البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

المشهد التونسي إعادة قراءة

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 978



حال الحول على الانقلاب في تونس.. انقلاب تافه وفاشل ويستمر في العمل. معارضة على حق كامل ومطلق بسند شرع وقانوني، ولا تفلح في دحر الانقلاب.. هناك خلل ما في الرؤية، نحتاج إلى إعادة تقدير الموقف والبحث عن سبب الخلل المنهجي، دون تبكيت أو حط من قمة الجهد المعارض وصدق نواياه، هذا ليس موضعا ليأكل المرء ذراعه على طريقة بطل رواية اللجنة لصنع الله إبراهيم. لقد خرج الشارع ضد المنقلب الشخص وغفل عمن خلفه أو عمن يستعمله، ويبدو أن الكامن خلف الانقلاب غير معني بالمنقلب نفسه ولكن بما ينويه من استعمال المنقلب الإمعة.

إجماع على تفاهة المنقلب ومشروعه

باستثناء الغوغاء مجهولي الوجوه الذين تجرأوا على كل صاحب صوت وصاحب موقف في السوشيال ميديا، فإننا لمسنا في مواقع كثيرة معارضة مطلقة للمنقلب يبدأ حديثها غالبا "وين ماشية تونس؟ والسيد وين هازنا؟"، وتنتهي بتحويل دستوره إلى نكتة وتحويل مشرعيه إلى مهرجين. والطريف أن كوادر الدولة وهي خريجة حقوق في الأعم الأغلب مرت من درس الصادق بالعيد، وهو عندها منذ تخرجها المدرس الذي لا يُذكر بعد الخروج من درسه.

(يجب أن نلفت الانتباه إلى أن المشرع الحقيقي وراء الصادق بالعيد هو الصادق شعبان، ترزي قانون ابن علي وابن المنظومة الجهوية).

لم تتوحد معارضات كثيرة في صف واحد وحاسم يستعيد الدولة والإدارة من المنقلب، ولكن لدينا يقين بأن كل ذي عقل يخجل الآن من الدفاع عما يفعله المنقلب، وإن غلب على كثيرين تجنب السحل الإعلامي، وهو أداة الغوغاء غير ذوي الوجوه.

لكن ما هو السر في عدم توحد الأصوات المعارضة؟ يجب أن يسبق هذا سؤال آخر: لماذا وجدت خلافات سياسية بين النخب دمرت للديمقراطية حتى وصل الانقلاب؟ من هنا نطل على الجهة الكامنة خلف الانقلاب والتي نرى المنقلب يحسبها في صفه، وإنما هي تستعمله كما استعملت أسافين الفتنة السياسية قبله حتى فتحت له ثغرة، وهو باق برغبتها وبقدراتها لتنفذ مشروعها. فمن هي وما مشروعها؟ إنها المنظومة.

المنظومة من تكون؟

اختصرنا التسمية وسهل الحديث عن مجهول، وكان من اختصارات الحديث أن رأينا الواجهة الانقلابية فتسرب إلى التحليل خطأ قاتل وتسربت إلى النضال حركات غير منتجة، وربما ذات مفعول عكسي منحت المنقلب شهادة في سعة الصدر على معارضيه. في تلك الاستهانة كثير من الجهل، لنقل من الطيبة والتعجل على قطف نتيجة.

المنظومة ليست حزب الفاشية، بل هو صوت منها أو وسيلة تعمية أخرى على وجودها، اصطنعت لتشاغل الشارع الديمقراطي وتصرفه عن سبيله القويم، وهذا حدود دور الحزب الفاشي. المنظومة صانعة اليسار الوظيفي، المساند الأبدي للانقلابات أو المدمر الأزلي للديمقراطية (المقارنات مع الأوضاع في الدول العربية تسهل فهم هذه المهمة).

المنظومة هي ما سماه الصديق عادل بن عبد الله "المركب المالي الجهوي المهيمن" منذ السبعينات، والذي استولى على انقلاب ابن علي سنة 1987 بعد أن عجز بورقيبة على ضمان مصالحه، ثم خرب الثورة منذ حدوثها وهو الذي يستعد الآن لاستلام البلد بعد أن يجهز المنقلب إجهازا تاما على كل المؤسسات الديمقراطية، وفي عنوانها أو أساسها دستور 2014.

فرص تصويب الرمي ضد المنظومة ترادفت منذ الثورة، وكانت المؤشرات على وجود عقل يدبر التخريب ظاهرة، وكنا كثيرا ما نقترب لنسميها ثم تصرفنا عنها وقائع جانبية يتبين بعد فوات الأوان أنها من صنعها. كان الوقوع في هذه الفخاخ سهلا، وقد لدغت الثورة من جحر المنظومة مئات المرات ولكن لا عبرة.

طبقة سماسرة المال العام والمناولين مع رأس المال الأجنبي ومسدي الخدمات السياحية الرخيصة وبعضها سياحة جنسية للعمر الثالث.. هذه الطبقة صنعتها الدولة بنفسها وأغدقت عليها تحت ذريعة التشغيل والتنمية، فملكت وحكمت وبقيت دوما خفية الاسم ظاهرة الفعل. وكان لها منذ البداية ثقل جهوي في الساحل، صنعه بورقيبة سياسيا ومكّنه الهادي نويرة من المال العام ورشاها ابن علي بالمزيد من المنافع مقابل تمتعه بالسلطة.

جاءت الثورة على خلاف رغبتها وأفلحت الثورة في سن دستور يمهد لإخضاعها للديمقراطية، لذلك فهدم الدستور صار هدفها الأسمى وهي تجتهد في محوه وإحلال شيء سخيف مكانه، وليس أفضل لديها من منقلب يظن بنفسه الكمال.

هل يمكن إعادة توجيه المعركة

انطلقنا من حاجة إلى إعادة تعريف الخصم السياسي للثورة، وفي بعض ما كتبنا أعلاه لسنا سباقين، ولكن ما زلنا نرى المعركة موجهة ضد شخص وليست ضد منظومة معادية للديمقراطية وتحمي فسادها بقوة الدولة (فهي مؤمنة بتملكها الحصري للدولة)، وهذا خطأ عميق الأثر يكبر مع الوقت.

توجيه المعركة ضد خصوم الثورة ودستورها لا يقتضي بالضرورة الصمت على المنقلب، بل صرف الجهد الأكبر إلى من يكمن خلفه. لكنه يقتضي أولا تنظيف الصفوف، فلا يمكن محاربة المنظومة ببعض مكوناتها ووسائلها، وأهم مكون أو أداة خدمت المنظومة هي النقابة، ولا يمكن الحديث ضد المنظومة في وسائل إعلامها.

يقتضي أن يرفع الصوت عاليا ضد هذه الأدوات التي صنعت الانقلاب وأعادت المنظومة (التي بلا وجه نراه) إلى سدة الحكم، متخفية خلف انقلاب تافه وغبي.

المنظومة تملك وسائل إزاحة المنقلب

دلائل كثيرة تتوفر الآن أن بقاء الانقلاب مرهون بتمرير دستوره يوم 25 تموز/ يوليو، أي إنهاء دستور 2014 المزعج، بعدها ستقول المنظومة نفسها إنه يجب وضع حد لحالة الانسداد الاقتصادي والاجتماعي. على أنه يظل بيدها دوما، ومتى رغبت ترشح ضد المنقلب بقانونه الانتخابي الجديد وتخرجه من المشهد بغلاف سياسي غير دموي، وتستلم بلدا بلا خطة سياسية للمستقبل، دون أن ننسى أنها قادرة بالمال والإعلام والنقابة على الاستيلاء على برلمانه بالانتخاب على الأشخاص.

فالمنظومة تملك المال الكافي للاستيلاء على قاعدة الانقلاب نفسها. وحتى اللحظة لا نرى أن وجوده يضر بمصالح المنظومة، فقد لحس كل حديثه عن الفساد ومقاومته، وهو الحديث الذي أخاف المنظومة منذ بداية الثورة، رغم أنه ظل حديثا لكنه لم يختف من المشهد. يمكنها أن تمنحه خمس سنوات أخرى وتسعى تحته كالعشب الطفيلي، ماذا يتبقى لمعارضي الانقلاب الصادقين إذن؟

المعارضة التي أخطأت عنوان المعركة بعد أن فشلت في حماية الثورة والدستور ستجد نفسها في نفس موقع معارضة ابن علي، مع هامش حرية أفضل قليلا ودون وسيلة إعلامية طبعا، لكنه لا يؤدي إلى أي مكان؛ معارضة تتحول إلى طائفة تقدس دستورا لم يعد موجودا على الأرض.

أليس من المناسب أن تعترف المعارضة بأنها تجري خلف المنظومة ولا تلحق بها، وأن تحركاتها تحولت إلى نوع من رفع العتب الذي ينتج اليأس ولا ينتج الأمل؟

تقديرنا أن هذه اللحظة تطابق الأيام الأخيرة لابن علي، وإذا كانت المعارضة القديمة قد ركبت اللحظة الثورية (التي لم تصنعها) بلا خطة ولا كفاءة للحكم، فإن المطلوب الآن الاستفادة من ذلك الخطأ وإعادة البناء على أسس مختلفة.

الاستئناف من بعيد، وهناك ورقة رابحة لدى من يعارض منظومات الفساد. هذه المنظومة خبيثة ولكنها لا تواجه في الشارع. جبنها ورقة بيد من يعارضها، فهي حريصة على "كدس الفلوس" الذي بين يديها وهو همها الوحيد، وهناك يكون الضغط. سيقول البعض نضغط بالنقابات وهذا عودة إلى الخطأ، فالنقابات أداة بيد المنظومة. ماذا لو يستمع المعارضون الآن للفقراء من حولهم والذين يدمر الانقلاب (والمنظومة الجشعة من خلفه) قدرتهم على البقاء؟

مثاليات من وراء الحاسوب؟ نعم في ظاهر اللفظ لكن يفترض أن تكون أخطاء البدايات دروسا مفيدة. ليتجه التفكير والعمل إلى استئناف ثوري.. سيمهد له جشع المنظومة كما مهد للثورة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، الثورة المضادة، إتحاد الشغل،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-06-2022   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، فهمي شراب، مصطفى منيغ، مصطفي زهران، رافع القارصي، تونسي، علي عبد العال، نادية سعد، عراق المطيري، د - صالح المازقي، د- محمد رحال، د - مصطفى فهمي، محرر "بوابتي"، د.محمد فتحي عبد العال، محمد عمر غرس الله، إياد محمود حسين ، رافد العزاوي، صلاح الحريري، سفيان عبد الكافي، حاتم الصولي، عزيز العرباوي، صباح الموسوي ، الناصر الرقيق، عمار غيلوفي، محمد الياسين، أنس الشابي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحي العابد، رمضان حينوني، عواطف منصور، خالد الجاف ، د- محمود علي عريقات، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسن الطرابلسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سيد السباعي، د - المنجي الكعبي، ضحى عبد الرحمن، حسن عثمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحـي قاره بيبـان، عبد الغني مزوز، د - الضاوي خوالدية، عبد الرزاق قيراط ، أ.د. مصطفى رجب، سلوى المغربي، صفاء العربي، منجي باكير، خبَّاب بن مروان الحمد، سلام الشماع، محمد يحي، محمود فاروق سيد شعبان، صفاء العراقي، محمد أحمد عزوز، د. صلاح عودة الله ، يزيد بن الحسين، أحمد النعيمي، محمد شمام ، ماهر عدنان قنديل، د. أحمد بشير، محمد الطرابلسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - محمد بن موسى الشريف ، أشرف إبراهيم حجاج، الهادي المثلوثي، أحمد ملحم، فوزي مسعود ، د - شاكر الحوكي ، طلال قسومي، مراد قميزة، سليمان أحمد أبو ستة، طارق خفاجي، كريم فارق، صلاح المختار، د - محمد بنيعيش، المولدي اليوسفي، د - عادل رضا، فتحي الزغل، الهيثم زعفان، كريم السليتي، يحيي البوليني، محمود سلطان، صالح النعامي ، رشيد السيد أحمد، محمد علي العقربي، سامح لطف الله، إسراء أبو رمان، إيمى الأشقر، سعود السبعاني، حميدة الطيلوش، محمد العيادي، علي الكاش، عبد الله زيدان، د. أحمد محمد سليمان، د. خالد الطراولي ، رضا الدبّابي، أحمد الحباسي، وائل بنجدو، أحمد بن عبد المحسن العساف ، بيلسان قيصر، عبد العزيز كحيل، المولدي الفرجاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. عبد الآله المالكي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد اسعد بيوض التميمي، جاسم الرصيف، سامر أبو رمان ، د. طارق عبد الحليم، ياسين أحمد، أحمد بوادي، العادل السمعلي، محمود طرشوبي، مجدى داود، د- هاني ابوالفتوح، عمر غازي، أبو سمية، د- جابر قميحة،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة