البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس: معارضة الانقلاب تحتاج مراجعة خططها النضالية

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 716



نكتب جملًا متفائلة ونقرر من قلوبنا نهاية الانقلاب، ثم نستفيق على أخبار مربكة، فتضيق صدورنا ونرى الانقلاب يؤبد الكارثة، وقد يناقض مقال لنا آخر مقال صدر لنا قبله بأسبوع، إذ تعوزنا معطيات كثيرة عما يجري في كواليس السياسة الدولية.

نستشعر تعاطفًا في الخطاب الدولي المعادي للانقلاب، لكن نرى مؤشرات على دفعه نحو مزيد من تأزيم الوضع الداخلي دون أي اكتراث بعواقب الكارثة الاجتماعية التي تهدد كيان الدولة أو ما تبقى منه.

لا نشك في أن البلد يدار من خارجه وأن من نراهم في الصورة الداخلية صدى لمواقف وقنوات لتنفيذ إملاءات خارجية ونضحك من خطابهم عن السيادة الوطنية، نعرف يقينًا أننا نحتاج صبرًا كثيرًا على كل هذا الزيف، ونظن خيرًا بالمستقبل بناءً على معطى ثابت يكشف نفسه عبر نوافذ كثيرة، الانقلاب وأنصاره لا مستقبل لهم لأنهم لا يقترحون شيئًا جديدًا على شعب ذكي يعرف أن يتخلى دون عنف عما يجده غير مجد مثل استشارة الرئيس المهزلة.

معارك في ضريح الزعيم الميت
كلما رغب سياسي في مراودة المنظومة عن نفسه، ذهب يزور قبر بورقيبة ويعلن الولاء، فصارت ذكرى وفاة بورقيبة (6 أبريل/نيسان) موعدًا سنويًا لإعلان الولاء لمشروع لم يعد أحد يتبين ملامحه الأولى لكثرة ما ألصقت به من شهوات تنتهي كلها برفض وجود الإسلاميين في الحكم بل في الوجود نفسه، وما زالت مفاوضة المنظومة تتم بإعلان الاستعداد لقتل الإسلاميين، وهو ما كان يهوى الزعيم سماعه على فراش موته.

الخريطة لم تتغير منذ ما قبل الثورة رغم الحرية التي تفشت كعطر كثيف، الإسلاميون هم الخطر على المنظومة القديمة، لذلك فالفاشية مثل اليسار الاستئصالي واليسار الفرانكفوني ومثل قيس وجمهوره الملتحق حديثًا بصف مراودي المنظومة يلتقون عند نقطة واحدة: أيتها المنظومة امنحينا السلطة بأي طريقة كانت وسنريحك من الخوانجية.

لقد تصارع الرئيس مع الفاشية في ذكرى وفاة الزعيم على من يخدم المنظومة عبر الانتماء للزعيم (الزعيم الساحلي والمنظومة ذات العمق الساحلي)، وكلما هربنا من حديث الجهوية خرج في وجوهنا كجن القمقم.

يجب الإقرار بأن المنظومة تتقن المناورة أمام الثورة وأمام من وضع عمق الثورة في نص الدستور خاصة فرض مبدأ الميز الإيجابي ومبدأ الحكم المحلي الذي يفكك السلطة المركزية المملوكة حصريًا للمنظومة (بنت بورقيبة وصنع يديه)، وفي هذه اللحظة نحن بعيدون عن دستور 2014 ونحارب من أجل عدم إلغائه، لكن اليقين الذي سيظل مسلطًا على المنظومة مهما نجحت في المناورة أن قد صار للناس قاعدة نضال ومصدر تشريع للمستقبل.

مشروع بورقيبة وأنصاره ومنهم الرئيس المنقلب ودستوره القادم (نجزم أنه سيكون نسخةً مستعادةً من دستور 1959 أي دستور بورقيبة) مقابل الثورة وأنصارها والإسلاميين الملتفين جميعًا حول الثورة ودستورها وليس لهم وثن أو ضريح غير الشهداء.

إن المشهد يتضح أكثر في كل حركة من حركات الانقلاب (آخرها مراودة المنظومة في قبر الزعيم)، ورغم أن الثورة ودستورها وجمهورها لا يملكون القوة الكافية لإسقاط الانقلاب بسرعة، فهم يملكون شرعية الدستور ويملكون الصبر الطويل، وكل يوم يمر يزيد الانقلاب هشاشة، وأثر هذه القوة يظهر في ارتباك المنقلب عقب كل مظاهرة، أما جلسة البرلمان الافتراضية فنظن أنها أحدثت رجةً في قلب المنظومة.

دستوران وجبهتان
ختم المنقلب استشارته بنسبة تعبر فقط عن تخلي الناس عنه وعن مشروعه، لكنه يصم أذنيه ويمضي في مشروعه، وسيعلن قريبًا عن دستوره الجديد ثم يستفتي الناس بشأنه، ومهما كانت نسبة المشاركة سيقول إن الدستور مقبول، ثم ينظم انتخاباته بلجنة يحدد مكوناتها بنفسه ويتقدم للحكم (لن يحدد دستوره مدد بقاء الرئيس في مكانه) بحيث يمكننا أن نتخيله يموت في كرسيه ككل الحكام العرب قبله، نعم في الأثناء أركع كل المنظمات التي كانت تخدم المنظومة بإخلاص وفي مقدمتها النقابة، وهو الآن يضع اللمسات الأخيرة على حوار أعلنت نتيجته قبل البدء فيه، وهي نتيجة الاستشارة التي يحولها فريق سري إلى دستور.

أين المعارضة التي تنتمي للثورة وأسميناها أعلاه جماعة دستور 2014؟ إنها في الشارع ضد الانقلاب لكنها تحتاج إلى صبر طويل لاستنزاف مشروع الرئيس وإظهار عدم قابليته للتطبيق في الواقع، كما تحتاج إلى وعي بأنها تحارب وحدها دون سند خارجي، وأظن أن كثيرًا منها لا يزال يعول على بيانات السفارات ويظن خيرًا بالسفراء، ونحن نرى مفاوضات السفارات على ترتيب مستقبل البلد، وفي هذه الترتيبات لا يهم أي دستور يحكم، بل المهم أن يظل البلد ساحة استثمار مالي وسياسي وأمني للبلدان المؤثرة وخاصة فرنسا وأمريكا.

معارضة الانقلاب تحتاج أن تعيد ترتيب أفكارها على مشروع أكبر من إسقاط انقلاب، بل على بناء بلد جديد على قاعدة دستور 2014، أي أن تتجاوز النضال الظرفي المبني على خيال قصير النظر إلى بناء خطة نضالية طويلة الأمد كانت قد أعلنتها الثورة وتم الالتفاف عليها بسرعة.

هناك الآن دستور الثورة مقابل دستور الانقلاب الذي هو استعادة سخيفة لدستور بورقيبة زايد المجالسية التي اكتملت فقط في خيال الرئيس، ويمكن أن نتحدث قريبًا عن حرب الدساتير في تونس، لكن وجب قبل ذلك أن نتحدث عن فرز عميق حصل بين الثورة ودستورها والمنظومة ودستورها.

ستكون المعارضة - لنقل سيكون جماعة دستور الثورة - في الشارع يوم 10 أبريل/نيسان للاحتفال بذكرى شهداء 1938 المظاهرة العظيمة من أجل برلمان تونسي، لكن المظاهرة الرمضانية لن تزعج الانقلاب كثيرًا لأنها ستكون ضمن خطة اكتفت منذ وضعها بشعار إسقاط الانقلاب، لكن بعد ثمانية أشهر نرى المعارضة محتاجة لقراءة المشهد بطريقة مختلفة، فللانقلاب أدوات بقاء وعمره ليس مرتبطًا برغبة المعارضة كما أن بقاءه ومناوراته مع السفارات وخاصة بتقدمه في خطته (التي تم الترحيب بها خارجيًا) ستضمن له المزيد من القوة والتمويل، لقد استغفلت السفارات المعارضة بإيهامها أنها ضد الانقلاب ولن تساعده على البقاء وكنا من الغافلين.

المطلوب في تقديرنا وفي غياب القدرة على البقاء في الشارع في اعتصام مفتوح أو تنظيم عصيان مدني لا يملك أي طرف في المعارضة إنجاحه أن تواصل المعارضة تشويش راحة الانقلاب دون بث وهم إسقاطه بمظاهرات متباعدة لم تجدد شعاراتها والانكباب على مشروع سياسي لدولة جديدة هي دولة دستور 2014 الذي لم يطبق. كم يلزم من الصبر؟ ما يكفي لبناء دولة لا تبحث عن مشروعيتها في قبر الزعيم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، راشد الغنوشي، حركة النهضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-04-2022   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سامر أبو رمان ، صفاء العراقي، سلوى المغربي، خالد الجاف ، تونسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، الهيثم زعفان، سعود السبعاني، د. أحمد محمد سليمان، علي الكاش، سلام الشماع، مصطفى منيغ، وائل بنجدو، أحمد الحباسي، الناصر الرقيق، نادية سعد، إسراء أبو رمان، المولدي الفرجاني، عبد الرزاق قيراط ، د. أحمد بشير، د- هاني ابوالفتوح، محمد العيادي، رافد العزاوي، د - شاكر الحوكي ، صالح النعامي ، د- محمد رحال، عزيز العرباوي، محمد يحي، مصطفي زهران، سيد السباعي، سفيان عبد الكافي، ماهر عدنان قنديل، حميدة الطيلوش، فتحي الزغل، محمد اسعد بيوض التميمي، علي عبد العال، د. صلاح عودة الله ، محمود طرشوبي، إياد محمود حسين ، ياسين أحمد، الهادي المثلوثي، عراق المطيري، صلاح المختار، د - محمد بنيعيش، عمار غيلوفي، د - المنجي الكعبي، فتحي العابد، د. مصطفى يوسف اللداوي، رضا الدبّابي، طلال قسومي، د - عادل رضا، د.محمد فتحي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، د. عبد الآله المالكي، محمد الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، فتحـي قاره بيبـان، محمود سلطان، أ.د. مصطفى رجب، أشرف إبراهيم حجاج، فهمي شراب، يزيد بن الحسين، عمر غازي، مجدى داود، د- جابر قميحة، صباح الموسوي ، د - مصطفى فهمي، د- محمود علي عريقات، حسن الطرابلسي، حسن عثمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الغني مزوز، د. خالد الطراولي ، صفاء العربي، أبو سمية، د. عادل محمد عايش الأسطل، صلاح الحريري، محمد شمام ، محرر "بوابتي"، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الياسين، يحيي البوليني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، منجي باكير، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - الضاوي خوالدية، جاسم الرصيف، خبَّاب بن مروان الحمد، كريم فارق، محمد عمر غرس الله، محمد أحمد عزوز، أحمد ملحم، حاتم الصولي، عبد الله الفقير، د - صالح المازقي، العادل السمعلي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد النعيمي، إيمى الأشقر، رمضان حينوني، كريم السليتي، أحمد بوادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود فاروق سيد شعبان، سامح لطف الله، عبد الله زيدان، رافع القارصي، د. طارق عبد الحليم، رحاب اسعد بيوض التميمي، فوزي مسعود ، مراد قميزة، أنس الشابي، عواطف منصور، رشيد السيد أحمد،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة