البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لماذا فرنسا مهووسة بالسيطرة على أجساد النساء المسلمات؟

كاتب المقال ملاك بن سلامة دبدبوب   
 المشاهدات: 613



في وقت سابق من هذا الشهر؛ أيدت المحكمة الإدارية العليا في فرنسا قرار الحكومة بحظر ارتداء العباءات في المدارس، بعد أن صرحّت جماعة حقوقية إسلامية أن هذا الإجراء عنصريٌّ.

وبذلك؛ سحقت المحكمة آخر ما تبقى من أمل في حماية الحريات الأساسية واستعادة حقوق النساء المسلمات في البلاد.

وبررت الحكومة الفرنسية حظر العباءة على أساس المبدأ الدستوري للعلمانية، ولكن من الصعب أن نتصور كيف تشكل حفنة من الأطفال الذين يرتدون العباءات تهديدًا للعلمانية في فرنسا. فوفقًا للجزيرة بلس، يمثل عدد التلميذات اللاتي يرتدين العباءات في المدرسة أقل من 0.00005 بالمائة من إجمالي الطلاب في البلاد.

ومنذ بداية السنة الدراسية، أُعيدت العشرات من التلميذات إلى بيوتهن لارتدائهن العباءات، وكان من بين المستهدفين شاب يبلغ من العمر 15 سنة يرتدي لباس الكيمونو الياباني، وفتاة ترتدي قميصًا فضفاضًا وسروالًا. لقد شرّعت الدولة الفرنسية في خطوة سلطوية مثيرة للقلق التحكم في مدى فضفضة أو طول الثوب؛ وكل هذا باسم العلمانية.

عند تحديد ما إذا كانت الملابس تتعارض مع العلمانية، ينص حظر العباءة على أنه يجب على المعلمين تقييم “السلوك” العام للتلميذ. ووفقا للمحامي الحقوقي نبيل بودي، فإن هذا يضفي ضمنًا الشرعية على التمييز على أساس العرق والدين.

وفي حوار لقناة بي إف إم؛ صرح بودي: “إذا كان اسمي سميرة وأرتدي الكيمونو أو العباءة، فهي ملابس دينية؛ لكن إذا كان اسمي صوفي وأرتدي نفس الكيمونو، فهذه ليست ملابس دينية”.

وفي سنة 1989، قضت المحكمة نفسها بأن حظر الحجاب في المدارس يعد انتهاكًا صارخًا للحريات الأساسية، مشيرة إلى أنه ينبغي أن يكون جميع التلاميذ قادرين على الحصول على التعليم بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. وأثار هذا استياء الحكومة الفرنسية، وأصدر البرلمان بعد ذلك قانونًا في سنة 2004 يحظر جميع الرموز الدينية في المدارس، بما في ذلك الحجاب. ومنذ ذلك الحين، واصلت فرنسا تشريع قوانين للسيطرة على أجساد النساء المسلمات، والتحكم فيما يمكنهنّ وما لا يمكنهن ارتدائه.

وفي سنة 2010؛ أقرت فرنسا قانونًا يحظر النقاب الذي يغطي الوجه بالكامل، مثل النقاب والبرقع، في الشوارع. وحسب لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحد، إن هذا التشريع يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان.

وفي سنة 2016؛ حظرت بعض الشواطئ في جنوب فرنسا ارتداء لباس البوركيني، وهو لباس تقليدي من الملابس السباحة التي ترتديها النساء المسلمات. وشعر الكثيرون بالغضب بعد نشر صورة تظهر الشرطة الفرنسية وهي تجبر امرأة مسلمة على الشاطئ على خلع ملابسها.

التقليد الإمبراطوري
ولم تنته القصة المأساوية عند هذا الحد. ففي هذا الصيف؛ أيدت أعلى محكمة إدارية في البلاد قرار الاتحاد الفرنسي لكرة القدم بمنع النساء من ارتداء الحجاب. وبالتالي، فإن حظر العباءة يتناسب مع التاريخ القانوني لفرنسا في تجريد النساء المسلمات من ملابسهن.

ويُعد قرار المحكمة دليلاً مثاليًا على كيف تتعاون مؤسسات الدولة المختلفة معًا من أجل فرض التمييز العرقي. وتتمثل المفارقة هنا في أن العلمانية تتطلب الفصل الصارم بين الكنيسة والدولة، وهذا يعني أن الدولة ينبغي ألا تتدخل من حيث المبدأ في الشؤون الدينية.

ويعكس هذا الموقف وجهة نظر متعالية، تفترض أن المرأة المسلمة لا تعرف ما هو مناسب لها، ولا تعرف كيف تكون حرة، وتحتاج إلى التعلم.

ويوضح الحظر أيضًا كيف تعمل مؤسسات الدولة الفرنسية معًا لدعم العنصرية المؤسسية، بما يتناسب مع التقليد الإمبراطوري الطويل المتمثل في إخضاع أجساد النساء المسلمات.

ويعود هوس فرنسا بمثل هذا التنظيم إلى العصر الاستعماري؛ فلطالما كان المسافرون والمستعمرون الأوروبيون مهووسين بالحجاب. فلم يكن الاستعمار يقتصر قط على الاستغلال الاقتصادي فحسب؛ بل يشمل الهيمنة السياسية والأيديولوجية.

ففي سنة 1959؛ كتب الكاتب المناهض للاستعمار فرانز فانون ما يلي عن الحكم الاستعماري الفرنسي في الجزائر: “إذا أردنا أن نحطم بنية المجتمع الجزائري وقدرته على المقاومة، فلا بد لنا أولًا من هزيمة النساء، ينبغي لنا أن نذهب إلى حيث يختبئن وراء الحجاب، وفي البيوت حيث يخفيهن الرجال عن الأنظار”.

ومن ثم، فقد كان خلع حجاب النساء المسلمات سمة أساسية للاستعمار، في أعقاب المغالطة القائلة بأن القوى الاستعمارية تضطلع بواجب جلب الحضارة للأعراق الأدنى”.

وتفترض هذه “المهمة الحضارية” أن النساء المسلمات لا يدركن كيف يمكنهن التحرر، وأنهن بحاجة إلى الإنقاذ من ثقافتهن ودينهن “المتخلف”.

الحركة النسوية البيضاء
وأثناء الاحتلال، أجبرت السلطات الاستعمارية الفرنسية النساء الجزائريات على خلع الحجاب باسم “حريتهن”، لكنها اغتصبتهنّ وعذبتهنّ في الوقت نفسه.

ولا يزال هذا الإطار الاستعماري التاريخي ينعكس في السياسات الحالية، التي تشمل تنفيذ الحركة النسوية الإقصائية.

ومن المثير للقلق هو صمت الحركة النسوية السائدة في فرنسا إزاء ما يحدث، فمما لا شك فيه أن السيطرة على أجساد النساء وتشريع ما يمكن لهن ارتداؤه أو عدم ارتدائه هو أمر مناهض للنسوية. ومع ذلك، التزمت الحركة في فرنسا الصمت بشكل واضح عندما كان التمييز يستهدف النساء المسلمات.

ولم يفشل الناشطون والمؤلفون النسويون الرئيسيون في فرنسا في دعم النساء المسلمات فحسب، بل من المفارقة أنهم دعموا إخضاعهن باسم النسوية؛ حيث كتبت أيقونة الحركة النسوية الفرنسية إليزابيث بادينتر في سنة 2009 عن النساء المسلمات اللاتي يرتدين النقاب: “ألا تعلمين أنك تثيرين عدم الثقة والخوف؟ … لماذا لا تذهبن إلى السعودية أو أفغانستان حيث لن يطلب منك أحد إظهار وجهك؟”.

وهناك مثال آخر على النسوية البيضاء الإقصائية والاحتقارية هي حركة “فيمن”، التي نظمت مظاهرات تدعو النساء المسلمات إلى “التعري”.

ويعكس هذا الموقف وجهة نظر متعالية، تفترض أن المرأة المسلمة لا تعرف ما هو مناسب بها، ولا تدرك كيف يمكنها الحصول على حريتها، وتحتاج إلى التعلم، وهذا الشكل الإقصائي من النسوية ضار للغاية.

ينبغي على الحركات النسوية الغربية أن تتبنى وجهات نظر متعددة الجوانب وأن يفهمن أن النساء المسلمات قادرات على تحديد مفهوم النسوية الخاصة بهن. ويعتبرّن من الجهات السياسية الحرة التي يمكنها وضع شروط التحرر المناسبة لهن، بدلاً من فرض التحرر عليهن قسرا.

------------
المصدر: ميدل إيست آي / ترجمة: نون بوست


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فرنسا، الحجاب، منع العباية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-09-2023   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد النعيمي، سعود السبعاني، نادية سعد، رافع القارصي، محمود فاروق سيد شعبان، فتحـي قاره بيبـان، د. طارق عبد الحليم، صلاح الحريري، فوزي مسعود ، علي عبد العال، أنس الشابي، كريم السليتي، عمر غازي، محمود سلطان، د. أحمد بشير، حاتم الصولي، رشيد السيد أحمد، حسن عثمان، محمد اسعد بيوض التميمي، طارق خفاجي، عمار غيلوفي، منجي باكير، د - مصطفى فهمي، يزيد بن الحسين، محمد الياسين، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، د. عبد الآله المالكي، د- هاني ابوالفتوح، صلاح المختار، خالد الجاف ، عبد الغني مزوز، محمد يحي، حسن الطرابلسي، سامح لطف الله، تونسي، الناصر الرقيق، صباح الموسوي ، سيد السباعي، سلام الشماع، إيمى الأشقر، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، الهيثم زعفان، مصطفي زهران، صفاء العربي، عراق المطيري، ضحى عبد الرحمن، فتحي الزغل، د - الضاوي خوالدية، محمد العيادي، د- محمود علي عريقات، إسراء أبو رمان، فهمي شراب، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحي العابد، بيلسان قيصر، عبد الله الفقير، د- محمد رحال، يحيي البوليني، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بوادي، سلوى المغربي، سليمان أحمد أبو ستة، أ.د. مصطفى رجب، خبَّاب بن مروان الحمد، مصطفى منيغ، رضا الدبّابي، مجدى داود، د - صالح المازقي، د - محمد بنيعيش، الهادي المثلوثي، رافد العزاوي، محمد علي العقربي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، المولدي اليوسفي، صالح النعامي ، المولدي الفرجاني، سامر أبو رمان ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بن موسى الشريف ، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد أحمد عزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أشرف إبراهيم حجاج، طلال قسومي، د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، أبو سمية، عزيز العرباوي، سفيان عبد الكافي، عواطف منصور، عبد الله زيدان، محمد الطرابلسي، مراد قميزة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العراقي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إياد محمود حسين ، عبد العزيز كحيل، العادل السمعلي، علي الكاش، محمود طرشوبي، حميدة الطيلوش، د.محمد فتحي عبد العال، كريم فارق، د. صلاح عودة الله ، د- جابر قميحة، ماهر عدنان قنديل، د - المنجي الكعبي، محمد شمام ، د - عادل رضا، رمضان حينوني، أحمد ملحم، د. أحمد محمد سليمان، جاسم الرصيف، أحمد الحباسي، د. خالد الطراولي ، وائل بنجدو،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة