البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس: اليسار الوظيفي في خدمة الإنقلاب

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 2239



قليل من يصدق يساريتهم ويأخذ نضالهم مأخذ الجد، وغالبية تستفيد من قابليتهم للتوظيف السياسي وهم يجدون في ذلك مصلحةً ومغنمًا وموقعًا في الدولة والمجتمع، لكن هل حسبوا مكاسبهم كحزب سياسي؟ لقد ظهروا في زمن بورقيبة وعاشوا زمن بن علي ويعيشون زمن الثورة والانقلاب، لكن في كل المراحل السياسية لم يدخل أحد منهم سجنًا أو يمسك بجرم سياسي رغم أنهم يعلنون دومًا موقعهم في المعارضة المتطرفة ضد كل الأنظمة ويظهرون علنًا في النقابات والإعلام بغير أسماء حزبية، وتكون نتيجة عملهم دومًا في مصلحة منظومة الحكم القائمة.

حشاشون جدد؟
نشاطهم وطرق عملهم السياسي تذكر دومًا بعمل الطوائف الدينية السرية، فقد فضلوا دومًا عدم الانتظام السياسي الحزبي وآثروا السكن في مواقع مفيدة ومؤثرة، فيصفهم البعض بالحشاشين الجدد، عندما يتحدث من حولهم عن الديمقراطية يظهرون الأعلى صوتًا بين المتكلمين لكنهم مارسوا العنف في الجامعة وضحاياهم معروفون، عن فرقة الوطد (أو حزب الوطنيين الديمقراطيين) في تونس، وها هم يظهرون مجددًا كحزام لصيق بالانقلاب ليفرضوا معركتهم الوحيدة التي يتقنون وهي استئصال شأفة الإسلاميين، واتخذوا الاغتيال السياسي ذريعةً، لكن هل هم جادون فعلًا في البحث عن الحقيقة؟

ظهروا في الجامعة كفصيل طلابي يساري في أواسط السبعينيات، لكن فشل تثوير النقابة وصبغها بالأحمر بعد الأصفر دفعهم مع يسار كثير إلى تغيير التكتيك السياسي للتسرب في الأجهزة خاصة الإعلام والأمن والقضاء، وانكشفت مواقعهم بعد الثورة كأن الجميع كان غافلًا عن خطتهم قبلها.

الإسلاميون الذين مروا من سجون بن علي اكتشفوا أن أغلب من كان يعذبهم ويتمتع بذلك هم زملاؤهم من طلبة الوطن الذين صاروا أمنيين، وكان بن علي يعرف ذلك وترك لهم الأمر وتفرغ لجمع المال، والتجمعيون سمحوا لهم باحتلال الأجهزة، فلم يكن لهم فيها مكسب، فهم ليسوا من أهل الثقافة، لقد التقوا على إقصاء منافس سياسي يهدد مغانمهم، ولا يزال هذا التحالف الضمني (أو السري) قائمًا وفي إطاره أعيد ملف الاغتيال السياسي بعد أن طُمِرَ في زمن الباجي، لكن هذه المرة مع الانقلاب والمستفيدين منه.

ملف الاغتيال قميص عثمان
في أي نقاش عقلاني هادئ خارج الإعلام خاصة يقول الجميع: لا يمكن لحزب سياسي حاكم أن يمارس اغتيال خصومه وهو في السلطة لأن خسارته من ذلك تفوق مكاسبه، وقد أدى الاغتيال فعلًا إلى خسارات فادحة لم يفلح حزب النهضة في علاجها على بنيانه الحزبي وعلى موقعه في السلطة.

اللافت في استعمال قضية الاغتيال أنها تسخن وتبرد بحسب من يكون في الحكم، فقد بدأ صوت المطالبة بالثأر يهمد مع حكومة المهدي جمعة (2014) أي بعد خروج النهضة من الحكم، وأوشك الملف أن يندثر في زمن الباجي والنداء (2014-2019) رغم أن الباجي استعمل الملف كورقة دعائية انتخابية، وفي آخر أيام الباجي عندما اختلف مع النهضة بشأن تغيير حكومة الشاهد حاول استعمال الملف مرة أخرى وأثار قضية الجهاز السري للنهضة لكنه تخلى بسرعة عن الأمر كأنما نزل عليه أمر بالصمت وهو صمت نتوقع أسبابه وهي نفس أسباب استعادة الانقلاب للملف الآن.

كل من أراد ابتزاز النهضة سياسيًا استعاد ملف الاغتيال وهذه أيام للابتزاز، والوطد مستعد للعب الدور بإخلاص، ووضع الملف في هذا السياق يفقد أصحابه كل مصداقية، لذلك لا أحد يصدق حزنهم لكن الجميع يستعملهم، والانقلاب آخر المستعلمين.

لقد أثبت الانقلاب بعجزه براءة حزب النهضة من تلك السلسلة الطويلة من التهم المتعلقة بفساد قياداته وعبثها بالمال العام، وقد كان بوده لكنه لم يجد أدلة وقد منح بذلك للنهضة قوةً لم تفلح في استعادتها بنفسها خاصة لجهة فشلها الإعلامي.

وبينما ينفرج كثير من أزمة النهضة وقد خسرت موقعها في السلطة يعيش الانقلاب أزمته الخاصة وقد فشل في إنجاز ما أعلن، ودفع الوضع الاقتصادي والاجتماعي إلى أزمة غير مسبوقة وغير معروفة المال، لذلك وضع على الطاولة ملف الاغتيال والجهاز السري وكل تلك الحزمة من الاتهامات التي نسمعها منذ 2013.

الابتزاز يسبق التفاوض
يبحث الانقلاب عن آخر ورقات القوة ليبقى، فالملمح العام لأنصاره المخلصين الذي تجلى لنا من خلال خطابهم المنحط في السوشيال ميديا لا يعطيه قوة مجادلة حقيقية في ساحة سياسية فيها من يحسن التعبير عن أفكاره بوضوح، لذلك لم نره يفتح أي حلقة نقاش علني عن مشروعه، وهناك رأي عام مثقف يبتعد بسرعة الضوء عن الانقلاب، ولا يريد تحمل نتيجته. هنا استدعى المنقلب الوطد كورقة أخيرة مستثمرًا في عدائهم الغريزي للإسلاميين.

لقد ألقت لجنة الدفاع بمعلومة خطيرة في ندوتها الصحفية وهي أن معلومات خطيرة تسربت من الأجهزة العسكرية إلى حزب النهضة، أدى هذا إلى أن المحكمة العسكرية دخلت على الخط موجهة دعوة للجنة الدفاع للمثول أمامها، ونتوقع أن يصل الأمر إلى استدعاء رئيس الحزب كمتهم لسماع أقواله.

لن يوقر الانقلاب مركزه (رئيس برلمان منتخب) ولن يوقر عمره (فوق السبعين)، لكنه سجن للتفاوض لا للإدانة أو تثبيت جرم. يتوقع الانقلاب أن مفاوضة سجان مع سجينه قد تعطيه مكاسب حينية، ويبدو أنه لم يحصل فائدة من سجن القيادي رقم اثنين بالحزب (البحيري) فهو يمهد للقيادي رقم واحد، وهنا يظهر الوطد وهذا دوره في كل الأزمات، وهنا يفقد ملف الاغتيال آخر ما بقي فيه من مصداقية أخلاقية.

بشارة انفراج؟
الاستعانة بالوطد علامة فشل سياسي، فهذا الفصيل (الطائفة) متغلغلة في الأجهزة والنقابات، لكنها معزولة في الشارع، وفيما عدا وصمها للإسلاميين بالرجعية لم تنتج جملة سياسية قابلة للبقاء منذ نصف قرن، وقد التقى العاجز بالأعجز منه، لكن الأمر في تقديري يتجاوز المنقلب وحزامه الوطدي.

ما بعد الانقلاب ومكان حزب النهضة ودوره، هذا هو مدار التفاوض القادم، وقد بدأ الابتزاز قبل الدخول إلى طاولة مفاوضات، المفاوضون كثر، الذين صنعوا الانقلاب من الداخل والخارج استنفدوا غرضهم منه أو يكادون، وقد تبين لهم أن التغيير وجب.

إنهم يريدون الحكم بعده وليس لهم وسيلة لتقليص حظوظ غريمهم الإسلامي الذي لو سارت الأمور كما تظهر للعيان سيكون صاحب قسط وافر من السلطة، فضلًا عن أن لهذا الغريم شركاء حول طاولة تفاوض وهو ليس بالهوان الذي كان عليه زمن بن علي وهم ليسوا بالقوة التي كانوا عليها حينها، لقد مرت مياه كثيرة تحت الجسر.

لا مستقبل للحقيقة التي يبحث عنها الوطد في وسائل الإعلام، وحتى لو اصطنع لها قضاة على طريقة بن علي فإن حقه لن يقوم إلا بحجة وقد غابت أو غيبت، فالجميع يعرف ولجنة الدفاع تعرف أن الاغتيالات كانت عملًا مخابراتيًا أجنبيًا فرنسيًا بالتحديد لتدمير ثورة هددت مصالح كثيرة، وعندما يصل تحقيق ما إلى هذه النقطة سيطمر الملف حتى موعد ابتزاز قادم، هكذا كان الأمر مع الباجي.

جملة للخاتمة لما بعد الانقلاب يمنحون النهضة قوة فقدتها، إذ لم يعاين الوطد - لغباء مستحكم فيهم وفيمن يستعملهم - مقدار اللحمة الحزبية النهضوية المستعادة باعتقال البحيري، فما بالك بالمساس بسلامة شيخهم الثمانيني، الحشاشون القدامى نفروا العالم من التشيع، والحشاشون الجدد جعلوا الفكرة اليسارية مسخرة.

------------
وقع تغيير العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإنقلاب، تونس، قيس سعيد، شكري بلعيد، حركة النهضة، الغنوشي، ،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-02-2022   Source:NoonPoste

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الهادي المثلوثي، أبو سمية، حاتم الصولي، ضحى عبد الرحمن، د - عادل رضا، صباح الموسوي ، مجدى داود، علي عبد العال، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسن الطرابلسي، د. طارق عبد الحليم، إسراء أبو رمان، سامر أبو رمان ، فتحي الزغل، د. خالد الطراولي ، صفاء العراقي، فتحـي قاره بيبـان، د- جابر قميحة، أ.د. مصطفى رجب، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مراد قميزة، فوزي مسعود ، د. أحمد محمد سليمان، المولدي الفرجاني، أحمد النعيمي، رافد العزاوي، رافع القارصي، إياد محمود حسين ، د- هاني ابوالفتوح، علي الكاش، حسن عثمان، تونسي، أحمد بوادي، محمد عمر غرس الله، مصطفي زهران، رمضان حينوني، سامح لطف الله، د. مصطفى يوسف اللداوي، سلوى المغربي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، محمود فاروق سيد شعبان، د. صلاح عودة الله ، العادل السمعلي، طلال قسومي، وائل بنجدو، ماهر عدنان قنديل، عراق المطيري، إيمى الأشقر، الهيثم زعفان، عبد الله زيدان، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، محمد أحمد عزوز، أنس الشابي، عواطف منصور، د. عادل محمد عايش الأسطل، عمر غازي، يحيي البوليني، فتحي العابد، حميدة الطيلوش، عزيز العرباوي، محمد شمام ، صلاح المختار، محرر "بوابتي"، د - مصطفى فهمي، منجي باكير، كريم السليتي، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، سليمان أحمد أبو ستة، فهمي شراب، سعود السبعاني، د - المنجي الكعبي، محمد الياسين، د - محمد بن موسى الشريف ، د- محمود علي عريقات، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الرزاق قيراط ، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود طرشوبي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - الضاوي خوالدية، نادية سعد، سلام الشماع، عمار غيلوفي، د - محمد بنيعيش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أشرف إبراهيم حجاج، د. أحمد بشير، د - صالح المازقي، محمد العيادي، خالد الجاف ، محمد اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، د- محمد رحال، د - شاكر الحوكي ، أحمد الحباسي، كريم فارق، ياسين أحمد، رشيد السيد أحمد، يزيد بن الحسين، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، صلاح الحريري، محمد الطرابلسي، جاسم الرصيف، محمد يحي، رضا الدبّابي، مصطفى منيغ، صالح النعامي ، سيد السباعي، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العربي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة