البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

القلة المجاهدة في غزة .. وحديث العقيدة

كاتب المقال محمود صافي   
 المشاهدات: 7177



بعدما تأكد للجميع أن المقاومة والجهاد في غزة قد تحققا وحققا أهدافهما، ولم يفلح العدو الصهيوني في إسكات المقاومين أو اجتثاثهم، التفت الأعداء ومعهم الخونة من بني جلدتنا للفت في عضد الجهاد وأهله قائلين: ما لكم والآلة العسكرية الإسرائيلية الضخمة التي لا يستطيع أي جيش عربي نظامي أن يهزمها أو يقف أمامها؟

يثبطون المقاومة وأهلها قائلين: ما لكم وهؤلاء الصهاينة الذين يمدهم الأمريكان والأوروبيون بكل أنواع السلاح والعتاد ويقف معهم الإعلام الدولي؟

وإذا كانت أجهزة السياسة والإعلام الغربية تبث هذه الأراجيف على نطاق واسع، فإن الكارثة أن ترددها بعض وسائل الإعلام العربية وبعض الساسة العرب المتعاونين والمنسقين مع العدو الصهيوني، فها هو محمود عباس يقول: إذا كانت المقاومة سوف تتسبب في تدمير شعبنا فلا نريدها.

اليوم هؤلاء المقاومون المجاهدون في غزة يقال لهم: إن إسرائيل وأمريكا قد أجمعوا أمرهم على الرجوع إليكم لاستئصالكم, فاحذروهم واتقوا لقاءهم, فإنه لا طاقة لكم بهم, فزادهم ذلك التخويف يقينا وتصديقا بوعد الله لهم, ولم يثنهم ذلك عن عزمهم, فساروا إلى حيث شاء الله, وقالوا: حسبنا الله أي: كافينا, ونعم الوكيل المفوض إليه تدبير عباده.

إن الأمة في هذه اللحظات العصيبة تتكالب وتتداعى عليها تكتلات وقوى متناصرة كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، وتتهاوى القيم والأخلاق والعهود والمواثيق والتنظيم الدولي، وتبرز أنياب الغدر، تتهم الأمة في دينها وفي أنظمتها وقوانينها ودساتيرها، بل ورجالها ومناهجها.
ماذا يراد لها؟! إنها النية القديمة، وإنه الحقد الماضي الدفين وعدم الرضا إلا بالدونية والتبعية، بل إنها الشراهة لما عند الأمة من خيرات وثروات.

إننا في هذه الظروف الصعبة التي تتعرض لها الأمة علينا أن نتذكر قول الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } آل عمران173.
فالآية الكريمة تتحدث عن أحداث غزوة أحد وما لا بسها من أمور وأحوال، وهي في المؤمنين الذين حضروا غزوة أحد يوم السبت وخرجوا في طلب أبى سفيان يوم الأحد وعلى رأسهم رسول الله، محمد صلى الله عليه وسلم، وقد رأى أن يرفع معنويات أصحابه الذين هزموا يوم السبت بأحد، وأن يرهب أعداءهُ فأمر مؤذناً يؤذن بالخروج في طلب أبى سفيان وجيشه، فاستجاب المؤمنين وخرجوا رغم ما بهم من آلام وجروح.

إلا أن الله تعالى ألقى الرعب في قلب أبى سفيان فارتحل هارباً إلى مكة، وقد حدث هنا أن معبداً الخزاعي مر بمعسكر أبى سفيان فسأله عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه خرج في طلبكم وخرج معه جيش كبير وكلهم تغيظ عليكم، أنصح لك أن ترحل فهرب برجاله خوفاً، فأقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بحمراء الأسد برجاله عدة ليالي ثم عادوا لم يمسسهم سوء وفيهم نزلت الآية وغيرها.
ويأبى الله إلا أن يتكرر ما جاء في الآية القرآنية التي ذكرناها آنفًا، ولم لا والقرآن صالح لكل زمان ومكان، وهو أمل البشرية كلها في العدالة والحق والإنصاف والسلام، ولنا في رسولنا الذي طبق القرآن وجعله حيًا، الأسوة والقدوة.


إن المرجفين والمثبطين والمنهزمين كثيرون بيننا، وكانوا قبل حرب أكتوبر 1973 يقولون كيف ستحاربون اليهود وكيف ستعبرون القناة وهناك خط بارليف الحصين، أقوى حائط مسلح في العالم، وبه مجاري للنابالم إذا اقترب منها الجنود الذين سيفكرون في الاقتحام سيتم فتحها لتحرقهم بلا هوادة.

قالوا هذا وأكثر منه ليشيعوا اليأس في النفوس، ولكن لأن الجيش المصري كان يريد أن يقاتل ويتأر فإنه تحسب للأمر وخطط وأبدع، فكانت النتيجة هي النصر على المحاربين والمثبطين على حد سواء.

وإذا كان المقاومون والمجاهدون في غزة هم قلة قليلة مؤمنة مستضعفة، فإن حديث القرآن عن الكثرة غالبًا ما يأتي ليصف الحالة السيئة والمتردية التي تكون عليها الكثرة، مثل قوله تعالى: [وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ] الأنعام: 116، ومثل قوله: [وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ] غافر: 61، ومثل قوله: [وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ] يوسف: 40.
بينما جاء حديث القرآن الكريم عن المؤمنين والمصلحين يأتي دومًا بصيغة التقليل، مثل قوله تعالى: [وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ] هود: 40، ومثل قوله: [وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ] سبأ: 13، ومثل قوله: [ِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ] ص: 24.

وصفات هذه القِلَّة المؤمنة واضحة ومعروفة في كتاب الله عز وجل، وفي سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي تاريخ أمتنا، فهم مُخْلصون تمام الإخلاص في عقيدتهم، يُحبُّون الله ويُحبّهم الله، يتوجَّهون إليه سبحانه وتعالى بكل أعمالهم وأقوالهم. إنهم مرتبطون ارتباطًا وثيقًا بشرع ربهم، لا يقبلون بتبديل أو تحريف، ولا يتنازلون عن كبيرة ولا صغيرة، وهم مُعَظِّمُون للقرآن والسُّنة تمام التعظيم، ولا يحتكمون في حياتهم إلا إليها.

وهم مجاهدون مقاومون مُستعدون للبذل والتضحية من أجل عقيدتهم ومبادئهم، دينهم عندهم أغلى من كل شيء، وهم يعلمون تمام العلم أن الطريق شاق، وأن المصاعب كثيرة، وأن التضحيات هائلة، ومع ذلك فهم يستهينون بكل هذه التحدِّيات؛ لأنَّ عيونهم على الأجر العظيم الذي يعطيه الله عز وجل لهذه القِلَّة المؤمنة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

غزة، جهاد، مقاومة، صحوة اسلامية، فلسطين، حماس، خونة، تغريب، علمانية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-01-2009   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد العزيز كحيل، المولدي اليوسفي، سيد السباعي، صفاء العراقي، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، طلال قسومي، حسن الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، محمد عمر غرس الله، كريم فارق، د. أحمد بشير، خبَّاب بن مروان الحمد، منجي باكير، سليمان أحمد أبو ستة، د - صالح المازقي، د- هاني ابوالفتوح، أبو سمية، طارق خفاجي، ياسين أحمد، د - محمد بنيعيش، د - المنجي الكعبي، سلوى المغربي، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، أحمد النعيمي، رمضان حينوني، الهيثم زعفان، د. خالد الطراولي ، د - عادل رضا، المولدي الفرجاني، محمد العيادي، عزيز العرباوي، محمود طرشوبي، د- جابر قميحة، محمد شمام ، العادل السمعلي، د. صلاح عودة الله ، علي الكاش، أحمد بوادي، عبد الله الفقير، جاسم الرصيف، إيمى الأشقر، عبد الله زيدان، أحمد الحباسي، د. طارق عبد الحليم، د- محمود علي عريقات، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عمار غيلوفي، فتحـي قاره بيبـان، فتحي العابد، نادية سعد، مجدى داود، علي عبد العال، حسن عثمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحي الزغل، أ.د. مصطفى رجب، محمود سلطان، محمد اسعد بيوض التميمي، د - مصطفى فهمي، رضا الدبّابي، يزيد بن الحسين، بيلسان قيصر، مصطفى منيغ، مصطفي زهران، عواطف منصور، محمد أحمد عزوز، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. عبد الآله المالكي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سلام الشماع، رافع القارصي، حاتم الصولي، فهمي شراب، خالد الجاف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الياسين، أحمد ملحم، حميدة الطيلوش، صلاح المختار، صالح النعامي ، رشيد السيد أحمد، د. أحمد محمد سليمان، فوزي مسعود ، سامح لطف الله، عراق المطيري، صباح الموسوي ، د- محمد رحال، وائل بنجدو، رافد العزاوي، سعود السبعاني، كريم السليتي، صلاح الحريري، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - شاكر الحوكي ، د.محمد فتحي عبد العال، إسراء أبو رمان، محمد الطرابلسي، محرر "بوابتي"، محمد يحي، محمد علي العقربي، يحيي البوليني، الناصر الرقيق، عبد الغني مزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، أشرف إبراهيم حجاج، سامر أبو رمان ، إياد محمود حسين ، صفاء العربي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سفيان عبد الكافي، عمر غازي، عبد الرزاق قيراط ، مراد قميزة، تونسي، أنس الشابي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة