دعا الدكتور يوسف القرضاوي في "الندوة الأولى للأقليات المسلمة.. الهند نموذجًا"، التي نظمتها لجنة القضايا والأقليات في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في الدوحة ـ مؤخرًا ـ الأقلية المسلمة في الهند إلى التوحد، وأن تكون نموذجًا كأقلية، تحتذي بها بقية الأقليات في العالم الإسلامي؛ لأنها الأكثر عددًا والأغزر إنتاجًا في علوم الإسلام.
دعوة الدكتور القرضاوي جاءت في وقت حرج يمر على الأمة الإسلامية عمومًا، وأكثر حرجًا على الأقلية المسلمة في الهند التي يُراد لها الذوبان في المجتمع الهندوسي بأي شكل، وأن لا تميز نفسها عن هذا المجتمع وألا تكون نغمة نشاز في دولة تظهر للعالم كله أن دينها الرسمي هو العلمانية، ولكن تتعامل داخل المجتمع كدولة عنصرية تعلي نغمة الدين وتتمترس به، وتستغل عددًا من علماء المسلمين لإضفاء صورة مغايرة لحقيقة ما يدور من عنصرية مقيتة داخل الهند، وأذكر في هذا المقام قصة كنت طرفـًا فيها، والطرف الآخر كان أحد العلماء المسلمين في الهند، وتعود القصة إلي أربعة عشر عامًا مضت، ففي العام 1994 حدث نقاش حاد بيني وبين الشيخ أبى بكر أحمد المليباري، الأمين العام لجمعية علماء السنة والجماعة بالهند، وكان سبب الحدة، أن الرجل جاء للإسكندرية لحضور مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية، وكان الشيخ قد أعد ورقة لإلقائها في إحدى ندوات المؤتمر، وكان عنوان الورقة ـ حسب ما تسعفني به الذاكرة ـ هو التعايش بين المسلمين وغير المسلمين في الهند، وللأسف لم تحمل الورقة شيئًا من العنوان، وكان همُّ الشيخ الأول والأخير هو إظهار أن الإسلام في الهند بخير، وأن الزائر للبلاد عندما يتجول في شوارعها يسمع الآذان في كل مكان، فيستشعر أنه في بلد مسلم، وليس بلدًا أغلب سكانه من الهندوس، وقد استوقفني هذا الحديث، وعارضت الرجل بتقارير منظمات حقوق الإنسان، التي تؤكد أن الهند تضطهد المسلمين خصوصًا في كشمير المحتلة، في هذه الأثناء تغير وجه الرجل، وقاطعني طوال أيام المؤتمر.
المغزى في هذه القصة أن الهند استطاعت أن تصنع لها علماء سلطة يثنون عليها وعلى أفعالها، هذا فضلاً عن أن الهند تفسح المجال للقاديانيين بوصفهم مسلمين ـ حسب ما ترى الهند ـ يؤيدون السياسة الهندية في تعاطيها مع ما تسميه الهند الإسلام المتشدد، ويُستغلون في نشر الفتاوى التي تحرِّم الجهاد، وأن ما يقوم به المجاهدون في كشمير هو إرهاب يجب اجتثاثه، كما أنهم يوطدون للعلاقات الحميمية بين الهندوس واليهود على اعتبار أن التقريب بين الأديان الثلاث الإسلام (القادياني)، واليهودية والهندوسية، من خلال الزيارات المتبادلة بين نيودلهي وتل أبيب.
قضايا هامشية
والواضح أن الإسلام الرسمي في الهند، لا شأن له بأحوال المسلمين بقدر انشغال علماؤه بأن تكون لهم كلمة في المحافل الرسمية الهندية، وأن يكونوا سفراء للهند في دول العالم الإسلامي، حيث تجاهلوا قضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمسلمين، هذا فضلاً عن انشغالهم بمناقشات قانون الأحوال الشخصية للمسلمين وصفة جامعة عليكر ووضع اللغة الأوردية. وهذه المشاكل كونها دينية وثقافية في طبيعتها تميل إلى إصباغ المناقشات صبغة دينية، ويعود السبب في ذلك جزئيًا إلى أن الهوية الثقافية تنمو في بيئة تعيش فيها الجالية تحت التهديدات، وجزئيًا إلى أن المعطيات والعناصر والمراجع في هذه المناقشة تبقي الجاليات الأخرى خارج الميدان تقريبًا.
أما القضايا التعليمية والبطالة والفقر وقلة التمثيل في الأجهزة المنتخبة فلم تحظ بالاهتمام المطلوب.
ومن هنا، بقيت البرامج التنموية القليلة، التي أعدت للنهوض بالمسلمين غير فعالة. ومما زاد الطين بلة، أن الحرمان التعليمي و الاقتصادي قلل من قدرتهم على مطالبة الحكومة بمساعدات برامج تنموية.
المزيد من التهميش!!
الموقف الرسمي من الحكومات الهندية المتعاقبة، تجاه القضايا التي تمس الواقع المعيشي لمسلمي الهند والارتقاء بمستواهم التعليمي والاجتماعي والاقتصادي والحصول على حقوقهم المتساوية في الوظائف ظلت باعثة على خيبة أمل في أغلب الأحيان. فمن ناحية وجدت الأحزاب الهندوسية اليمينية في تلقيب الجالية الإسلامية بـ"الجالية المدللة" منفذًا لتمرير أجندتها السياسية، من أجل مزيد من تهميش المسلمين، واتهمتهم بتلقي معاملة استرضائية من مختلف الأحزاب العلمانية، وعلى رأسها حزب المؤتمر الذي حكم البلاد معظم فترات ما بعد الاستقلال؛ لكسب أصوات الناخب المسلم.
كما ساعدت الحملات التشكيكية، التي شنتها الأحزاب اليمينية ضد الهوية الدينية والوطنية لمسلمي الهند في تأجيج الوضع، وصرف اهتمامهم عن القضايا الجوهرية التي من شأنها أن تقوي جبهتهم مثل التركيز على التنمية الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، ما دفع بهم في نهاية المطاف إلى مؤخرة الركب.
ولم يجد المسلمون من يأخذ بأيديهم ويخرجهم من مستنقع الفقر والتخلف، الذي وقعوا فيه لأسباب تاريخية فصنفوا في خانة أكثر فئات المجتمع الهندي فقرًا وتخلفًا. وتؤكد العديد من الدراسات التي خرجت إلى النور هذه الحقيقة، كما أنها تكشف زيف وبطلان الإدعاءات، التي تقول بالسياسة الاسترضائية، وتدليل الجالية المسلمة. وعلى الرغم أن الدستور الهندي قد ضمن حقوقـًا متساوية وفرصًا متكافئة لكل شرائح المجتمع الهندي، إلا أنها بقيت حبرًا على ورق؛ نتيجة إلهاء المسلمين عن قضاياهم الجوهرية.
غير وطنيين
وفي دراسة أمر بإجرائها رئيس الوزراء الهندي، فإن المسلمين الذين يمثلون أقلية في الهند، يشعرون بأنهم ينظر إليهم على أنهم غير وطنيين، ويحتاجون لأن يثبتوا باستمرار أنهم ليسوا "إرهابيين".
وقال التقرير الذي قدم إلى البرلمان "إنهم يحملون على عاتقهم عبئًا مزدوجًا بوصمهم بأنهم (غير وطنيين)، وبأنه يجري (استرضاؤهم) في نفس الوقت".
ويواجه حزب المؤتمر الهندي الحاكم، الذي يتباهى بأنه حزب متعدد الأطياف اتهامات من جانب القوميين الهندوس "باسترضاء" مسلمي الهند، ويقول الهندوس المتشددون: إنه يجب عدم السماح للمسلمين بتطبيق قوانينهم الخاصة فيما يتعلق بالميراث والطلاق والزواج مثلما هو الحال الآن.
وقالت الدراسة إنه على الرغم من أن المسلمين يشعرون بضرورة أن يثبتوا باستمرار أنهم غير"إرهابيين"، فإن عملية الاسترضاء المزعومة لم تنجح في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمسلمين.
وكشفت الدراسة، أن ارتداء زي إسلامي يكفي لإثارة الشكوك، حيث تشكو النساء المسلمات، اللاتي يرتدين النقاب أنهن يواجهن عداءً في الأسواق والمستشفيات والمدارس، ويصعب عليهن العثور على وظيفة.. كما اتهمت الشرطة بتجاهل قتل آلاف المسلمين في أعمال عنف هندوسية. هذا فضلاً عن أن الشرطة غالبًا ما تعتقل الرجال المسلمين الذين يطلقون لحاهم ويرتدون عمامة؛ لاستجوابهم من الأماكن العامة مثل: المتنزهات، ومحطات السكك الحديدية، والأسواق.
ومنذ الاستقلال، والمسلمون يواجهون اتهامات بتعاطفهم مع باكستان، ولذلك فهم محرومون بشكل كبير من العمل في الشرطة والجيش ولا وجود لهم تقريبًا في أجهزة المخابرات الهندية. على اعتبار أن هذه الأجهزة مهمتها الرئيسة مواجهة باكستان في الأساس؛ ولذلك لا يصلح المسلمون للعمل فيها!!.
ومن هنا، فإن مسألة المواطنة التي يتشدَّقُ بها المسئولون الهنود لا معنى لها؛ فالمسلمون يمثلون أدنى الطبقات، وهو ما خلُصت له اللجنة التي أعدت الدراسة آنفة الذكر، والتي تؤكد أن "الأقلية المسلمة تعاني من الفقر ونسبة الأمية بينهم أكبر من غيرهم، وفرص التعليم المتوفرة أمامهم غير كافية، وتمثيلهم في وظائف القطاعين العام والخاص أقل، فضلاً عن قلة توفر الائتمانات المصرفية لمن يريدون منهم إنشاء أعمال تجارية خاصة بهم. وفي المناطق الريفية يعيش المسلمون في الغالب في الأحياء المزدحمة الفقيرة التي تفتقر إلى البنيات التحتية".
وبذلك تكون اللجنة قد كشفت عن "خواء مفهوم المواطنة في الهند"، على حد قول بارتاب بانو ميهتا، رئيس مركز أبحاث السياسيات في الهند، في مقال له نشرته صحيفة "إنديا اكسبريس" اليومية.
إحصائيات مثيرة
ومن ضمن الإحصائيات المثيرة للجدل، التي أوردتها «إنديا إكسبريس» حول التقرير، العدد الكبير من النزلاء المسلمين في السجون الهندية بمختلف الولايات. ففي ولاية مهاراشترا الغربية، على سبيل المثال، يشكل المسلمون نسبة 10.6 % من النزلاء ونسبة 32.4 % من المدانين والذين ينتظرون المحاكمة. كما يشكل المسلمون نسبة 2 % من العاملين في "خدمة الإدارة الهندية" الذي يشكل الجهاز الوطني للموظفين. أما في القضاء، فإن نسبة المسلمين الذين يعملون كقضاة لا تتعدى 2.7 % فقط. ويظهر التفاوت بين المسلمين والمجموعات الأخرى في مجال التعليم أيضًا. إذ تبلغ نسبة التعليم وسط المسلمين 59 % مقابل65% هي نسبة التعليم في الهند، وفي المتوسط يبقى التلاميذ المسلمون في المدرسة لفترة متوسطها ثلاث سنوات وأربعة شهور مقارنة بأربع سنوات، وهي المتوسط العام في البلاد. وتبلغ نسبة المسلمين الذين يكملون مرحلة التعليم العام أقل من 4 % مقابل نسبة 6 % من التعداد الكلي للسكان. كما أن عدد المسلمين في معاهد التكنولوجيا، وهي مؤسسات تعليمية نخبوية، أقل من 2 %، فيما يبلغ عدد أطفال المسلمين الذين يلتحقون بالمدارس الدينية 4 %.
ومن المرجح، أن تكون الهوَّة الكبيرة في مجال العمل بين المسلمين والمجموعات الأخرى في الهند من القضايا الساخنة، إذ يعمل كثير من المسلمين في القطاع غير الرسمي، مثل البناء ونظافة الشوارع، فيما يقل عددهم في القطاع العام. ومن جملة وظائف الحكومة يشغل المسلمون 15 %، أي أقل بكثير مقارنة بنسبة العاملين في الوظائف الحكومية المنحدرين من الطوائف "المتخلفة" والطبقات الدنيا الأخرى في المجتمع الهندي.
وهناك 94.9% من المسلمين يعيشون تحت خط الفقر، حيث لا تحصل العائلات المسلمة في المناطق الريفية على حقوقها المجانية في المحاصيل الغذائية، وأن نسبة 60.2% من الذين يقطنون المناطق الريفية لا يمتلكون أرضًا زراعية.
أما نسبة من يمتلكون جرارات زراعية بين الفلاحين المسلمين فتبلغ 2.1%، فيما تمتلك نسبة 1% فقط مضخات مياه.
ويحصل 3.2% فقط من المسلمين على قروض دعم، فيما يستفيد 1.9% من برامج الأغذية الحكومية المجانية.
وكانت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور، نشرت تقريرًا عن قضية وأوضاع المسلمين في الهند، بدأته بالحديث عن أحد الشباب المسلم في الهند فقالت: بكل المعايير يمكن القول: إن سلام محسن مؤهل تمامًا للنجاح في الهند. فهذا الشاب أنهى تعليمه الأساسي وقادر على الحديث باللغة الإنجليزية بصورة ما، ويدرس حاليًا في كلية لإدارة الأعمال. ورغم ذلك فإنه في كل مرة يتطلع فيها إلى المستقبل بعيدًا عن الحواري الضيقة ومحال الصيانة، في الأحياء القديمة بمدينة حيدر أباد الهندية يجد كل الأبواب مغلقة.
فعندما تقدم محسن للعمل في وظيفة والده المتقاعد بالحكومة الهندية، لم يقبل طلبه، بل توقف صرف مرتب تقاعد الوالد، وعندما تقدم بطلب الحصول على قرض من أحد البنوك لشراء أحد المصانع المهجورة، وإعادة تشغيله رفض طلبه.
ولم تكن معاناة محسن شخصية ولكنها معاناة عامة للمسلمين في الهند، فعلى مدى نحو ستين عامًا، هي عمر الدولة الهندية الحديثة المستقلة، ظل المسلمون الهنود هدفًا للاتهامات. فهم إرهابيون ومتعاطفون مع باكستان العدو التاريخي للهند من تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947م.
أيديولوجية هندوسية
وأمام هذه الاتهامات يروِّج الإعلام الهندوسي أن فكرة إنشاء جالية إسلامية في الهند فكرة مضللة، على اعتبار أنها ستزيد من عزلة المسلمين، مثل وجود جالية هندوسية موحدة، وهو يؤدي إلى صيغة نخبوية تخفي بداخلها التباينات والتناقضات الداخلية تمامًا.
ومن هنا، يجب أن ندرك مرامي " الأيدولوجية الوطنية الهندية" التي ترى في فتوحات الإسلام في الهند طامة كبرى غيرت معالم بلادها الحضارية والدينية، ولا بد من إعادة الأمور إلى نصابها ـ حسب زعمها الخبيث ـ وإحياء "الهند العريقة" بإعادة المسلمين إلى حضيض " التراث الموحد " مع بقية سكان البلاد. وحتى يتمكنوا من ذلك، ولصعوبة إجبار المسلمين على " تغيير عقيدتهم"، فليجـُرُّوا المسلمين أو يدفعوهم إلى تبني "أنماط الحياة المشتركة مع الهندوس" والتخلي عما من شأنه أن "يميزهم" عن غيرهم في البلاد ويذكرهم بهويتهم الإسلامية، التي سبق وأن غيرت ملامح المجتمع الهندي.
هذه استراتيجيتهم في طمس معالم الحضارة الإسلامية في الهند وإذابة المسلمين في المجتمع الهندوسي.
ومازلنا نرى قطاعات من المسلمين تتلاشى في أوساط الهندوس، متخلية عن كثير من شعائر الإسلام التي يذكر بها المسلمون عبر تاريخهم في الهند. لا زلنا نسمع عن تزايد حالات التزاوج بين المسلمين والهندوس، لا سيما زواج الفتيات المسلمات من شباب هندوسي، وذلك تحت تأثير الأفلام الهندية، التي ترسخ في عقول الشباب هذه "الأنماط المتحررة" للحياة وتعظيم "إله الحب" الذي لا يعرف دينـًا سوى "دينه"، والذي من طقوسه "التضحية" بكل ما لا يتلاءم و"الحب"، وإقصاء ما يحول دون نجاح "الغرام"!!.
وتستغل الهند السينما في تحقيق حلم "الهند الموحدة" أو "الهند العريقة" التي تلفظ آثار الإسلام والمسلمين في حضارتها، وبما أن حضارتها القديمة حضارة مفلسة، لا يمكن أن تجذب الشباب و"تجنن" أصحاب الشهوات، فلا بد للسينما الهندية أن تقوم بهذا الدور من خلال نشر "الرذيلة"؛ لمحاربة قيم الإسلام في الهند.
ولسونيا غاندي، أرملة راجيف غاندي، تصريح خطير في هذا المجال ظلت وسائل الإعلام الهندية تتناقله فترة طويلة، قالت فيه: "إن أفلامنا حققت في باكستان ما عجزت عنه جيوشنا وآليتنا العسكرية العملاقة"!!.
هكذا هو الدور المنوط بالفيلم الهندي الذي يسعى إلى تذويب المسلمين في المجتمع الهندي، وأن يخلوا الدين وراء ظهورهم من أجل وحدة الهند، هذا بالإضافة إلى انتشار الموضات المتحررة بين الشباب، تحت تأثير الإعلام الهندي الذي يُروج للتيارات العلمانية والليبرالية، حيث يصور أنها هي الحل لأزمة المجتمع الهندي ذي الديانات المتعددة، حيث أن العلمانية ـ في رأيهم ـ هي التي تكفل "التعايش الأخوي" ـ كما يسمونه ـ رغم "الفروق الدينية"، التي يُراد تهميشها، وهي التي تحقق لهم الشعور الذي يجب أن يتبادله المسلم مع الهندوسي أنهم شعب واحد ومجتمع متآلف لا يفرقهم شيء!!، ولذلك يعملون على تزيين محاولات التقارب عبر الزواج والصداقة وشتى أنواع الأنشطة الثقافية والإجتماعية، وكما ركزوا على إبراز "القواسم المشتركة" التي يرون أنها تدعم أركان "القومية الهندوسية" وتغييب "الفروق" التي تشعر كلا من الديانتين، لا سيما المسلمين الذين هم أقلية مستضعفة، أنهم أمة دون غيرهم!.
وكجزء من مشروعهم الطويل الذي يسعى إلى إيجاد "مجتمع هندي حديث" لا يرى سوى الوطنية دينـًا يقوم على الولاء والبراء، هو مشروع في الحقيقة يهدف إلى إحياء "الهند العريقة" أي: هند ما قبل الإسلام، ويقصدون بها هندًا نـُزعت منها آثار الإسلام، ولتكن الهند بعدها ما تكون، وليَسُدْها ما يسود من العقائد أو الديانات، ما داموا قد استراحوا من "التغييرات"، التي أحدثها الإسلام في "شبه قارتهم"، وأعطاها وجهة جديدة غيرت مسار التاريخ.
إنهم يمهدون ـ عبر الإعلام والتعليم ـ بأجواء "التآخي" و"التسامح"، التي تنشيء ضغوطـًا أخلاقية على المواطن الهندي والتزامات نفسية تجعله يركز على ما "يجمع" الناس في البلد، ويتجنب ما يثير الشعور بـ"التعددية" و"الاختلاف"!!.
هل هم صادقون في ادعائهم التسامح، الذي يريدون أن يقيموا عليه مجتمعهم؟ يريدونه من المسلمين ولا يريدونه من الهندوس!!، فكيف إذا أصدروا قوانين في العديد من ولاياتهم بمنع ذبح الحيوان في عيد الأضحى، واعتبار التضحية بالبقر "جريمة" يعاقب عليها في محاكم الجنايات!.
وفي الختام
هذا هو حال الأقلية المسلمة في الهند تتعرض للتذويب في المجتمع الهندوسي، وتضيع حقوقها في مجرد العيش الكريم، فكيف لها أن تتوحد؟ وكيف تكون لها كلمة مسموعة في ظل عالم إسلامي تكالبت عليه الأمم وانشغل بخلافاته ومعاركه عن إيجاد موضع قدم له في ركب التقدم؟
وحتى تتوحد الأقلية المسلمة في الهند، لا بد أن يسبق ذلك إرهاصات صحوة في جسد العالم الإسلامي المسجي على تراب التخلف والخلافات، وقتها يكون لنا حديث عن توحيد ـ ليس الأقلية المسلمة في الهند وحسب ـ بل توحيد الأمة الإسلامية قاطبةً.
10-07-2008
shareah.com
Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 785