فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9904
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في كل مرة يصرح احد رموز الحكومة والاحزاب الحاكمة (خاصة النهضة والمؤتمر) بمايعني تعجبهم واستغرابهم وعدم توقعهم لأفعال الثورة المضادة من اتحاد واعلام واحزاب.
هؤلاء يعطون الانطباع انهم فعلا متفاجؤون ومستغربون وليس الامر مجرد ادعاء للمراوغة، يعني ان هؤلاء على قدر متقدم من حسن النية باعداء الثورة ولعلها السذاجة، بحيث فاجئهم حد الاستغراب ان يصدر منهم مانراه حاليا من اعمال تهدف لتعطيل الثورة.
لا ادري كيف حق للتونسيين اصلا ان يسلموا قيادة ثورتهم لاصحاب الافواه الفاغرة (المفتوحة) من طول تعجبهم
لعل احد الاسباب في ذلك ان التعجب هو اساسا ثقافة اكتسبناها من جملة ما اكتسبنا من مسلمات، وثقافة التعجب تقود للسلبية حينما تصبح معوضا عن الفعل، بل معوضا عن الفهم السليم.
كمثل عن ذلك الان ازاء مايقع من اعمال خطيرة للثورة المضادة بتونس ومصر، فاننا نلاحظ ان البعض ياخذ حادثا معينا ويقبع حذوه ويصر على عدم مغادرته ويجعل منه مركزا لشد الانتباه من خلال اصطناع ابعاد اخرى له، وهي الاهمية المفتعلة التي تمنع من المرور المفترض لماهو بعد الحادث، وبهذا المعنى فان ثقافة التعجب المفتعل هذه تكون بمثابة اداة تشويش للفهم ومعطلا للفعل.
لنأخذ المجزرة التي راح ضحيتها الالاف من الاخوان المسلمين، إذ كان المنطق الطبيعي يفترض ان نعتبر الحادث مجزرة ونمر لمايستوجبه العمل ضد من قاموا بتلك الحادثة، ولكن مانراه انه بفعل ثقافة الافواه المفتوحة، تم التحلق حول الحادثة وتضخيمها اكثر من ابعادها الموضوعية، مماساهم في عزل الذهن عن التفكير عما يجب فعله ضد من قام بتلك الجريمة وانتهينا ان اصبح الموقف من الحادثة تطبيعا مع المجزرة وقبولا بها، كما اعطى من حيث الفهم الانطباع ان المجزرة غريبة في سياقها والحال ان المجازر هي المآل المتعود عليه في كل مواجهة كان الاخوان طرفا فيها.
في نفس الحادثة، هناك بعد آخر يجسم ثقافة التعجب المصطنع، وهو ابراز ان من قام بتلك العملية مجرمون وان تلك الفعلة لايسمح بها الاسلام، ووقع اغراق الناس في هذه البديهيات لكأن الناس تفترض ان من قتل الالاف سيدخل الجنة او طرحوا اصلا ذلك التساؤل، وهو ما منعهم للمرور لماهم اهم وهو معالجة اثر تلك الجريمة.
مثل آخر من مصر، حيث وقع ابراز كيف ان الدستور تكتبه ساقطات امتهن التعري من خلال التمثيل، ووقع التحلق حول هذه الحادثة بشكل متعجب مما اعطى الانطباع لكأن الاطار اصلا الذي يكتب فيه الدستور سليم ولم يكن به من غرابة الا وجود امثال تلك الشائبة كما منع من النظر للصورة بشكل اكبر واشمل، مما انتهى لان اصبح اداة تشويش للفهم وعاملا مساعدا يخدم الثورة المضادة اذ كان بمثابة عنصر تطبيع مع الواقع بابراز ان وجود ساقطات يساهمن بالدستور هو الجانب السيئ الوحيد.
في تونس يمكن ذكر العديد من الحالات يمكن كتابة المقالات الطوال فيها، ولكن لنأخذ مثل الحوارات مع الاتحاد والتعجب من مواقفه المتصلبة، هذه الحوارات اصلا قبل التعجب، تعمل اليا لردم بديهيات الثورة وهي اولا ان السلطة هي للمؤسسات المنتخبة وليس للمنظمات المهنية والنقابية التي أتيح لها في إطار تواطؤ الحكام أن ترعى الحوارات وتفرض أراء من يقف مرائها، وانه يجب محاسبة اطراف الثورة المضادة وليس التحاور معهم، وللتشويش على تلك المطالب تاتي التعجبات التي يطلقها جماعة الحكومة لتساهم في اخفاء وإنساء الاهداف الاصلية للثورة
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: