البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

كيف تستردّ بلادنا ديمقراطيتها ؟

كاتب المقال نورالدين غيلوفي - تونس   
 المشاهدات: 857


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا أتكلم، هنا، لأضع قواعد لأحد ولكنّني أساهم بما استطعت في أن أقول رأيي بعيدا عن أيّ وصاية من جهتي على غيري أو من جهة غيري عليّ.
نحن في سياق معركة تحرير الديمقراطية من الانقلاب.. وتلك هي معركة استقلالنا الثاني.. والعبارة للرئيس الدكتور محمّد المنصف المرزوقي.
الانقلاب زائل لا محالة.. والحديث هنا ليس عن زواله بل عن ضرورة التسريع بالخلاص منه لأنّه عبء ثقيل على الإنسان والحياة لا على السياسة والاقتصاد فقط.
فكيف نستردّ ديمقراطيتنا؟

لا بدّ من أن نسمّيَ الأشياء بأسمائها بعيدا عن المخاتلات التي كان لها دور كبير في التنكيل بالديمقراطية الناشئة. وأن نسميَ الأمور بأسمائها إنّما يعني أن نقول بوضوح ما يلي بعيدا عن كلّ تعمية أو غموض:

1. المنقلب، المتغلّب بقوّة السلاح، لا ينبغي أن يكون طرفا في حوار يهدف إلى استرجاع الدولة لأن الحوار قاعدة من قواعد الديمقراطية وهذا المنقلب عدوّ لدود للديمقراطية ولكلّ حوار.. وعدوّ للدولة التي لا يرى منها غير وجهه والسلاح الذي يرفعه في وجه كلّ من خالفه.. وليت أنّ له رأيًا يُخالَفُ. بل هو عدوّ للإنسان أصلا.. يجيع الناس ويمنع عنهم الدواء لأجل إنفاذ مشروعه الهلاميّ. وهو مستعد لإحراق الشعب لأجل أن يستقرّ له الحكم.. وليرى وجهه في المرآة.

2. اتحاد الشغل كان منذ اليوم الأوّل من الثورة عدوّا لها منحازا إلى المخلوع انحيازا مطلقا لا مراء فيه.. وبعد أن هرب المخلوع اختار أن يكون جزءا من الأزمة فعمل على تعطيل العمل والتنكيل بالحكومات المتعاقبة وتعكير المجال وإفساد السياسة وخلط الأوراق والتفصّي من كلّ المسؤوليات. وما هذا الانقلاب إلّا ثمرة لما زرعه الاتحاد من أزمات بالبلاد. الاتحاد شريك الانقلاب ولا ينبغي أن يكون طرفا في الحوار.

3. الأحزاب المجهرية التي غيّبها الشعب تلك التي حين تركها الناخبون في عتمة المشهد استسلمت لقدرها ولم تتحرّك خطوة واحدة في اتجاه تطوير خطابها وتحسين أدائها لخوض الاستحقاقات اللاحق، وهاهي تنتهز فرصة الانقلاب وتنتظر اختلاط الأوراق ليكون لها، خارج الشرعيّة الانتخابيّة، دور في الكعكة السياسية القادمة إذا سقط الانقلاب في شرّ أعمال المنقلب.

4. حركة الشعب وحزب التيار الديمقراطي كلاهما شريكان للمنقلب عاملان له. هذان الحُزبيان رضيا بأن يكونا خادمين لدى التجمعية الفاشية العائدة لتعفين المناخ السياسي وتهيئة المجال لهذا الانقلاب البغيض الذي لم يحلّ مشكلة واحدة من مشاكل البلاد العالقة بل عمل على مراكمة الأزمات لتعميم الخراب وإيقاع الفوضى حتّى يمهّد لنظامه الجماهيري "الحشد- شعبي" الهلاميّ.. هذانا الحزيبان هما عنوانان من عناوين الأزمة ووجب إخراجهما من المشهد دفعة واحدة ومنعهما من ادّعاء تمثيل الديمقراطية. إلّا أن يعودا بأصوات الناخبين على قاعدة قانون انتخابيّ جديد بعتبة معتبَرة وبالتخلّي عن قانون "آخر البقايا". هذان الحزيبان هما من البقايا، والبقايا مواقعها في العتمة أو خلف المشهد لا في مقدّمته.

5. حركة النهضة هي الحزب الذي عليه تعويل الديمقراطيّة وهو الضامن لصيانتها، بل لا ديمقراطية دون حزب حركة النهضة ولا معنى لحوار لا تكون لها فيه الصدارة. المؤسسات التي كانت في البلاد مؤسسات شرعيّة منتخبة والانقلاب عليها إنّما هو انقلاب على النهضة تحديدا. وكلّ من يقول غير ذلك فهو كاذب أو مراوغ. الانقلاب كان لأجل إبعاد حركة النهضة عن المشهد لاعتبار إيديولوجي استئصالي أو لاعتبار سياسيّ من هؤلاء الذين لا يريدون ديمقراطية حقيقية تحميها أحزاب تدافع عنها وتحتمي بها.. بل ديمقراطية محاصصات. وإذا لم تستقم ديمقراطية السياسة فلا أمل في تحقيق العدالة في المجتمع.

6. العرب لم يعرفوا الديمقراطية.. ويوم أدخلتهم ثورات شعوبهم إلى نادي الدول الديمقراطية وجدوا الحركات الإسلامية في الصدارة. غير أنّ أدعياء للديمقراطية الخطابيّة لم ينجحوا في إخفاء خشيتهم من أن تعرف البلاد العربية نهضتها المؤجَّلة تحت عنوان حركات إسلامية يُعمل على استئصالها منذ عشرات السنين من أنظمة سياسية لا جامع بينها محاربتها بقوّة الدولة وإقامة المعتقلات لأجل إنزال أبنائها بها. كبرياء هؤلاء الديمقراطيين الأدعياء وغرورهم وكسلهم وعجزهم عن تحيين أفكارهم تمنعهم من القبول بديمقراطية يشارك فيها إسلاميون عملوا على استئصالهم فضلا عن ديمقراطية تقوم عليهم.

7. كان يمكن لو احتكم الفرقاء إلى العقل أن يمتحنوا الإسلاميين بالديمقراطية ويحاكموهم إلى صدق الخطاب ونجاعة الإنجاز ويعتمدوهم في صاينة ديمقراطيتهم الخصيبة، لكنّهم بدل ذلك اختاروا قتل الرضيع وأمّه معا حتى ترتدّ البلاد إلى هذا المشهد المروّع الذي يسوقها إليه انقلاب غاشم بقيادة منقلب "غشيم" يعتمد سياسة الأرض المحروقة وذلك كلّ إنجازه. المنقلب مأمور بإحراق الأرض لتغيير صبغتها وزراعتها بما لا علاقة له بانتظارات الشعب من حرية ومن كرامة وطنية.

8. أن يكون الناس منصرفين إلى خبزهم اليوميّ منشغلين بطعام عيالهم لا يعني أنّهم تحوّلوا إلى دوابّ يُستدَرّ غباؤها بتوفير الطعام لها كما لو أنّ الطعام جيء به إليها من ضيعة ورثها المنقلب عن أبيه فهو يتصدّق عليهم منها. الطعام مطلوب والعدالة مبتغى ولكنّ الطعام بلا حرية مذلّة ولا إمكان لعدالة منقطعة عن الديمقراطية.

9. هذا المنقلب خارج كلّ المعادلات: فلا حرية أبقى ولا أمكن من طعام. سلب الحرية والغذاء كليهما ليكون أسوأ منقلب في التاريخ. نافورة فشل مريع.

10. نستردّ ديمقراطيتنا بإنشاء مصالحة بين الأسماء ومسمياتها بعيدا عن المكابرة الغبيّة والعناد القاتل. الديمقراطية نظام سياسيّ يقوم على الاختيار الحر المباشر. الشعب هو الذي يختار من يحكمه. وعلى الجميع التسليم بحكم الشعب ولو واختار الأبالسة ليحكموه. وليس لأحد أن يدّعيَ وصاية على الشعب أو أن يزعم حكمة ليست له. الديمقراطية ليست مدينة فاضلة ولا هي جنة الخلد الموعودة ولذلك قامت على التداول. فإذا أخفق حاكم جاء غيره ليصلح ما أفسده حتّى يستقيم الأمر. ولن يستقيم لبلادنا أمر حتّى يتعاون الناس على إقامة البنيان وأن يتحلّوا بالنضج بعيدا عن عبث الصبيان الذي يمثله المنقلب وأعوانه والميحطون به. هؤلاء يرفضون النضج لأنّهم لا يملكون آلته ولا يصبرون على واجبات الراشدين. الديمقراطية شرطها العقل وجندها العقلاء. والعقل مناط التكليف. والعقلاء، وحدَهم، هم المكلّفون.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، الثورة المضادة، إتحاد الشغل، اليسار الوظيفي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 20-05-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الهيثم زعفان، مصطفى منيغ، مراد قميزة، محمد أحمد عزوز، د. خالد الطراولي ، محمود طرشوبي، محمد الياسين، فهمي شراب، صباح الموسوي ، خبَّاب بن مروان الحمد، د - صالح المازقي، فتحي العابد، إياد محمود حسين ، طارق خفاجي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - شاكر الحوكي ، المولدي الفرجاني، أحمد ملحم، إيمى الأشقر، عبد الغني مزوز، د. طارق عبد الحليم، أبو سمية، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صلاح الحريري، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الله زيدان، محمد العيادي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، جاسم الرصيف، محمود سلطان، محمد عمر غرس الله، د- محمد رحال، رافد العزاوي، العادل السمعلي، كريم السليتي، صفاء العراقي، ماهر عدنان قنديل، سيد السباعي، سامر أبو رمان ، خالد الجاف ، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، د - الضاوي خوالدية، يحيي البوليني، حسني إبراهيم عبد العظيم، نادية سعد، يزيد بن الحسين، حسن عثمان، طلال قسومي، د- محمود علي عريقات، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، د - محمد بنيعيش، محمد يحي، سفيان عبد الكافي، علي عبد العال، أحمد الحباسي، تونسي، رافع القارصي، د- هاني ابوالفتوح، رمضان حينوني، محمد الطرابلسي، عمار غيلوفي، المولدي اليوسفي، مجدى داود، عبد العزيز كحيل، منجي باكير، رضا الدبّابي، عواطف منصور، د- جابر قميحة، د - محمد بن موسى الشريف ، حسن الطرابلسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، بيلسان قيصر، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سلام الشماع، عبد الرزاق قيراط ، عمر غازي، د. صلاح عودة الله ، سامح لطف الله، محمد شمام ، حميدة الطيلوش، د.محمد فتحي عبد العال، محمد علي العقربي، د - مصطفى فهمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، حاتم الصولي، صلاح المختار، وائل بنجدو، د - عادل رضا، عراق المطيري، عزيز العرباوي، أشرف إبراهيم حجاج، فتحي الزغل، كريم فارق، أحمد النعيمي، د. عبد الآله المالكي، ياسين أحمد، سليمان أحمد أبو ستة، صفاء العربي، ضحى عبد الرحمن، محرر "بوابتي"، د. أحمد بشير، د. أحمد محمد سليمان، إسراء أبو رمان، د - المنجي الكعبي، الهادي المثلوثي، أنس الشابي، عبد الله الفقير، أحمد بوادي، مصطفي زهران، محمد اسعد بيوض التميمي، فوزي مسعود ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، علي الكاش، أ.د. مصطفى رجب،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة