البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

عندما تشوّه الأفلام العربية تعدد الزوجات

كاتب المقال عبدالباقي صلاي   
 المشاهدات: 9996



لا عجب إذا قلنا إن ما فعلته السينما العربية وفي خلال سنوات معدودة من تأثير على النفس والذهنيات العربية يساوي أضعافاً مضاعفة لما فعله الاستعمار الثقافي على مدار قرن ونيّف من الزمان، فما خلفته هذه السينما من تشويه على مستويات عدة فكرياً وحتى عقائدياً يفوق كل التصورات، لقد صنعت لوحدها جيلاً يؤمن بكل ما تطرحه هذه السينما من أفكار في غالب الحالات هي أفكار ماكرة تدلل على هبوط وخسة من يروج لمثل هذه الأفكار وتلك المعتقدات.

السينما العربية إضافة إلى المسلسلات تمكنت من هيكلة العقل العربي، وبرمجته على موجات وترددات أقل ما يقال عنها إنها منفصلة عن كل ما تعتقده الأمة العربية الإسلامية، وما ظلت لقرون تعتقده هذه الأمة العربية والإسلامية أنه الحق والصواب.

ولا يغرنك حديث المخرجين والمنتجين والفنانين بأنهم يعالجون أمراض المجتمع العربي، بل هم من جاؤوا بتلك الأمراض، وزرعوها في جسم هذا المجتمع الذي لم يكن يصدق أنه خرج منتصراً من معركة التواجد الاستعماري، ومن معركة محاولة تدجينه وتهجينه، ومسخه كالقردة والخنازير.

من الأفكار التي روجت لها هذه الأفلام والمسلسلات العربية فكرة أن التعدد يهدم البيوت، ويشرد الأسرة، وهذا لوحده تشويه لما جاء به الإسلام فيما يخص التعدد الذي يعتبر مشروطاً تحكمه القيود، ولو أننا حريصون على أن مثل هذا الموضوع يكون له تفرد لوحده بالدليل والحجة والبراهين الشرعية لأنه كما يقول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله -: "أن هناك من هذه الأمة من لا يحق له أن يتزوج واحدة فضلاً عن أربع لأن هناك الكثيرين من هم ليسوا أكفاء لأن يكونوا أزواجاً وأرباب بيوت".

ولمسنا هذا في واقعنا الحياتي كيف أن الرجل الذي يريد أن يعدد رغم اكتمال كل الشروط الضرورية الكفيلة بأن تجعله محقاً فيما يريده، بيد أن هذه الأفلام شوهت الصورة، وأشاعت أن التعدد هو خيانة للزوجة الأولى، بل قننت شيئاً اسمه الزواج العرفي الذي لم يكن أحد يسمع به.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد لكن تعداه إلى تشجيع الزنا والحب الماجن باسم العلاقة الشريفة بين الرجل والمرأة، وكثيراً ما رأينا في مثل هذه الأفلام كيف أنه يجوز للرجل أن يخون زوجته بالمفهوم السائد لدى هؤلاء الناس عندما يقع في حب امرأة أخرى دون أن يعقد عليها قرانه، وكثير من حالات العشق والسقوط في الرذيلة هو مشروع ما دام كلمة حب موجودة على ألسنة هؤلاء الأكابر المنظرين للحب، وهم مع أسف شديد أفشل الناس في الحب، وفي الحياة الزوجية الحقيقية في الواقع المعيشي والحياتي.

لكم سألت نفسي مرات ومرات عن حياة هؤلاء النجوم الذين يروجون لمثل هذه الموبقات والمنكرات؛ هل هم فعلاً يؤمنون بما يقومون به، وهل حقاً هم سعداء فيما يفعلونه، أم أن الأمر مجرد لهو ولعب وتحصيل فلوس التي هي للأسف تذهب في الريح لأن ما هو من السحت فالنار أولى به.

وكما ذكر لي أحد الأصدقاء أنه عمل مسحاً حول الفنانين والفنانات الذين يروجون لفكرة أن التعدد هو خيانة في حد ذاته، وأن جلهم يعيشون إحباطاً، وجلهم فاشلون في حياتهم الزوجية، بل إن أغلبهم يعيش على الحرام في مثل هذه الأمور، ويكفي تدليلاً أن أغلب التائبات من الفنانات عندما يتحدثن عن حياتهن الفنية يذكرنها أنها حياة كلها قلق واضطراب.

السينما العربية رسخت فكرة قوية لدى كثير من النساء أن الرجل عندما يريد أن يعدد فهذا معناه أنه خائن، وكثيراً ما نسمع عن نساء طلبن الطلاق بمجرد أن سمعن أن أزواجهن أعدن الزواج في السر، وطبيعي أن يكون في السر ما دام أنه ممنوع عليه أن يتزوج حتى لو وجد لديه ألف مبرر شرعي لذلك.

والسبب يعود إلى المشاهد التي تشيعها مثل هذه الأفلام وهذه المسلسلات، وربما المسلسل الوحيد الذي أعطى تنفيساً للرجال هو مسلسل الحاج متولي، على الرغم أنه مسلسل كان غارقاً في السريالية، والمثالية؛ على عكس ما هو موجود على أرض الواقع من منطلق أنه لا يوجد نساء متفهمات لتلك الضرورة كما كان في مسلسل الحاج متولي، لكن كان جيداً من حيث الطرح، ومن حيث التقديم، ومن حيث أنه مسح تلك النظرة السائدة أن التعدد هو الشر المستطير، وأن المرأة تخاف التعدد لأنه يقضي على ملكيتها المطلقة للرجل.

هذه المسلسلات العربية أعطت للمرأة سلطة غير مستحقة بحيث ملكتها الرجل دونما قرار شرعي، فبمجرد أن تتزوج هذه المرأة الرجل حتى تقيده بقيود وأغلال، وتضعه في زاوية ضيقة لا يتحرك إلا بأوامرها، مع العلم أن الزواج ليس هو الحب فقط بل هو العشرة، والكلمة الطيبة، والعدالة، وبما أن الأفلام والمسلسلات العربية أشاعت مثل هذه الأفكار التي تتمحور كلية حول الحب ومترادفاته؛ فالمرأة تتصور أنها تظل تعيش على مثل تلك الكلمات إلى أبد الآبدين، ودهر الداهرين.

صحيح أن التعدد يجب أن يكون مشروطاً كما جاء في القرآن الكريم، لكنه في حد ذاته حل لكثير من المشكلات المطروحة في المجتمع - ومن دون الخوض في مثل هذه المشكلات -، وربما هذا الذي لم ترد أن تفهمه المرأة العربية كونه - أي التعدد - هو ضد كرامتها، وضد بيتها، وضد حبها الأول كما تدعي حسب الأفلام والمسلسلات.

ما زلت أذكر أن أحد أجدادنا تزوج من النساء ما طاب له منهن لكن ما سمعنا يوماً أن زوجة من زوجاته طالبته بالحب الأول كما تطالب النساء اليوم، وحتى لا أثير زوبعة كبيرة فإن الحب الأول والزوجة الأولى التي تريد أن تستحوذ على قلب الرجل لوحده ولو كان متعباً منها؛ هما وهم يعشعش في رأس المرأة العربية فقط.

فالعالم الغربي اليوم يريد أن يصل إلى مسألة مفادها أن التعدد هو الحل لكثير من المشكلات - لكن يجب أن يكون الرجل الذي يعد رجلاً بأتم معنى الكلمة وليس مجرد ذكر تحكمه نزواته وشهواته -؛ لأنه جرب طريق الزنا وما وصل إلا إلى الأمراض الفتاكة التي نعرفها من مثل الإيدز، والهربز، وبانكوك، فهل نحن نتعامى عن مثل هذا الحل وهو بأيدينا؟

ربما الدولة الوحيدة التي تحرم التعدد هي تونس على عكس أغلب الدول العربية الأخرى، وكم كنا نسمع عن نظام بورقيبة الذي سن قانون عدم التعدد؛ لكن في المقابل سن قانون تحليل الخنا، وتشجيع الزنا، ولقد كانت الشرطة التونسية تعاقب كل من تجده متزوجاً بأكثر من واحدة، لكن تطلق سراحه إذا وجدت من معه هي عشيقته، هذه هي الحضارة التي كان يروج لها بورقيبة.

الأدهى أن السينما العربية؛ وبدلاً من معالجة مثل هذه المسائل بما يتوافق والشرع الإسلامي - إذا كان الممثلون حقاً يعرفون ما هو الشرع الإسلامي - راحت تخالف حتى الفطرة، وذهب بعضهم إلى طرح السؤال التالي: إذا كان الرجل يتزوج أربع نساء فلماذا لا تتزوج المرأة أربعة رجال؟ وهذا جهل من أنفسهم، لأنهن لا يعرفن طبيعة الخلق، ومراد الخالق - سبحانه وتعالى - الذي أعطى كل شيء تفصيله كما يتماشى والطبيعة الإنسانية.

إن الأفلام العربية والمسلسلات إذا حق لنا أن نصفها توصيفاً مقبولاً يليق بمقامها فإننا نقول عنها: إنها الطاعون الذي استشرى في المجتمع العربي، وحطم كل ما هو جميل في ديننا، وليس التعدد الذي مسته هذه الأفلام؛ ولكن كل ما له علاقة بالأخلاق والدين، ولكن لماذا ألوم على هذه الأفلام وأصحابها أغلبهم من رواد الخمارات، وهل السكران يعي ما يفعل، ويعي ما يقول، ففاقد الشيء لا يعطيه.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تغريب، محاربة الإسلام، حقوق المرأة، حقوق الإنسان، علمانية، الغرب، غزو فكري، غزو إعلامي، مسلسلات، وسائل إعلام، تعدد الزوجات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-02-2009   islamselect.com / al-sharq.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - شاكر الحوكي ، فهمي شراب، محمد يحي، رمضان حينوني، محمود فاروق سيد شعبان، طارق خفاجي، فتحي العابد، ياسين أحمد، عبد الله زيدان، د. عادل محمد عايش الأسطل، المولدي اليوسفي، مصطفى منيغ، سلوى المغربي، صفاء العراقي، فتحي الزغل، المولدي الفرجاني، د- محمود علي عريقات، رضا الدبّابي، أحمد ملحم، خالد الجاف ، طلال قسومي، ضحى عبد الرحمن، عبد الرزاق قيراط ، سيد السباعي، الناصر الرقيق، د. عبد الآله المالكي، د - عادل رضا، محرر "بوابتي"، أشرف إبراهيم حجاج، نادية سعد، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، رشيد السيد أحمد، إيمى الأشقر، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- محمد رحال، حاتم الصولي، أحمد بوادي، د.محمد فتحي عبد العال، د- هاني ابوالفتوح، منجي باكير، أنس الشابي، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد علي العقربي، محمد العيادي، أ.د. مصطفى رجب، عراق المطيري، حميدة الطيلوش، د - محمد بنيعيش، الهادي المثلوثي، محمد شمام ، يحيي البوليني، كريم السليتي، محمد الطرابلسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مراد قميزة، الهيثم زعفان، د - الضاوي خوالدية، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله الفقير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - مصطفى فهمي، بيلسان قيصر، محمد أحمد عزوز، سعود السبعاني، أبو سمية، سامر أبو رمان ، د. خالد الطراولي ، د. طارق عبد الحليم، د. أحمد بشير، صالح النعامي ، رافع القارصي، حسن عثمان، د. أحمد محمد سليمان، د. صلاح عودة الله ، أحمد الحباسي، عمر غازي، يزيد بن الحسين، وائل بنجدو، د- جابر قميحة، د - صالح المازقي، محمود سلطان، حسني إبراهيم عبد العظيم، علي عبد العال، عبد العزيز كحيل، محمود طرشوبي، محمد الياسين، إسراء أبو رمان، صفاء العربي، رافد العزاوي، سامح لطف الله، صلاح الحريري، علي الكاش، إياد محمود حسين ، ماهر عدنان قنديل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - المنجي الكعبي، فوزي مسعود ، عبد الغني مزوز، مصطفي زهران، العادل السمعلي، تونسي، سلام الشماع، عزيز العرباوي، جاسم الرصيف، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، سفيان عبد الكافي، صلاح المختار، محمد عمر غرس الله، عمار غيلوفي، خبَّاب بن مروان الحمد، عواطف منصور، كريم فارق، د - محمد بن موسى الشريف ، سليمان أحمد أبو ستة، رحاب اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة