لماذا يسمح بتدخل منظمات فرنسية في برامج تعليمية تونسية؟
فوزي مسعود
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 12886
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إنها كارثة بكل المقاييس إذا ما أخذنا الأمر من زاوية معينة ونظرنا إليه نظرة مبدئية، ولا أدري هل يمكن أصلا وحتى نظريا، الخلاص مما آل إليه الأمر لدينا بتونس في مستوى عمليات إلحاقنا بفرنسا أم لا، ويجب أن أقرّ بأنني فوجئت بالحقائق التي اكتشفتها حول تغلغل التواجد الفرنسي داخل النظام التعليمي التونسي ممثلا في البعثة الثقافية الفرنسية ببلادنا، وكون الناس قابلون بهذا المعطى، بل ويعتبرون ذلك شيئا ايجابيا، ولا اخفي أني أصبت بما يشبه الاكتآب حين علمت بذلك، حيث وجدت الواقع أخطر وأكثر كارثية مما أتصور، ولا يملك الواحد إلا أن يقول لا حول ولا قوة إلا بالله، ونسأله أن يفرج عنا الغمة.
بداية القصة:
لي ابنة كانت تدرس بالمرحلة الابتدائية بإحدى مدارس العاصمة تونس، وانتقلت للسابعة أساسي، ووجهت لإحدى المعاهد الحكومية بالعاصمة أيضا، وابنتي بفضل الله متميزة في دراستها حيث كانت دائما الأولى وبمعدلات مرتفعة، وهي ذات مستويات متميزة في العديد من الجوانب الأخرى حيث تحفظ قدرا كبيرا من القرآن، وهي على صغر سنها تطالع كتبا كثيرة من أمهات الكتب.
ما أردت قوله انه يعز علي أن تكون ابنتي التي أسعى لحسن تربيتها وابذل من أجل ذلك الكثير، مصيرها معاهد حكومية تسومها الفتن في دينها، مما قد يجعل كل ما بنيته عرضة للهدم، فكان الحل المنطقي هو أن أحافظ على ابنتي ولا يكون ذلك إلا بالابتعاد بها عن المعاهد الحكومية، خاصة وأنا بالعاصمة وهي التي تحوز معاهدها على صيت سيئ، وذلك للتالي:
- المعاهد الحكومية ترفض قبول الفتيات الاتي يلبسن الحجاب الشرعي.
- المعاهد الحكومية تحولت لأماكن لمعاكسة الفتيات ولتعلم أبجديات الفسق، وما عليك إلا المرور أمام معهد حكومي وسترى بنفسك.
- المعاهد الحكومية تحولت لأماكن للفوضى وخاصة بالمدن الكبرى ومنها العاصمة، حيث لم يعد للأستاذ أي قيمة تذكر إلا في حالات نادرة (يصل الأمر حد تعرض بعض الأساتذة ببعض معاهد العاصمة لعمليات اعتداء وشتم داخل القسم)، وإذا كان الأستاذ ذاته لا يضمن لنفسه الاحترام بالفصل، فكيف آمن أنا على ابنتي.
- المعاهد الحكومية تعمل بشكل غريب في ما يشبه التعمد أو اللامبالاة على التشجيع على حالة الفوضى التي تعصف بالتلاميذ، حيث لا يقع توفير قاعات مراجعة لهم أثناء الساعات التي لا يدرسون فيها وتكون النتيجة إلزام التلاميذ بالتسكع في الشوارع القريبة للمعهد، وهو ما يمثل أكبر خطر من حيث انه مصدر لعمليات الانحراف، على الأقل كان يفترض توفير قاعات للفتيات آلاتي لا يردن التسكع، ولكن ما يقع فعليا، هو طردهن لخارج المعهد لعدم توفر قاعات للمراجعة (أنا أتحدث هنا عن حقائق مرت على إحدى قريباتي، وكنا نحن أهلها نجد مشقة كبيرة لمواجهة ما ينجر عن عمليات دفعها وصاحباتها خارج المعهد) ، بمعنى انك تخرج بانطباع أن الفوضى التي تعم المعاهد التونسية تكاد تكون مقصودة أو أن المعنيين بأمر التعليم لدينا لا يهمهم من كل ما يحدث شيئا ولا يعرف بالتالي بماذا يهتمون، مع العلم ان هذا لم يكن يقع من قبل، فانا مثلا اذكر أن هذا لم يحدث قبل 20 سنة حينما كنت بمراحل التعليم الثانوي، وقد درست بثلاث معاهد ثانوية مختلفة (في الجنوب التونسي والشمال الغربي)، وكانت كلها معاهد حكومية حريصة على إيواء التلاميذ والعناية بهم، وتوفير قاعات لهم للمراجعة أثناء أوقات الفراغ الدراسي.
لكل ذلك قررت ان ارسّم ابنتي بمعهد خاص من تلك النموذجية، وذلك نظرا لخلوها من كل النقاط السلبية المذكورة، رغم ارتفاع التكلفة حيث تتجاوز ألفي دينار سنويا، ولكن يجب القول أنني أجبرت على ذلك، وماذا عسى تكون ألفي دينار أمام احتمال انحراف ابنتي لا قدر الله.
البعثة الفرنسية من أمامك والبعثة الكنسية من ورائك، فأين المفر؟
وذهبت لكي أقوم بإجراءات الترسيم بإحدى المعاهد النموذجية الخاصة بالعاصمة، وفوجئت حينما ذكرت لي الموظفة بان التلاميذ يجب عليهم اقتناء كتب أخرى غير الكتب التونسية المتداولة، وأضافت في مايشبه الحديث المسلم به لديها: سنقوم نحن بتوفير كتب "الميسيون" mission وعليك فقط دفع ثمنها.
فقلت لها: عن أي "ميسيون" تتحدثين؟
قالت في مايشبه الاستغراب: كتب "الميسيون"، إنها الكتب التي تمدنا بها mission française أي البعثة الفرنسية، وأشارت لعمال ينقلون علب كبيرة قائلة: انظر إنها الكتب التي تراها، إنها الكتب الفرنسية التي سيدرسها التلاميذ، لقد بدأت الدفعات الجديدة في الوصول إلينا هذه الأيام، وما تراه بعض ذلك.
تساءلت لغرض التأكد: وهل تدرّسون التلاميذ لديكم البرامج الفرنسية وتجبرونهم على ذلك؟
قالت: بالتأكيد، وأردفت: كل المدارس والمعاهد التونسية التي مثلنا تفعل ذلك.
واسترسلت معها في نقاش، شارك فيه بعض الأولياء ممن كان بقوم بإجراءات قيد أبنائهم ذلك اليوم، وللأسف كان جلهم مستغرب مما أقول، وكان أغلبهم يرون وجود برامج فرنسية بمثل تلك المعاهد هو نقطة القوة، إذ يرون أن مجرد كون أبنائهم يتعلمون برامج فرنسية، يعد شيئا في حدة ذاته مدعاة للفخر.
تراجعت عن قيد ابنتي لدى ذلك المعهد، فحاولت الموظفة إقناعي قائلة أن كل المعاهد النموذجية الخاصة تفعل مثلنا، بل إننا ندرس البرامج الفرنسية منذ مراحل الابتدائي، كما قالت، وهو الكلام الذي أوقع وجعا اكبر في نفسي، لأنه يعني أن المناهج والبرامج الفرنسية بقع تلقينها للتونسيين وفرضها عليهم منذ المراحل الابتدائية في ظل تواطئي من البعض، وجهل التونسيين بخطورة ذلك.
ولكن الموظفة حاولت بعد ذلك أن تلطف من خطورة الأمر قائلة أننا ندرس بالتوازي مع البرامج الفرنسية البرامج التونسية أيضا، ولكن بالنسبة لي فإن مثل هذا الأمر لا يلغي شيئا من خطورة تدريس البرامج الفرنسية، لأن السؤال المطروح ليس في كمية البرامج الفرنسية المدرّسة، وإنما المسألة يجب أن تتناول من ناحية مبدئية: لماذا أصلا تدرس برامج أجنبية لتلاميذ دولة مستقلة منذ 50 سنة، ويقع إلزامهم بذلك.
كما أرتني الموظفة كتابي الفرنسية والانكليزية التي تزودهم بها البعثة الفرنسية، وتصفحتهما ولم يزدني الأمر إلا تأكيدا لمخاوفي، حيث وجدت بكتاب "الفرنسية 6"، (وهو كتاب موجه لتلاميذ السابعة أساسي كما قالت لي الموظفة)، لوحات زيتية عديدة تحمل مناظر تعري، ووجدت بكتاب الانكليزية صورا لمحادثات غرامية بين شاب وشابة في شكل حوارات بجانبها صور لهما، وهي أشياء مما قد تكون طبيعية في مجتمعات غربية ولكنها لن ولا يجب أن تكون كذلك لدينا بتونس المجتمع المسلم، وان أراد البعض استغلال حسن نية التونسي لتمرير هذه الكوارث وتصويرها على أنها أشياء طبيعية.
على أن الأمر لا يجب أن ينظر فيه لمحتويات كتب البعثة الفرنسية حتى يحكم على خطورة المسألة من عدمها، بل لنفترض في أدنى الحالات وكانت الكتب متعلقة بمادة التربية إسلامية أو كتب لعب للأطفال، في مثل تلك الحالة أيضا لا يجب أن يسمح بتداول تلك الكتب لدى تلاميذنا بالمرحلة الابتدائية و الإعدادية.
المسألة مسألة مبدئية وليست خاضعة للمساومة وقياسها بالكميات، لا يعقل أن يجبر أبناء دولة مستقلة على دراسة كتب تعدها دولة أخرى خصيصا لاستهدافهم، حتى وإن تعلق الأمر بكتب بريئة، فضلا على أننا هنا نتحدث عن كتب تحمل قيما غربية، وأعدتها دولة كافرة وممن كان يحتلنا، ولها أهداف في تأبيد تواجدها ومصالحها لدينا من خلال إدامة التبعية لها.
خرجت من هناك وأنا مستغرب من حال التعليم لدينا وكيف أغلقت الأبواب أمام الهارب بدينه، وفي سياق الحديث مع أحدهم قال لي كمن يقترح حلا: هناك مدرسة "الببّاسات" يعني مدرسة الراهبات المسيحيات، وأضاف: إنها تقبل بأسعار رمزية، وتدرس الفرنسية (لا أفهم إصرار الناس على جدوى تعلم الفرنسية، بحيث يذكرون المسألة في كل معرض دفاع عن هذه المدارس الأجنبية)، فلم أملك إلا أن تأسفت لحاله، لأني أعرف حسن نيته وجهله بخطورة الكنائس المسيحية، التي أفلحت في تصوير نفسها على أنها أماكن بريئة مجعولة لخدمة الناس بأسعار رمزية.
خلاصة القول، أصبح التونسي مجبرا إما على المغامرة بأبنائه من خلال الزج بهم في مدارس حكومية تعمل في ما يشبه الخليط من التعمد واللامبالاة على إجبار أبنائنا على التسكع وتعليمهم أبجديات الانحراف، وإما أن تضع أبنائك في مدارس خاصة تجبرهم على دراسة البرامج الفرنسية المعدة بدقة وبمنهجية من طرف البعثة الثقافية الفرنسية وهي المنظمة المنشئة خصيصا لنشر اللغة والثقافة الفرنسية حول العالم، وإما إلحاق أبنائك بإحدى الكنائس، لتعمل على اقتلاعهم من دينهم.
إن الأمر كارثة بحق بكل المقاييس.
تساؤلات من وحي المأزق:
- أليس من العار على تونس بعد نصف قرن من استقلالها، أن توجد بها مؤسسات تعليمية تابعة لإشراف وزارة التعليم لديها وتحمل صفة التونسية وموجهة للتونسيين، ورغم ذلك تتأتى بعض برامجها من البعثة الثقافية الفرنسية، التي هي هيئة معروفة تعمل على نشر اللغة والثقافة الفرنسية حول العالم، ويحبر أبنائنا التونسيين على دراستها (عمليات الإجبار هذه تتم منذ سنوات التعليم الأولى بالمدارس الخاصة بتونس والتي تتنافس فيما بينها على إظهار كونها تدرس المناهج الفرنسية).
- أليس كون بعض التونسيين يخضعون في بلادهم، لبرامج تعليمية فرنسية إجبارية مما يجعل كلمة الاستقلال، غير تامة المعنى ولا مستوفية الشروط، فكيف يكون هناك استقلال، وأنت ترى بعض أبناء تونس يجبرون على دراسة برامج فرنسية بعد 50 سنة تصور فيها التونسي نفسه مستقلا عن فرنسا، والحال أننا مازلنا مجبرين على دراسة نمط حياتهم من خلال مثل هذه الكتب التعليمية، ويفرض على أبنائنا تعلم كيف يحتفل الفرنسيون بأعياد الميلاد المسيحي ويجبر أبنائنا على تعلم كيف يقيم الشباب الفرنسي العلاقات الحميمية والعاطفية، ويجبر أبنائنا على تعلم كيف يقضي الفرنسيون عطلهم، ويفرض على أبنائنا تعلم كيف يخرج الفرنسيون للتسوق، وكيف يلعبون... وهي خطوات خطيرة مما تعمل على تسريع عمليات إلحاق الطفل والشاب التونسي ذهنيا بفرنسا.
- بمعنى هل تخضع مثل هذه الكتب بالمدارس والمعاهد الخاصة التونسية - رغم جزئيتها -، لوزارة التربية التونسية أم تخضع للبعثة الثقافية الفرنسية، فإذا كانت لا تخضع لوزارة الإشراف التونسية، فكيف يسمح بذلك في بلد يفترض انه مستقل منذ نصف قرن، وبأي حق يجبر أبنائنا على إخضاعهم لبرامج تعليم فرنسية أعدت خصيصا لعمليات إلحاق فكري، ومن قرر مثل هذا الإجراء الخطير، وهل اخضع مثل هذا الإجراء الكارثي لنقاش ومداولة، أم اتخذه البعض على عجل وفي ما يشبه السرية؟ وهل يمكن للتونسي أن يعرف هوية الأشخاص أو الشخص الذي أقر مثل هذه الإجراءات الخطيرة، وهل ممكن أن يبرر لنا أفعاله ؟
- وإذا كانت الكتب والبرامج الفرنسية التي يجبر أبنائنا على دراستها بالمدارس وبالمعاهد الخاصة التونسية، والمتأتية من البعثة الثقافية الفرنسية تخضع لوزارة الإشراف التونسية (وزارة التعليم)، فهل ساهمت الأطراف التونسية في إعدادها؟ وإذا كانت أطراف تونسية قد ساهمت في إعداد برامج البعثة الثقافية الفرنسية (وهو الشيء المستبعد حسبما فهمت من موظفي المعهد المذكور)، فلماذا وافقت على تلك المحتويات الموجودة بالكتب المعنية؟
- قد يحاجج البعض ويقول إن هذه البرامج الفرنسية هي نقطة قوة المدارس الخاصة وان الكثير من الأولياء يرون في تعلم أبنائهم محتويات وكتبا فرنسية شيئا ايجابيا في حد ذاته. والرد، يكون بتساؤل مفاده: متى كانت مصائر الشعوب تخضع لأهواء المتساقطين والمنكسرين نفسيا ممن يرون محتلهم المثل الأعلى، ولو صح مثل هذا الاحتجاج، لجاز القول عن الخونة والمتواطئين مع المحتل عبر التاريخ أن لهم حقا، ولجاز القول عن المتعاونين مع الأمريكان بالعراق مثلا، أو المتعاونين مع "إسرائيل" من الفلسطينيين، بأنهم أصحاب حق، من حيث إنهم أيضا يرون في الذي قام باحتلالهم مثلا أعلى ويسعون لتبني برامجه ويسعون لإعلاء شان ومصالح من قام باحتلالهم قبل مصالح بلدهم، وإنما المجتمعات السوية لا تخضع سياساتها لأهواء الفئات المنكسرة نفسيا، بل تعمل حين بناء خياراتها وسياساتها حسب مبادئ ثابتة مستمدة من عقيدتها.
- وإذا افترضنا جدلا أن وزارة التعليم بتونس قد قبلت بإخضاع التونسيين بالمدارس الخاصة للبرامج الفرنسية استجابة لرغبة بعض الأولياء وقبولهم بذلك، فهناك أسئلة في هذا الباب: هب أن هناك من التونسيين من فضل هذه البرامج ورأى تدريس البرامج الفرنسية لابنه غاية مناه ولا يرى ماعداها من أخطار، ولكن في المقابل، هناك أيضا من التونسيين من يرفض أن يخضع أبنائه لبرامج فرنسية، فلماذا يأخذ برأي الذي يريد الخضوع للبرامج الفرنسية ولا يؤخذ برأي الذي يرفض ذلك؟
- وإذا افترضنا جدلا أن الأمور تمضي في تونس على غير هدى، أي تتحكم فيها آراء الناس واختياراتهم وليس مبادئ وقوانين ثابتة، وانه يمكن قبول إخضاع التونسيين لبرامج تعليمية أجنبية لا دخل للوزارة فيها مادام أولياء التلاميذ موافقون، فهل يمكن مثلا أن يقع قبول منظمات أجنبية وأطراف غير فرنسية وغير كنسية مسيحية، لتدريس التونسيين برامج تعليمية، مادامت تلقى قبولا لدى بعض التونسيين؟
- بمعنى لنفترض مثلا، أن إحدى المنظمات الإسلامية العالمية من تلك التي تقدم برامج تعليمية وتثقيفية دولية والتي تتواجد ببعض مناطق النزاعات الدولية أو مواطن الكوارث ويقدم بعضها منظومات تعليمية متكاملة تشمل رياض الأطفال ويعرض البعض الآخر حتى الجامعات، لنفترض أن إحدى هذه المنظمات افتتحت مدارس بتونس كما تفتح بغيرها من البلدان، وقدمت مناهج تعليمية ترتكز على برامج التعليم التونسيةـ ولكنها أضافت إليها برامج خاصة من عندها، تكون متعلقة بتعمق أكثر في الإسلام وشرائعه مما يحض على النهي عن المنكر والأمر بالمعروف ويقيم بعضها مصائف للأطفال ويعطيهم نماذج للالتزام الشرعي، فهل يقع القبول بهذه المنظمات مثلا، كما وقع القبول بالمدارس المسيحية التابعة للكنائس بتونس أو كما وقع القبول بالمدارس التي تفرض فيها كتب البعثة الثقافية الفرنسية.
- وإذا كان الجواب بلا، فالسؤال، لماذا يقع السماح بتواجد مؤسسات تعليمية تابعة للكنيسة، وأخرى تفرض فيها برامج تابعة لهيئة رسمية فرنسية، ولا يسمح لأطراف إسلامية؟ وإذا كان الجواب بنعم، فلماذا لا يقع عقد اتفاقيات مع تلك المنظمات الخيرية الإسلامية الدولية كما تم عقد اتفاقيات مع البعثة الثقافية الفرنسية، لكي تفتح مدارس لها بتونس، يؤمها من لا يريد أن يتعلم بمدارس تابعة للكنائس أو تلك التونسية التي تفرض فيها كتب فرنسية؟
- وللخروج من مأزق المدارس الخاصة التونسية وخضوعها للتأثيرات الفرنسية أو الكنسية، فلماذا لا يقع تكوين هيئة وطنية مكونة من أطراف يجب أن تكون مبرئة من كل ارتباطات أجنبية، ويعرف عنها ولائها لتونس فقط ولمرجعيتها الإسلامية دينا والعربية لغة، وتكون مهمتها تنقية النظام التعليمي التونسي من التأثيرات الأجنبية وخاصة الفرنسية، وفي المقابل يجب إبعاد كل من له علاقة بهيئات فرنسية أي كان شكلها، عن المؤسسات التعليمية التونسية، وإحالتهم إذا لزم الأمر على المحاكمات لتعمدهم إلحاق الأذى بالتونسيين من خلال تأبيد روابط تونس بفرنسا؟ كما يجب أن تشمل عمليات المراجعة هذه ما وقع القيام به من عمليات تسمى "إصلاح تعليم" تمت منذ قرابة العقدين، والتي لا تعدو هي أيضا أن تكون برامج تدمير ذهني لتونسيين واقتلاعهم من جذورهم ؟
- ثم لماذا لا يقع إعادة النظر أصلا في وجود المدارس التابعة للكنائس من حيث أنها أيضا تقوم بنفس الدور الخطير الذي تلعبه المدارس الخاصة الخاضعة للبرامج الفرنسية، بحيث يقع غلق كل مدرسة تابعة لكنيسة، لان الكنيسة يفترض أنها مؤسسة دينية ولا معنى لوجود مدرسة تابعة لكنيسة، إلا أن تكون تسعى لاستهداف التونسيين بإخراجهم من دينهم؟ وإذا كان يجوز قبول مدرسة تابعة لكنيسة، فلماذا لا يسمح بتواجد مدارس خاصة تونسية وتلحق بها مساجد تعلم الأطفال ما يقرره صاحب المدرسة الخاصة؟
- ولماذا لا يقع إجبار كل مدرسة خاصة يوجد مقرها بتونس، وتقدم برامج لتلاميذ تونسيين، بعدم تدريس برامج فرنسية وإنما فقط برامج تونسية معدة من طرف هيئات تونسية دون سواها، ولا يجب أن يترك أي تأثير لهيئات فرنسية في النظام التعليمي التونسي، حتى في شكل برامج وكتب اختيارية، لأن القبول بوجود محتويات تعليمية أجنبية تقدم لأبنائنا مما لا يعقل في بلد يفترض أنه مستقل منذ نصف قرن؟
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
اتصلت اليوم بالمعهد المذكور، وقمت بترسيم ابنتي، واشترطت عدم تدريسها برامج فرنسية و عدم اخضاعها للكتب الأجنبية، فقالت لي الموظفة أن ذلك غير ممكن، لأنها كتب رئيسية يقع الامتحان عليها، والأمر إجباري مادامت التلميذة مرسمة بالمعهد.
وقام الكاتب العام المعهد secrétaire général ببعض التوضيحات التي لم تغير شيئا من المسألة، فقال:
- إن وزارة الإشراف التونسية لم تفرض عليهم تدريس البرامج الفرنسية ولا الكندية، وإنما تفرض عليهم الالتزام من خلال كراس شروط بالبرامج التونسية، وللمعهد الحرية في اختيار باقي الإضافات.
- دافع عن خيار اعتماد الكتب الفرنسية، بالقول إن الأولياء يطلبون ذاك لدرجة أن بعضهم مستعد لأن يدفع ثلاث ألاف دينار من اجل الترسيم بمعهد تابع للبعثة الفرنسية بالمرسى.
- كما أن هناك من يرسم أبنائه بالمدارس التابعة للكنائس، من اجل "تعلم الفرنسية من أهلها" كما قالت إحدى الموظفات في معرض دفاعها على اعتماد الكتب الفرنسية.
- الكتب الأجنبية التي يدرسونها، ليست كلها فرنسية، بل ان كتب الانقليزية مزودة من أطراف كندية وليست فرنسية
- وختم بالقول، انك مادمت جئت لمدرسة خاصة، فيجب الالتزام بقوانينها وان لم ترد ذلك، فبإمكانك عدم تقييد ابنتك بذلك المعهد.
وردي الذي قلته له هو:
- أنا لم اقل أن الوزارة هي التي تقرر كتب أجنبية على التلاميذ وتجبرهم عليها، وإنما المشكلة المطروحة هي كون المدارس الخاصة تفرض على تلامذتها تلك الكتب من دون تدخل من الوزارة، كان على الأقل يمكن جعل تلك الكتب والمواد كاختيارية، في انتظار إزالتها نهائيا.
- السؤال الذي يبقى مطروحا، هو لماذا تسمح كراس الشروط أصلا بتدريس كتب أجنبية، إذ كان يجب منع ذلك على كل المدارس الخاصة، لا يجب من حيث المبدأ تدرس كتب أجنبية موجهة لأطفال في طور التكوين خاصة بالمراحل الابتدائية والاعدادية.
- كون الكتب الأجنبية ليست كلها فرنسية، بل فيها أطراف كندية، لن يغير من خطورة الموضوع شيئا، لان الإعتراض مطروح ضد فكرة إلزام التلميذ التونسي بكتاب أعدته أطراف أجنبية لاستهدافه، فرنسية بالدرجة الأولى او غيرها
- كما يجب منع المدارس الأجنبية كالبعثة الفرنسية والمدارس التابعة للكنائس من تدريس التونسيين، لان وجود تلك المدارس مما يجعل الضغط شديد على المدارس الخاصة التونسية، إذ يجب عليها تقديم خدمات لغة فرنسية منافسة ولا يكون ذلك إلا من خلال كتب فرنسية.
- وحسب نقاشي مع مسئولي المعهد فهم متفهمون لما أطرحه، ولكنهم يقولون إن منع الكتب الأجنبية إن وقع، يجب أن يكون منعا إجباريا ويجب أن يشمل كل المدارس، ولا تستطيع مدرسة واحدة فقط القيام به
28-12-2009 / 11:08:46 متعجب من حالنا