جاءتني طفلتي الصغيرة مستنكرة على إحدى صديقاتها في الروضة رسم سحاب وفوقه صورة تزعم أنها "الله" – تعالى الله علواً كبيراً – وبقدر ما كانت طفلتي مستنكرة لهذا الأمر الشنيع تفاعلت معها وبينت لها خطر تشبيه الله تعالى بأحد من خلقه وأنه ليس كمثله شيء، فلا يصفه الواصفون ولا يمكن لأحد تخيله فهو الكبير ، المتعال ، الأحد ، الفرد ، الصمد ، سبحانه وتعالى ، وبسّطت لها فهم هذه الأمور بقدر ما استطعت
ولكني وقفت برهة لأعرف سبب تصرف هذه الطفلة والذي سبقه تصرفات مشابهة من بعض الطالبات أثناء اشتغالي بالتدريس في المراحل الأولية ، حيث تأملت ما حولي من المؤثرات ومن الوسائل التي أطلقنا لها العنان لتصنع في أولادنا ما تريد فتوصلت إلى نتيجة وهي أن " أبناءنا في خطر" !! خطر عقدي وأخلاقي إن لم تتداركهم رحمة الله تعالى ، ثم حرص الأبوين وتكريس الجهود في حسن التربية والتوجيه.
ومن هذه المؤثرات: القنوات الفضائية بجميع برامجها الموجهة للأطفال.. والتي يقضي الأطفال معظم أوقاتهم أمامها دون حسيب ولا رقيب ! والبرامج التلفزيونية والأفلام الكرتونية ، والتي أظهرت الدراسات أن 29.6% منها يتناول موضوعات جنسية ، و27.4% تعالج العنف والإجرام ، و 15% تدور حول الحب بمعناه الشهواني !
يقول الدكتور (ستيفن بانا) الطبيب بجامعة كولومبيا: " إذا كان السجن هو جامعة الجريمة ، فإن التلفزيون هو المدرسة الإعدادية لانحراف الأحداث " !!
يقول الدكتور شاكر مصطفى في كتاب ( بصمات على ولدي) : " أبناؤنا أبناء وسائل الإعلام التي افترست الأسرة لدينا افتراساً... "
من ناحية أخرى فإن كثيرا من المواقع التي خصصت للأطفال على شبكة الإنترنت تقدم ما يضر الأطفال أكثر مما ينفعهم ، مما يستوجب متابعة الوالدين لا سيما وأن كثيراً من الأطفال أصبحوا يعرفون كيفية الدخول على هذه المواقع ويتبادلون فيما بينهم أسماءها وعناوينها .
ولا ننسى هذا الكم الهائل من المجلات والقصص الموجهة للأطفال بالأسلوب العامي الركيك والتي تحمل بين طياتها محو الفضيلة وغرس الرذيلة وتعليم الجريمة والعنف.
إلى غير ذلك من وسائل إعلام هدامة تستهدف فلذات أكبادنا، والطفل – كما يؤكد خبراء التربية – ذو خيال واسع يتأثر كثيراً بما يسمعه ويشاهده في طفولته وخصوصاً المبكرة.
بالأمس القريب اكتشف الناصحون أن أطفالنا أصبحوا يلعبون القمار، ويعشقون " البوكيمون " !! وقبله نادي المصلحون بخطورة جهاز " البلاي ستيشن" الذي لم يدع بيت إلا دخله – إلا من رحم الله – بما يحويه من مظاهر الشرك والسجود للأصنام ونشر الصليب وخزعبلات السحر والشعوذة والقمار والموسيقى ومشاهد العري والفساد بالإضافة إلى أضراره الصحية كما أثبتها الأطباء والتي من أهمها مرض "الصرع" !!
أن أطفالنا يرون من خلال هذه الوسائل ما يهدم عقائدهم فيسمعون صوت الرعد ثم تنكشف السماء عن كائن أو دجاجة معها طبل، ويرون العاصفة تسير بأمر "شرشبيل" ويرون الأفلام الفضائية التي تتحدث عن الكواكب الأخرى وما تحويه من الحديث عن المستقبل بتخرصات لا أساس لها ويرون خلالها أشباح تظهر ليس لها تفسير عقدي .. إنهم يتعلمون من خلالها مشاهد السحر والشعوذة والكهانة حتى البرامج التعليمية لا تخلو من هذه اللقطات .. !!
كل ذلك ونحن في غفلة نهدر أموالنا، ونضحي بأبنائنا وثمار قلوبنا على مذبحة العولمة، والمسح الأخلاقي ومخططات الماسونية باسم التحرر والتقدم.
ومن هنا كان لا بد من الوعي والعمل لصد هذا الكم الهائل والسيل الجارف من هذا الغثاء، بأعمال إسلامية نقية وجهود فردية وجماعية لإنقاذ أطفالنا من هذا الخطر الداهم وذلك من خلال :
•تقوية البناء الأسري ، ودعم دور الأسرة في مجال التربية وتنفيذ الخطط الهادفة المتنوعة، وتكثيف التوعية والتأصيل العقدي لأولادنا والقرب منهم، وبذل الوقت والجهد في إصلاحهم والجلوس معهم، وصرفهم عن هذه الوسائل وتطهير المنازل منها ، وتقديم البديل المناسب .
•إنشاء مدارس ومعاهد إسلامية لتخريج الدعاة والداعيات المتميزين والمتفاعلين مع قضايا العصر .
•تكثيف البرامج الدعوية الخاصة بالأطفال والمراهقين، واحتواء الناشئة في فترات الصيف في مراكز صيفية موجهة ، ودور نسائية ، وغيرها من المؤسسات لصد هذه الحملات الإعلامية المكثفة .
•تنظيم الجهود وتكثيفها لإخراج أعمال إسلامية مميزة للأطفال ترفيهية، وتعليمية مقروءة ومسموعة ومرئية وعمل الدعاية اللازمة لها.
•بث الوعي لدى معلمي ومعلمات المرحلة الابتدائية بأهمية هذه المرحلة ، وحثهم على غرس العقائد في قلوب التلاميذ ، وتوعيتهم بهذا الخطر المحدق.
•إعداد دورات تربوية للآباء والأمهات والمربين.
•إعداد مسابقات من قبل المدارس ومكاتب الدعوة وغيرها مخصصة للأطفال وتعد لها الجوائز القيمة ، وتنتقى موضوعاتها بحيث تحقق الهدف المنشود .
•توعية أفراد المجتمع بأخطار هذه الأجهزة والوسائل وأهداف الأعداء وأساليب مكرهم ، وبيان مسئولية كل فرد في موقعه فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.