البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس: معارضة الانقلاب تحتاج مراجعة خططها النضالية

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1001



نكتب جملًا متفائلة ونقرر من قلوبنا نهاية الانقلاب، ثم نستفيق على أخبار مربكة، فتضيق صدورنا ونرى الانقلاب يؤبد الكارثة، وقد يناقض مقال لنا آخر مقال صدر لنا قبله بأسبوع، إذ تعوزنا معطيات كثيرة عما يجري في كواليس السياسة الدولية.

نستشعر تعاطفًا في الخطاب الدولي المعادي للانقلاب، لكن نرى مؤشرات على دفعه نحو مزيد من تأزيم الوضع الداخلي دون أي اكتراث بعواقب الكارثة الاجتماعية التي تهدد كيان الدولة أو ما تبقى منه.

لا نشك في أن البلد يدار من خارجه وأن من نراهم في الصورة الداخلية صدى لمواقف وقنوات لتنفيذ إملاءات خارجية ونضحك من خطابهم عن السيادة الوطنية، نعرف يقينًا أننا نحتاج صبرًا كثيرًا على كل هذا الزيف، ونظن خيرًا بالمستقبل بناءً على معطى ثابت يكشف نفسه عبر نوافذ كثيرة، الانقلاب وأنصاره لا مستقبل لهم لأنهم لا يقترحون شيئًا جديدًا على شعب ذكي يعرف أن يتخلى دون عنف عما يجده غير مجد مثل استشارة الرئيس المهزلة.

معارك في ضريح الزعيم الميت
كلما رغب سياسي في مراودة المنظومة عن نفسه، ذهب يزور قبر بورقيبة ويعلن الولاء، فصارت ذكرى وفاة بورقيبة (6 أبريل/نيسان) موعدًا سنويًا لإعلان الولاء لمشروع لم يعد أحد يتبين ملامحه الأولى لكثرة ما ألصقت به من شهوات تنتهي كلها برفض وجود الإسلاميين في الحكم بل في الوجود نفسه، وما زالت مفاوضة المنظومة تتم بإعلان الاستعداد لقتل الإسلاميين، وهو ما كان يهوى الزعيم سماعه على فراش موته.

الخريطة لم تتغير منذ ما قبل الثورة رغم الحرية التي تفشت كعطر كثيف، الإسلاميون هم الخطر على المنظومة القديمة، لذلك فالفاشية مثل اليسار الاستئصالي واليسار الفرانكفوني ومثل قيس وجمهوره الملتحق حديثًا بصف مراودي المنظومة يلتقون عند نقطة واحدة: أيتها المنظومة امنحينا السلطة بأي طريقة كانت وسنريحك من الخوانجية.

لقد تصارع الرئيس مع الفاشية في ذكرى وفاة الزعيم على من يخدم المنظومة عبر الانتماء للزعيم (الزعيم الساحلي والمنظومة ذات العمق الساحلي)، وكلما هربنا من حديث الجهوية خرج في وجوهنا كجن القمقم.

يجب الإقرار بأن المنظومة تتقن المناورة أمام الثورة وأمام من وضع عمق الثورة في نص الدستور خاصة فرض مبدأ الميز الإيجابي ومبدأ الحكم المحلي الذي يفكك السلطة المركزية المملوكة حصريًا للمنظومة (بنت بورقيبة وصنع يديه)، وفي هذه اللحظة نحن بعيدون عن دستور 2014 ونحارب من أجل عدم إلغائه، لكن اليقين الذي سيظل مسلطًا على المنظومة مهما نجحت في المناورة أن قد صار للناس قاعدة نضال ومصدر تشريع للمستقبل.

مشروع بورقيبة وأنصاره ومنهم الرئيس المنقلب ودستوره القادم (نجزم أنه سيكون نسخةً مستعادةً من دستور 1959 أي دستور بورقيبة) مقابل الثورة وأنصارها والإسلاميين الملتفين جميعًا حول الثورة ودستورها وليس لهم وثن أو ضريح غير الشهداء.

إن المشهد يتضح أكثر في كل حركة من حركات الانقلاب (آخرها مراودة المنظومة في قبر الزعيم)، ورغم أن الثورة ودستورها وجمهورها لا يملكون القوة الكافية لإسقاط الانقلاب بسرعة، فهم يملكون شرعية الدستور ويملكون الصبر الطويل، وكل يوم يمر يزيد الانقلاب هشاشة، وأثر هذه القوة يظهر في ارتباك المنقلب عقب كل مظاهرة، أما جلسة البرلمان الافتراضية فنظن أنها أحدثت رجةً في قلب المنظومة.

دستوران وجبهتان
ختم المنقلب استشارته بنسبة تعبر فقط عن تخلي الناس عنه وعن مشروعه، لكنه يصم أذنيه ويمضي في مشروعه، وسيعلن قريبًا عن دستوره الجديد ثم يستفتي الناس بشأنه، ومهما كانت نسبة المشاركة سيقول إن الدستور مقبول، ثم ينظم انتخاباته بلجنة يحدد مكوناتها بنفسه ويتقدم للحكم (لن يحدد دستوره مدد بقاء الرئيس في مكانه) بحيث يمكننا أن نتخيله يموت في كرسيه ككل الحكام العرب قبله، نعم في الأثناء أركع كل المنظمات التي كانت تخدم المنظومة بإخلاص وفي مقدمتها النقابة، وهو الآن يضع اللمسات الأخيرة على حوار أعلنت نتيجته قبل البدء فيه، وهي نتيجة الاستشارة التي يحولها فريق سري إلى دستور.

أين المعارضة التي تنتمي للثورة وأسميناها أعلاه جماعة دستور 2014؟ إنها في الشارع ضد الانقلاب لكنها تحتاج إلى صبر طويل لاستنزاف مشروع الرئيس وإظهار عدم قابليته للتطبيق في الواقع، كما تحتاج إلى وعي بأنها تحارب وحدها دون سند خارجي، وأظن أن كثيرًا منها لا يزال يعول على بيانات السفارات ويظن خيرًا بالسفراء، ونحن نرى مفاوضات السفارات على ترتيب مستقبل البلد، وفي هذه الترتيبات لا يهم أي دستور يحكم، بل المهم أن يظل البلد ساحة استثمار مالي وسياسي وأمني للبلدان المؤثرة وخاصة فرنسا وأمريكا.

معارضة الانقلاب تحتاج أن تعيد ترتيب أفكارها على مشروع أكبر من إسقاط انقلاب، بل على بناء بلد جديد على قاعدة دستور 2014، أي أن تتجاوز النضال الظرفي المبني على خيال قصير النظر إلى بناء خطة نضالية طويلة الأمد كانت قد أعلنتها الثورة وتم الالتفاف عليها بسرعة.

هناك الآن دستور الثورة مقابل دستور الانقلاب الذي هو استعادة سخيفة لدستور بورقيبة زايد المجالسية التي اكتملت فقط في خيال الرئيس، ويمكن أن نتحدث قريبًا عن حرب الدساتير في تونس، لكن وجب قبل ذلك أن نتحدث عن فرز عميق حصل بين الثورة ودستورها والمنظومة ودستورها.

ستكون المعارضة - لنقل سيكون جماعة دستور الثورة - في الشارع يوم 10 أبريل/نيسان للاحتفال بذكرى شهداء 1938 المظاهرة العظيمة من أجل برلمان تونسي، لكن المظاهرة الرمضانية لن تزعج الانقلاب كثيرًا لأنها ستكون ضمن خطة اكتفت منذ وضعها بشعار إسقاط الانقلاب، لكن بعد ثمانية أشهر نرى المعارضة محتاجة لقراءة المشهد بطريقة مختلفة، فللانقلاب أدوات بقاء وعمره ليس مرتبطًا برغبة المعارضة كما أن بقاءه ومناوراته مع السفارات وخاصة بتقدمه في خطته (التي تم الترحيب بها خارجيًا) ستضمن له المزيد من القوة والتمويل، لقد استغفلت السفارات المعارضة بإيهامها أنها ضد الانقلاب ولن تساعده على البقاء وكنا من الغافلين.

المطلوب في تقديرنا وفي غياب القدرة على البقاء في الشارع في اعتصام مفتوح أو تنظيم عصيان مدني لا يملك أي طرف في المعارضة إنجاحه أن تواصل المعارضة تشويش راحة الانقلاب دون بث وهم إسقاطه بمظاهرات متباعدة لم تجدد شعاراتها والانكباب على مشروع سياسي لدولة جديدة هي دولة دستور 2014 الذي لم يطبق. كم يلزم من الصبر؟ ما يكفي لبناء دولة لا تبحث عن مشروعيتها في قبر الزعيم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، راشد الغنوشي، حركة النهضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-04-2022   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أنس الشابي، ماهر عدنان قنديل، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، فتحي الزغل، عراق المطيري، عبد الرزاق قيراط ، سليمان أحمد أبو ستة، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بنيعيش، فتحي العابد، عبد العزيز كحيل، فتحـي قاره بيبـان، رضا الدبّابي، د. مصطفى يوسف اللداوي، الهادي المثلوثي، صفاء العربي، عبد الله زيدان، محمود فاروق سيد شعبان، د. طارق عبد الحليم، د - المنجي الكعبي، المولدي اليوسفي، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الغني مزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، خالد الجاف ، د- محمود علي عريقات، تونسي، سامح لطف الله، د. أحمد بشير، أحمد بوادي، حاتم الصولي، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. صلاح عودة الله ، رحاب اسعد بيوض التميمي، مجدى داود، د.محمد فتحي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، إسراء أبو رمان، صلاح الحريري، د- جابر قميحة، الهيثم زعفان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد النعيمي، مصطفي زهران، كريم فارق، صباح الموسوي ، منجي باكير، صفاء العراقي، طلال قسومي، محمود طرشوبي، د - مصطفى فهمي، يزيد بن الحسين، حميدة الطيلوش، محمد عمر غرس الله، أحمد الحباسي، حسن الطرابلسي، صالح النعامي ، عمر غازي، مراد قميزة، د - شاكر الحوكي ، كريم السليتي، محمد الياسين، سامر أبو رمان ، حسن عثمان، بيلسان قيصر، د - عادل رضا، د. خالد الطراولي ، علي الكاش، سفيان عبد الكافي، رافع القارصي، يحيي البوليني، سلام الشماع، عبد الله الفقير، أ.د. مصطفى رجب، محمد شمام ، الناصر الرقيق، ياسين أحمد، وائل بنجدو، أبو سمية، المولدي الفرجاني، د- محمد رحال، ضحى عبد الرحمن، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، أشرف إبراهيم حجاج، د - صالح المازقي، فهمي شراب، محمد يحي، محمد أحمد عزوز، إياد محمود حسين ، محمد علي العقربي، مصطفى منيغ، رافد العزاوي، نادية سعد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عزيز العرباوي، عمار غيلوفي، سعود السبعاني، العادل السمعلي، طارق خفاجي، عواطف منصور، صلاح المختار، محرر "بوابتي"، سيد السباعي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي عبد العال، د. أحمد محمد سليمان، محمد العيادي، د. عبد الآله المالكي، أحمد ملحم، فوزي مسعود ، د - الضاوي خوالدية، جاسم الرصيف، إيمى الأشقر،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة