البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

دول الصفر سعادة، عورات العقود الخاوية

كاتب المقال الحبيب بوعجيلة - تونس   
 المشاهدات: 1078


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عندما نمر صباحا بصفوف المواطنين الطويلة والتجمعات المزدحمة التي يأخذ فيها التونسيون والتونسيات اماكنهم فيها لساعات منذ الصباح الباكر امام الادارات والمصالح والمحطات للحصول على خدمات لا تتجاوز الدقائق ( مصحات الضمان الاجتماعي..السبيطارات والمستوصفات ..القباضة..البوصطة ..دار الماء..دار الضوء ..الكنام ..الكاس ..الميترو ..الكيران الخ ) ندرك بوضوح حجم مرارة الحياة اليومية في دول التخلف العربي الفقير (باستثناء امارات وممالك وسلطنات الريع النفطي المترفة ) .

ليست هذه المظاهر نتيجة عشرية الانقلاب التائهة ولا نتيجة عشرية الانتقال المريرة والصعبة . كل ما في الامر اننا نكتشف منذ اكثر من عقد ونصف الحصاد الرهيب لنظم البيروقراطية المتكلسة والتنمية الكسيحة والاستبداد الفرداني المتخلف للإدارة والقطاع العام المحلوب ريعا من اوليغارشيات الحكم لما سماه ياسين الحافظ منذ السبعينات في كتابه عن الهزيمة "دول ما دون الدولة" .

لم تكن المكاسب الاولى لدول الاستقلال العربي الا نتيجة لحماس السنوات الاولى للنخب الوطنية الشابة من جهة و للاستفادة من ضخ الرعاية والاعانة من معسكري الحرب الباردة التي رافقت النظم التابعة لها في المجال العربي لتضمن الهيمنة في فضاءات القسمة الجغراسياسية .

مع ثمانينات القرن الفارط بدأت اوراق التوت في التساقط على دول الاستبداد العربي الفقير لتظهر كما هي في حقيقتها : نظم " شيوعية" في بؤس قطاعها العام وخياراتها السياسية التسلطية و" مافياوية اقطاعوراسمالية بليدة" في خياراتها الاجتماعية ومناويلها التنموية واقتسام الريع وشعوب تكتشف شقاء حياتها في "مدن الملح" وأرياف الحرمان .

يتحدث بولينتزاس عن الدولة التي تخلق طبقتها عكس التنظير الكلاسيكي الماركسي الذي يتحدث عن الطبقة التي تخلق دولتها . دول الغنيمة والقبيلة كما فكك غرابة تشكلها المفكرون العرب من وضاح شرارة الى عابد الجابري و عبدالله العروي و غيرهم كثير هي النظم التي اصبحت لها طبقتها البيروقراطية .ليس لنا بورجوازية ولا بروليتاريا ..لا نبلاء ولا اقنان ...بل لنا " ادارة " و " مافيات" الدولة المسماة حاكما و "عالم الاعمال " .تلك هي القصة التي كان يجب ان تنتهي سريعا منذ اواسط التسعينات مع الانفجار العولمي وانتهاء هامش المناورة لهذه النظم اللقيطة بين معسكري الحرب الباردة .

حين انطلق مسار الثورات العربية كانت تلك هي الفرصة للعرب لاقتناص الموجة الرابعة للدمقرطة و التحديث المعاصر التي فاتتنا او منعنا منها حين حدثت الموجة الثالثة التي نقلت شرق اوروبا وجنوبها في الثمانينات من تخلف الاستبداد المفوت .

لم يكن الاسناد الغربي للانتقال الديمقراطي العربي لسواد عيوننا او خيرية المركز الغربي .كل ما في الامر رغبة في التخلص من عبء نظم استبدادية كسيحة مترهلة ستحول بفسادها و تسلطها العسكري او المدني هذه المنطقة الى بؤرة للإرهاب والفساد الذين ينغصان حياة و اقتصاد " الرجل الابيض" ( بعبارة هنتغتون) الذي يتجه الى تنافسية بينية تقوم على سباق الحوكمة والمواطنة والشفافية .

اصطدم الانتقال العربي الى عالم المعاصرة بعائقين هيكليين :

اولا:نخبة / طبقة سياسية جديدة لا تقل رثاثة عن طبقة الاستبداد : تيارات سياسية ماضوية مشدودة الى سرديات الحرب الباردة والايديولوجيات الميتة بمختلف مصادرها الوضعية اوالالاهية .ودولة عميقة بطبقتها البيروقراطية و الفكرية والاقتصادية المستعصية عن كل تغيير.

ثانيا : وضعية شعوب أمة غير متشكلة وموضوعة في ما قبل مرحلة التحرير الوطني يمثل فيها وجود " كيان غريب" عنصرا رئيسيا في تسقيف كل اشكال التحول الديمقراطي ويتم في اعاقته توظيف كل البلادات والحماقات المذهبية والايديولوجية لمنع الالتئام على المشترك المواطني .

هو مخاض المعاصرة ومعركتها مع " السلفيات " المتنوعة ...و في هذا المخاض تكون المعركة من أجل الديمقراطية والمواطنة هي اكثر معارك الشرف وبناء مستقبل شعوب لن يكون خلاصها الاقتصادي والاجتماعي والوطني الا بدول مواطنة ديمقراطية هي وحدها تصنع السعادة بعيدا عن زعيق الايديولوحيات الفاشية والشعبوية المفوتة .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، إنقلاب قيس سعيد، الثورة المضادة، التخلف،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-05-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رضا الدبّابي، محمود سلطان، حسن الطرابلسي، أنس الشابي، د- محمود علي عريقات، محرر "بوابتي"، رافد العزاوي، عبد العزيز كحيل، طارق خفاجي، ضحى عبد الرحمن، عبد الله الفقير، صفاء العراقي، الهادي المثلوثي، كريم فارق، سامح لطف الله، عراق المطيري، بيلسان قيصر، ياسين أحمد، إياد محمود حسين ، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الياسين، سفيان عبد الكافي، فتحي الزغل، عمار غيلوفي، محمد الطرابلسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد اسعد بيوض التميمي، حسن عثمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، طلال قسومي، المولدي الفرجاني، محمد يحي، فوزي مسعود ، أحمد الحباسي، د - الضاوي خوالدية، الناصر الرقيق، أحمد ملحم، د - عادل رضا، تونسي، سلوى المغربي، صالح النعامي ، يحيي البوليني، رمضان حينوني، د - المنجي الكعبي، المولدي اليوسفي، محمد شمام ، محمد علي العقربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، سيد السباعي، د. عبد الآله المالكي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. طارق عبد الحليم، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ، سليمان أحمد أبو ستة، إسراء أبو رمان، كريم السليتي، العادل السمعلي، صلاح الحريري، د. أحمد محمد سليمان، فتحـي قاره بيبـان، فتحي العابد، مصطفى منيغ، مصطفي زهران، علي عبد العال، حاتم الصولي، سعود السبعاني، عزيز العرباوي، منجي باكير، عمر غازي، مراد قميزة، سلام الشماع، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العربي، د - محمد بن موسى الشريف ، د- جابر قميحة، مجدى داود، خبَّاب بن مروان الحمد، أبو سمية، عواطف منصور، محمد العيادي، خالد الجاف ، د- هاني ابوالفتوح، د - صالح المازقي، صلاح المختار، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الرزاق قيراط ، وائل بنجدو، د - شاكر الحوكي ، د- محمد رحال، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رشيد السيد أحمد، عبد الله زيدان، د. عادل محمد عايش الأسطل، صباح الموسوي ، عبد الغني مزوز، محمود فاروق سيد شعبان، محمد عمر غرس الله، حميدة الطيلوش، أحمد بوادي، محمد أحمد عزوز، فهمي شراب، يزيد بن الحسين، جاسم الرصيف، محمود طرشوبي، رافع القارصي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، نادية سعد، الهيثم زعفان، إيمى الأشقر، د - محمد بنيعيش، علي الكاش، د. أحمد بشير، أ.د. مصطفى رجب، أحمد النعيمي، د - مصطفى فهمي، د. خالد الطراولي ، د. صلاح عودة الله ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة