الأدب والإعلام العلمانيان وجنايتهما على المرأة المسلمة
أسماء العمدة المشاهدات: 8989
صورة المرأة المسلمة تم تشويهها عبر روايات وقصص الأدب العربي الحديث، وبالذات تلك التي تحولت إلى أفلام وأعمال درامية في وسائل الإعلام العربية العلمانية، واتسع اختراق هذه الروايات والقصص والأفلام لعقل ووجدان الشعوب العربية لكي تبث من خلالها مفاهيم أسرية واجتماعية معادية للإسلام ومغايرة لواقع المرأة المسلمة عبر مختلف الأقطار الإسلامية.
شخصية المرأة المسلمة في معظم الأعمال الأدبية العربية الحديثة والتي قدمت في شكل أفلام وأعمال درامية تدور في معظمها حول البعد العاطفي وتبتعد تمامًا عن مشاكل وهموم وواقع المرأة داخل إطارها الأسري، وتركز دائمًا على بعض فئات من النساء غير الطبيعيات وتصورهن في معظم الأعمال على أنهن القاعدة، مثل النساء اللواتي يمارسن أفعالاً دنيئة كالتسول والتجسس والدعارة وتجارة المخدرات وممارسة ما يسمونه بالفن من غناء ورقص، كما أن العلاقات الغرامية وغير الشرعية هي الموضوع الأساسي في كثير من الأعمال الأدبية التي لا تخرج عن علاقة الخيانة بين رجل وامرأتين أو بين رجلين وامرأة، وقد ابتعدت هذه الصور عن الواقع، حيث القاعدة العامة للمرأة المسلمة التقية الورعة التي ترعى الله في زوجها وأولادها.
إن هذه الصورة المقدمة للمرأة عبر تلك الروايات والقصص والتي تحولت إلى أفلام وأعمال درامية، وأنفق على إنتاجها الملايين وسخرت من خلالها عوامل الإبهار والحبكة، كان لها دور بالغ الخطورة في إحداث خلخلة اجتماعية داخل العديد من الكيانات الأسرية، وهكذا فإننا بحاجة إلى دراسات ميدانية تتناول خطورة هذه الأعمال ومدى تأثر قطاعات عريضة بها وخصوصاً المرأة غير المتعلمة.
الأدب العربي الحديث، وبالذات في الأشكال الروائية والقصصية والشعر، متأثر إلى حد بعيد أو كامل بالنماذج الفكرية الأوربية، وبالتالي فإن الموضوعات والتصورات التي يعالجها هذا الأدب تتسم في مجملها بغلبة النظرة الغربية العلمانية والمسيحية إلى كل من المرأة والرجل، وتصطبغ بالقيم والمفاهيم الأوروبية، على الرغم من أن أسماء الشخصيات وأماكن الأحداث قد تبدو عربية بحتة، وتصوير شخصية المرأة هو أحد المجالات التي انعكست فيها هذه الظاهرة.
وشخصية المرأة كما تبدو في معظم الأعمال الأدبية تنفصل عن الواقع والبيئة والقيم الإسلامية كمحرك وباعث لها وضابط لسلوكها، ولذا نجد أن مفهوم الحب وفق النظرة الغربية هو المفهوم الحاكم والمسيطر على تصوير المرأة في الأدب العربي الحديث وهو الذي يهيمن على سلوكياتها ويكون محور اهتمامها دون أن يكون لها أية اهتمامات أو بواعث أخرى. وحتى هذا الحب يجري تصويره بعيداً عن المفاهيم الإسلامية، فهو إما حب على النمط الأوروبي، يملك على المرأة كل مشاعرها واهتماماتها، أو حب يميل إلى الناحية الجنسية أيضًا وفق الواقع الأوربي.
وهذا التشويه يتم على عدة مستويات، الأول هو إسقاط مفاهيم غربية علمانية على المرأة العربية المسلمة وجعل هذه المفاهيم تبدو كما لو كانت أمرًا طبيعياً.
والمستوى الثاني هو حصر اهتمام المرأة في الأدب في عاطفة الحب بين الجنسين المتمثل في إطار العشق والغرام خارج إطار الزواج. ونجد هنا وهناك صورة لنساء مسترجلات يرددن شعارات علمانية عن تحرير المرأة أو عن الثورة بمفهوم شيوعي ولكنهن في نهاية الأمر يخضعن لعاطفة الحب مع أحد الرفاق .
فالأدب العربي الحديث وبالذات في أشكاله الروائية والقصصية بحاجة إلى عملية نقد لتحليل صورة المرأة وذلك من وجهة نظر إسلامية لا من وجهة نظر علمانية، ونقد هذه الظاهرة كفيل بأن يضع الأمور في نصابها ويعيد للمرأة العربية المسلمة شخصيتها وهويتها وقيمها بل وسلوكياتها المستمدة من القرآن والسنة.
قد يكون هناك ادعاء بأن الأدب العربي الحديث عبر عن صورة المرأة وشخصيتها من خلال نماذج واقعية في روايات نجيب محفوظ أو إحسان عبد القدوس أو غيرهما، لكن هذا لا يمثل إلا نسبة ضئيلة جدًا ويعبر عن نوعيات بعيدة عن القاعدة العريضة للمرأة العربية المسلمة، ولكننا نلاحظ أن معظم الأعمال الروائية والقصصية ركزت على جوانب من اللهو والرقص والعواطف الرخيصة البعيدة عن قيم وسلوكيات المرأة العربية المسلمة، وفي بروتوكولات حكماء صهيون نصوص تتعرض لوسائل اختراق العقل والمجتمع المسلم من خلال تشويه المرأة، كما أن مؤسسي السينما والمسرح ومعظمهم يهود عملوا أيضًا على تشويه هذه الصورة ومن ثم تلاقت الأغراض والأهداف فاستعان القائمون على السينما والمسرح بالأعمال الأدبية التي تشوه المرأة والواقع عمومًا، بهدف إبعاده عن القيم والتقاليد الإسلامية، وبدون شك فإن الأعمال الأدبية والفنية تركت آثارًا سلبية على الكثير من المجتمعات العربية وخصوصًا تلك التي تعاني من الأمية والأمية الثقافية فأصبح هناك تقليد أو تصديق لما يتم عرضه من أعمال روائية من خلال الفنون المسرحية والسينمائية، والتي تعرض نموذج الراقصة على أنه مثال للإنسانية والبطولة والتضحية، هذا إلى جانب الممارسات الاجتماعية غير الأخلاقية والبعيدة تمامًا عن الإطار الشرعي الذي يحكم العلاقات الأسرية.
إن كون المرأة تصور على نحو غير واقعي في الأدب العربي الحديث لهو دليل على أن كثير من هؤلاء الأدباء العلمانيين المتغربين يتجاهلون الواقع، لأن الواقع في كثير من مجتمعاتنا العربية والإسلامية فيه المرأة قادرة على الإسهام بصورة إيجابية في مجتمعها وهي متمسكة بالقيم والأخلاق الإسلامية، بل يمكن أن أقول إن مجتمعنا كله مدين لهذا النموذج من النساء التي تربي الأجيال المتتابعة وتقدم لكل جيل مقوماته الأخلاقية، في حين أن المرأة المتحررة عاجزة بالضرورة عن التأثير في بيئتها الخاصة وفي المجتمع كله، إنها قد تمثل نموذجًا متألقًا ولكنه يظل عاجزًا عن ثقل قيمه وأفكاره غير النابعة من ثقافتنا وقيمنا، وهناك العديد من النماذج النسائية المسلمة القادرة على العطاء والفاعلية، فالمرأة التي يموت عنها زوجها وتربي أطفالها، والمرأة الريفية البسيطة المتدينة، والمرأة المتعلمة المثقفة الداعية، هي النماذج الشائعة والعريضة والتي يشهد لها الواقع، وافتقار الأدب العربي الحديث إلى هذه النماذج دليل عجز الأدباء عن إدراكهم للواقع وقصورهم على الإحاطة بجوانبه، وهنا يأتي دور الأديب المسلم للكشف عن مثل هذه النماذج المضيئة للمرأة المسلمة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: