البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التحرك الطلابي الأمريكي مع غزة

كاتب المقال محمد هنيد   
 المشاهدات: 655



استأثرت المظاهرات الطُلاّبية في الولايات المتحدة باهتمام الرأي العام العالمي والعربي بعد أن تحوّل الدعم الجماهيري إلى قلب المؤسسات العلمية في أمريكا. يتأسس هذا الاهتمام على مصدَرين أساسيين؛ أما الأول فيتمثل في أن واشنطن هي الداعم الأساسي للكيان المحتل ولجرائمه في فلسطين، وأما الثاني فيظهر في قدرة الشارع الأمريكي على التأثير في صاحب القرار من جهة وفي جلب انتباه الرأي العام العالمي من جهة ثانية.

لكن ما يهمنا من وجهة نظر عربية إنما ينحصر في مستويات ثلاثة: أولها قدرة هذه الاحتجاجات على إضعاف التمويل الضخم وغير المشروط للكيان المحتل من قبل الولايات المتحدة. ثانيا تأثير هذه الاحتجاجات على الناخب الأمريكي غدا وهو ما يصوغ السياسة الخارجية الأمريكية. ثالثا قدرة هذا الحراك على تعرية العجز العربي وخاصة الحراك الطلابي منه.

صوت الطالب ومضامينه

في حركة غير منتظرة امتدت الاحتجاجات الأمريكية التي كانت تقودها مجموعات مدنية مناصرة للقضية الفلسطينية إلى داخل الحرم الجامعي في عدد كبير من الكليات الحكومية والخاصة على حد سواء. وكانت جامعة كولمبيا قد قادت هذا الحراك الطلابي بعد أن قررت رئيسة الجامعة "القبطية من أصول مصرية" دعوة قوات الشرطة إلى فض اعتصامات الطلاب وهو الأمر الذي كان له أثر كبير في امتداد رقعة الاحتجاجات.

وصل الأمر في الساعات الأخيرة إلى اعتقال أكثر من 1300 طالب من كل الجامعات حسب الصحافة الأمريكية وهو رقم كبير جدا مقارنة بطبيعة الاحتجاجات السلمية التي تأتي تضامنا مع مأساة شعب فلسطين وطلبا لإيقاف الدعم الأمريكي للمذبحة.

مطالب الطلاب هذه قوبلت بحملة إعلامية شرسة وصلت إلى حدود اتهامهم بالإرهاب وبمعاداة السامية وهي أعلى مراتب تهم الرأي في الغرب عامة. في تصعيد أخير اقتحمت قوات الحرس الوطني والشرطة الحرم الجامعي واعتدت بالعنف على الطلاب وإطار التدريس وأساتذة الجامعات في اعتداء صارخ على القيم التي تغنى بها الغرب عقودا من الزمن.

ثم في مرحلة أخيرة اقتحمت مليشيات تابعة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة تجمعات الطلبة وأماكن اعتصامهم واعتدت عليهم بالقوة والعنف دون تدخل الشرطة وهو ما يشكل سابقة خطيرة قد تؤدي إلى انزلاق الأوضاع هناك.

الثابت إذن أن مطلب الحراك الطلابي كان موجها إلى الداخل الأمريكي الرسمي ولم يكن موجها إلى الخارج رغم أن الدافع إليه كان فعلا خارجيا. رفع الطلبة شعارات "أوقفوا المذبحة الآن" وهو الأمر الذي أزعج الإدارة الأمريكية التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني سيطرة شبه مطلقة.

آثار الحراك الطلابي

تفاءل الكثير من المحللين والنقاد بما وصفوه تحولا كبيرا في الرأي العام الأمريكي معلنا بداية نهاية الهيمنة الصهيونية على القرار السياسي والعسكري هناك. وذهب آخرون إلى أن ما يحدث في الجامعات الأمريكية مؤشر قوي على أن الجيل القادم لن يكون صهيونيا كما هو حال الجيل الأمريكي المتحكم اليوم في القرار السياسي وفي الإعلام.

كثيرة هي الإسقاطات السابقة لأوانها فرغم وجاهتها الظاهرة لكنها في الحقيقة لا تستند على معطيات موضوعية قوية. هناك معطيات عديدة تمنع الوثوق المطلق في تحول الرأي العام الأمريكي ضد المشروع الصهيوني أو لصالح القضية الفلسطينية وقدرته على التأثير. فالحراك الطلابي اليوم ليس جديدا بل عرفت حرب فيتنام (1955- 1973) حراكا شعبيا وطلابيا أكبر وأعنف لكنه لم يغير من طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية باعتبارها سياسة توسعية عدوانية أساسا.

من جهة أخرى فإن الرأي العام الغربي بشكل عام وليس الأمريكي فقط إنما يُصنع صناعة وله مؤثراته القوية الخاصة التي تصعب مواجهتها في حالات السلم والاستقرار. فوسائل الإعلام والجامعات ودور النشر والسينما وكل أدوات القوة الناعمة إنما تسيطر عليها شركات عملاقة هي التي تصوغ الوعي الجمعي القاعدي بما فيها الكنيسة الإنجيلية البروتسنتية المتحالفة مع المشروع الصهيوني.

على جبهة أخرى قد يكون التأثير الطلابي والشعبي ذا أفق على المدييْن المتوسط والبعيد لو كان مسنودا بنهضة عربية أو تحركات مدنية أو ضغط رسمي أو جماهيري كبير. لكن واقع الحال في المنطقة يؤشر إلى العكس من ذلك حيث خيم الصمت والعجز على الجبهة الشعبية وانطلق قطار التطبيع الرسمي دون توقف.

لا توجد على الجبهة العربية إذن مؤشرات صلبة قد تدعم التوجه العالمي نحو النفور من جرائم الكيان الصهيوني بل على العكس من ذلك فإنّ الساحة العربية كانت داعمة لمشروع الإبادة سواء عبر خطوط إمدادا الكيان المحتل أو عبر منع الشارع من الحركة.

بناء على كل ما تقدّم فإن الحراك الطلابي الأمريكي خاصة والغربي عامة لن يخرج تأثيره عن إطاره الداخلي الذي نشأ فيه وهذه هي أقرب الاحتمالات. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فلن يكون خلاصها إلا من الداخل العربي والداخل العربي وحده بعد التحرر من قبضة الاستبداد والقمع الذي يحول بين الشعوب وبين نصرة إخوانهم في غزة.

إن أهم دروس المذبحة الجارية في غزة أنّ هذا العالم الذي نعيش فيه لا يؤمن بالحقوق ولا بالحريات ولا بحق الشعوب في الحرية بل يؤمن بلغة واحدة وهي لغة القوة. فبعد أكثر من نصف سنة من المذابح والمجازر المفتوحة لم تتحرك أية مؤسسة أو جهة عالمية لإيقاف المذبحة في حق الأطفال والنساء والمدنيين. وهي النتيجة التي تؤكد أن انتظار الحلول الخارجية ليس إلا مضيعة للوقت والجهد وتنفيسا سلبيا عن حالة العجز التي تعيشها الأمة وشعوبها.

لن يكون الحل إلا داخليا؛ سواء كان ذلك في مواجهة الاستبداد أو في مواجهة مشاريع الاحتلال والاستيطان والغزو. إن طريق إيقاف المذابح والمجازر في حق شعب فلسطين وشعوب العرب لن يكون ممكنا إلا بعد التحرر من شروط الاستبداد وهو الأمر الذي لن يكون ممكنا قبل أن تدرك الشعوب أن معركة الحرية من الأنظمة الدكتاتورية هي معركة وجود لا معركة حقوق فقط.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

غزة، فلسطين، إسرائيل، طوفان الأقصى،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-05-2024   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحي العابد، عبد الرزاق قيراط ، إياد محمود حسين ، سامر أبو رمان ، سليمان أحمد أبو ستة، رمضان حينوني، محمود طرشوبي، د - محمد بنيعيش، فهمي شراب، حميدة الطيلوش، مصطفي زهران، فتحي الزغل، د - مصطفى فهمي، عبد الغني مزوز، د. خالد الطراولي ، أحمد النعيمي، أ.د. مصطفى رجب، ياسين أحمد، طلال قسومي، د. أحمد بشير، حسن عثمان، صباح الموسوي ، تونسي، صفاء العراقي، سلوى المغربي، محمود فاروق سيد شعبان، د - المنجي الكعبي، يحيي البوليني، د. طارق عبد الحليم، محمد علي العقربي، ضحى عبد الرحمن، سلام الشماع، د - الضاوي خوالدية، أحمد الحباسي، د- محمود علي عريقات، محمد عمر غرس الله، أشرف إبراهيم حجاج، أنس الشابي، د- جابر قميحة، إيمى الأشقر، رضا الدبّابي، أحمد ملحم، نادية سعد، محرر "بوابتي"، طارق خفاجي، محمد يحي، حاتم الصولي، د. أحمد محمد سليمان، فوزي مسعود ، العادل السمعلي، د. صلاح عودة الله ، د - صالح المازقي، فتحـي قاره بيبـان، بيلسان قيصر، صفاء العربي، سفيان عبد الكافي، محمد شمام ، علي الكاش، د. مصطفى يوسف اللداوي، عراق المطيري، الناصر الرقيق، سامح لطف الله، كريم فارق، محمد العيادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد الطرابلسي، د - شاكر الحوكي ، سيد السباعي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- هاني ابوالفتوح، د - عادل رضا، حسني إبراهيم عبد العظيم، الهادي المثلوثي، رشيد السيد أحمد، علي عبد العال، إسراء أبو رمان، عزيز العرباوي، منجي باكير، عمر غازي، صلاح المختار، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رافع القارصي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - محمد بن موسى الشريف ، صلاح الحريري، عمار غيلوفي، مجدى داود، خالد الجاف ، كريم السليتي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، خبَّاب بن مروان الحمد، د- محمد رحال، صالح النعامي ، محمد أحمد عزوز، أبو سمية، يزيد بن الحسين، سعود السبعاني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ماهر عدنان قنديل، د. عبد الآله المالكي، محمد الياسين، المولدي الفرجاني، أحمد بوادي، عبد العزيز كحيل، د. عادل محمد عايش الأسطل، د.محمد فتحي عبد العال، وائل بنجدو، رافد العزاوي، عبد الله الفقير، جاسم الرصيف، مراد قميزة، عواطف منصور، عبد الله زيدان، محمود سلطان، حسن الطرابلسي، الهيثم زعفان، مصطفى منيغ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة