البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التبعية والهوان: إلى متى ..؟

كاتب المقال محمد يوسف عدس   
 المشاهدات: 7663



هل يذكر أحدكم أول مرة ظهر فيها برويز مشرّف رئيس باكستان السابق أمام كاميرات التلفزة العالمية بعد إنقلابه العسكري المشهور على نواز شريف ..؟؟ وهل لاحظ أحدكم كما لاحظتُ عندما خرج من منزله ليجيب على أسئلة مراسلى الصحف الأجنبية ماذا كان يحمل على صدره بيده اليسرى فوق موضع قلبه (بالقاف)..؟؟ لقد كان برويز مشرّف يحمل كلبّا صغيرا أبيض اللون من كلاب الزينة المفضّلة فى أمريكا وفى بلاد الغرب بصفة عامة ...

لم تفتنى هذه الصورة النادرة شديدة الغرابة .. وظلت مرتسمة فى مُخيّلتى تطفو على الذاكرة كلما ذُكر اسم الرجل أو رأيته على شاشة التلفاز .. لقد إنبثق فى عقلى عن الرجل إنطباعا، وفكرة ظلّت تتأكد لى وتترسّخ عندى يوما بعد يوم .. ولم يخيّب الرجل ظنّى فى أي موقف أو حادثة ارتبطت به منذ أول يوم إستولى فيه على السلطة إلى أخر يوم غادرها فيه غير مأسوف عليه ...

لم يخيّب ظنى بمعنى أنه لم يتصرف فى موقف ولم يعلّق بكلام على حادثة أو واقعة إلا ماكنت أتوقّعه منه .. أو قريبا جدا مما كنت أتوقّعه .. إنه بالنسبة لى طراز من البشر أشعر بالرّثاء له .. واُ أُكِـنّ له إحتقارًأ شديدا .. الرثاء لأنه لم يكن فى حاجة إلى هذه المسخرة التى ظهر بها أمام العالم يعرض فيها نفسه للبيع لمن أراد أن يشترى .. فقد كان حتى اللحظة الأخيرة ضابطا محترما فى الجيش وقائدا أثبت وجوده وجدارته فى كل المواجهات الساخنة مع الجيش الهندي على الحدود الباكستانية .. اما الإحتقارفلأنه أراد أن يصل إلى السلطة من طريق خر غير الطريق الديمقراطى عبر الإنتخابات ، وفضّل القفز إليها عبر إستخدام القوة العسكرية .. إستنادا إلى قوّة أجنبية هى الولايات المتّحدة وملوٍّحا إليها بما يستطيعه من خدمات لإنجاح مشروعها الإمبريالي الجديد ...

كان حمل الكلب على موضع القلب باليد اليسرى رمزا بالغ الدلالة .. محمّلا برسالة صارخة فى تعبيرها .. لا يمكن أن تفوتنى دلالتها .. ولا يمكن للساسة فى الغرب أن يفوّتوها دون أن تخضع لأجهزتهم فى الرصد والتحليل للوصول إلى مغزاها وأبعادها ...

فماذا قال برويز مشرّف فى رسالته الرمزية ..؟ وهو ما فعله بإخلاص نادر طوال مدة حكمه لم ينحرف عنه قيد أُنملة ..؟؟: لقد قال (أو هكذا أتخّيّل): أنا برويز ... منكم .. أُومن بثقافتكم الكلبيّة (كما وصفها الفيلسوف الأسلامى مالك بن نبي).. أنا خادمكم المخلص مهما تكن التحدّيات ومهماتكن التضحيات المطلوبة منى .. أحلامكم أوامر وأوامركم واجبة التنفيذ .. أنا برويز رئيس ثانى أكبر دولة مسلمة فى العالم .. الدولة التى أنشئت لتكون نموذجا للدول المسلمة الأخرى أضع نفسى وبلادى وموارد شعبى وقواتها العسكرية فى خدمة مخططاتكم فى هذه المنطقة من العالم .. ولست أعبأ بهؤلاء الرعاع ولا بدينهم وعقائدهم .. ولا بأحلامهم وتطلّعاتهم إلى الحرية والعدالة والديمقراطية والعيش مسلمين فى أمن وكرامة .. ولا تنسوْا أن لديّ مهارات مرموقة فى خداع هؤلاء الرعاع .. فقد انطلت عليهم حيلتى العبقرية فى السناريو الذى ألّفته عن قصة المؤامرة التى إستهدفت حياتى بإسقاط الطائرة التى كنت أستقلها عائدا إلى أرض الوطن .. حيث استُقبلت كبطل من الأبطال .. واكتسبت عطفا مكّننى من الإرتقاء إلى السلطة بسهولة ويسر ...

كان أول إختبار على المحك لبرويز مشرف عندما اعتزمت أمريكا ضرب أفغانستان وكلّفت وزير خارجيتها "كولن باول" لجس نبض حلفائها فى المنطقة ومدى استعدادهم لتقديم العون إلى القوات الأمريكية الغازية ... ولندع كولن باول يتحدث بنفسه عن هذا الإختبار .. قال كولين باول: كان أول اول اتصال لى مع برويز مشرف عبر التليفون .. وكنت أحمل فى يدى ورقة بها ستة مطالب من الإدارة الأمريكية للرئيس الباكستانى .. كنت أعتبر نفسى ناجحا فى مهمتى لو قبل منها ثلاثة أو أربعت مطالب فقط .. ولعظم دهشتى وجدت الرجل (بدون مناقشة ولا استفسار) يقبل الطلبات الستة بلا قيد ولا شرط .. ويطلب منى أن أبلّغ الرئيس بوش عظيم تحياته وتمنياته الطيبة فى مهمته بأفغانستان .. ثم يقارن كولين باول بين هذا الموقف وموقف رئيس جمهورية أوزبكستان الذى راوغ وسَاوَمَ على ثمن هذه المساعدات .. وأكّد على شروطه .. وقد لعنه كولين باول فى جلساته الخاصة كتاجر طماّع وحقير [ وقد علّقت على هذه الواقعة فى مقال لى قلت فيه: ليفهم أصدقاء أمريكا .. ولا يُخدعون بكلامها المعلن عن اعتزازها بصداقتهم ، فإن لها رأى آخر فيهم لا يُذكر .. إلا فى المجالس الخاصة .. وهذا هو قْدرهم الحقيقي فى نظرها: أنهم تُجار يبيعون كرامتهم ومصالح شعوبهم بثمن بخث]... لست أدرى إذا كان حُكام العرب وبلاد المسلمين من أصدقاء أمريكا الذين يعادون شعوبهم ويكرّسون جهودهم فى خدمة المشروع الأمريكى الصهيوني فى منطقة الشرق الأوسط – لست أدرى إذا كانوا يدركون هذه الحقيقة .. وإذا كانوا يتذكرون مصير الشاه الإيراني و ماركوس الفلبيني .. ويتذكرون كيف انتهت حياتهم التعيسة منبوذين من شعوبهم ومن كل بلاد العالم .. داستهم الصديقة العزيزة أمريكا .. فلم تسمح حتى بإيواء الشاه فى أرضها .. وعندما سمحت بإيواء ماركوس .. استولت منه على 42مليار دولار هى كل ثروته التى جمعها طول حكمه من نهب الشعب الفلبيني وسرقة ثروته وتحويل أموال المساعدات الدولية لحساباته الخاصة .. تركته الصديقة أمريكا مفلسا يعانى من مرضيْ السرطان والفشل الكلوي حتى هلك .. ورفض الشعب الفلبيني أن تُدفن جثة ماركوس فى أرضه ... هل يعتبر أصدقاء أمريكا بما ينتظرهم من مصير مأساوي ..( قتل الكلاب الضالة أرحم من هذا المصير...!)

كل هؤلاء اأصحاب عاهات .. وعاهاتهم مزمنة لا علاج لها .. هؤلاء لم يأتوا باختيار شعوبهم عبْر انتخابات جماهيرية حرّة بل ضد رغبة وإرادة هذه الشعوب .. لذلك فهم يكرهون شعوبهم ويحتقرونها .. ويتطلّلعون دائما إلى التميّز والتفرّد واحتكار السلطة والثروة جميعا إنهم لا ينتمون إلى شعوبهم وإنما ينتمون: إما إلى عصبية القهر والقوة العسكرية.. فيهبطون على الناس من براشوت أو من فوق ظهر دبابة .. أو ينتمون إلى عصبية قبلية موروثة .. نشأوا فى الترف واستمرأوا حياة القصور والأبراج العاجية ويعتبرون أنفسهم جنسا متفوّقا على سائر البشر.. إختصّهم الله بالحكم والسلطان فى الدنيا والعز والرفاهية فى الآخرة .. كلاهما : (عصبة القهر وعصبة القصور المترفين) جميعا يشتركون فى نوع واحد من التبعية والولاء لقوّة أجنبية تدعّم سلطانهم وتساعدهم للإحتفاظ بالسلطان فى أعقابهم وذراريهم .. وتمدّهم بالنصيحة والمعرفة بأساليب التحصين ضد تقلّبات الرعاع وثوراتهم .. وتنهض لأنقاذهم من هجمات أعدائهم والطامعين فيهم من الجيران والإخوان ... إستطاع هؤلاء أن يخلقوا حولهم بطانة من الأتباع والمنافقين والخبراء فى اللعب بالعقول يزيّنون للناس القبيح ويقبّحون لهم الحسن ليعيش الناس فى وهم وضلال فلا يعرفون الحقيقة ولا يستيقظون من ضلالاتهم ...

(2)

ننتقل من هذه الصورة البائسة المظلمة لحُكّام أذلاّء فرّطوا فى كرامتهم واحتقروا شعوبهم واستمرأوا البقاء فى السلطة رغم إرادة شعوبهم ولم يعد لهم سند يحمى سلطانهم إلا أعداء أمّتهم وجلاّديها .. وأعنى على وجه التحديد أمريكا وإسرائيل .. ننتقل من هذه الصورة المعتمة إلى صورة مشرقة أخرى لقادة وزعماء كرّسوا حياتهم لتحقيق آمال شعوبهم وتطلعاتها فأوْلتهم شعوبهم الثقة واختارتهم قادة وحكاّما فى انتخابات حرّة نزيهة .. أضرب لهذا النموذج المشرق برئيس وزراء تركيا "رجب طيب أردوجان" الذى نقلت التلفزة العالمية وقائع موقفه الرائع فى الردّ على أكاذيب شيمون بيريزفى جلسة خصصها مؤتمر دافوس لمناقشة الأوضاع فى قطاع غزة .. ولكن رئاسة الجلسة سمحت لبيريز بأكثر من 25 دقيقة لتبرير العدوان الإسرائيلي على غزة .. وقاطعت أردوجان وهو يرد على أكاذيب بيريز ، ولم تسمح له إلا بنصف الوقت الذى سمحت به لبيريز .. قال أردوجان م محتجّا ومفنّدا وهو ينظر إلى بيريز: " ... أعلم سبب رفعكم صوتكم فى الحديث، ذلك بسبب شعور بالندم ... وعندما يتعلق الأمر بالقتل فإنكم أكثر من تفهمونه .. أعلم كيف تضربون وتقتلون الأطفال على شواطئ غزة" .. حاول أردوجان أن يكشف للحاضرين عن حجم الجريمة البشعة التى صنعتها إسرائيل فى غزة ولكن قاطعه رئيس الجلسة وطلب منه إنهاء كلامه .. وشعر الرجل أن هذه الجلسة قد صُممت لكى تدافع إسرائيل عن نفسها وعما اقترفته فى غزة .. فنهض الرجل محتجّا لينسحب من المؤتمر وهو يوجه نقدا لاذعا للذين صفقوا لبيريز وكانهم يوافقون على جرائم الحرب التى ارتكبتها إسرائيل فى غزة ... عاد أردوجان إلى تركيا عند الفجر ليجد آلاف الأتراك من شعبه يستقبلون رئيسهم إستقبال الأبطال .. يحيونه على شجاعته وعلى غضبته فى الحق .. وعلى تعبيره عن مكنونات قلوبهم .. كان الأتراك قد فرشوا له الأرض من المطار إلى مقر سكنه بأزهار القرنفل ... فى حين تتمنى شعوب أخرى لو تتمكّن من إستقبال أو توديع حكّامها بقذائف أحذيتهم كما تمكّن الصحافى الجريئ فى العراق من قذف بوش بحذائه الذى دخل به التاريخ ...

اعلم أن أردوجان هذا لم يهبط على الناس من طائرة ولا من ظهر دبابة.. ولم يأت من انتخابات مزورة أونتيجة أرقام فبركتها الشرطة .. أو عن طريق أصوات بيعت بالرشوة والقهر .. وإنما جاء عن طريق إنتخابات حرة بريئة من التزييف والتزوير .. جاء من قلب الجماهير وبإرادتها الحرة .. جاء أردوجان وخلفه تاريخ مضيئ مشرّف يعلمه الناس من قبل .. فقد تولى إدارة محافظة اسطنبول فى حكومة نجم الدين أربكان .. وكانت اسطنبول من قبله تعانى من الفساد السياسي والمالي ومن مشاكل فى المياه والكهرباء والمواصلات والنظافة .. وشيوع الرزيلة والبغاء فى المدينة .. ومشكلات فى المهور والزواج والعنوسة .. جاء الرجل ومعه أطقم من الرجال والخبراء المخلصين فقضى على هذه المشكلات فى وقت قياسي .. ولما سأله الصحافيون من أين جئت بكل هذه الأموال لتصنع بها هذه المعجزة .. وقد كانت الحكومات السابقة تعتذر عن النهوض بالمدينة لقلّة الأموال..!؟ فكان رد أردوجان أنه قال: "أنا لم أصنع معجزة .. كل مافعلته أننى أوقفت الفساد السياسى وألإدارى فى هذه المدينة العظيمة .. وأخذت بشدّة على أيدى أولئك الذين إعتادوا على نهب الأموال العامة و سوّغوا لأنفسهم سرقة أموال الناس .. وعنما تولى رئاسة الوزارة لأول مرة إستطاع أن يخرج تركيا من أخطر أزمة إقتصادية إنهارت فيها العملة التركية إلى الحضيض .. جعلها غير قادرة حتى على تسديد ديونها .. فقد أوصلها الأغبياء المترفون الفاسدون إلى حافة الإفلاس .. فانتشلها أردوجان من وهدتها .. وأطلق فيها شرارة الإنتاج والنشاط والإتقان .. وأكسبها إحترام أعدائها قبل أصدقائها .. فلما انتهت مدة ولايته الأولى كان اردوجان وحزبه قد إكتسبا حب الجماهير واحترامها وثقتها أكثر مما مضي .. وقد ظهر هذا واضحا فى نتائج الإنتخابات المبهرة التى أعادته إلى الحكم بأغلبية ساحقة .. مكّنته فى ولايته الثانية أن يحدث إصلاحات مذهلة فى الدستور وفى قمة السلطة الجمهورية .. وهاهو لأول مرة فى تاريخ تركيا الحديث يكسر التابّو (المحرم) فيوجه نقدا بل هجوما كاسحا على السياسة الإسرائيلية فى عدوانها على قطاع غزة .. ويتحدى رئيس الكيان الصهيوني فى منتدي دافوس الدولي فى جرأة أذهلت شيمون بيريز فاحتقن وجهه من الغضب ولكنه أُرْتِج عليه فلم ينطق بكلمة واحدة .. ذلك لأن وراء الطيب أردوجان ِشعب يحبّه ويثق فيه ويسانده أمام أى قوة خارجية تريد أن تنال منه .. أما نحن فإن حكامنا يستأسدون علينا .. ويتناعجون أمام سالومى الصهيونية ويستسلمون للمسات أصابع بيريز وطبطبات كف أولمرت على الظهور .. وكأنه يقول برافوا لقد أحسنتم .. هكذا الموقف الصحيح والعمل الصالح الذى يقرّبكم منا .. ويجعلكم أهلاً لفيض كرمنا وإحساناتنا ...!!

النموذج الثانى وباختصار هو شافيز ووزير خارجيته .. ولقد اشرت فى مقالات سابقة إلى موقف شافيز الحاسم الشحاع من العدوان الإسرائيلى ,, هذا الرجل الذى يحكم دولة تبعد عنا آلاف الأميال ولا يتكلم لغتنا ولا ينتمى إلى ثقافتنا ولا ديننا .. وليس عضوا فى جامعتنا العربية المباركة ولا فى مؤتمر دولنا الإسلامية .. ولا يرتبط معنا باتفاقية الدفاع العربى المشترك التى داسها العرب بأقدامهم وهم فى طريق هرولتهم نحو إسرائيل منذ كامب دافيد.. التى جبّت كل رباط عربي مقدّس قبلها .. هذا الرجل طرد السفير الإسرائيلى من بلاده إحتجاجا على عدوان بلاده على غزة وقطع العلاقات الدبلماسية معها .. وكان جزاؤه من عاهلنا المعظم رئيس لجنة القدس الشريفة قطع العلاقات مع بلاده وطرد سفير فنزويلا من بلاد العرب المغربية .. تناغما مع العزيزة إسرائيل .. وما كان شافيز هذا بحاجة إلى كل هذا الإضطراب لو أنه اكتفى بعبارة أواثنتين من الشجب أو التعاطف الفارغ كما فعل أكثر القادة مثل قول عباس: "أيها الإخوة الأحباء فى غزة ..." أو قول غيره من القادة العرب: " إن االدّم الفلسطيني ليس رخيصا ولا مستباحّا ..." ثم لا شيئ بعد ذلك .. وكفى الله المؤمنين القتال ..!! لو قال شافيز هذا فقط لاستحق منا الشكر.. ولقلنا له جزاك الله خير الجزاء على موقفك النبيل.. ولكنه أقدم على مالم تجرؤ عليه دولة عربية شقيقة ينظر إليها الجميع أن تنهض للنجدة عند الشدة وتضرب المثل للأشقاء لكى يحذو حذوها .. فإذا بها تغلق الباب العربي الوحيد لدخول المساعدات الإنسانية إلى أشقائنا المنكوبين فى غزة .. أين أنت يايوسف بيك وهبى لتطلق عبارتك الشهيرة: " ياللهول ...!!"

أما وزير خارجية فنزويلا فاستمع إليه فى برنامج تلفازى على الجزيرة الساعة الرابعة والنصف مساء يوم 10-1- 2009 وهو يقول لا فُُُضّ فوه: :" إن الإسرائيليين اليوم عوراتهم مكشوفة أمام أعين العالم... رسالتهم القتل .. ونحن هنا فى بلادنا نتعاطف مع أشقائنا الفلسطينيين .." ثم ينصح الجميع قائلا: "كل واحد منا عليه أن يُعمل ضميره ويحاسب نفسه هل هو يقدّم بالفعل ما يستطيع تقديمه لوقف هذه المجزرة فى غزة ...؟؟ على كل إنسان [ إنسان...] فى هذا العالم أن يشعر بالعار لأننا رأينا شعبا يُقتلع من أرضه ولم نفعل له شيئا ... ما نشاهده فى غزة لا يشكل قضية معقّدة كما يحاول البعض إيهامنا .. فعندما يستخدم الإسرائيليون أحدث الأسلحة والقنابل المحرّمة لقتل الأطفال فتحترق أجسادهم وتتمزّق أشلاؤهم أمام أعيننا فالقضية واضحة .. فليس هناك تكافؤ فى استخدام القوة .. جيش مدجّج بالسلاح يحارب شعبا أعزل ... ولا يجب أن يشعر الشعب الفلسطيني أنه يقف وحده فى المعركة ... لابد أن يعلم أن قلوب العالم تنتفض حول هذه الحرب المجزرة ..." ثم يضيف موضّحا: "إن عداءنا ليس موجّها ضد اليهود، ولكن للعصابة الصهيونية فى إسرائيل .. التى تصنع الآن هولوكست (محرقة ) فى غزة .. لو كان فى العالم عدالة حقيقية لقُدّم هؤلاء المجرمون للمحكمة الجنائية العالمية مع مجرمين آخرين مثل بوش فهو مسئول عن قتل مليون عراقى وأكثر من أربعة آلاف شاب أمريكى وعشرات الآلاف من المعوّقين ... إن هؤلاء المجرمين جميعا يستحقون العقاب فإذا أفلتوا من عقاب الدنيا فلن ينجوا من العدالة السماوية أمام الله..." يا له من رجل ينضح لسانه بالصدق ..!! فقارن بينه وبين ما يقوله وزيرنا أبو الغيط عن حماس المجاهدة الصابرة المنتصرة .. كلام لا تقوله إلا إسرائيل وربيبها عباس..!! وتهديده للفلسطينيين فى غزة إذا تجاسروا وعبروا إلى أرض سينا فستُقطع أرجلهم وأيديهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض .. !! عجيب أنت يا وزير خارجية فنزويلا .. فقد ذكّرتنى ملامح وجهك النبيلة بملامح وجه أحمد عبد العزيز فى دوره الممتاز (المظفّر قطز) .. هذه ملامح عربية أصيلة إنحدرت إلى وزير خارجية فنزويلا من أجداده الأسبان لا تخفى على المدقق الباحث .. وقد صادفت عشرات من هذه النماذج الأسبانية التى تجري فى عروقها دماء عربية من بقايا الأندلس العربية الغاربة.. ومن يدري لعل فى روحه أيضا بقايا من روح العروبة الغابرة .. وروح الإسلام التى خبا مصدر ضوئها الأول .. ولكن بقيت موجات من إشعاعاتها الخافتة تسرى فى هذا الكون الهائل الإتساع .. فإذا صادفت قلبا حيّا لم تنطمس فيه الفطرة الإلاهية استقرت فيه وبعثت فيه نبض الإنسانية وشهامة العروبة التى افتقدناها .. وأيقظت فيه العشق لعدالة الإسلام ونُبله .. وقد تنكّرنا لكل هذه القيم العظيمة التى آثرنا الله بها.. ورضينا باالعيش أذلاء تابعين مهمّشين فى هذا العالم .. كاليتامى يأكلون الفتات من بقايا موائد اللئام الأقوياء .. فهل هو إختيار إخترناه أم قُُُهرنا عليه قهرًا ...؟

إجابة هذا السؤال تأتى فى[ قصة العنزة ..] أقصّها فى حلقة قادمة بمشيئة الله وتوفيقه، إذا كان فى العمر بقية .. وما توفيقى إلا بالله عليه توكلنا .. هو مولانا وإليه المصير...


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تبعية، استعمار، سلطة، شرف، شجاعة، تغريب، تركيا، الباكستان، فنزويلا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-02-2009   almesryoon.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، محرر "بوابتي"، د - المنجي الكعبي، فتحي العابد، صلاح المختار، العادل السمعلي، الهيثم زعفان، رشيد السيد أحمد، جاسم الرصيف، محمد أحمد عزوز، ياسين أحمد، د- محمد رحال، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد الطرابلسي، يحيي البوليني، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، وائل بنجدو، عبد العزيز كحيل، علي الكاش، سامر أبو رمان ، منجي باكير، فوزي مسعود ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلام الشماع، عمر غازي، د. عبد الآله المالكي، سلوى المغربي، سيد السباعي، محمد شمام ، طارق خفاجي، حميدة الطيلوش، د. طارق عبد الحليم، محمود فاروق سيد شعبان، محمد اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، رافد العزاوي، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح الحريري، عزيز العرباوي، د - صالح المازقي، حاتم الصولي، علي عبد العال، سامح لطف الله، حسن الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، طلال قسومي، د. صلاح عودة الله ، د - شاكر الحوكي ، د - الضاوي خوالدية، عراق المطيري، د - محمد بن موسى الشريف ، د - عادل رضا، محمد الياسين، أحمد النعيمي، محمد العيادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صالح النعامي ، الناصر الرقيق، مصطفى منيغ، مراد قميزة، أنس الشابي، تونسي، رضا الدبّابي، سفيان عبد الكافي، سعود السبعاني، د- جابر قميحة، صفاء العربي، بيلسان قيصر، د - محمد بنيعيش، حسن عثمان، محمد يحي، د.محمد فتحي عبد العال، عمار غيلوفي، عبد الله زيدان، محمود سلطان، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بوادي، عبد الغني مزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحـي قاره بيبـان، د. عادل محمد عايش الأسطل، رمضان حينوني، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، صباح الموسوي ، عواطف منصور، يزيد بن الحسين، أبو سمية، الهادي المثلوثي، محمود طرشوبي، د- محمود علي عريقات، د. خالد الطراولي ، نادية سعد، فهمي شراب، عبد الرزاق قيراط ، خالد الجاف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد ملحم، إياد محمود حسين ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إسراء أبو رمان، د - مصطفى فهمي، محمد عمر غرس الله، كريم السليتي، صفاء العراقي، مجدى داود، ماهر عدنان قنديل، خبَّاب بن مروان الحمد، أ.د. مصطفى رجب، كريم فارق، د. أحمد محمد سليمان، د. أحمد بشير، محمد علي العقربي، فتحي الزغل، أحمد الحباسي، المولدي اليوسفي، مصطفي زهران،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة