البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

صورة المرأة في وسائل الإعلام

كاتب المقال فاطمة حافظ   
 المشاهدات: 24973



يمثل مؤتمر بكين الذي انعقد في منتصف التسعينيات حدًا فاصلاً بين مرحلتين من مراحل الاهتمام بقضايا المرأة؛ فبعد بكين حدث تبدل جذري في نوعية القضايا المطروحة للنقاش، وفي طرق معالجتها ونوعية القائمين عليها وأهدافهم ومدى ارتباطهم بالأجندة الدولية المتعلقة بحقوق المرأة، وقد بدا واضحًا أن الإعلام بات يحظى باهتمام زائد باعتباره أحد الأدوات الأساسية التي يمكن من خلالها إحداث تغيير في الثقافة المجتمعية المرتبطة بدور المرأة وحدوده وضوابطه الدينية والأخلاقية، كما أن بمقدور الإعلام أن يمهد لبعض المفاهيم والقيم الوافدة ويجعل قبولها ميسورًا, وذلك باعتماده على عنصر التكرار والإلحاح في تناول الفكرة وعنصر الإبهار البصري الذي يحول دون وقوف المشاهد أمام المدلولات المتضمنة وغير المعلنة التي يحملها المشهد البصري.

مجلات المتعة والتسلية



تكاد تجمع الدراسات المتكاثرة التي ظهرت في أعقاب مؤتمر بكين والمعنية برصد صورة المرأة في وسائل الإعلام (المقروءة والمسموعة والمرئية) أنها جميعًا تقدم صورة سلبية للمرأة, وذلك على اختلاف توجهاتها، وعلى سبيل المثال فإن الدراسات المسحية التي أجريت على المجلات النسائية العربية أكدت أنها تخصص حوالي 75% من صفحاتها للجوانب الجمالية والمظهرية للمرأة: كالأزياء وأدوات الزينة أو المشاكل العاطفية للقارئات مع إغفالها الأبعاد النفسية والداخلية للمرأة, وهكذا يتم تصوير المرأة وكأنها مظهر وشكل جميل دون أي مضمون داخلي، وهذا يدل على أن القائمين عليها على قناعة بأن المرأة تولي الاهتمامات المظهرية والشكلية عناية قصوى على حساب قدراتها الذهنية والفكرية.

وضمن هذا الإطار يمكن أن تدرج بعض المجلات النسائية التي تدعي الصفة الإسلامية – وهي منها براء - وذلك حين تكرّس نفسها لمتابعة أحدث صيحات الأزياء التي لا يمكن وصفها بأنها شرعية، وتتفنن في صنع أشكال متعددة للحجاب؛ فيتحول معها الحجاب إلى رمز للتبرج بدلاً من أن يكون رمزًا للاحتشام والعفاف.

وبرأينا أن تلك المجلات أسوأ أثرًا من المجلات النسائية الأخرى بإشاعتها ثقافة التبرج بين المحجبات مع عبثها بمواصفات الزي الشرعي.

استنادًا إلى هذا ترى الباحثة الإعلامية جوك هيرمز أن هناك عنصرين أساسيين تقوم عليهما الصحافة النسائية على اختلافها وهما: "المتعة" و"التسلية", وهي تذهب إلى حد افتراض أن قراءة إحدى المجلات النسائية ينتج عنها متعة تتساوى مع المتعة المتحققة من تناول قطعتين من الشيكولاتة، معتبرة أنه مثلما لا تنمي المجلة النسائية أفكار المرأة وثقافتها فإن قطعة الشيكولاتة لا تنمي جسدها أو تغذيه.


فضائيات الجسد



أما وسائل الإعلام المرئية فيمكن القول: إنها تصور المرأة بصورة أكثر سوءًا حين تعمد إلى استغلال جسد المرأة وكأنه سلعة في سوق الفيديو كليب، وتفيد الإحصاءات أن ما يقارب من ربع الفضائيات العربية مخصصة للفيديو كليب، ولا يمكننا أن نعثر على أي كليب يخلو من النساء حتى ولو كان المطرب رجلاً، وتعد مساحة العري أحد المؤشرات الدالة على نجاح الكليب وإمكانية تحقيقه جماهيرية.

وهذا التوظيف للجسد النسوي ليس قاصرًا على القنوات الغنائية, وإنما يمتد ليشمل طائفة أخرى من القنوات التي شهدت ظاهرة "المذيعة النجم" القادرة على استقطاب المشاهدين, ليس لمضمون ما تقدمه وإنما لنجاحها في جذب الانتباه، وهي ظاهرة آخذة في الانتشار إلى الدرجة التي دفعت بعض القنوات لأن تستعين بملكات جمال أو عارضات أزياء من أجل تقديم البرامج.

ومع طغيان الجوانب الشكلية لا يمكن الحديث عن عمق في المضمون، فهذه الفضائيات تقدم "المتعة المطلقة" الخالية من أي مضمون ديني أو خلقي أو فكري، وذلك بإفراطها في التركيز على النماذج التي تحقق المتعة للمشاهد كالممثلات والراقصات وتقديمهن باعتبارهن قدوة ومثلاً أعلى، على حين تتعمد تجاهل النماذج الملتزمة دينيًا, والتي استطاعت تحقيق مكانة علمية، وبهذا تخل بالميزان الأخلاقي الذي يحتكم إليه المجتمع وتحدث تشوشًا في المعايير الأخلاقية لدى الشباب خصوصًا.

التركيز على الجسد واتخاذ المرأة أداة للمتعة لا يعد المظهر السلبي الوحيد في تعامل هذه القنوات مع المرأة، فهناك إصرار على تصوير العلاقة بين الرجل والمرأة على هيئة صراع مفتوح وممتد بين الطرفين، وعلى التعامل مع المرأة باعتبارها كيانًا فرديًا منعزلاً وكأنها لا ترتبط بأسرة أو مجتمع. وهي الاتجاهات التي ترسخت بعد مؤتمر بكين، وتجلت في مراقبة اتحادات المرأة لمضمون المادة الإعلامية للتأكد من خلوه مع ما يتناقض مع الاتفاقيات الدولية بشأن المرأة، ولعل المثال البارز على هذا تدخل المجلس القومي للمرأة في مصر وضغطه على مؤلف مسلسل عائلة الحاج متولي لإدخال تعديلات قسرية تدين مفهوم تعدد الزوجات في الحلقة الأخيرة، ولم يستطع الرجل إلا الإذعان.

ولا يتوانى هؤلاء عن المطالبة بضرورة تخليص وسائل الإعلام مما يسمونه "الأدوار التقليدية للمرأة"، كأن تصور أمًا وأختًا وزوجة ويعتبرونها أدورًا نمطية تكرس لدونية المرأة، وفي المقابل يدعون لإبراز أدوار المرأة العاملة باعتبارها أدورًا عصرية، وليس مشكلاً جوهريًا أن صاحب هذا استغلال لجسد المرأة من قبل وسائل الإعلام؛ إنما المشكل – بنظرهم - تقديم صورة سلبية عن قدراتها العقلية.


في مواجهة الابتذال



وهكذا أضحت المرأة فريسة أصحاب القنوات الفضائية المتاجرين بجسدها من جهة، وأنصار الرؤى النسوية المتاجرين بعقيدتها وقيمها من جهة أخرى، حتى تدنت صورة المرأة في وسائل الإعلام إلى أدنى مستوياتها، ولعل هذا ما استنفر بعض النسوة الفاضلات ممن شعرن بمسئوليتهن الدينية والخلقية في ضرورة التصدي لذلك الإسفاف؛ وتوجهن إلى مدير إحدى الشركات التجارية في القاهرة وهددنه بأنهن سينظمن حملة لمقاطعة منتجه إن لم يقم بتغيير الإعلان الذي تظهر فيه الفتيات بشكل مبتذل للغاية، فقام الرجل من فوره وسحب الإعلان من الفضائيات.

إننا نسوق هذا المثال لنؤكد أن هناك إمكانية للضغط لتعديل موقف الإعلام وجعله أكثر التزامًا واحترامًا، ليس للنساء فحسب وإنما للتعاليم الدينية والأخلاقية، وليس بعيدًا أن تؤدي مقاطعة إحدى القنوات الفضائية ولو لمدة يوم واحد فقط إلى إحداث تأثير إيجابي للغاية في هذا الاتجاه.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

المرأة، حقوق المرأة، منظمات نسائية، منظمات نسوية، تغريب، الجندر، وسائل إعلام، قنوات فضائية، جنس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-04-2009   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رشيد السيد أحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسن الطرابلسي، فهمي شراب، منجي باكير، فتحي الزغل، عواطف منصور، سلام الشماع، محمود طرشوبي، فتحـي قاره بيبـان، عبد العزيز كحيل، د. عبد الآله المالكي، د. صلاح عودة الله ، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، ماهر عدنان قنديل، سعود السبعاني، طلال قسومي، د - محمد بنيعيش، رحاب اسعد بيوض التميمي، ضحى عبد الرحمن، محمد يحي، أحمد ملحم، د - شاكر الحوكي ، يحيي البوليني، نادية سعد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهادي المثلوثي، جاسم الرصيف، فوزي مسعود ، سليمان أحمد أبو ستة، سامح لطف الله، الناصر الرقيق، محمد عمر غرس الله، أحمد الحباسي، إياد محمود حسين ، عبد الله الفقير، سيد السباعي، محمد الياسين، د. أحمد بشير، بيلسان قيصر، محمد أحمد عزوز، يزيد بن الحسين، مصطفي زهران، كريم فارق، المولدي اليوسفي، مراد قميزة، د. مصطفى يوسف اللداوي، رمضان حينوني، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- محمد رحال، محمد اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، حاتم الصولي، د. أحمد محمد سليمان، د- جابر قميحة، محمد الطرابلسي، العادل السمعلي، محمد العيادي، إسراء أبو رمان، محمود فاروق سيد شعبان، فتحي العابد، محمود سلطان، د - المنجي الكعبي، محمد شمام ، صفاء العربي، د - الضاوي خوالدية، محرر "بوابتي"، صلاح المختار، سلوى المغربي، سفيان عبد الكافي، حسن عثمان، د - صالح المازقي، سامر أبو رمان ، د - مصطفى فهمي، رضا الدبّابي، أحمد النعيمي، عمر غازي، تونسي، د - عادل رضا، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد بوادي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ياسين أحمد، وائل بنجدو، د - محمد بن موسى الشريف ، علي عبد العال، عزيز العرباوي، مصطفى منيغ، صفاء العراقي، أنس الشابي، د. خالد الطراولي ، مجدى داود، عبد الغني مزوز، عبد الرزاق قيراط ، صباح الموسوي ، محمد علي العقربي، د. طارق عبد الحليم، رافع القارصي، طارق خفاجي، علي الكاش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أشرف إبراهيم حجاج، الهيثم زعفان، رافد العزاوي، د- محمود علي عريقات، كريم السليتي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عراق المطيري، د- هاني ابوالفتوح، عبد الله زيدان، أبو سمية، صالح النعامي ، حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أ.د. مصطفى رجب، خبَّاب بن مروان الحمد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة