في ظل هذه الظروف التي تتعرض فيها الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها للهجمة الصليبية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وصبيانها الأوروبيين من همج سابقين وحاليين ..في ظل هذه الظروف لا يمكن لأي مسلم عاقل ومخلص إلا أن يؤيد ويدعم أي حركة وأي موقف مقاوم ومدافع عن الإسلام وأهله.
وقد استفادت إيران كثيرًا من موقفها المعلن المناهض للسياسات الهمجية للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية، ومساندتها الدائمة للسياسات العدائية للدولة اليهودية في فلسطين ولبنان وسوريا، واكتسبت شعبية جارفة بين الجماهير المسلمة المغلوبة على أمرها والمقهورة من قبل حكامها المتخاذلين .. والمنبطحين أمام المشاريع الصليبية واليهودية البربرية.
وإزاء وضع كهذا نجحت إيران في تثبيت أقدامها قوةً إقليميةً يعمل لها الغرب ألف حساب، ويخطب ودها الجميع بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحاورها وتداورها من وراء ستار، وإن كانت تناصبها العداء في العلن، حيث التنافس على أشده بينهما على العراق، ومحاولات كل منهما السيطرة على الخليج وثرواته، وبالتالي التأثير المباشر والقوي على القرار الدولي.
غير أن إيران تدرك أن تدشين أية قوة سواء أكانت عالمية أو إقليمية، لابد أن يواكبه تدشينها كقوة إقليمية ثقافية، حتى تضمن سيطرتها وتأثيرها فيمن حولها ..وهو ما فشلت فيه حربا وتحاول تحقيقه الآن تسللا وسلما وإنفاقا.
في سبيل تحقيق ذلك عملت إيران علي نشر التشيع بين أوساط المسلمين في آسيا وإفريقيا، وهما القارتان المعروف عنهما أنهما تعجان بالبسطاء من المسلمين الفقراء الذين يميلون إلى التصوف باعتباره يدعو إلى الزهد والتقشف، ومعروف عنهما أيضًا أن الغالبية من المسلمين فيهما دخلت الإسلام عن طريق التجار المسلمين والمتصوفة، ولكن يجدر بنا هنا أن نفرق بين التصوف بمعناه الراقي ونبعه الصافي، وبين التصوف بشكله الحالي الذي يميل إلى الخرافة والفلكلور والطابع الاحتفالي.
وحتى أرباب الطرق الصوفية في مصر والمعروفون بتخاذلهم أمام الحكام، وبخلطهم الخرافات والخزعبلات بالدين، يجد ملالي قُم صعوبة شديدة في التسلل إليهم، وذلك لسبب مهم وجوهري في العقيدة الشيعية وهو الكره الشديد لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبهم، الأمر الذي يرفضه صوفية مصر؛ حيث يقدرون الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - تقديرًا خاصًا ويحبونهم حبًا شديدًا لا تشوبه شائبة.
ومع ذلك فملالي قُم لا ييأسون ويعملون جاهدين على تحويل أتباع الطرق الصوفية من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، والمتتبع للمواقع الشيعية على شبكة المعلومات العالمية - وهي أكثر من أن تحصى - يرى ويقرأ العجب عن النشاط التبصيري في مصر وإفريقيا وآسيا.
وهم يطلقون لفظ (المستبصر) على المتحول من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، على اعتبار أنه كان من الغافلين عن الحقيقة، وهم يدبجون المقالات ويقيمون الإحصاءات - الكاذبة بالطبع - عن الأعداد الضخمة للمستبصرين في مصر التي ينتظرون عودتها بالكامل إلى المذهب الشيعي لاعتقادهم أنها اغتصبت عنوة في عهد صلاح الدين الأيوبي.
ويتركز نشاطهم الأساس - دعاة التشيع - في أوساط المسلمين الفقراء في كل من آسيا وأفريقيا كما ذكرنا منذ قليل، الأمر الذي يثير علامات الاستفهام .. هل يعتبر الشيعة، السنة، غير مسلمين حتى يعملون على تحويلهم إلى التشيع أو الاستبصار كما يطلقون عليه؟، وإذا كان ذلك كذلك فلماذا لا يضمون إليهم النصارى والوثنيين؟، وهم فئات تعج بهم كل من القارتين الكبيرتين آسيا وأفريقيا؟ أم إنهم يرون أن هؤلاء على درجة من الإيمان والتقوى أكثر من المسلمين السنة؟
يبدو أن ملالي قُم يدركون جيدًا أن المنبع الأساس لمذهبهم هو تعاليم زرداشت وماني وفلاسفة الشرق واليونان الأقدمين، وهي نفس مصادر الديانة المسيحية الحالية في طبعتها الأخيرة بخرافاتها وانحرافاتها وخزعبلاتها.
كما إن هناك تشابهًا كبيرًا في الفكر الشيعي والفكر الصوفي المنحرف، يجعل هناك أرضية مشتركة بينهما؛ حيث تأخذ الولاية عند الصوفية معنى اصطلاحيًا خاصًا تتميز به عما يفهمها الآخرون عنها، فهي تنطوي على شكل رمزي يشبه فكرة الإمامة عند الشيعة، فالولي الصوفي والإمام الشيعي في نظر أتباعهما معصومان على حد سواء من الخطأ، ولهما حق العلم الباطن الذي يأتي إلهامًا من الله تعالى، ولهما حق الوصاية على هؤلاء الأتباع؛ لذا تبقى السلطة في أهليهما وتنتقل وراثيًا بينهم.(د.عمار علي حسن - الصوفية والسياسة في مصر - ص50).
ولذلك فإن ملالي قُم يفضلون التسلل إلى البسطاء عن طريق استغلال جهل بعض الناس بصحيح الدين الإسلامي من ناحية، واشتياق البعض الآخر للتدين غير المكلف .. أي التدين الذي تحبه السلطة وتشجعه، وهو تدين الخرافة عن طريق الانضمام إلى الطرق الصوفية الاحتفالية والفلكلورية الراقصة، وليس التدين الإيجابي الذي تمقته السلطات في بلاد الإسلام المختلفة من ناحية أخرى.
ومن هنا كانت الصوفية الخرافية هي حصان طروادة الذي يحبذ ملالي قُم من خلاله دخول مصر وغيرها من بلاد المغرب العربي والدعوة إلى التشيع بين جماهير هذه البلاد التي لا يحب حكامها الإسلام الجهادي.
وإذا أخذنا مصر مثالاً وبلدًا أصبحت فيه صحوة حياتية إن جاز التعبير، وأصبح بها حراك سياسي ونشاط لجمعيات حقوق الإنسان المدعومة من الخارج، فإنه في محاولة لاستغلال هذا المناخ، بدأت جماعة البرهانية - وهذا اسمها - لنشر التشيع بين أتباع الطرق الصوفية في مصر، وبين أوساط الطبقات الفقيرة التي تعاني من الحرمان.
ويكفي أن نذكر طقسًا واحدًا من طقوسها، وهو جمع الرجال والنساء في مكان مغلق لعدة أيام، وذلك تحت زعم اختبار قوة الإرادة - وبالطبع يفشل فيه الجميع باستمرار.
ونفس الشيء يفعله ملالي قُم في دول المغرب العربي التي أعلنت سلطاتها منذ عدة أشهر عن اكتشافها شبكات!! تعمل على نشر التشيع بين الطبقات الفقيرة فيها، ومن المعروف أن الصوفية لها انتشار واسع في دول المغرب العربي، أي إنها أرض خصبة لنشر الفكر الشيعي.
وكان المفترض أو المرجو أن يوجه ملالي قُم - أو إيران في الواقع - أموالهم الطائلة لنشر الإسلام أو حتى التشيع بين ربوع أفريقيا الوثنية أو النصرانية، وأن يفعلوا نفس الشيء في آسيا التي يتعبد قسم غير قليل من سكانها للبقر وقسم آخر للتماثيل الحجرية، وهي أيضًا أكبر مركز للسكان في العالم وتجاور الدولة الإيرانية.
ولكن الملالي اختاروا الطريق الأسهل والأكثر ريبة، فلماذا يحرصون على نشر مذهبهم مثلاً في ربوع المغرب العربي وبين فقراء المسلمين، بينما ينشط الفاتيكان لنشر النصرانية الكاثوليكية في نفس المنطقة ومتخذًا نفس الوسائل المادية القذرة لإغراء فقراء المسلمين بالطعام والمال للتنصر، ومن المصادفات أن السلطات الجزائرية ألقت القبض على "شبكة أوروبية" تابعة لإحدى المنظمات الخيرية - وهو الستار الذي يتخذه الفاتيكان لنشر التنصير - تقوم بتنصير المسلمين في نفس التوقيت تقريبًا الذي تم فيه اكتشاف شبكات "التبصير" أو التشيع.
وفي هذا الإطار - نشاط الفاتيكان التنصيري - نشرت الهيرالدتربيون في الثامن من أغسطس 1985 تقريرًا عن نشاط البابا الراحل جون بول الثاني تحت عنوان: "حول رحلة البابا إلى أفريقيا" .. بقلم لورين جينينز، يقول فيه: يقوم البابا جون بول الثاني بثالث رحلة له لأفريقيا في غضون خمسة أعوام بأمل أن يرسي قواعد الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ضد النهضة الإسلامية المتزايدة في القارة، الأمر الذي يعده الفاتيكان أمرًا هامًا من أمور هذا القرن ... ومن المتوقع أن يقوم البابا خلال رحلته التي تستغرق 12 يومًا بحث رجال الدين المسيحي بأفريقيا وأتباعهم بزيادة نشاطهم الكهنوتي في القارة لمقاومة المد الإسلامي الجديد جنوبًا.
ويستطرد كاتب التقرير: ووجود الإسلام الجديد أمر يشعر به الإنسان في منطقة وسط أفريقيا من سيراليون على المحيط الأطلسي إلى السودان على البحر الأحمر، وفي حين تحول الدبلوماسية والواجبات الرسمية دون السماح للبابا بأن يتحدث علنًا عن موضوع النهضة الإسلامية بأفريقيا، أفصح كبار المسئولين بالفاتيكان بصورة هادئة أن مسألة اعتناق الكاثوليكية واعتناق الإسلام هي واحدة من أهم المسائل التي تهتم بها الكنيسة.
وقد قام البابا منذ توليه منصبه 1978 بسبع وعشرين زيارة للخارج معظمها في آسيا وإفريقيا، وتقول مصادر الفاتيكان أن البابا كان يأمل في زيارة السودان، وهي من الدول الفقيرة جدًا- وقت كتابة التقرير- التي تأثرت بالمجاعة في أفريقيا، ولكن حكام البلد المسلمين رفضوا أن يوجهوا إليه الدعوة لزيارتها.
ويقول كاتب التقرير: ومع إن منافسة الإسلام أمر لا يمكن التحدث عنه علنًا إلا أن البابا كما يقول أحد مصادر الفاتيكان الكبيرة سيعالج هذه المشكلة في بلد مثل توجو، حيث يغلب المسلمون في الجزء الشمالي من البلاد، في حين يغلب العنصر المسيحي في الجزء الجنوبي منها، بأن يطلب من رجال الكهنوت أن يتحركوا صوب الشمال ليبشروا بدينهم بين المسلمين. (بتصرف من كتاب "رسالة إلى البابا للدكتور عبد الودود شلبي" طبعة المختار الإسلامي).
ولعل هذا هو الهم الذي يواجه قادة الفاتيكان الآن - ولا نبالغ إذا قلنا إنه يواجه كنيسة الإسكندرية أيضًا - فهم لم يحاولوا مقاومة الإلحاد في عهد البابا السابق أو الوثنية في عهد البابا الحالي الذي فقد أعصابه واكتفى بسب الإسلام ورسوله عندما شعر بالبساط يسحب من تحت أقدام المسيحية في العالم ـ بل في أوروبا معقلها ـ لحساب الإسلام، وليس هذا بسبب الهجرات الإسلامية من أفريقيا إلى أوروبا، بل بسبب اكتشاف الأوروبيين المسيحيين العقلانيين للخرافات التي حكمتهم وحاولت السيطرة على عقولهم لفترات سحيقة.
وبعد .. لقد حاولت إيران إحياء ما يسمى بدار التقريب بين المذاهب، التي أنشأها الشيخ شلتوت الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأسبق ـ رحمه الله ـ في الستينيات من القرن الماضي، للاستفادة من الضغوط الخارجية على مصر من أجل الانفتاح المجتمعي، وترك الحريات على أعنتها دون حسيب أو رقيب، لنشر التشيع أو "التبصر" كما يحلو للملالي أن يطلقوا عليه.
كما حاول ويحاول الفاتيكان أن يستثمر ما يسمى بالحوار بين الأديان لكي يمرر من خلاله موافقات من الأزهر ـ وهو في حالة ضعفه الحالية ـ بحرية الإرساليات التنصيرية في التحرك بين أوساط المسلمين المصريين الفقراء.
وهكذا يقع فقراء المسلمين في آسيا وإفريقيا ضحايا صراع الأفيال، بين إيران والفاتيكان، ولكن هل من المصادفة أن يختار الطرفان حلبة واحدة للصراع فيها، ونوعية أو طبقة واحدة من البشر للتنافس عليها؟؟
وهل من المصادفة أن إيران والفاتيكان يركزان جهودهما على مصر باعتبارها بلد الأزهر الذي يعد الحصن الأخير للدفاع عن الإسلام الوسطي؟
وهل من قبيل المصادفة أيضًا أن يتخذ كل منهما لفظين متشابهين إلى حد بعيد في الوزن والنطق، باستثناء استبدال حرف (الباء) عند الشيعة بحرف (النون) عند المسيحيين.
أم أن هذا بالذات من تدبير المشيئة الإلهية، لينكشف الاثنان معًا، ويفشل كل من التبصير الإيراني والتنصير الفاتيكاني؟؟
ولله الأمر من قبل ومن بعد..
---------------
وقع التصرف في العنوان الأصلي
مشرف الموقع
08-06-2008
shareah.com
Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 785
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
7-08-2008 / 17:54:42 ابو سمية
أخ حنبعل، أرى ان "انور التونسي" هذا يقوم بخلط كبير وهو يردد مصطلحات إعلامية مضللة:
يقول: "إإن كان مذهبكم مبني على قوة الحجة و البرهان و مبني على مكارم اخلاق النبئ (ص) و عدم اقصاء الاخر و تكفيره و قتله فلسوفا ينصركم الله "، يعني لا ادري إن كان مثل هذا الكلام يحمل من معنى؟ هل تكفي الحجة والبرهان لإحراز النصر، بالطبع لا، لا يكفي، والا لم توجد التكاليف الشرعية الأخرى الداعية للعمل والسعي في مناكب الأرض، والنهي عن المنكر والأمر بالمعروف ثم الجهاد. أما "مكارم الأخلاق" لوحدها، فهي لفظ فضفاض لا معنى له حينما يؤخذ بإطلاق هكذا وحده مجردا من كل مرجعية، فالبوذية تقول بمكارم الأخلاق، والمسيحية وغيرهم يزعمون ذلك، ولكن لا يحكم على صحة هذه المكارم الا استنادا لمرجعية عقدية، وهذه المرجعية من حيث ارتكازك عليها يجب الالتزام بها، وهو ما يعني انه لا يصح اخذ الإسلام كمنظومة مجزأة كما تحاول النظرة العلمانية ان تفعله، حيث تتناول فقط الجانب الاخلاقي تارة وجانب التسامح مرة اخرى حتى تفقده معانيه بتجزئته، بل الإسلام منظومة متكاملة يجب ان يأخذ كله مكارم اخلاق، ومكارم السعي والعمل ومكارم القوة والصبر والمرابطة في جهاد أهل الباطل، يلتزم فيه بكل الصفات: صفات التسامح بالتوازي مع صفات الشدة والغلظة، الاولى مع اهل الحق والثانية مع اهل الباطل.
7-08-2008 / 17:22:10 حنبعل
الى انور التونسي
و انت يا اخي ما مذهبك ؟ اخشى الا تكون في انتظار صاحب السرداب و ممن "يندب فيهم" على الحسين.
على كل نحن لا نخشى التنصير و التبصير لقوة حجتهم و برهانهم بل لجبنهم و نذالتهم و حقارتهم باستهدافهم للمحتاجين و المعوزين و للجاهلين بدينهم و ممن يبيع اخرته بدنياه و من واجبنا التنبيه و التحذير حماية لهؤلاء المساكين من انفسهم الضعيفة.
بالمناسبة ماذا تقول في حرب الردة التي امر بها ابو بكر الصديق بعد موت المصطفى
6-08-2008 / 22:51:16 انور التونسي
من كان لله دام و اتصل و من كان لغير الله انقطع و انفصل
بسم الله الرحمن الرحيم
الى الخائفين من التنصير او التشيع ان كان مذهبكم مبني على قوة الحجة و البرهان و مبني على مكارم اخلاق النبئ (ص) و عدم اقصاء الاخر و تكفيره و قتله فلسوفا ينصركم الله و ان كان غير ذلك فسوف يرمى بمذهبكم و تكفيركم الى سلة مهملات التاريخ ،و لسوف ترتاح الانسانية من رجسكم و العياذ بالله رب المستظعفين قاسم الجبارين و المجرمين و المحرفين لسنة نييه الاعظم (ص).
22-06-2008 / 20:00:52 أبو محمد
موضوع مهم
http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=136927&pg=7
7-08-2008 / 17:54:42 ابو سمية