"حرية التعبير" كوسيلة لنشر الكفر: من سلمان رشدي إلى نوال السعداوي
شريف عبد المنعم - المحيط المشاهدات: 11442
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
رفض القضاء المصري مؤخرا دعوى إسقاط الجنسية عن الكاتبة نوال السعداوي ـ بعد تطاولها على الذات الإلهية في بعض منشوراتها ـ مما فتح الباب مجددا لمناقشة الانحرافات الناجمة عن حرية التعبير ، وكيف أن تلك الحرية تصل بالبعض في كثير من الأحيان إلى حد التطاول على الذات الإلهية.. وهنا تظهر الحاجة أمام الجميع.. حكام ومحكومين .. علماء ومثقفين .. لكي تكون لهم وقفة واضحة وصريحة تحافظ على حرية التعبير وتحترم في ذات الوقت العقائد والمقدسات وتبتعد عن أي مساس بالذات الإلهية.
المعروف أن الإساءة للذات الإلهية ليست بالأمر الجديد فقد اعتدنا أن يخرج علينا كل فترة من يتفتق ذهنه بأفكار أقل ما توصف بها أنها "هرطقة وتخاريف" ويطلق عليها علماء الدين أنها "كفر وإلحاد"، فيعتبرونهم تحالفوا مع الشيطان ضد دينهم وأهلهم وذويهم من أجل الحصول على تأشيرة الدخول لجنة الغرب.
والكلام السابق لا يختلف مع مبدأ حرية التعبير التي مارسها نجيب محفوظ في روايته الشهيرة "أولاد حارتنا" وعميد الأدب العربي طه حسين في كتاب "الشعر الجاهلي"ـ وإن كان هناك تخفظات عليها ـ وذلك أن النماذج التي نوردها في هذا التقرير هي لـ "شياطين" باعت الآخرة ورضاء الله بالثمن البخس ومتاع الدنيا الزائل وتجرأت على الذات العلية التي خلقت الكون بما فيه ومن فيه "سبحانه وتعالى عما يصفون".
تخاريف نوال سعداوي
ان ما فجر آخر حلقات مسلسل الإساءة رفض محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري إسقاط الجنسية عن الكاتبة نوال السعداوي على خلفية تأليفها مسرحية بعنوان "الإله يقدم استقالته"، وقالت المحكمة في حيثياتها أن المشرع وضع حدودا لحالات إسقاط الجنسية ليس من بينها ابداء رأي أو اعتناق فكر يمثل موقفا شخصيا، إضافة إلى أن الدستور ينص على حرية الفكر والتعبير.
الدعوى آنفة الذكر رفعها المحامي، سمير صبري ميخائيل، وطالب فيها بإسقاط الجنسية عن سعداوي ووضع اسمها على قوائم الممنوعين من السفر، لأنها تعمل من خلال كتاباتها على إثارة الفتنة وازدراء الأديان، وخاصة من خلال مسرحية "الإله يقدم استقالته" والتي نشرت لأول مرة عام 2006 في إحدى الصحف على شكل حلقات مسلسلة.
وكان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف قد أمر بمصادرة المسرحية عند نشرها، كما سبق أن اتهم الأزهر "سعداوي" بإهانة الذات الإلهية وسب الأنبياء والتهكم عليهم بصورة أقل ما توصف بها أنها "كفر صريح" في مسرحية "سقوط الإله في اجتماع القمة"، والتي قالت فيها أنها "بنت الله وأن إبليس قدم استقالته للإله لأنه (....) من المهنة التي وضعه فيها الرب".
ولـ "سعداوي" الكثير من الآراء الأخرى المناهضة للدين منها قولها بأن حجاب المرأة نشأ في العصر العبودي، وأنه موروث تقليدي قديم مأخوذ من اليهودية وأنه لا علاقة بين الحجاب والإسلام، كما ترفض قوامة الرجل على المرأة وختان الرجال والنساء وتدعي أن مناسك الحج مأخوذة من "الوثنية"وترفض تعدد الزوجات، ثم طالبت مؤخرا بضرورة نسب الابن إلى الأم بدلا من الأب!!
سالم.. وجائزة التطاول
قبل قضية نوال السعداوي ناقش القضاء المصري مؤخرا الدعوى التي رفعها الشيخ يوسف البدري ـ عضو مجمع البحوث الإسلامية ـ لسحب جائزة التفوق في الآداب التي أعطتها وزارة الثقافة للشاعر حلمي سالم الذي أساء للذات الإلهية في قصيدة "شرفة ليلى مراد" والتي وصفها تقرير مجمع البحوث الإسلامية بأنها تضمنت "كفرًا وزندقة ومسا بالذات الإلهية".
وقال التقرير أن القصيدة كلام لا معنى له ولم يتضح له معنى إلا عند مؤلفه، ويتضمن إساءة إلى الله سبحانه وتعالى، وكأن ذلك هو المقصد ولا شيء غير الإساءة، ونعوذ بالله من هذا الرأي، وكأنه ملحد ينشر الإلحاد ويسميه إبداعاً، فهو يصف الرب في قصيدته بأنه مزارع يزغط البط ويحلب الضرع وهو تجرؤ على الله تعالى وعدوان على ذاته.. هذا كفر وزندقة ومساس بالذات الإلهية، كما أن ما ورد بالقصيدة لا علاقة له بالإبداع من قريب أو بعيد".
والمثير في الموضوع أنه بعد حكم القضاء بسحب الجائزة التي تعد واحدة من كبرى الجوائز التي تمنحها الدولة المصرية للمثقفين والأدباء قامت وزارة الثقافة بالطعن في الحكم القضائي وقال أمين المجلس الأعلى للثقافة إن الطعن يهدف إلى الدعوة للتنوير ومحاربة الظلامية التي توقف كل عمل إبداعي!!
بذاءات وفاء سلطان
ومن بين الأشخاص الذين تهجموا على الذات الإلهية مؤخرا الأكاديمية الأمريكية من أصل سوري "وفاء سلطان" في إحدى حلقات برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة، والتي أثارت بتهجمها علي الإسلام والمسلمين غضبا وسخطا شديدين بين مشاهدي القناة الذين فوجئوا بهذه السيدة وهي تسب دينهم على الهواء مباشرة.
وكانت ردود أفعال المشاهدين الغاضبة تجاه بذاءت "سلطان" سببا في إجبار قناة الجزيرة على الاعتذار للمسلمين بعد تعرضها لانتقادات حادة من وسائل الإعلام العربية والإسلامية على تلك الاستضافة التي تطاولت فيها "سلطان" على الرسول الكريم وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى القرآن الكريم بل وعلى رب العالمين، كما أشادت برسامي الرسوم المسيئة زاعمة أن ذلك حرية شخصية ضاربة بمشاعر أكثر من مليار مسلم عرض الحائط.
ولسلطان العديد من الكتابات التي تتطاول فيها على الذات الإلهية وتدعي أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ "يثرثر في القرآن" وكثيرا ما تستهزأ بالأحكام وحدود الله.
سلمان رشدي.. الشيطان الهندي
لمان رشدي بريطاني من أصل هندي، نشر في عام 1988 رواية أسماها "آيات شيطانية" والتي أدت إلى ضجة كبيرة في دول العالم الإسلامي حيث تعرض لشخص الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وادعى "أن الرسول أضاف آيات في القرآن وأن الشيطان نطق على لسانه هذه الآيات".
ومن بين البذاءات التي تضمنتها الرواية: "أنه كانت هناك دار للدعارة في مدينة الجاهلية ـ يقصد بها مكة ـ وكان في هذه الدار 12 امرأة" وكانت أسماء هؤلاء النساء هي أسماء زوجات الرسول ـ صلى الله عليه وسلم.
وقد ثار العالم الإسلامي وخرجت المظاهرات تتجه نحو السفارات البريطانية وتحرق دمى لسلمان رشدي ونسخا من الكتاب، في حين أصدر آية الله الخميني فتوى عام 1989 بإهدار دم سلمان رشدي ليعيش الأخير بعدها مختفيا على الأنظار والحياة العامة لمدة 10 سنوات حتى أسقطت الفتوى عام 1998.
وفي يونيو 2007 منحته ملكة بريطانيا لقب "فارس" لرشدي مما أثار الضجة حوله من جديد في العالم الإسلامي الذي لم ولن ينسى يوما ما اقترفه هذا "الشيطان" من إثم وجرم في حق سيد الخلق أجمعين حين كتب الرواية الملعونة وحين أعلن مؤخرا تأييده للصحف الدنماركية التي نشرت الرسوم المسيئة.
هرطقة نصر حامد أبو زيد
ولعل القضية الأشهر في مصر هي قضية نصر حامد أبو زيد الذي تقدم بأبحاثه للحصول على درجة الأستاذية من كلية الآداب بجامعة القاهرة، ووجد الدكتور عبد الصبور شاهين المشرف على الرسالة أن الكتابات تحتوي على مخالفات شرعية.
واتهم د. عبد الصبور شاهين في تقريره نصر أبو زيد بـ "الكفر" بسبب قوله بأن النص الديني الأصلي هو منتج ثقافي، ولمطالبته بإخضاع القرآن الكريم لنظرية غربية مادية تنكر الخالق وتؤول الوحي الإلهي وتسمي (الهرمنيوطيقا)، وعلى إثر ذلك تقدم المستشار صميدة عبد الصمد ـ رحمه الله ـ بدعوى التفريق بين الكاتب وزوجته انطلاقا من مبدأ "الحسبة" وتم بالفعل الحكم بالتفريق وها جر أبو زيد إلى هولندا ولا زال يمكث يها حتى الآن حيث يعمل هناك أستاذا للدراسات الإسلامية بجامعة لايدن.
علاء حامد.. منكر الأديان والرسل
في مارس 1990 نشرت رواية "مسافة في عقل رجل.. محاكمة الإله" لـ "علاء حامد" ـ مدير تفتيش لجان الطعون بمصلحة الضرائب المصرية ـ وقد تطاول فيها على الذات الإلهية أيضا وسخر من الأنبياء والرسل واستهزء بالجنة والنار وكذب الكتب المنزلة وتهجم عليها.
ومن بين البذاءات التي وردت بالكتاب قوله: إن جميع الرسالات ليست إلا من صنع البشر وإن أصحابها تداولوها بدعوى أنها إلهية وعلى هذا فتصبح صلة الرسل بالله صلةً افتراضية لا تدعمها حقيقًة ولا يسندها برهان".
وقد أحالت النيابة الإدارية الكتاب إلى الأزهر الشريف لفحصه وكان رد مجمع البحوث الإسلامية أنه يعد ترويجاً وتحبيذاًً بالكتابة لآراء متطرفة وهدامة بقصد إثارة الفتنة وتحقير و ازدراء الأديان السماوية وأنبيائها و خاصة دين الإسلام، وكذلك الطوائف المنتمية لهذا الدين ولغيره من الأديان، وأنه اعتدى على القرآن وادعى أنه من صنع البشر، وتهكم على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى عدد من الأنبياء وطالب الأزهر بمعاقبة المؤلف بعد مصادرة الكتاب، بعد ثبوت إنكاره للأديان والإله وتكذيب وإنكار الكتب السماوية والبعث والحساب والجنة والنار، وقد أصدر القضاء المصري حكما عام 1991 بسجن علاء حامد 8 سنوات وغرامة قدرها 2500 جنيه مصري.
القائمة لا زالت طويلة وتضم العديد من الأشخاص أو "الشياطين" من بينهم الكاتبة البغالية "تسليمة نسرين" مؤلفة مجموعة من الكتب المسيئة، والسوري حيدر حيدر صاحب رواية "وليمة لأعشاب البحر"، والمصرية بسنت رشاد مؤلفة كتاب " الحب والجنس في حياة النبي"، والليبية "وفاء البوعيسى" مؤلفة كتاب "للجوع وجوه أخرى" والذي اتهمت فيه بالتبشير للمسيحية، والشاعر السوري "أدونيس" في مجمل آرائه الحداثية، والكاتب السوري نبيل فياض مؤلف كتاب "أم المؤمنين تأكل أولادها"، والصحفي المصري "مجدي علام" الذي يعيش في إيطاليا ومؤلف كتاب "تحيا إسرائيل" والذي تنصر بعده وعمده بابا الفاتيكان بنفسه!!
-------------
وقع التصرف في عنوان المقال الأصلي
مشرف موقع بوابتي
19-05-2008
Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 785
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
23-05-2009 / 00:54:08 فيصل