلوسات دينية، وبعد خمسين عاما، قامت دولة الكيان الصهيوني على (78%) من ارض فلسطين التاريخية، تلاها احتلال كامل التراب الوطني الفلسطيني في عام (1967).
وبعد فوز اليمين الصهيوني في انتخابات (2009)، بزعامة المجرم نتنياهو وحزبه اليميني، حزب الليكود، قام عدد من أعضاء الكنيست الصهيوني (54) عضوا، بمناقشة اعتبار الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين، أي اغتصاب كامل فلسطين، وضياع الهوية الوطنية الفلسطينية، والتآمر على الهوية الوطنية الأردنية، وضياع حقوق الشعب العربي الأردني في وطنه، في ظل صمت رسمي أردني وعربي، رغم ما بين النظام الأردني والكيان الصهيوني من معاهدة سلام، ادعى مؤيدوها أنها قبرت الوطن البديل.
الحالة المزرية التي وصلنا اليها عائدة على أن النظام العربي الرسمي، تناول قضية اغتصاب فلسطين ووجود دولة الاحنلال على انه امر واقع، فنظر الى الصراع العربي الصهيوني، بأنه صراع حدود لا صراع وجود، على عكس ما يخطط ويهدف الكيان الصهيوني في السعي لتحقيق اهداف الحركة الصهيونية واعلانها الدائم ان حدود " اسرائيل " من النيل الى الفرات.
ومن هنا فان المعاهدة مع مصر لم توقف ممارسات التآمر على الأمن الوطني المصري، وكذلك هي معاهدة وادي عربة، فانها لم تقبر مؤامرة الوطن البديل، مما يؤكد ان التعايش مع الاغتصاب والاحتلال امر غير ممكن على الاطلاق، وان البديل في السياسات الوطنية والقومية، باتباع سياسة الممانعة والمقاومة، فبالممانعة نكتسب الصمود، ونرفض أي لون من الوان التطبيع، وبالمقاومة نسعى لحشد قوى الامة العربية من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي، لمواجهة المشروع الصهيوني والقضاء عليه.
ان الصمود الوطني والموقف الوطني امر مطلوب، ولكنه لن يكون بديلا عن الصمود والموقف القومي، وان تذرع البعض بغياب الموقف القومي الموحد، لايعفيه من الصمود الوطني، والوقوف في وجه الأطماع الصهيونية، وعدم التعاون مع من يحتل الأرض ويشرد الشعب، ومن يريد ان يتعامى عن قدرات الكيان الصهيوني والتي تتطلب قدرات وامكانيات الأمة العربي يعيش في الوهم، ظنا منه ان تجربة حزب الله يمكن ان تكون في كل بلد عربي على الاقل من دول الطوق، ناسين ان حزب الله لولا الدعم لما استطاع الصمود، وان حزب الله ليس معنيا بتحرير فلسطين، بعد ان تم احتلال الجنوب اللبناني من قوات اليونفيل الدولية، وان من يلعب بالورقة الطائفية لا يمكن ان يكون قادرا على التحرير، لان الاقليمية والقطرية والطائفية ليست عناوين تحرير.
المشكلة لا تكمن في بيان الكنيست الصهيوني، بل في وجود هذا الكيان على الأرض، والمعالجة تتم من خلال سبل اجتثاث الكيان الغاصب، لا الالتفات الى أعماله، مبتدئين بالغاء المعاهدات وازالة التطبيع، والتهيئة للصمود والمواجهة، والعمل على حشد طاقات الأمة بدون خلق ذرائع في ممارسات النظام الرسمي، لان الامة اكبر من كل الانظمة، ومن تكون اهدافه التحرير يعتمد على الجماهير وقواها الوطنية والقومية والدينية، بكافة مؤسسات المجتمع المدني.
العمل على نشر ثقافة المقاومة، وتعزيز المعاني الوطنية والقومية والدينية في نفوس ابناء الأمة العربية، ومحاربة الاقليمية والطائفية، لان الهدف الصهيوني يمس كل ابناء الأمة، ويستهدف الأمة في وحدتها وثقافتها، وفتح باب المقاومة لكل جماهير الأمة، حتى يساهم فيها الجميع، وخير نموذج لنجاح المقاومة عاى الأرض العربية ما تقوم به المقاومة العراقية الباسلة، التي رفضت الاعتماد على أي نظام عربي، لانه اما ان يكون خائنا او جبانا، وفتحت باب المقاومة لكل عراقي، بدون أي اعتبار عرقي او طائفي، لايمانها ان الوطن العراقي وطن واحد، وان العراقيين جميعا يتحملون شرف التحرير.
ان العمل الفعلي يتطلب ان نقف الى جانب المقاومة على الأرض العربية، فمن يقف ضد المقاومة في العراق ليس جديرا بالحديث عن الصمود في الأردن، ومن يتنفس قطريا او اقليميا او طائفيا لن تخدعنا لغته النارية في هذا الاجتماع او اللقاء، وخاصة ممن يعترفون بحق الكيان الصهيوني في البقاء، ومن لا يهمه الا ان ينال جواز سفر غير معني بالتحرير، لأنه فقد الأمل في تحرير الأرض المغتصبة، ومن كانت نواياه ان يسجل موقف ضد هذا النظام او ذاك فقد شبعنا من هذه المواقف والعنتريات فهي ممارسات فردية لاتفيد أي عمل جماعي، الى جانب ان نظامنا العربي الرسمي عموما قد فقد مبرر وجوده، ومن كان على شاكلته فان التأثير فيه كالضرب في الميت.
النظام العربي الرسمي، ما عاد يهتم بكل الأصوات الكلامية، ولا بلغة التنديد والتشهير، وهذه هي السبل التي يطرب اليها، لانها ليست ذات فعل على ارضية التأثير في هذا النظام مادامت قواه الامنية والمخابراتية على اطلاع بكل ما نقوم به في اجتماعاتنا، وهو لم يعد يعنيه من الأوطان والمواطنين شيئ، فكل ما يسعى اليه هو استمراريته في الحكم، حتى لو كانت هذه الاستمرارية مغموسة بالذل والعار والمهانة.
هذه المقالة ليست ردة فعل على هذا الموقف او ذاك، ولا هي احباط من أي اجتماع او لقاء، هي احساس بالمسؤولية عما يجري في الساحة العربية، امام العهر الصهيوني الاميركي في فلسطين والعراق، وهي اعلان واضح بأن لابديل عن الممانعة والمقاومة، وكل ما يجري التعامل فيه مع الكيان الصهيوني على وجه الخصوص هو ادانة لمرحلة عربية رسمية، ارادات ان تسجن الأمة في خندق الذل والمهانة، وان المقاومة مع اية ملاحظات على بعض اطرافها اشرف منا جميعا .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: