دور رفاعة الطهطاوي في تخريب الهوية الإسلامية
قضية التحسين والتقبيح (1)
د- هاني السباعي المشاهدات: 12176
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إن قضية التحسين والتقبيح من أخطر القضايا التي قصمت ظهر أمتنا الإسلامية. فما نراه اليوم من قوانين وضعية، وتفسخات اجتماعية، وتحلل خلقي، وعلو الباطل في مجتمعاتنا...إلخ، كل ذلك نتاج قضية التحسين التي أثارها المعتزلة الذين قالوا بالتحسين والتقبيح بواسطة العقل، وأن العقل هو الذي يحكم بحسن الأشياء وقبحها بصرف النظر عن نصوص الكتاب والسنة. هكذا أُطلق للعقل العنان فصار العقل رباً جديداً!! فما يراه العقل حسناً فهو حسن، وما يقبحه العقل فهو كذلك ولاعبرة بنصوص القرآن المنزل من لدن حكيم حميد، ولا بالسنة النبوية المطهرة طالما خالفها العقل!! ورغم ذلك لم تذكر كتب التاريخ والفرق أن المعتزلة كان يدور في خلدهم تنحية الشريعة الإسلامية.
لكن المعتزلة الجدد يرون تنحية الشريعة وفصلها عن الحكم بحجة تطوير الشريعة وأن هذا ما يستحسنه العقل في عصرنا الحاضر!!
إذن قضية التحسين والتقبيح ليست ترفاً فكرياً أو جدلاً أصولياً، بل نحن بصدد قضية لها افرازاتها ونتائجها الملموسة على أرض الواقع.
ومن منطلق هذه التقدمة نتناول هذه القضية عبر النقاط التالية:
أولاً: نبذة سريعة عن التحسين العقلي والتقبيح.
ثانياً: موقف الطهطاوي من قدرة العقل على التحسين والتقبيح.
ثالثاً: تباين وجهة نظر الطهطاوي في قضية التحسين والتقبيح.
رابعاً: أثر الفكر الطهطاوي على أرض الواقع.
أولاً: نبذة سريعة عن التحسين العقلي والتقبيح
يذكرعلماء الأصول مسألة التحسين العقلي والتقبيح في باب الحاكم أي الذي صدر عنه الحكم وهو المشرع الحكيم؛ الله سبحانه وتعالى حيث قال (إن الحكم إلا لله) (ألاله الحكم والأمر).. (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) والإجماع منعقد على أن الحاكم هو الله جل جلاله، إلا أن العلماء اختلفوا في مسألة: هل المكلف مأخوذ بما يقضي به العقل أو هل يمكن للعقل أن يستقل بإدراك أحكام الله وإذا كان كذلك فهل يعد مصدراً من مصادر الفقه الإسلامي؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال:
القول الأول:
رأي المعتزلة والشيعة الإمامية:
"إن الحسن والقبح صفتان ذاتيتان لبعض الأشياء، وإن أشياء تتردد بين النفع والضرر والخير والشر. وبهذا يتحرر أن المعتزلة يرون أن الأشياء أقسام ثلاثة: أشياء حسنة في ذاتها لا يجوز إلا أن يأمر بها الله، وأشياء قبيحة في ذاتها، وهذه لايجوز أن يأمر الله بها، وأشياء مترددة بين الأمرين القبيح والحسن، وهذا القسم يجوز أن الأمر به والنهي عنه، فإن أمر به فهو حسن للأمر، وإن نهى فهو قبيح للنهي. وهذا تقرير مذهب المعتزلة وأساسه الحسن الذاتي والقبح الذاتي، وأن الحسن لذاته يكلف الشخص القيام به، وإن لم يعلم الشرع، والقبيح لذاته يكلف الشخص أن يتجتنبه، ولو كان يعلم نهي الشارع عنه"[1]
وترتب على هذا الرأي عدة أمور منها:
الأول: أن أهل الفترة ومن لم تبلغه دعوة الإسلام أو دعوة الرسل مجزيزن على عدلهم محاسبون على ظلمهم فهم مكلفون أن يفعلوا ماهو حسن لذاته وأن يمتنعوا عما هو قبيح لذاته حسب قول المتعزلة والإمامية.
الثاني: إذا لم يكن هناك نص فالناس مكلفون بما يقضي به العقل في الحكم على الأشياء من حسن ذاتي أو قبح ذاتي.
القول الثاني: الماتريدية وبعض الأصوليين:
وهو قول أبي منصور محمد بن محمد الماتريدي وهو مذهب بعض الأحناف وبعض الأصوليين وفريق من الإمامية وغيرهم.
"يقولون إن للأشياء حسناً ذاتياً وقبحاً ذاتياً، وأن الله تعالى لا يأمر بما هو قبيح في ذاته، ولا ينهى عن أمر هو حسن في ذاته، وهم يقسمون الأشياء إلى حسن لذاته، وقبيح لذاته، وما هو بينهما تابع لأمر الله تعالى ونهيه، وهو ذات التقسيم الذي قرره الجبائي المعتزلي.
وفي هذا القدر يتفق الماتردية والحنفية مع المعتزلة، لكنهم يختلفون بعد ذلك عنهم، فالحنفية لا يرون أنه لا تكليف ولا ثواب بحكم العقل المجرد، بل إن الأمر في التكليف والثواب والعقاب إلى النص والحمل عليه، فليس للعقل المجرد أن ينفرد بتقرير الأحكام في غير موضع النص، بل لا بد أن يرجع إلى النص أو يحمل عليه بأي طريق من طرق الحمل، بالقياس أو المصلحة المعتبرة المشابهة، لما جاء بالنص، وهذا هو الإستحسان. وفي الجملة لابد من الرجوع إلى النص في الجملة فليس للعقل المجرد قدرة على التكليف، والحكم على الأشياء، بل لابد من الإستعانة بالشرع"[2]
وترتب على ذلك أن حكم الله لابد أن يدرك بواسطة الرسل ومن ثم فلا حكم في أفعال العباد بدون هذه الواسطة إذن فلا ثواب ولا عقاب حيث لاتكليف.
القول الثالث:
رأي الأشاعرة وجمهور الأصوليين:
"فهم يرون أن الأشياء ليس لها حسن ذاتي، ولاقبح ذاتي. وأن الأمور كلها اضافية، وإن إرادة الله تعالى في الشرع مطلقة لا يقيدها شئ، فهو خالق الأشياء، وهو خالق الحسن والقبيح، فأوامره هي التي تحسن وتقبح ولا تكليف بالعقل، إنما التكليف بأوامر الشارع، ولا عبرة بأوامر العقل، إنما العبرة دائماً بأوامر الشارع الحكيم.
وبذلك خالفوا الماتريدية والمعتزلة، فقرروا أنه لاوجود لحسن ذاتي أو قبح ذاتي ولاتكليف إلا من الشارع"[3]
وترتب على ذلك أن أهل الفترة ومن لم تبلغهم دعوة الرسل لايجب عليهم شئ ولا يحرم عليهم فعل، حيث لاحكم لله في أفعال العباد قبل بعثة الرسل ومن ثم فلا تكليف ولاحساب ولامدح ولاثواب ولاعقاب.
وهناك توضيح لشيخ الإسلام ابن تيمية حول هذه القضية حيث ذكر في مجموع الفتاوى: (النوع الأول: أن يكون العقل مشتملاً على مصلحة أو مفسدة ولو لم يأت الشرع بذلك. كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة، والظلم يشتمل على فسادهم. فهذا النوع هو حسن وقبيح، وقد يعلم بالعقل والشرع قبح ذلك؛ لا أنه أثبت للعقل صفة لم تكن، لكن لا يلزم من حصول هذا القبح أن يكون فاعله معاقباً عليه في الآخرة. النوع الثاني: أن الشارع إذا أمر بشيئ ليمتحن العبد، هل يطيعه أم يعصيه؟ إلا أن يكون المراد فعل المأمور به، كما أمر إبراهيم (عليه السلام) بذبح ابنه، فالحكمة منشؤها من نفس الأمر لا من نفس المأمور به"[4]
وهذا قول نفيس للعلامة الشوكاني:
"الكلام في هذا البحث يطول، وإنكار مجرد ادراك العقل لكون الفعل حسناً أو قبيحاً مكابرة ومباهتة، وأما إدراكه لكون الفعل الحسن متعلقاً للثواب، أو كون الفعل القبيح متعلقاً للعقاب فغير مسلم، وغاية ما تدركه العقول أن هذا الفعل الحسن يمدح فاعله، وهذا الفعل القبيح يذم فاعله، ولا تلازم بين هذا، وبين كونه متعلقاً للثواب والعقاب"[5]
القول المختار في قضية التحسين والتقبيح:
وهو القول الثاني قول الماتريدية وبعض الحنفية وبعض الأصوليين وقول ابن تيمية والشوكاني: "هو الرأي الراجح المؤيد بالكتاب والسنة وبالعقل، أما الكتاب ففيه آيات كثيرة تدل على أن الله إنما يأمر بما هو حسن وينهى عما هو قبيح، والحسن والقبح ثابتان للأفعال قبل الأمر والنهي، ومنها قوله تعالى: (إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)[6] وقوله تعالى: (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)[7] فما أمر به الشارع من عدل وإحسان ومعروف، وما نهاهم عنه من فحشاء ومنكر وبغي، وما أحل لهم من طيبات وما حرم عليهم من خبائث، كل هذه الأوصاف الحسنة أو القبيحة: كانت ثابتة للأفعال قبل ورود حكم الشرع فيها، مما يدل على أن للأفعال حسناً وقبحاً ذاتيين. والعقل يدرك حسن بعض الأفعال وقبح البعض الآخر بالضرورة: كحسن العدل والصدق، وقبح الظلم والكذب، ولكن حكم الله لا يعرف إلا عن طريق الرسول، فما لم يأت رسول يبلغ الناس حكم الله، فلا يثبت في أفعال الناس حكم بالإيجاب أو التحريم بدليل قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)[8] فلا عذاب قبل بعثة الرسول أو بلوغ الدعوة، وحيث لا عذاب فلا تكليف، وحيث لا تكليف فلا حكم لله في أفعال العباد على وجه طلب الفعل أو التخيير بينهما"[9]
ثانياً: موقف الطهطاوي من قدرة العقل على التحسين والتقبيح:
يقول الطهطاوي: "إن العقل هو الفيصل في كل الأمور"[10] ويقول في موطن آخر: "وأما ما وهبه الله تعالى للإنسان خاصة، في حياته المعنوية وصفاته العقلية التي يعبر عنها في تعريفه بالناطقية. فقد وهبه الله تعالى الدماغ الذي هو مجلس الحواس الباطنية والقوى العقلية التي هي آلة الفكر وأداة النظر، وإن شئت قلت الناطقية، أي الجزء الناطق من الإنسان وهو الروح البشرية التي هي عبارة عن الفكر والإرادة، فبالإدراك يقتدر أن يرتب المقدمات لإستخراج النتائج، وأن ينسب الماضي للحال، ويتصرف في عواقب المستقبل، ويتصور أسباب الظواهر الجوية والحوادث السماوية، ويميز الحسن من القبيح والضار من النافع"[11]
ويمدح الطهطاوي ما أفرزته العقول الفرنسية من قوانين قائلاً: "والقانون الذي يمشي عليه الفرنساوية الآن ويتخذونه أساساً لسياستهم، هو القانون الذي ألفه لهم ملكهم المسمى "لويز الثامن عشر" ولايزال متبعاً عندهم ومرضياً لهم وفيه أمورلاينكر ذوو العقول أنها من باب العدل. وإن كان غالب مافيه ليس في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لتعرف كيف قد حكمت عقولهم بأن العدل والإنصاف من أسباب تعمير الممالك وراحة العباد، وكيف انقادت الحكام والرعايا لذلك حتى عمرت بلادهم، وكثرت معارفهم، وتراكم غناهم، وارتاحت قلوبهم"[12]
"وبذلك مهد الطهطاوي من حيث يدري أو من حيث لايدري لقبول التشريع الوضعي الذي يستند إلى العقل على قصوره وعلى مخالطة الشهوات له"[13]
ويوضح الطهطاوي فكرته قائلاً: "وقد أكرم الله سبحانه وتعالى الإنسان، وخلق له ما في سائر الكون من سائر المنافع، وزينه بالعقل الذي يميز به بين الحسن والقبيح والضار والنافع والخطأ والصواب"[14]
نلاحظ أن الطهطاوي أطلق العنان للعقل وقدرته على التحسين والتقبيح بصرف النظر عن قيد الشرع!! ورغم هذه الثقة المطلقة في قدرة العقل على التحسين والتقبيح، نراه يتناقض وهذه الثقة المفرطة! وهذا ما سنوضحه في الفقرة التالية:
ثالثاً: تباين و اضطراب رأي الطهطاوي في قضية التحسين والتقبيح.
يقول الطهطاوي في كتابه (المرشد الأمين):
"لأن الشريعة والسياسة مبنيتان على الحكمة المعقولة لنا أو التعبدية التي يعلم حكمتها المولى سبحانه وتعالى، وإنما ليس لنا أن نعتمد على ما يحسنه العقل أو يقبحه إلا إذا ورد الشرع بتحسينه وتقبيحه"[15]
"ولايسوغ لمتولي أن يحكم في التحريم والتحليل بما يلائم مزاجه فما يخالف الأوضاع الشرعية المنقولة عن الأئمة المجتهدين، ولاعبرة بالإستكراه النفساني والإستحسان الطبيعي والأخذ بالرأي من غير دليل، بل يعتمد متولي الأحكام على فتاوى العلماء وأقوال المجتهدين في الدين، فإن الإمامة تخلف النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا"[16]
"وأما السلطنة الرسمية على الرعية فهي لاتكون إلا في البلاد التي تكون قوانينها محض سياسة وضعية بشرية، لأن قوانين هذه الممالك تبيح اختلاط الرجال بالنساء بناء على قانون الحرية المؤسس عليه تمدن تلك البلاد وإلا فتمدن الممالك الإسلامية مؤسس على التحليل والتحريم الشرعيين بدون مدخل للعقل تحسيناً وتقبيحاً في ذلك حيث لا حسن ولا قبيح إلا بالشرع"[17]
"فكل رياضة لم تكن بسياسة الشرع لا تثمر العاقبة الحسنى، فلا عبرة بالنفوس القاصرة الذين حكموا عقولهم بما اكتسبوه من الخواطر التي ركنوا إليها تحسيناً وتقبيحاً، وظنوا أنهم فازوا بالمقصود يتعدى الحدود، فينبغي تعليم النفوس السياسة بطريق الشرع، لا بطرق العقول المجردة"[18]
تأمل! تجد الطهطاوي هنا يناقض نفسه في قدرة العقل على التحسين والتقبيح! فهل تراجع الطهطاوي عن رأيه السابق؟ هذا ما سنوضحه في خاتمة هذا الفصل.
رابعاً: أثر الفكر الطهطاوي على أرض الواقع:
(أ) تنحية الشريعة الإسلامية:
يقول الطهطاوي في كتابه مناهج الألباب "ثم إن الحالة الراهنة اقتضت أن تكون الأقضية والأحكام على وفق معاملات العصر، بما حدث فيها من المتفرعات الكثيرة المتنوعة بتنوع الأخذ والإعطاء من الأنام"..
كانا هذه أول تصريح بتنحية الشريعة الإسلامية والأخذ من قوانين غربية وبداية التشريع بغير ما أنزل الله!
(ب): تحسينه لسلوك وآداب أهل الفرنجة:
يقول الطهطاوي محسناً مادحاً أهل الفرنجة: "ولاينكر منصف أن بلاد الفرنج الآن في غاية البراعة والعلوم الحكمية وأعلاها في التبحر. من ذلك بلاد الإنجليز والفرنسيس والنمسا، فإن حكماءها فاقوا الحكماء المتقدمين. وفلسفتهم أخلص من فلسفة المتقدمين، كما أنهم يقيمون الأدلة على وجود الله تعالى وبقايا الأرواح والثواب والعقاب. وإذا رأيت سياستها (أي باريس) علمت كمال راحة الغرباء فيها وحظهم وانبساطهم مع أهلها، فالغالب على أهلها البشاشة في وجوه الغرباء ومراعاة خاطرهم، ولو اختلف الدين، وذلك لأن أكثر أهل هذه المدينة إنما له من دين النصرانية الإسم فقط، حتى لا يتبع دينه، ولا غيرة له عليه، بل هو من الفرق المحسنة والمقبحة بالعقل، أو فرقة من الإباحيين الذين يقولون إن كل عمل يأذن فيه العقل صواب، فإذا ذكرت له دين الإسلام في مقابلة غيره من الأديان أثنى على سائرها من حيث إنها كلها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وإذا ذكرت له في مقابلة العلوم الطبيعية. وبالجملة إنه لا يصدق بشئ مما في كتب أهل الكتاب لخروجه عن الأمور الطبيعية. وبالجملة ففي بلاد الفرنسيس يباح التعبد بسائر الأديان، فلا يعارض مسلم في بنائه مسجد ولايهودي في بنائه بيعة إلى آخره"[19]
ويقول الطهطاوي محسناً ومادحاً لأهل باريس:
"ظهر لي بعد التأمل في آداب الفرنساوية وأحوالهم السياسية أنهم أقرب شبهاً بالعرب منهم للترك ولغيرهم من الأجناس، وأقوى مظنة العرب بأمور العرض والحرية والإفتخار، ويسمون العرض شرفاً، ويقسمون به عند المهمات، وإذا عاهدوا عاهدوا عليه، ووفوا بعهودهم، ولا شك أن العرض عند العرب العرباء أهم صفات الإنسان"[20]
ويقول أيضاً: "اعلم أن البارزيين يختصون من بين النصارى بذكاء العقل ودقة الفهم وغوص ذهنهم في العويصات، وليسوا مثل النصارى القبط في أنهم يميلون بالطبيعة إلى الجهل والغفلة، وليسوا أسراء التقليد أصلاً، بل يحبون معرفة أصل الشئ والإستدلال عليه"[21]
ويمتدح نساء باريس وعفتهن!:
"وحيث إن كثيراً ما يقع السؤال عن حالة النساء عند الإفرنج كشفنا عن حالهن الغطاء. وملخص ذلك أيضاً وقوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء لا يأتي من كشفهن أو سترهن، بل منشأ ذلك التربية الجيدة والخسيسة، والتعود على محبة واحد دون غيره، وعدم التشريك في المحبة، والالتئام بين الزوجين، وقد جرب في بلاد فرانسا أن العفة تستولي على قلوب النساء المنسوبات إلى الرتبة الوسطى من الناس دون نساء الأعيان والرعاع؛ فنساء هاتين المرتبتين يقع عندهن الشبهة كثيراً ويتهمون في الغالب"[22]
أقول: هكذا تستمر التحسينات الطهطاوية لعلوم وآداب وسلوك وأخلاق أهل الفرنجة!! حتى العرض والشرف فهم والعرب سواء إن لم يكونوا أكثر غيرة وحمية للعرض والشرف من العرب كما هو واضح في ثنايا خطابه وأنفس كلماته!! فليس للعرب والمسلمين إلا الجهل والتخلف!! فالطهطاوي ينبري مدافعاً عن اتهام نساء الفرنجة بعدم العفة! ويدافع عن حياض فرنسا ويذب عن نساء باريس العفيفات الغافلات!!
ولعل الطهطاوي أراد أن يرد على المؤرخ العلامة عبد الرحمن الجبرتي الذي عاصر الحملة الفرنسية منذ احتلالها مصر إلى وقت خروجها منها حيث صور لنا الحياة الإجتماعية والتحلل الخلقي الذي ظهر في شوارع المحروسة على أيدي الفرنسيس (أهل العلوم والآداب والخلق القويم!!) ونحن بدورنا سننقل قول الجبرتي بنفس اللهجة المصرية التي كتب بها مؤلفه الماتع (عجائب الآثار) حيث يقول: "ومنها تبرج النساء وخروج غالبهن عن الحشمة والحياء وهو أنه لما حضر الفرنسيس إلى مصر ومع البعض منهم نساؤهم كانوا يمشون في الشوارع مع نسائهم وهن حاسرات الوجوه لابسات الفستانات والمناديل الحرير الملونة ويسدلن على مناكبهن الطرح الكشميري والمزركشات المصبوغة ويركبن الخيول والحمير ويسوقونها سوقاً عنيفاً مع الضحك والقهقهة ومداعبة المكارية وحرافيش العامة، فمالت إليهم نفوس أهل الأهواء من النساء الأسافل. فلما وقعت الفتنة الأخيرة بمصر وحاربت الفرنسيس بولاق وفتكوا في أهلها وغنموا أموالها وأخذوا ما استحسنوه من النساء والبنات صرن مأسورات عندهم فزيوهن بزي نسائهم وأجروهن على طريقتهن في كامل الأحوال فخلع أكثرهن نقاب الحياء بالكلية وتداخل مع أولئك المأسورات غيرهن من النساء الفواجر. ولما حل بأهل البلاد من الذل والهوان وسلب الأموال واجتماع الخيرات في غي جوار الفرنسيس ومن والاهم وشدة رغبتهم في النساء وخضوعهن لهن وموافقة مرادهن وعدم مخالفة هواهن لو شتمته أو ضربته...فطرحن الحشمة والوقار والإعتبار"[23]
أقول: تأمل! هذا ما فعله الفرنسيس (أهل العلم والأدب والعرض والشرف!!) في نسائنا وبناتنا ومجتمعاتنا الإسلامية! فشهادة الجبرتي الذي عاصر احتلال جيوش نابليون لأرض مصر لم تعجب الطهطاوي!! فكأنه يوجه رسالة للجبرتي أنا قد سافرت إلى فرنسا وخالطت القوم ودخلت بيوت أهل باريس ومسارحهم وحتى مراقصهم، فلم أجد إلا الوقار والحشمة والعلم!!
لذلك لاغرو أن يثني طابور العلمانيين على هجوم نابليون واحتلاله لمصر لأنه جاء بحملة عسكرية حررت المرأة من رق الإسلام!! وأخرجت المرأة من قفص الحريم!!
فهذا لويس عوض يقول:
"هذه المقارنة التي يعقدها رفاعة الطهطاوي بين الرقص الإفرنجي والرقص الشرقي مقارنة مهمة، لأنه تحمل فيها مسئولية التنديد برقص الغوازي ورقص العوالم في مصر ووسمه بالإنحطاط والشهوانية بينما رفع رقص الإفرنجي إلى مرتبة الرياضة والفن الجميل، فهو بهذا يقول لنا إننا أقرب إلى الفسق في لهونا من الأوروبيين. وهذا عكس الفكرة التي صورها الجبرتي عن المجتمع الفرنسي والمصري المختلط الذي رآه يحتفل بالرقص والغناء في عيد وفاء النيل رجاله مع نسائه"[24]
ويقول أبو حمدان:
"والجدير ذكره أن هذا الجدل (أي السفور) وأيضاً الإنتفاضات النسوية التي تحدثنا عنها، وجدت أرضاً خصبة لها بعد الحملة الفرنسية على مصر، حيث شاهدت المرأة المصرية وبأم العين مدى الحرية التي تتمتع بها المرأة الفرنسية من التبجيل الذي تحاط من قبل الرجل"[25]
ويلخص الكاتب المذكور مادحاً فكرة الطهطاوي عن المرأة:
"وليس ثمة من دليل أقوى على التخلف والتبرير من تلك المجتمعات (يقصد المجتمعات الإسلامية) التي تحجب عن المرأة حقوقها وتمنعها من ممارسة حريتها. هذه هي باختصار شديد الفكرة التي تبناها رفاعة الطهطاوي حينما كان يدعو إلى تحرر المرأة المصرية أولاً والمرأة العربية الإسلامية ثانياً"[26]
ونحن بدورنا نحاول أن نلقي الضوء على وضع المرأة في المنظومة الغربية، تلك المرأة التي يبشر بها الطهطاوي العالم الإسلامي!
نظرة رجال الدين المسيحي إلى المرأة:
"لقد هال رجال المسيحية الأوائل ما رأوا في المجتمع الروماني من انتشار الفواحش والمنكرات، و ما آل إليه المجتمع من انحلال أخلاقي شنيع. فاعتبروا المرأة مسؤولة عن هذا كله، لأنها كانت تخرج إلى المجتمعات، وتتمتع بما تشاء من اللهو وتختلط بمن تشاء من الرجال كما تشاء فقرروا أن الزواج دنس يجب الإبتعاد عنه وأن العزب عند الله أكرم من المتزوج، وأعلنوا أنها باب الشيطان، وأنها يجب أن تستحي من جمالها لأنه سلاح إبليس للفتنة والإغراء.
قال القديس (ترتوليان): إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة لصورة الله،(حاشا لله) أي الرجل!!
وقال القديس (سوستام): إنها شر لابد منه، وآفة مرغوب فيها وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة.
وفي القرن الخامس اجتمع مجمع (ماكون) للبحث في المسألة التالية: هل المرأة مجرد جسم لا روح فيه؟ أم لها روح؟
وأخيراً قرروا أنها خلو من الروح الناجية (من عذاب جهنم) ما عدا أم المسيح.
ولما دخلت أمم الغرب في المسيحية كانت آراء رجال الدين قد أثرت في نظرتهم للمرأة، فعقد الفرنسيون في عام 586 للميلاد (أي في أيام شباب النبي عليه الصلاة والسلام) مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ وأخيراً قرروا أنها إنسان خلقت لخدمة الرجل فحسب"[27]
هذا عن رجال الدين المسيحي قديما أما في القرون الوسطى:
"واستمر احتقار الغربيين للمرأة وحرمانهم لحقوقها طيلة القرون الوسطى حتى إن عهد الفروسية الذي كان يظن فيه أن المرأة احتلت شيئاً من المكانة الإجتماعية حيث كان الفرسان يتغزلون بها ويرفعون من شأنها، لم يكن عهد خير لها بالنسبة لوضعها القانوني والإجتماعي. فقد ظلت تعتبر قاصرة لاحق لها في التصرف بأموالها دون إذن زوجها. والحق أن عصر الفروسية يرينا بعض الشواهد الواضحة على هذا الإزدراء، يروى فيها: أن الملكة (بلانشفلور) ذهبت إلى قرينها الملك (بيبيين) تسأله معونة أهل اللورين. فأصغى إليها الملك، ثم استشاط غضباً، ولطمها على أنفها بجمع يده فسقطت منها أربع قطرات من الدم وصاحت تقول: شكراً لك. إن أرضاك هذا فأعطني منيدك لطمة أخرى حين تشاء. ولم تكن هذه حادثة مفردة لأن الكلمات على هذا النحو كثيراً ما تتكرر، كأنها صيغة محفوظة. وكأنما اللطمة بقبضة اليد جزاء كل امرأة جسرت في عهد الفروسية على أن تواجه زوجها بمشورة!!"[28]
أما عن وضع المرأة في عصر النهضة الصناعية في أوروبا:
"ولقد تقدم الزمن في الغرب من العصور المظلمة، إلى عصور الفروسية، إلى مابعدها من طلائع العهد الحديث، ولما تبرح المرأة في منزلة مسفة، لا تفضل ما كانت عليه في الجاهلية العربية، وقد تفضلها منزلة المرأة في تلك الجاهلية. ففي سنة 1790 بيعت امرأة في أسواق انجلترا بشلنين لأنها ثقلت بتكاليف معيشتها على الكنيسة التي كانت تؤويها. وبقيت المرأة إلى سنة 1882 محرومة من حقها الكامل في ملك العقار وحرية المقاضاة.. وكان تعلّم المرأة سبة تشمئز منها النساء قبل الرجال فلما (الياصابات بلاكويل) تتعلم في جامعة جنيف سنة 1849 ـ وهي أول طبيبة في العالم ـ كانت النسوة المقيمات معها يقاطعنها، ويأبين أن يكلمنها، ويزوين ذيولهن من طريقها احتقاراً لها، كأنهن متحرزات من نجاسة يتقين مساسها. ولما اجتهد بعضهم في اقامة معهد يعلم النساء الطب بمدينة (فلادلفيا) الأمريكية، أعلنت الجماعة الطبية بالمدينة أنها تصادر كل طبيب يقبل التعليم بذلك المعهد وتصادر كل من يستشير أولئك الأطباء... ومن الطريف أن نذكر أن القانون الإنجليزي حتى عام 1805 كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات. فقد حدث أن باع انجليزي زوجته عام 1931 بخمسمائة جنيه. وقال محاميه في الدفاع عنه: إن القانون الإنجليزي قبل مائة عام كان يبيح للزوج أن يبيع زوجته، وكان القانون الإنجليزي عام 1801 يحدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة. فأجابت المحكمة بأن هذا القانون قد ألغي عام 1805 بقانون يمنع بيع الزوجات أو التنازل عنهن، وبعد المداولة حكمت المحكمة على بائع زوجته بالسجن عشرة أشهر.!!
وقد حدث أن باع ايطالي زوجته لآخر على أقساط، فلما امتنع المشتري عن سداد الأقساط الأخيرة قتله الزوج البائع.
ولما قامت الثورة الفرنسية (نهاية القرن الثامن عشر) وأعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة، لم تشمل بحنوها المرأة، فنص القانون المدني الفرنسي على أنها ليست أهلاً للتعاقد دون رضا وليها إن كانت غير متزوجة، وقد جاء النص على أن القاصرين هم: الصبي، والمجنون، والمرأة!!. واستمر ذلك حتى عام 1938 حيث عدلت هذه النصوص لمصلحة المرأة، ولاتزال، فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة"[29]
أقول: هكذا كان وضع المرأة في فرنسا وفي أوروبا حتى بعد وفاة الطهطاوي بسبعين سنة!! فإذا كان الطهطاوي يريد أن يحرر المرأة المسلمة على الطريقة الغربية فكان أولى به وهو في باريس أن يطالبهم بتحرير المرأة الفرنسية والأوروبية من رق العبودية للرجل!! فحتى بعد إلغاء انجلترا لقانون بيع الزوجات عام 1805 ظل حال النساء في الغرب مزرياً إلى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 فأي بشارة هذه التي يبشرنا بها الطهطاوي وتلامذته؟!!
لقد كان وضع المرأة المسلمة بالمقارنة بالمرأة الأوربية في عصر الطهطاوي وما قبله وما بعده أفضل بمراحل ولامقارنة البتة بين وضع المرأة المسلمة التي كرمها الله في كتابه العزيز وأكرمتها السنة النبوية أحسن تكريم وبين المرأة الأوروبية التي يتحكم في حالتها مجموعة من العاهات العقلية والعقد النفسية التي أصابت رجل الدين المسيحي الذي أثر على المجتمع الأوروبي عدة قرون برسم صورة نمطية للمرأة تلك الكائن الشرير وذلكم الرجس الذي يجب الإبتعاد عنه واجتنابه على حد زعمهم!! أم ماذا يريد الطهطاوي من تقليد المرأة المسلمة للمرأة الأوروبية؟! هل يريد أن تجاريها في العري والسفور والإبتذال؟!!
هل هذا هو تحرير المرأة أم تدميرها؟! لقد أثمرت دعوة الطهطاوي فبعد خمسين عاما من وفاة الطهطاوي ألف قاسم أمين المتوفى 1908 كتاب (تحرير المرأة).. وظهرت حمى التقليد الأعمى للمرأة الغربية: فهذه صفية مصطفى فهمي (التي تنسب إلى زوجها سعد زغلول على الطريقة الغربية) تقوم بشبه مسرحية هزلية مستغلة ثورة الشعب ضد الإحتلال الإنجليزي فتقوم بتظاهرة من النسوة تحت قيادتها وتجمع النسوة أمام ثكنات الإنجليز في قصر النيل بالقاهرة (وهو ميدان الإسماعيلية، فبعد هذه الواقعة غيروا اسمه إلى ميدان التحرير احتفالاً بتظاهرة هؤلاء النسوة)، ويهتفن ضد الإحتلال.. ثم يخلعن الحجاب، ويلقينه في الأرض، ويسكبن عليه الكيروسين، ويشعلن فيه النار.. ويحيا تحرير المرأة!! لكن ماعلاقة الإحتلال الإنجليزي ومقاومته بخلع الحجاب؟!! رغم أنهن خرجن لابسات الحجاب ضمن طوائف المجتمع التي خرجت في ثورة 1919م.. أكاد أشك أن هناك أمراً دبر بليل!!
فإذا كنت تريدين التحرر فلم التمحك في الرجل ـ حسب تعبير الأستاذ محمد قطب ـ وتنسبين نفسك إليه وتتركين اسم أبيك؟!
أقول: ولايزال هذا التقليد الغربي معمولاً به وخاصة في بيوتات ذوي الياقات البيضاء وما يمسى بعلية القوم!! الله يكرم الإنسان: (ادعوهم لآبائهم).. ويصر الإنسان أن ينسب إلى غير أبيه!! فكأنهم يحرفون الآية (ادعوهم لأزواجهم)!! فماذا يريد هؤلاء الطهطاويون من المرأة المسلمة: إسلامها كرمها أعظم تكريم؛ ذمتها المالية منفصلة عن ذمة زوجها، لاتباع ولاتشترى، هي حرة بتحرير الإسلام لها فهي الأم والأخت والبنت والزوجة والمربية والشاعرة والفقيهة والعابدة والمستشارة.. فماذا (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)..
وكان من ثمرات الفكر الطهطاوي أنه "عندما أصدر قاسم أمين كتابه تحرير المرأة، قاطعه الناس وحرم الكبراء عليه دخول بيوتهم، وأفتى بعض العلماء أنه خرج عن الإسلام، وكان أحمد لطفي السيد من القلائل الذين وقفوا إلى جانب قاسم أمين، وقال لطفي السيد يومها: (إنه لن تمر على مصر أكثر من خمسين عاماً إلا وتكون المرأة المصرية وزيرة) وسمع الخديوي عباس لهذا الرأي، فقال: (إن لطفي السيد قد جن وأنه يحسن وضعه في السراي الصفراء) والسراي الصفراء هو الإسم الذي كان يطلق على مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية. وقبل أن تمضي خمسون عاماً على هذا الحديث كانت المرأة المصرية تثبت بالفعل وزيرة للشئون الإجتماعية"[30]
وكان من ثمرات الفكر الطهطاوي ظهور جيل من النساء اللائي تفرنجن وفضلن السفور على الحجاب منهن الكاتبة الشهيرة (باحثة البادية) واسمها ملك ناصف ابنة الشيخ حفني ناصف بك، ولدت بالقاهرة سنة 1886م وتلقت مبادئ العلوم في مدارس أولية ثم دخلت المدرسة السنية فنالت الشهادة الإبتدائية في سنة 1900م ثم نالت إجازة التدريس من قسم المعلمات ومارست التعليم في مدارس البنات الأميرية، وتوفيت 1918م، وكانت من الداعيات إلى السفور بعد قاسم أمين، وكانت تفضل السفور على الحجاب ولها كتاب (النسائيات) وكانت تكتب مقالات في تناهض الحجاب ورغم ذلك حافظ إبراهيم بقصيدة منشورة في ديوانه سنة 1918م.
وجاءت نبوية موسى (1890 ـ 1951) وسارت على نفس الدرب فكانت أول ناظرة وأول مفتشة في وزارة المعارف المصرية ولها كتابات عن المرأة وتحريرها!! ولها كتابات أيضاً عن تاريخ الفراعنة وتمجيدها للشخصية المصرية بغض النظر عن الدين!!
هكذا تولى الطهطاوي كبر سفور المرأة المسلمة تحت شعار (تحرير المرأة!) وسار على دربه العلمانيون الجدد الذي لم تعجبهم شهادة الجبرتي فغمزوا ولمزوا وهمزوا في هذا المؤرخ الأمين!! وعظموا وبجلوا وشرفوا وكرموا الطهطاوي ومن سار على نهجه لأنه فتح باب الطعن على مبادئ الإسلام وقيمه، فطفقوا يعربدون في مقدسات الإسلام ولا رادع لهم!!
----------يتبع----------
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: