البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

هل حان وقت إبعاد قيس سعيد عن السلطة؟

كاتب المقال صلاح الدين الجورشي - تونس   
 المشاهدات: 1104



يتحدث جزء واسع من الطبقة السياسية بشكل علني وصريح عن كيفية إبعاد الرئيس قيس سعيد عن السلطة. لم يعد الأمر سرا أو همسا، بقدر ما تحول إلى مسألة أساسية مطروحة على جدول أعمال هؤلاء الغاضبين على رئيس الجمهورية، ويريدون التخلص منه في أقرب وقت ممكن. ومن المحتمل أن تتناول الجلسة الافتراضية لأعضاء البرلمان التي قد تعقد قريبا مقترح سحب الثقة من الرئيس، فماذا يعني ذلك؟ وهل خصوم الرئيس قادرون على تحقيق رغبتهم؟ وما هي الوسائل والسيناريوهات التي يقترحونها للوصول إلى هدفهم؟

يمكن القول بأن الرئيس سعيد قد استحوذ كليا على الدولة، وهرب بها نحو طريق لم يعد يحظى بتأييد أي حزب أو منظمة يُعتد بها في تونس. هو الذي يقرر، وهو الذي يشرع، وهو الذي يعاقب، وهو وحده الذي يصنع مستقبل البلاد والعباد. لم يعد هذا الأمر فرضية متخيلة، وإنما أصبحت واقعا معاشا ترسخه إيقاعات الحياة اليومية والقرارات المتتالية التي تنحت مشهدا أحاديا محددا.

المعارضون للرئيس مختلفون حول أشياء كثيرة، وهو الذي جعلهم يلعنون بعضهم بعضا، لكنهم بدأوا يتيقنون بأن نهاية المشوار مع قيس سعيد ستكون إخراجهم من التاريخ ودفنهم جميعا في عالم النسيان. فالخطر الذي يهددهم أصبح بمرور الأسابيع والأشهر خطرا وجوديا يتعلق ببقائهم أو زوالهم. هو يريد أن يستبدلهم جميعا وبدون استثناء، ويأتي بآخرين يشبهونه ويلتزمون بمشروعه. إنه يعمل من أجل إزاحة نخبة بكاملها، وليس فقط حزبا أو جماعة، من هنا وجد الجميع أنفسهم يفكرون في كيفية وضع حد للمسار الرئاسي.

بالنسبة لمؤيدي ما حدث يوم 25 تموز/ يوليو ورأوا فيه عملا ضروريا وحدثا تصحيحيا، يعملون حاليا على تذكير الرئيس سعيد بأنه ليس الوحيد الصانع لهذا الحدث، ولا يحق له الانفراد به والانحراف به نحو هدف آخر لم يشاورهم فيه ولم يشركهم في تحديد ملامحه، حتى إن بعضهم يلوح بسحب المبادرة منه وإجباره على العودة إلى المسار "الصحيح"، كيف؟ لا يجيبون على ذلك لأن الموازين ليست لصالحهم، وأن أوزانهم لا تضاهي شعبته التي لا تزال عالية حتى الآن.

أما الذين يعتبرون ما حصل انقلابا يجب التصدي إليه، فاختلفوا فيما بينهم حول كيفية المواجهة، إضافة إلى انعدام الثقة فيما بينهم، لكن رهانهم منذ بداية السنة الجارية، هو النزول إلى الشارع في محاولة منهم زعزعة رئاسة الجمهورية وتأليب الرأي العام. بعد ثلاثة أشهر من التحركات الميدانية داخل تونس وخارجها، بدا جليا أن ذلك لم يؤثر قيد أنملة على قرارات الرئيس أو على شخصه، فبقي واقفا كالعمود لا يعبأ بما يجري حوله أو ضده.

ظن البعض أن الضغط الخارجي سلاح فعال من شأنه أن يثني الرئيس عن مساره. توالت التصريحات والزيارات والبيانات دون جدوى، وتجلى ذلك بالخصوص في الامتعاض الأمريكي مما يحدث في تونس، كما تم التلويح في أكثر من مناسبة بالعقوبات الاقتصادية، خاصة مع الحاجة المتزايدة للحكومة للحصول على قرض عاجل من صندوق النقد الدولي، مع ذلك بقي موقف سعيد ثابتا لم يتغير.

إن المراهنة على التدخل الخارجي يشكل في حد ذاته، حرجا أخلاقيا وسياسيا لكل من يستعين بدولة أجنبية من أجل مساعدته على التخلص من خصمه في الداخل. لكن الكثير من المعارضات في العالم اضطرت في تجارب عديدة لاستعمال هذا السلاح ذي الحدين عندما انسدت الأبواب في وجهها، ورفضت الأنظمة الحوار أو تعديل سياساتها. مع ذلك، لا توجد مؤشرات يمكن الاستناد عليها للقول بوجود خطة خارجية تهدف عمليا وحاليا نحو إزاحة قيس عن الحكم.

في الفترة الأخيرة عاد الحديث عن دور الجيش في إمكانية إنجاز هذه المهمة، لكن لا أحد يعلم بأن هناك داخل المؤسسة العسكرية من يفكر في مثل هذا السيناريو، رغم الدور الحاسم الذي قام به العسكر في نجاح عملية 25 تموز/ يوليو، وتثبيت قيس سعيد كرئيس مطلق اليد والصلاحيات.

وهناك من دعا إلى الاستفادة من الصيغة السودانية، حين تحالف الجيش مع القوى المدنية والسياسية لإزاحة عمر البشير. هذا السيناريو خطير جدا، إنه بمثابة اللعب بالنار؛ فالقيام بانقلاب ضد انقلاب مدني قد يدفع بالبلد نحو المجهول، ويمكن أن تترتب عنه نتائج لا يستطيع التونسيون تحمل نتائجها لسنوات طويلة من شأنها أن تغير من طبيعة السلطة وعقلية النخب، وبذلك يمكن أن تخسر تونس نهائيا فرصة التحول إلى دولة ديمقراطية.

ما العمل للخروج من هذا المأزق الحاد؟ سؤال لا يجوز التسرع في الإجابة عنه. المؤكد أن الأحوال في تونس تسوء يوما بعد يوم مقابل الرئيس سعيد الذي يعتمد على سياسة الأرض المحروقة، غير عابئ بالجميع. وبما أن الأوضاع لا تزال متواصلة على ما هي عليه، فذلك يعني أن البلاد لم تصل بعد إلى نقطة الانهيار الكبير. والأهم من ذلك أن خصوم الرئيس لم يشرعوا حتى الآن في القيام بنقدهم الذاتي، أو يحددوا بشكل موضوعي مسؤوليتهم الشخصية في الأزمة الراهنة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-03-2022   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد أحمد عزوز، سليمان أحمد أبو ستة، سعود السبعاني، علي عبد العال، عمر غازي، محمد العيادي، د - محمد بنيعيش، محمد الياسين، منجي باكير، سامح لطف الله، أحمد ملحم، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، محرر "بوابتي"، علي الكاش، تونسي، عراق المطيري، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صباح الموسوي ، إياد محمود حسين ، محمود طرشوبي، عبد الله الفقير، يزيد بن الحسين، د- هاني ابوالفتوح، عمار غيلوفي، حميدة الطيلوش، نادية سعد، يحيي البوليني، خبَّاب بن مروان الحمد، د. صلاح عودة الله ، د. طارق عبد الحليم، فتحي الزغل، إيمى الأشقر، عزيز العرباوي، عبد العزيز كحيل، حسن عثمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رشيد السيد أحمد، ماهر عدنان قنديل، فوزي مسعود ، د - مصطفى فهمي، د - المنجي الكعبي، عبد الله زيدان، د- محمد رحال، صفاء العراقي، طلال قسومي، الناصر الرقيق، سلوى المغربي، صلاح المختار، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، المولدي الفرجاني، رضا الدبّابي، سامر أبو رمان ، خالد الجاف ، د. أحمد محمد سليمان، د. عبد الآله المالكي، د. خالد الطراولي ، محمد عمر غرس الله، أحمد الحباسي، الهيثم زعفان، مصطفي زهران، أشرف إبراهيم حجاج، أبو سمية، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحي العابد، عبد الغني مزوز، رافع القارصي، رمضان حينوني، صالح النعامي ، العادل السمعلي، أنس الشابي، طارق خفاجي، صفاء العربي، مراد قميزة، محمود سلطان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، المولدي اليوسفي، فتحـي قاره بيبـان، بيلسان قيصر، حسن الطرابلسي، د- محمود علي عريقات، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - الضاوي خوالدية، محمد اسعد بيوض التميمي، كريم السليتي، محمد علي العقربي، عبد الرزاق قيراط ، أحمد النعيمي، أ.د. مصطفى رجب، صلاح الحريري، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د.محمد فتحي عبد العال، د - شاكر الحوكي ، كريم فارق، إسراء أبو رمان، د- جابر قميحة، وائل بنجدو، ضحى عبد الرحمن، محمود فاروق سيد شعبان، مجدى داود، الهادي المثلوثي، د. أحمد بشير، محمد شمام ، أحمد بوادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلام الشماع، مصطفى منيغ، سيد السباعي، عواطف منصور، سفيان عبد الكافي، حاتم الصولي، جاسم الرصيف، محمد يحي، فهمي شراب، د - صالح المازقي، د - عادل رضا، ياسين أحمد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة